للقصة بقية 

ابتزاز للساسة وقرصنة للدول.. هل تحولت الحروب إلى العالم الرقمي؟

ناقشت حلقة (2019/2/18) من برنامج “للقصية بقية” خطورة استخدام سلاح التجسس على معلومات سياسيين ودبلوماسيين كأداة حرب مكملة للصراع العسكري والحروب التقليدية، وتساءلت عن سبل الوقاية من الهجمات السيبرانية.

حرب وقودها الناس والتكنولوجيا، وجيوشها إلكترونية، وساحتها الفضاء الافتراضي، لكن ضحاياها حقيقيون؛ فجيف بيزوس -الذي هو أغنى رجل في العالم- يعد من ضحايا الابتزاز في هذه الحرب.

بيزوس هو أيضا مالك صحيفة واشنطن بوست الأميركية التي لعبت دورا كبيرا في فضح علاقة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان بجريمة مقتل الصحفي جمال خاشقجي، وقد اتهم بيزوس السعودية باختراق بياناته وابتزازه بغية إسكاته.

حلقة (2019/2/18) من برنامج "للقصية بقية" ناقشت خطورة استخدام سلاح التجسس على معلومات سياسيين ودبلوماسيين كأداة حرب مكملة للصراع العسكري والحروب التقليدية. وتساءلت عن اعتبار الهجمات الرقيمة نمطا جديدا للحروب غير المرئية، وما هي سبل الوقاية منها؟ وإلى أي مدى يمكن أن تتطور؟

تهديد منتشر
فيما يخص الأسباب التي دفعت دول العالم إلى زيادة اهتمامها بالأمن السيبراني؛ أرجعت جودي ويستباي -وهي أستاذة مساعدة بمعهد جورجيا للتكنولوجيا- ذلك إلى المخاطر السيبرانية التي تهدد كافة الدول.

وأشارت إلى وجود أدوات وبرامج قرصنة متاحة للمجرمين السيبرانيين. وأوضحت أن إسرائيل عملت على تطوير أحد تلك البرامج لتهاجم به المفاعلات النووية الإيرانية.

ومن جهته؛ أكد الخبير في الأمن السيبراني الخليجي محمد الدوراني أن كافة الدول أصبحت تعتمد على التكنولوجيا والفضاء الرقمي لحفظ بياناتها ومعلوماتها، الأمر الذي يقلل من قدرتها على الاستغناء عن الشبكات العنكبوتية (الإنترنت).

وقال إن كل مستخدم للإنترنت معرض لأي جريمة إلكترونية، وأشار إلى الاستهلاك الضخم في دول الخليج –بشكل خاص- للأجهزة الرقمية، دون الوعي بأهمية حماية تلك الأجهزة من وجود أي ثغرات إلكترونية.

وأكد الدوراني "قوة المعلومة" في حالة استخدمها كأداة للابتزاز أو لإشعال حروب عسكرية، لافتا إلى أن الخطر يكمن في إتاحة تلك البرمجيات للجميع، مما يمكّن أي دولة من قرصنة دولة أخرى.

وبشأن الدول التي تمتلك خبرة عالية في مجال البرمجيات السيبرانية؛ ذكرت ويستباي أن روسيا والصين وإيران وكوريا الشمالية تستخدم تلك البرمجيات المتطورة لتنفيذ هجمات خارجية.

مخاطر متعددة
وأضافت أن دولا مثل إسرائيل وأميركا والمملكة المتحدة تنتج هذا النوع من البرمجيات لاستخدامها في أهداف حكومية، وأنه من الصعب على أي دولة تمتلك هذا السلاح الفصل بين أهداف استخدامه ومراعاة القيم الأخلاقية.

وعبرت ويستباي عن قناعتها بأن مواطني تلك الدول أو غيرها لا يمتلكون الخبرة الكافية لحماية أنفسهم من خطر تلك البرمجيات، التي قد تستخدمها دولهم ضدهم بحجة حماية الأمن القومي الوطني.

وحول العمل في مجال الأمن السيبراني؛ أكد الدوراني حساسية تلك المهنة وصعوبة فصل العاملين فيها عن سياسات حكومات بلدانهم، مشيرا إلى أن أغلبية المبرمجين في مجال الأمن السيبراني بالدول العربية هم من الأميركيين.

وأوضح الخبير السيبراني أن هذا الأمر يمثل تهديدا لتلك الدول، لأن حكومات المبرمجين تطلب منهم تسريب معلومات الدول التي يعملون فيها. ولذلك دعا الدوراني الحكومات العربية إلى بناء جيل من المواطنين للعمل كمبرمجين سيبرانيين.

وبخصوص التدابير التي يمكن للدول اتخاذها لتحصين نفسها من الاعتداءات السيبرانية؛ تحدثت ويستباي عن أهمية تمويل إدارة المؤسسات الضخمة لبرامج حماية الأمن السيبراني لتكون في مستوى القوة المطلوب.

كما أشارت إلى إمكانية استخدام القانون أداة لردع منفذي تلك الجرائم الإلكترونية، ومن ذلك مثلا أن يسنّ المشرعون قوانين تزيد العقوبات على مرتكبي تلك الجرائم لحماية المعلومات الخاصة بالبنى التحتية للدولة.