الشريعة والحياة

السلطة في الإسلام

حقيقة الديمقراطية القائمة في الدول العربية، موقف الإسلام من التعددية الحزبية، مدى جواز تداول السلطة في ظل دولة إسلامية، تقييد مدة الرئاسة في الدولة.. الموقف الشرعي في ظل غياب النصوص، مصدر السلطات في التشريع الإسلامي، حق الفرد في إسداء النصيحة للحاكم.. إسقاط على الواقع.

مقدم الحلقة:

أحمد الشيخ

ضيوف الحلقة:

الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي: داعية إسلامي كبير

تاريخ الحلقة:

23/02/1997

– حقيقة الديمقراطية القائمة في الدول العربية
– موقف الإسلام من التعددية الحزبية

– مدى جواز تداول السلطة في ظل دولة إسلامية

– تقييد مدة الرئاسة في الدولة.. الموقف الشرعي في ظل غياب النصوص

– مصدر السلطات في التشريع الإسلامي

– حق الفرد في إسداء النصيحة للحاكم.. إسقاط على الواقع

– حكم اشتراك المسلمين في برلمانات النظم غير الإسلامية

– مدى إلزام رأي الأغلبية للحاكم

– المقبول والمرفوض من الديمقراطية لدى المسلمين

– أولو الأمر الواجب طاعتهم شرعا

undefined
undefined

أحمد الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم، مشاهدينا الكرام، السلام عليكم ورحمة الله -تعالى- وبركاته، وأهلاً بكم إلى حلقة جديدة من برنامج (الشريعة والحياة) في الحلقة الماضية بدأ الزميل الدكتور أحمد الأنصاري باستعراض مسألة الديمقراطية وموقف الإسلام منها باعتبارها أسلوباً للحكم، فإذا كانت كلمة الديمقراطية في معناها الأصلي في اللغة اليونانية والإغريقية القديمة تعني حكم الشعب للشعب، فهل السلطة في الإسلام للشعب، بمعنى أن الأمة هي مصدر السلطات ولها الكلم الفصل فيما يتعلق بأمور حياتها الدنيوية، أم هي لشرع وبالتالي ليس من الممكن الفصل بين السلطتين الدينية والمدنية؟ وهل هناك في الإسلام -حقيقة- ما يسمى بالسلطة الدينية؟ وهل أن الفصل بين السلطتين، إذا وجدت السلطة الدينية، يقودنا إلى مفهوم العلمانية الذي ابتدع في الغرب ويطبق فيه الآن انطلاقاً من مقولة "دع ما لقيصر لقيصر وما لله لله"؟ وما هو الفرق بين مفهوم الشورى في الإسلام ومفهوم الديمقراطية في الوقت الحاضر؟ يسعدني أن أطرح هذه الأسئلة على فضيلة الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي استكمالاً لما طُرح في الحلقة السابقة.

أهلاً وسهلاً بك فضيلة الشيخ.

د. يوسف القرضاوي: أهلاً وسهلاً بك يا أخ أحمد.

أحمد الشيخ: الحق أنكم بدأتم في مناقشة هذه القضية الهامة مع الزميل الدكتور حامد الأنصاري، وقد انتهى بكم الحديث -كما علمت- إلى سؤال من أحد الإخوة المشاهدين في الخارج يسأل عن التعددية في الإسلام وموقف الإسلام من التعددية، والسؤال التالي أو السؤال الآخر الذي طرحه واختتم البرنامج قبل أن تتمكنوا من الإجابة عليه هو ما يتعلق بانتقال الانتقال السلمي للسلطة في الإسلام وما هو الموقف من هذه القضايا، نود أن نبدأ من هنا قبل أن ننتقل إلى الأسئلة التي وردت في مقدمