الشريعة والحياة 29-6-2008 / لقطة عامة
الشريعة والحياة

التمييز بين المرأة والرجل

يقول تعالى “يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثلُ حظِّ الأنثيين”. ما حقيقة التمييز بين المرأة والرجل في الميراث والشهادة والنفقة؟ وهل هو مطلق؟


– جوانب الاختلاف والمساواة بين المرأة والرجل

– الجدل حول تنصيف شهادة المرأة

– حالات ميراث المرأة

– أحكام النفقة على المرأة

عثمان عثمان
عثمان عثمان
 صلاح سلطان
 صلاح سلطان

عثمان عثمان: السلام عليكم مشاهدينا الكرام ورحمة الله وبركاته، أرحب بكم إلى هذه الحلقة الجديدة من برنامج الشريعة والحياة والتي تأتيكم على الهواء مباشرة من الدوحة. يقول الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز {يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين..}[النساء:11] ويقول عز من قائل أيضا {..واستشهدوا شهيدين من رجالكم فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى..}[البقرة:282]. ما حقيقة التمييز بين المرأة والرجل في الميراث والشهادة ولماذا؟ وهل هو مطلق؟ التمييز بين المرأة والرجل في الشهادة والنفقة والميراث موضوع حلقة اليوم من برنامج الشريعة والحياة مع الدكتور صلاح سلطان المستشار الشرعي للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية في مملكة البحرين وأستاذ الشريعة الإسلامية بكلية دار العلوم في القاهرة، مرحبا بكم دكتور.

صلاح سلطان: أهلا بكم.

عثمان عثمان: بداية، في القرآن الكريم {..وليس الذكر كالأنثى..}[آل عمران:36]، هل يميز الإسلام بين المرأة والرجل من حيث المبدأ العام؟

صلاح سلطان: بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا وحبيبنا رسول الله، اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه ومن والاه وبعد، أخواني وأخواتي المشاهدين والمشاهدات حيا الله جمعكم الكريم ووفقنا الله وإياكم لما يحب ويرضى. أبدأ في الحقيقة بشكر جزيل لقناة الجزيرة على هذه الاستضافة ولأخوي الكريمين الأخ الكريم معتز الخطيب والأخ عثمان عثمان والأخوة المخرجين والحقيقة التي أود أن أقولها قبل أن أدخل إلى الموضوع أنني أشعر بخجل أن أجلس هذا المجلس وهو مجلس أستاذنا علامة العصر وفقيه الأمة شيخنا وأستاذنا الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي حفظه الله تعالى.

جوانب الاختلاف والمساواة بين المرأة والرجل

عثمان عثمان: مرحبا بك دكتور. على كل السؤال يتكرر هل يميز الإسلام بين المرأة والرجل من حيث الإطار العام؟

صلاح سلطان: الحقيقة لست أتفق مع عنوان التمييز وإنما هناك اختلاف بين الرجل والمرأة وهناك اتفاق ولذلك أصوغها في مسألة المقام والمهام، في المقام نحن سواء {..ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا}[الإسراء:70] هذه آية الإسراء. آية التوبة يقول تعالى {والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله..}[التوبة:71]، فالمقام نحن عند الله سواء إذا صلى الرجل وصلت المرأة كلاهما يثابان بثواب واحد وليس من المعقول أن يحدث العكس، أما المهام فبما أننا مختلفان من الناحية الجسمية بما لا يخفى على مؤمن ولا كافر، مختلفان من الناحية النفسية فلا بد أن هذا الاختلاف معناه أن هناك وظيفة لكل، وبنيت الحياة كلها على أن الله تبارك وتعالى واحد وأن ما دونه أزواج شتى {سبحان الذي خلق الأزواج كلها مما تنبت الأرض ومن أنفسهم ومما لا يعلمون..}[يس:36]، وهو اختلاف تنوّع. ولكن مصطلح التمييز اللي بيعبروا عنه في الغرب Discrimination هذا المصطلح يصاغ خصيصا في الأدبيات وفي الإعلام لكي يكون الهجوم شديدا على الإسلام أنه يميز بين الرجل والمرأة، هذا ليس تمييزا وإنما هو توظيف جيد للمرأة والرجل كل بما يحسنه حسبما يستطيع كل واحد في أحسن صورة منها. الآن لو في نجفة كبيرة جدا تصلح أن تكون في مسجد لا تصلح أن تكون في حجرة النوم في بيت من البيوت، لمبة صغيرة تصلح أن تكون في حجرة فنحن نتكامل فهو اختلاف تنوع وليس اختلاف تضاد، فإذا فُهمت قضية المقام نحن نتحدث عن سواسية تامة بين الرجل والمرأة وتُفهم فيها الآيات التي ذكرت، حديث الإمام الترمذي "إن النساء شقائق الرجال". أما إذا جئنا إلى المهام، والسياق في سورة آل عمران {..وليس الذكر كالأنثى..} نذرت أم مريم أن تهب ما في بطنها ليخدم بيت المقدس فلما جاءت أنثى أيقنت بفطرتها {..وليس الذكر كالأنثى..}، عندما نسحب هذه على أنها تتعلق بالكرامة نحن نعارض بقية النصوص وهو موضوع منهجي أنك تجتث النص من سياقه وتنسى النصوص الأخرى التي كرمت الرجل والمرأة تكريما لا يوجد له مثيل، بل إن امرأة أميركية قالت أنا دخلت الإسلام من باب واحد، فلما سألناها كيف دخلت الإسلام؟ قال قرأت القرآن كله ولم أجد في أي كتاب آخر أنا قارئة للإنجيل والتوراة والكتب الأصلية للديانات الكبرى، وهي امرأة باحثة قالت لم أجد أبدا نصا في أي مكان يقول إن المرأة خير كثير إلا في القرآن الكريم {..فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا}[النساء:19].

عثمان عثمان: دكتور إذاً أنت تتحدث عن جوانب اختلاف وجوانب مساواة بين المرأة والرجل، لو أردنا أن نعدد دون الدخول في التفاصيل ما هي جوانب المساواة وجوانب الاختلاف بين المرأة والرجل؟

صلاح سلطان: جوانب المساواة رقم واحد الكرامة {..ولقد كرمنا بني آدم..} رجالا ونساء، رقم اثنين تحمل المسؤولية فالرجل مكلف بالاحتلام والمرأة بالحيض فهناك مسؤولية والمسؤولية فيها تشريف وتكليف في الوقت ذاته فهي لها جانبان جانب التكليف وجانب التشريف، فلم يعط التكليف للمرأة والتشريف للرجل كلاهما يدخل في إطار التكليف والتشريف، رقم ثلاثة كلاهما له حق التملك حق الحياة حق التعلم هذه الحقوق لم تقتصر لرجل على امرأة، سنجد أن فيها مساواة الثواب العقاب {الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة ..}[النور:2]، {والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما ..}[المائدة:38]، فعندما تكلف وتشرف وعندما تعاقب في الجانب الآخر ستجد أن الإسلام يتعامل في المسألة بشكل فيه سواسية كاملة لا يوجد فيها أدنى اختلاف، ليس أن عندنا أن المرأة تصلي أربع ركعات الظهر والرجل خمس، عندنا تكليف واحد الرجال يصومون من الفجر إلى المغرب والمرأة كذلك، الطواف والسعي أحكام الحج، التخفيفات تتعلق بالرجل والمرأة لا تتعلق برجل دون امرأة ولا امرأة دون رجل.

عثمان عثمان: إذاً مساواة في موضوع العبادة والتعبد لله عز وجل، ما هي مواطن الاختلاف؟

صلاح سلطان: في داخل موضوع العبادة أم في مواطن الاختلاف بشكل عام؟

عثمان عثمان: بشكل عام.

صلاح سلطان: بشكل عام. مواطن الاختلاف بشكل عام ترتكز على قاعدة أن الله الذي خلق يعلم أن هذا الخلق يصلح لشيء لا يصلح له غيره وأن هذا الاختلاف اختلاف تنوع يؤدي إلى انجذاب. وكان عندي مناظرة لأستاذة في جامعة أوهايو قالت إن المرأة يمكن أن تعيش سعيدة جدا مع امرأة ويكون بينهما ما يكون بين الزوج وزوجته اللي هو الشذوذ الجنسي، فقلت لها هل تستغنون عن الكهرباء يستغني أحد عن الكهرباء؟ الكهرباء سالب وموجب وبالتقائهما تحدث الشرارة الكهربائية، الجاذبية الأرضية سالب وموجب، السحاب {ألم تر أن الله يزجي سحابا ثم يؤلف بينه ..}[النور:43] يؤلف بين شحنات سالبة وموجبة، هذا نظام الكون الذي خلقه رب هذا الكون فلا بد أن يكون أبدا، كما قالت المرأة الكندية إن النساء للرجال خُلقن ولهن خلق الرجال. إذاً عندما نختلف جسميا ونفسيا لا بد أن تكون هناك مهام مشتركة ومهام مختلفة وهذه القضية التي يغفل عنها أخواننا الذين جعلوا المرجعية العليا ليست لله الذي خلق وليس لرسوله الذي بُلغ وإنما المرجعية العليا للاتفاقات الدولية التي قالت إن الله رب ولكنه لا يحكم {..ألا له الخلق والأمر ..}[الأعراف:54] قال ربنا له الخلق ونحن لنا الأمر إحنا نفعل ما نريد.

عثمان عثمان: إذا تحدثنا عن اختلاف بين الرجل والمرأة يعود ذلك إلى طبيعة الخلقة التكوينية لكل منهما.

صلاح سلطان: بالضبط من ناحيتين النفسية والجسمية. والإسلام في هذا يراعي هذا التكامل بين الاثنين فإذا جئنا إلى أي قضية من قضايا الاختلاف مثل قضية الميراث التي يحدث دائما الكلام حولها، قضية الشهادة، قضية الدية، قضايا إسقاط بعض العبادات عنها أثناء فترة الحيض مثلا إسقاط الصلاة وتعيد الصلاة، هذه كلها تتعلق بالطبيعة الخاصة بالمرأة التي راعاها الشارع الحكيم سبحانه وتعالى.

الجدل حول تنصيف شهادة المرأة

عثمان عثمان: ولكن دكتور يعني اليوم لا نستطيع أن نغفل أن هناك جدلا كبيرا يثار حول موضوع تنصيف شهادة المرأة تنصيف الميراث إلى ما هنالك. هذا الجدل ما سببه لماذا انطلق؟ يعني انطلقت هناك جمعيات حقوق المرأة استرداد حقوق المرأة، لماذا ثار هذا الجدل الكبير؟

صلاح سلطان: الحقيقة دعني أن أقول إن هذا الجدل ثار من ناحيتين، ناحية أنه يوجد عندنا تيار متحجر، والشجاع من انتصف من نفسه، يقابله هذا التيار الآخر الذي اتخذ هذا التحجر شريعة ليهجم على الشريعة فهو تيار التحلل، فنحن بين طرفين تيار متحجر ويجب إذا كنا شجعانا أن نقاوم تيار التحجر داخلنا كما نقاوم تيار التحلل الذي يأتي من خارجنا ويستعمل بعضا من أبنائنا إما بشكل مباشر أو غير مباشر. الفكرة اللي قالها نابليون بونابرت لكليبر أنا عايز خمسمائة، ستمائة يروحوا عندنا يتعلموا سنة أو سنتين ثم ينبهرون بالثقافة الفرنسية فيعودون يرددون نفس الكلام، ولذلك أخواننا الذين يرددون هذه الأشياء ضد الإسلام وضد القرآن ينطلقون من ممارسات خاطئة في واقعنا الإسلامي أحيانا ثم يكرون على الإسلام وغايتهم هو الإسلام نفسه فيكرون على النصوص ويقولون القرآن هنا ظلم المرأة والسنة هنا ظلمت المرأة والمرأة غير منصَفة لا في القرآن ولا في السنة. ولكن الحقيقة التي يجب أن نتفق عليها إذا أخواننا هؤلاء مسلمون، ونحن لا نكفر أحدا، نقول تعالوا أين المرجعية بداية من الناحية المنهجية؟ هل المرجعية هي اتفاقية سيداو اللي اتعملت في هيئة الأمم المتحدة ووقعت عليها للأسف الأنظمة العربية أكثرها سنة 1981 وصارت سارية المفعول؟ هل هي اتفاقية إلغاء جميع أشكال التمييز ضد المرأة؟ هل اتفاقية الأخيرة التي عقدت في واشنطن دي. سي العام الماضي؟

عثمان عثمان (مقاطعا): المرجعية هي دكتور؟

صلاح سلطان: المرجعية يجب أن تكون لله ولرسوله {وما اختلفتم فيه من شيء فحكمه إلى الله ..}[الشورى:10]. فتعالوا إذا كنتم ترضون هذه المرجعية تعالوا نفهم الشريعة الإسلامية كما هي وإذا كنتم لا ترضون بها تعالوا نتخاطب خطابا عقليا محضا لننتقل من الخطاب العقلي إلى صحة الدليل النقلي، أنتم وضحوا لنا أنفسكم هل أنتم تريدون أن تجعلوا المرجعية العليا كما حدث مؤتمر لبعض الحقوقيين يوم 6/ 3 من ثلاثة أشهر وقالوا يجب أن تكون المرجعية الأولى في العالم العربي والإسلامي بقضية المرأة هي القانون الدولي والمنطلق من الاتفاقيات الخاصة بالمرأة ومؤتمرات السكان في مصر وفي الصين وفي غيرها.

عثمان عثمان: إذاً تعتقد أن هناك عدم فهم لحقيقة الإسلام فيما خص المرأة؟

صلاح سلطان: قطعا يا أخي. رحم الله أستاذنا الشيخ الدكتور محمد البلتاجي عندما علق في تقرير بتكليف من رئيس الجامعة الدكتور مأمون سلامة على أحد الكتاب الذي هاجم القرآن والسنة وقال في كتابه "نقد الخطاب الديني" صفحة 105 أو 106 قال يجب أن نتوقف تماما عن إعمال النصوص الخاصة بميراث المرأة أن هي تبقى نصف الرجل وأن إحنا تبقى مساوية له تماما، قال الدكتور بلتاجي رحمه الله أستاذي وشيخي قال إن هذا الذي كتب هذا الكلام التقرير عن الكتاب فيه كفر واضح وجهل فاضح. نحن نريد يعني..

عثمان عثمان (مقاطعا): فهمنا الكفر ولكن الجهل؟

صلاح سلطان: لا أنا يعني صحيح مسألة الكفر هذه أنا لا أتفق يعني مع من يسارع بقضية الكفر. الجهل هذا موجود في الحقيقة وإن كان بعضهم أنا لا أستطيع أن أقول إنه جاهل لأنه قارئ ويعرف ما في الكتاب وإنما كما قال سبحانه {إن الذين يلحدون في آياتنا لا يخفون علينا ..}[فصلت:40]. لكن أيضا حتى أكون منصفا أخ عثمان، نحن عندنا ممارسات في واقعنا العربي والإسلامي تؤسس أو تجعل الآخر ينظر إلينا على أننا نميز بين الرجل والمرأة.

عثمان عثمان: يعني اسمح لي في هذا الإطار دكتور يعني بين يدي استطلاع أجرِي في أحد البلدان العربية يتحدث أن 95% من طلبات حصر الإرث التي تُقدم إلى المحاكم الشرعية يتقدم بها ذكور وفي 90% من الحالات تتنازل نساء عن حقهن في الميراث. طبعا هناك ممارسة كما تقول وربما خاطئة في مجتمعاتنا العربية ساهمت في إنجاز هذا الوضع. دكتور قبل الدخول..

صلاح سلطان: ولذلك يقول الله تعالى {..وتأكلون التراث أكلا لما..}[الفجر:19].

عثمان عثمان (متابعا): نعم. قبل الدخول إلى موضوع التمييز في الميراث أو الاختلاف في الميراث دعنا نتحدث عن تنصيف الشهادة، الله تعالى يقول {..واستشهدوا شهيدين من رجالكم فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان..}[البقرة:282]. يعني البعض يقول إن هناك تمييز أيضا من خلال هذه الآية؟

صلاح سلطان: أنا أمام هذا الأمر في حالة تعجب حقيقة، رقم واحد أن هذه الآية كلها باتفاق المفسرين والفقهاء هي للاستحباب يعني إلا رأي ابن حزم الأندلسي هذا له منهجية.

عثمان عثمان: كيف ذلك؟

صلاح سلطان: آية الدين كلها للاستحباب، يعني هذه الآية من حق الإنسان إذا حصل دين بينه وبين أي إنسان أنه هو لا يكتب دين، إذا كان بيني وبينك دين ولم نكتبه لا أنت آثم ولا أنا آثم، فهي آية تتعلق رغم أنها أطول آية في القرآن الكريم ولكن الأوامر فيها جاءت للاستحباب ولكن الآيات التي تتعلق بالفرائض الشرعية تعال مثلا إلى قضية تتعلق بالعرض ليس المال والعرب..

عثمان عثمان (مقاطعا): قبل أن ننتقل حتى في هذا الموضوع بالذات لماذا هناك إذاً تنصيف لشهادة المرأة لو كان بهذا الموضوع الذي تسميه استحبابا؟

صلاح سلطان: دعني أقول لك نعم السبب في هذه المسألة، السبب الرئيسي في هذه المسألة أنه قديما ولا يزال حديثا حتى في أميركا أوسع الدول في أوروبا وأميركا أوسع الدول في قضية دعم المرأة أن تكون مساوية للرجل تماما، كم رجل أعمال في أميركا ونساء أعمال في أميركا؟ إحنا عندنا في الإسلام خديجة رضي الله عنها كانت من نساء الأعمال كان عندها تجارة والرسول صلى الله عليه وسلم كان يعمل عندها، نحن أسبق بكثير جدا في هذه المسألة مما يُدعى هناك بدون أي ضوابط. فالمرأة يعني آخر قضية ستُرفع على أولمرت في الكيان المحتل الإسرائيلي أن هناك استحواذ من الرجال على إدارة الشركات وامتلاك هذه الشركات، 102 مؤسسة اقتصادية في إسرائيل الكيان المحتل فيها فقط اثنان من المديرات من النساء، وفي مؤسسات حكومية يعني مؤسسات حكومية 66 مؤسسة لا يوجد إلا أربعة من المديرين، فالعالم كله مليء بهذا، المرأة إذاً…

عثمان عثمان (مقاطعا): إذاً دكتور أنت تتحدث هنا عن أن هذا أمر استحبابي ولذلك جاءت الإطار في موضوع الدين؟

صلاح سلطان: أصل أنا عندي نقطة، المرأة لم تكن في الجوانب المالية منخرطة قديما ولم تنخرط حتى في ظل النظام العالمي الجديد كما يتمنون. إذاً المرأة هنا ليست في الجانب المالي مثل الرجل، الجانب الآخر فيه إعجاز علمي في أن الرجل إذا عنده فكرة مركز الكلام والتذكر في منطقة واحدة أما المرأة مركز التذكر ومركز الكلام في مناطق مختلفة هذا إعجاز من الله سبحانه وتعالى.

عثمان عثمان: دكتور هل تتساوى شهادة المرأة مع الرجل في بعض المواضع؟

المرأة تنفرد بالشهادة دون الرجل في قضية الرضاعة

صلاح سلطان: طبعا وده اللي بأقوله إنه في جانب الفرائض إذا انتقلنا من المال إلى العرض والعرض كما يقول العرب

أصون عرضي بمالي لا أدنسه

لا بارك الله بعد العرض في المال

المال إن أودى أحتال فأجمعه

ولست للعرض إن أودى بمحتال

قضية اللعان، اللعان الرجل إذا لاعن امرأته في قضية القذف بخمس شهادات تنقضها زوجته بخمس شهادات أخرى مساوية تماما وهذه قضية أهم وهي فريضة من الفرائض تتعلق بالحدود فهذه قضية. بل الأكثر من هذا أن المرأة تنفرد بالشهادة دون الرجل في قضية الرضاعة المرأة تأتي.. الصحابي يتزوج امرأة وتأتي امرأة سوداء كما جاء في الحديث وتقول أرضعتكما والرسول صلى الله عليه وسلم "كيف وقد قالت؟!" امرأة وحدها تفرق بين زوجين وهو الميثاق الغليظ كما سماه الله، شهادة امرأة واحدة تنقض عرى حياة زوجية يقول فيها الله سبحانه وتعالى {..وأخذن منكم ميثاقا غليظا}[النساء:21]. لماذا يتوقف أخواننا هؤلاء أمام هذه الآية التي سيقت للاستحباب كما يذكر أكثر الفقهاء والعلماء ولا يتوقفون أمام هذه النصوص القطعية في الفرائض..

عثمان عثمان (مقاطعا): دكتور هي تساؤلات مشروعة ولكن حتى لا يضيع منا الوقت نريد أن نعدد بعض الحالات التي تتساوى فيها شهادة المرأة مع شهادة الرجل، قلتم اللعان، غيرها؟

عند قبول الشهادة لا بد من أمرين، الأمر الأول العدالة والأمر الثاني اليقين، العدالة هذه لا توجد فيها ذكورة أو أنوثة واليقين أيضا لا توجد فيه ذكورة أو أنوثة

صلاح سلطان: هناك أيضا في القضايا التي تتعلق بالجنايات الخاصة بالنساء إذا كانت النساء بينهن بعضهن البعض. بعدين في نقطة مهمة أيضا ذكرها علماؤنا قضية فرق بين الشهادة والإشهاد، القرآن يقول {..واستشهدوا شهيدين من رجالكم ..} يعني أنت تستشهد هذا من الله سبحانه وتعالى يعني تكليف وإن كان على سبيل الاستحباب ولكن عند قبول الشهادة لا بد من أمرين، الأمر الأول العدالة والأمر الثاني اليقين، العدالة هذه لا يوجد فيها ذكورة أو أنوثة واليقين أيضا لا توجد فيها ذكورة أو أنوثة، فإذا وجد اليقين أن امرأة رأت شهادة مثلا في العيوب الخاصة بقضايا النساء، القابلة التي تستقبل الطفل هل صرخ أم لم يصرخ إذا نطق أو استهل بعد أن نزل لأن الصرخة هذه هي التي يرث بها أو لا يرث. فيعني أقول إن القاضي إذا اطمأن إلى عدالة الشاهد وإلى أنه كما جاء في الحديث "على ضوء مثل الشمس فاشهد أو دع" يعني هو رزين ومتيقن لأن الشهادة معناها إيه؟ هو تغيير حالة، تغيير حالة هذا اليقين لا يزول بالشك فيجب ألا يكون هناك أدنى شك فهذا حفظ للحقوق والمرأة غير مكلفة أن تذهب لتشهد فيقال إنها عندنا شهدت انتقصت من حقوقها، فإذا قلنا إن الإنسان إذا كان رجل أو امرأة ليست عنده خبرة كافية فلم تؤخذ شهادته والإمام مالك قال أدركت سبعين من أصحاب.. أتباع رسول الله ما منهم أحد إلا وأنا أقبل شهادته ولا أقبل.. أقبل دعوته.. أرجو دعوته ولا أقبل شهادته.

حالات ميراث المرأة

عثمان عثمان: فضيلة الدكتور نعم بالانتقال من موضوع الشهادة إلى موضوع الميراث، الله تعالى يقول {يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين ..}[النساء:11]، يقول البعض إن السبب وراء هذه الآية هو أن الرجال في شبه الجزيرة العربية في القرن السابع كانوا يعيلون عائلات ممتدة وأن النساء لم يعملن مقابل أجر وأنهن لم يتحملن نفس القسط في المسؤولية وأنهن من ثم يرثن أقل وليس هذا هو الوضع بالنسبة لملايين النساء المسلمات اللواتي يحققن دخلا ويسهمن في إعالة أسرهن، يقول هؤلاء البعض ففي بلدان مثل مصر على سبيل المثال تقارب مشاركة النساء في قوة العمل مشاركة الرجال ولذا وفيما تتغير الظروف لا بد أن يتكيف القانون الإسلامي معها، ما رأيكم؟

هناك أربع حالات فقط المرأة ترث فيها نصف الرجل وهناك أكثر من ثلاثين حالة مقابلة ترث المرأة فيها مثل الرجل أو أكثر منه أو ترث هي ولا يرث نظيرها من الرجال

صلاح سلطان: الحقيقة أمام هذه المسألة عندما كثر الجدل في هذا الموضوع أفردت لذلك بحثا علميا متخصصا في هذه المسألة، وكانت هناك مفاجآت بالنسبة لي وأنا أبحث هذه المسألة، كان الفكر عندي أن المرأة يعني ترث مثل الرجل وبالبحث تبين أن هناك أربع حالات فقط المرأة ترث فيها نصف الرجل وهناك أكثر من ثلاثين حالة مقابلة ترث المرأة فيها مثل الرجل أو أكثر منه أو ترث هي ولا يرث نظيرها من الرجال. وأنا أتعجب أيضا وأقول نفس الآية 11 التي تقول {..للذكر مثل حظ الأنثيين ..} بعدها بكلمات الله سبحانه وتعالى يسوي بين الأب والأم {..ولأبويه لكل واحد منهما السدس مما ترك إن كان له ولد..}[النساء:11] وهذه هي الحالة الأكثر الإنسان يموت ويسيب أبا وأما وابنا فيأخذ كل واحد السدس، الآية اللي بعدها رقم 12 الأخوة لأم يرثون بالتساوي {..فهم شركاء في الثلث..}[النساء:12]..

عثمان عثمان (مقاطعا): يعني حتى هيك نفصل الموضوع أكثر يعني هناك حالات ترث المرأة فيها نصف الرجل ما هي هذه الحالات؟

صلاح سلطان: رقم واحد أن واحد يموت ويترك ابن وبنت فالولد يأخذ ضعف البنت، رقم اثنين إذا مات وساب أخا وأختا فالأخ يأخذ ضعف الأخت، رقم ثلاثة حالة الأخت طبعا الأخت الشقيقة ولأب وبعدين الحالة الرابعة الشقيقة والأب حالتين، هي الزوج والزوجة الزوج إذا لم يكن هناك يأخذ النصف وإذا كان في أولاد يأخذ الربع والزوجة بتبقى نصف هذه المسألة فهي أربع حالات البنت وبنت الابن مع الابن أو ابن الابن، الأخت الشقيقة مع الأخ الشقيق، الأخ لأب أو الأخت لأب، وبعدين الزوج أو الزوجة فقط.

عثمان عثمان: إذاً هذه الحالات التي ترث فيها المرأة نصف الرجل، طبعا أنتم ذكرتم في بحثكم حالات أربع لميراث المرأة هذه إحداها، الحالات الثلاث الأخرى نتابعها إن شاء الله بعد أن نأخذ وقفة قصيرة. فاصل قصير مشاهدينا الكرام ثم نعود وإياكم لمتابعة هذه الحلقة فابقوا معنا.

[فاصل إعلاني]

عثمان عثمان: أهلا وسهلا بكم مشاهدينا الكرام من جديد إلى حلقة هذا الأسبوع من برنامج الشريعة والحياة والتي نتحدث فيها عن موضوع التمييز بين المرأة والرجل مع الدكتور صلاح سلطان. دكتور ذكرنا نحن حالة من الحالات الأربع التي تتعلق بميراث المرأة ذكرتم أيضا في كتابكم في بحثكم أن هناك حالات يتساوى فيها ميراث المرأة مع ميراث الرجل، ما هي هذه الحالات؟

صلاح سلطان: خليني أخ عثمان أقول لحضرتك ولأخواني المشاهدين والمشاهدات أن الحالات التي يأخذ فيها الرجل ضعف المرأة مكلف بثلاث أشياء، عنده كفالة لهذه المرأة إذا احتاجت، وحماية لها إذا خافت وولاية لها إذا خطبت فيعني هي ليست للتشريف ويأخذ ويذهب ويفعل ما يشاء. نأتي إلى الحالات التي يتساوى فيها الرجل مع المرأة، أول حالة أن الذين يرثون دائما ولا يحجبون أبدا ستة، ثلاث رجال وثلاثة نساء، الزوج والزوجة لا يحجبون أبدا، الابن والبنت لا يحجبون أبدا، الأب والأم، دي أول حاجة ثلاث رجال وثلاثة نساء. رقم اثنين أما المرأة أو الرجل إذا انفرد يعني واحد مات وساب أخوه فقط، واحد ثاني مات وساب أخته فقط، صحيح طريقة الميراث قد تختلف لكن في النهاية الأخ بيأخذ كل التركة عصبة، كما يقال حديث البخاري ومسلم عن ابن عباس "ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فلأولى رجل ذكر" والمرأة تأخذ من الفريضة النصف والباقي ردا عليه يبقى في النهاية ده أخذ النصف وده أخذ النصف. واحد مات ساب ابنه فقط وابنته فقط ده بيأخذ التركة كلها وده بيأخذ التركة كلها كل الحالات واحد ساب زوجته فقط وواحدة سابت زوجها فقط فيتساويا في هذه المسألة. لكن الحالات الكثيرة الموجودة أن الأم تأخذ مثل الأب رغم أن الأب لا يزال ينفق عليها وهي في الحالات الكثيرة التي يوجد ابن أو ابنتين فأكثر هذه بنص الآية التي فتحت بأن للذكر مثل حظ الأنثيين الله سبحانه وتعالى يقول {للذكر مثل حظ الأنثيين… لكل واحد منهما السدس مما ترك إن كان له ولد فإن لم يكن له ولد وورثه أبواه فلأمه الثلث ..}[النساء:11] حالة الأخوة والأخوات لأم {..وإن كان رجل يورث كلالة أو امرأة وله أخ أو أخت فلكل واحد منهما السدس..}[النساء:12] فهذه بعض حالات كثيرة أوردتها في البحث، أما المرأة والرجل يتشابهان في أكثر من سبع أو ثمان حالات تماما لا اختلاف بين رجل وامرأة. فلماذا توقف هؤلاء عند هذه ولم يقفوا رغم النص الصريح الموجود.

عثمان عثمان: دكتور يعني نتابع إن شاء الله ولكن قبل ذلك اسمح لنا أن نأخذ مكالمة من الدكتورة عائشة الحجامي الأستاذة في كلية الحقوق في مراكش وناشطة حقوقية في قضايا المرأة، مرحبا بك دكتورة.

عائشة الحجامي/ أستاذ الحقوق بجامعة مراكش: السلام عليكم.

عثمان عثمان: وعليكم السلام ورحمة الله.

عائشة الحجامي: نعم أود فقط أن أعود إلى مسألة الشهادة التي تفضل الدكتور بتوضيح بعض جوانبها لكن ربما فهمت بأن الحكم الذي استنبط من آية {..واستشهدوا شهيدين من رجالكم فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء ..}[البقرة:282] أنه حكم عام ويسري على سائر النساء وفي جميع الأوضاع والأزمان بينما أعتقد بأنه لا بد من الانطلاق من قراءة النصوص الدينية لا تقتصر على دلالتها اللفظية لا بد من تمحيص سياقاتها وقرائنها وأسباب نزولها، وقد ورد التأكيد على رعاية أسباب النزول كما هو معلوم عند علماء الأصول وقبلهم عند ابن عباس وابن عمر رضي الله عنهما، وفيما يتعلق بآية الشهادة أو الاستشهاد لأن هناك كما ذكر الدكتور من يميز بينهما أعتقد أنه قبل الجزم بعموم هذا اللفظ استباط الحكم الشرعي يعمم على كما قلت جميع النساء، لا بد من مراعاة أن الآية نزلت متعلقة بكتابة الديون ووردت في المسائل التجارية والمعاملات المتعلقة بها ومن المعلوم أن الغالب في وسط النساء السياق الاجتماعي للبعثة النبوية أن النساء كن بعيدات عن هذا الميدان ولم يكن لهن تمرس في شؤون التجارة وتعاطي المعاملات المالية، والشرط الذي يعني اشترط في الآية هو شرط منطقي ومعقول لأنه شرط موضوعي يتعلق بالمعاينة والمشاهدة ففي حال حصول المعاينة والمشاهدة من طرف شخص ثقة أعتقد بأنه سواء كان رجلا أو امرأة فإن شهادته تقبل، وقد ذهب إلى هذا الرأي الشيخ محمد سعيد رمضان البوطي عندما ركز على أن شروط الشهادة هي عائدة في مشروعها إلى أمرين اثنين عدالة الشهيد وضبطه، ويؤكد هذا الطرح أيضا ورود آيه أخرى تتحدث عن الشهادة بخطاب عام لا يستثني أي من الجنسين {..إذا حضر أحدكم الموت حين الوصية اثنان ذوا عدل منكم..}[المائدة:106] ومعلوم أن صيغة تركيز الخطاب الشرعي هو خطاب تكليف لا تعني تخصيص الرجال به وإنما ورد ذلك من باب التكليف وقد أوضح هذا أيضا ابن قيم الجوزي في إعلام الموقعين وبالتالي فإن مسألة الشهادة الواردة في الآية تفهم في سياقها المقامي والظرفي الذي نزلت فيه والذي كان لا يسمح للمرأة أن تتحصل على خبرة في مجال المعاملات الاقتصادية والتجارية. في وقتنا هذا ينبغي مراعاة تغير الأحوال من حيث تعلم المرأة وتمدرسها وخروجها للعمل وتعاطيها لمختلف الأعمال التجارية والاقتصادية..

عثمان عثمان(مقاطعا): الدكتورة عائشة الحجامي من مراكش شكرا جزيلا لك على هذه المداخلة.

صلاح سلطان: أنا الحقيقة عندي تعليق سريع لأن أختنا الكريمة قالت إن هذه الآية عامة في كل الشهادات، نعم قال بهذا بعض الفقهاء ولكن كلام ابن تيمية وابن القيم وغيره من الفقهاء يريان أن هذه الآية خاصة بالقضايا المالية بل هذا يجب أن يكون الاتجاه العام لأن إذا كانت هذه في آية كلها للاستحباب فلماذا نترك هذا أو نقف عند هذه ونترك الآيات الأخرى التي ساوت بين المرأة والرجل في الشهادة في قضايا من الفرائض ومن الحدود والقصاص وما إلى ذلك؟ فأنا لا أرى أن هذه الآية تتعدى إلى كل الشهادات أن شهادة المرأة على النصف في كل أنواع الشهادات.

عثمان عثمان: دكتور نحن ذكرنا حالتين من حالات الميراث، النصف والتساوي هناك حالتان أخريان؟

في الميراث الثلثان هما أعلى نصيب وهو مخصص لأربع أنواع من النساء، ولا يوجد رجل يأخذ الثلثين في التركة على الإطلاق

صلاح سلطان: وهي أن المرأة ترث أكثر من الرجل، عندنا في الميراث الثلثان هو أعلى نصيب لا يوجد رجل يأخذ الثلثين في التركة على الإطلاق، الثلثان هو أعلى نصيب مخصص لأربع أنواع من النساء. تأتي إلى النصف يأخذه خمسة أنواع، أربعة نساء ورجل واحد اللي هو الزوج إذا لم يوجد أولاد وهذه حالة ليست الغالبة فيعني النصف. ثم عندي تفصيلات في داخل البحث تقول إن فرض الثلثين وفرض النصف والثلث والسدس أفضل للمرأة من الرجل في حالات أيضا متعددة يعني على سبيل المثال إذا يعني ماتت امرأة وتركت زوجها وأختها الشقيقة وتركت يعني أختا لأب، وامرأة أخرى تركت أيضا زوجها وأختها الشقيقة وأخا لأب في هذه الحالة الأخ لأب لن يأخذ شيئا. فنحن عندنا حالات المرأة تأخذ أكثر وحالات المرأة تأخذ ولا يأخذ نظيرها من الرجال على الإطلاق، لو أن المرأة توفيت وتركت أيضا زوجا وأبا وأما وابنتين، زوج وأب وأم وابنتين، وامرأة أخرى توفيت وتركت زوجا وأبا وأما وابنتين تخيل أن البنتين سيأخذون ثمانية أسهم اللي هم الثلثين وأن الأولاد الأبناء الذكور سيأخذون خمسة أسهم. وهذا الأمر متفق عليه في كل المذاهب الفقهية أنا لا أتكلم عن مذهب واحد أن أتكلم عن المذاهب الثمانية، فحالات واضحة المرأة تأخذ فيها أكثر من الرجل.

عثمان عثمان: والحالة الأخيرة دكتور أن المرأة قد ترث ولا يرث الرجل يعني أنت تريد أن تقول دكتور أن فكرة التحيز الذكوري الموجودة في الغرب غير موجودة..

صلاح سلطان: الذكوري هذا اللي بيكتبوا عنه هذا غير موجود إلا في عقل من يتهم به الإسلام أو يتهم به فقهاء الإسلام.

عثمان عثمان: ليس هناك فقه ذكوري.

صلاح سلطان: أنا لا أعتقد هذا، في أخطاء نعم في تسويغ أنا يعني عندي توقف مع الذين يسوغون الأعراف الفاسدة بأدلة واهمة من الشريعة، هذا موجود يعني في بعض تاريخنا الفقهي ويمتد حتى واقعنا الآن. لكن أقول المرأة يعني على سبيل المثال يعني واحد مات وساب جدته لأمه وساب جده لأمه يعني الجد لأمه والجدة لأم،  الجدة لأم تأخذ كل التركة والجد لأم لا يأخذ شيئا يعني تخيل تأخذ كل التركة لا السدس ولا الربع ولا النصف وزوجها اللي هو الجد لأم لا يأخذ شيئا، وهذا الذي يسمونه الجد الفاسد يعني ليس الفاسد بالمعنى الأدبي أو بالمعنى الإيماني لكن هذا لا يرث شيئا. فأنا الحقيقة في حالة ذهول أن توجد هذه الحالات الكثيرة فيغفل عنها الذين يريدون التقاط التهمة وتعميمها وإشعار الناس أن الإسلام ظلم المرأة، هذا غير موجود.

أحكام النفقة على المرأة

عثمان عثمان: بالانتقال دكتور من موضوع الميراث وموضوع تنصيف الشهادة إلى موضوع النفقة، الإسلام أوجب على الرجل أن ينفق على المرأة حتى لو كانت هذه المرأة غنية، أليس في ذلك تحيز لصالح المرأة؟

صلاح سلطان: الإسلام يرعى أخلاق المروءة ومن مروءة الرجل فسقا لهما وليس فسقا منهما الرجل لا يحلب يعني الخير الذي عند المرأة الرجل يتحمل المسؤولية {..الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم..}[النساء:34] فهنا تحمل المسؤولية هو إكرام للمرأة لتتفرغ بذهن صاف ليس بذهن مكدود كما تفعل المرأة الغربية، الآن المرأة الغربية الآن عندي إحصائية 14 مليون طفل أميركي يعيش مع أمه، الرجل أخذ شهوته ثم تركها إلى غيره، 14 مليون طفل في مقابل 3 مليون الأم يعني سابت الأولاد لأبوهم وراحت هي شافت رجل ثاني، يعني 14 مليون بتشتغل الصبح ويترجع آخر النهار وتبقى أم فهي عندها tow jobs عندها عملين عمل لتكدح لتنفق وعمل للأولاد وهذا أضاع الأبناء وأضاع الأعمال أيضا. فالإسلام يقوم على تقسيم العمل طبعا نحن نقول لا مانع أن تعمل المرأة لكن ليست مكدودة أنها من غير العمل لن تعيش فالإسلام هنا ينظر إلى مصالح متعددة والله الذي خلق جعل الأولوية للمرأة في البيت والأولوية للرجل خارج البيت ثم كلفه بالنفقة عليها نفقة كاملة سواء كانت زوجة سواء كانت بنتا، يعني عندنا فقهاء الأمة ابن حجر العسقلاني والسيوطي والإمام الثميني في كتاب شرح النيل وغيرهم يقولون إن البنت ينفق عليها حتى تتزوج ويوجد لها كفيل.

عثمان عثمان: عندي هنا سؤال دكتور يعني إذا في حال كان في بنت وفي ولد في البيت بنت وصبي، الأب هل مطالب أن ينفق على البنت أكثر من الشاب أو أكثر من الولد أم على الولد أكثر من البنت أم يتساوى في النفقة عليهما؟

صلاح سلطان: في رأي ابن حزم يتساوى ولكن رأي كثير من الفقهاء والعلماء في المذهب المالكي والمذهب الحنفي تقرأ كتاب الخصاف للحنفي وتقرأ ابن حجر العسقلاني كمذهب شافعي وتقرأ شرح مختصر الخليل المذهب المالكي إلى آخره، فتجد أن البنت ينفق عليها حتى تتزوج أما الولد فينفق عليه وجوبا حتى يبلغ قادرا على الكسب، ما بعد البلوغ يبقى فضلا من الأب يبلغ ويكون قادرا على الكسب حاجتين علشان الآباء مش عايزين كل واحد يبقى قاعد جنب ابنه الآن يقول له يا ولد اسمع من الآن أنا متخلي عن النفقة عليك ونحدث أزمات في البيوت، حتى يبلغ قادرا على الكسب فهذا أيضا احتفاء بالمرأة ومروءة كاملة في التعامل مع المرأة.

عثمان عثمان: وفي حال تزوجت المرأة ثم طلقت؟

صلاح سلطان: تعود نفقتها، بنص كل علمائنا تعود نفقتها على أبيها أو على من إذا لم يوجد الأب على أخيها الذي أخذ من الميراث أكثر منها أو على ابن عمها الذي أخذ قسطا من الميراث لأن في قاعدة هنا اللي هي قاعدة الغنم بالغرم كنت بأدرسها في إحدى الجامعات وكتبتها عى السبورة وقلت يا ولد اقرأ قال الغَنَم بالغرم قلت يا ابني نحن في الجامعة مش في الزريبة، المهم فالغنم بالغرم، البنت إذا طلقت أو مات زوجها ترجع نفقتها على أبيها أو على أقرب عصبة لها اللي هو أخذ الضعف، مش يأخذ الضعف وخلاص، فالمرأة دائما في كفالة رجل. هذا الأمر والله بالحوار مع غير المسلمين قالت النساء عندما صدقن مع أنفسهن يا ليتنا نعيش هذا الأمان على المستقبل، نحن في حالة فزع على مستقبلنا إذا متنا من يدفننا.

عثمان عثمان: في موضوع نفقة الزوج على زوجته أيضا هي واجبة ولو كانت الزوجة غنية ماذا تشمل هذه النفقة أيضا؟

صلاح سلطان: هذه النفقة أخ عثمان من روائع فقهنا الإسلامي وأنا عايز أقول لك أنا أتحدى أن يوجد اعتبار نفسي والكرامة للمرأة كما قال الشافعي {.. وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف..}[البقرة:233] قال الشافعي والمعروف ليس بذل النفقة الكاملة بعد أن تسألها فإن ذلك ليس نفقة بالمعروف إنما تنفق على الزوجة قبل أن تسأل يعني لا يحمر وجهها في طلب زوجها يقبض الراتب وبعدين كيفك يا أبو فلان يقول لك أنا يعني.. يا أخي طلع حاجة أنت قبضت خلاص. يعني الإمام الشافعي في كتاب الأم قال أبطأ عليها حتى سألت فليست نفقة بالمعروف، ده من حيث الجانب النفسي. الجانب المادي أول حاجة السكن {أسكنوهن من حيث سكنتم من وجدكم..}[الطلاق:6] وبعدين ألاقي فقهائنا يقولون السكن لازم تهوية جيدة بين الجيران الصالحين في مكان آمن واسع لو قدر عليه، يعني رائع فقهنا الإسلامي وسكنا خاصا بها ليس معا أحماؤها ولا ولده من امرأة أخرى ولا مع ضرتها يعني الجانب الأول السكن، الطعام العلماء قالوا نوعين والنووي أضاف شرطا ثالثا..

عثمان عثمان(مقاطعا): حبذا دكتور لو نعدد لأن الوقت داهمنا ولم يبق معنا كثيرا.

صلاح سلطان: طيب أن يكون كافيا ومتنوعا، والنووي قال أن يكون طازجا يعني حاجة fresh والجانب اللي بعد كده الكسوة بالصيف وبالشتاء وما يتعلق بالجانب الصحي بالدواء، وأنا ضد الذين قالوا إن المرأة إذا مرضت نفقتها على أبيها بعض الأعراف تفعل هذا للأسف الشديد، ثم تحدثوا حتى عن غسل ملابس الخرقان خرقان الرباية هذا الزوج يأتي لها بمن يغسل لها نحن قلنا يجب لها غسالة بدل ما يجيب يعني.. فالإسلام كفل لها كل شيء حتى أدوات الزينة ابن قدامة يقول كل ما يقطع السهوكة اللي هي الرائحة الوحشة السيئة في المرأة يجب على الرجل أن ينفق فيها على امرأته فهذه نفقة الزوجة فيها صورة رائعة من الناحية النفسية ومن الناحية المادية.

عثمان عثمان: دكتور نلاحظ أيضا في الشريعة الإسلامية أن هناك تمييزا بين ميراث النساء أنفسهن يعني نلاحظ أن الأم تأخذ غير الأخت غير البنت غير الزوجة هل توضحون ذلك؟

صلاح سلطان: هو هنا إذا كانت المرأة تستقبل الحياة البنت تأخذ أكثر من الأم لأن الأم إلى انتهاء الحياة والبر بها واجب من أكثر من ابن أما البنت تستقبل الحياة حجم الكفالة التي يمكن أن تأخذها وأنا حأضرب مثال الأم تأخذ السدس إذا كان في أكثر من واحد من الأبناء يعني إذا واحد مات وساب أكثر من أخ بتأخذ الأم السدس فإذا كان أخا واحدا، واحد مات ترك أمه وأخ واحد تأخذ الثلث، لماذا زاد نصيبها؟ لأن شخصا واحدا قد يكون فقيرا قد يكون عاقا فالاعتبارات حتى الإنسانية نفسها يزيد وينقص حسب الحماية والكفالة هل هي مؤكدة أو تضعف فإذا ضعفت يعني تأخذ المرأة أكثر من غيرها. ومثال أيضا على هذا، الأخت ترث لا ترث شيئا إذا وجد الأب، واحد مات ساب أخته يبقى الأخت دي أبوه وأخته الأب مسؤول عن أخته يبقى لا تأخذ شيئا تأخذ النصف إذا ترك زوجة، واحدة سابت زوجها وأختها تأخذ النصف طيب إذا كان وحدها لا تأخذ شيئا.

عثمان عثمان: يعني أنا أريد أن أسأل هل لذلك علاقة بالنفقة أيضا؟

صلاح سلطان: طبعا علاقة أن النفقة إذا كانت المرأة تتحمل أكبر في النفقة فيزيد نصيبها إذا كانت تتحمل مسؤولية أقل النصيب بتاعها يقل على الفور، فيا لها من علاقة طردية بمدى تحملها مسؤولية النفقة بالإضافة إلى قضية السن، طبعا هناك أمر آخر هو القرب والبعد من الميت يعني بنت الابن بتأخذ السدس إذا وجدت البنت لكن البنت تأخذ النصف فهي لها علاقة بقوة القرابة ودرجة القرابة من الميت.

عثمان عثمان: دكتور يعني لو أردنا أن نجمل يعني في دقيقة ونصف تقريبا كيف نوازن بين حقي المرأة في النفقة والميراث؟

صلاح سلطان: هذا التوازن من أكثر ما يجب أن يتوقف الإنسان عنده يترسخ إيمانه بأن الله وحده الذي يمكن أن يسير البشر أن الله تبارك وتعالى راعى في هذه المسألة أن المرأة يجب أن تكون مكفولة، وأنا أقول حتى لو تغيرت الأعراف الآن وصارت أنانية فإن القاعدة الشرعية "الحرام لا يحرم الحلال" يعني الناس تخلت هذه لا تعني أن نحن نتخلى عن الشرائع، نعيد الناس إلى المروءة في تحمل مسؤولية المرأة فالمرأة بشكل عام في الميراث أربع حالات تأخذ نصف الرجل، أكثر من ثلاثين حالة تأخذ مثله أو أكثر منه أو تأخذ هي ولا يأخذ نظيرها من الرجال، وهذا مرتبط بالنفقة إذا زادت كفالتها وحمايتها وولاية الرجل عليها تأخذ أقل فإذا لم تكن تأخذ المرأة أكثر وتعيش في حالة أمان على حاضرها ومستقبلها. وأنا أعتقد أن أخلاق المروءة هذه يجب أن تكون نقطة اعتزاز عند المرأة المسلمة وأنا أدعو أخواتي المسلمات أن يرفعن هذا الاعتزاز أن ديننا وإن أعطانا النصف مع كل ما أعطاه في الحالات التي تأخذ النصف هو أكثر بركة وخيرا في إطار التراحم بين الإسرة كلها من أن تأخذ المال كله فليس بالخبز وحده يحيا الإنسان.

عثمان عثمان: إذاً لقد راعى الإسلام ضعف المرأة فأكرمها في الميراث والنفقة أكثر من الرجل عكس ما يتوهم الكثيرون، هكذا يمكن أن نخلص من خلال ما قلت. الدكتور صلاح سلطان أشكرك على مشاركتنا في هذه الحلقة التي ربما تحتاج إلى كثير من الوقت لتبيان كل التفاصيل، كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن المتابعة، أنقل لكم تحيات معد البرنامج معتز الخطيب والمخرج محمد الحموي وسائر فريق العمل، أستودعكم الله تعالى، إلى اللقاء في الحلقة القادمة، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.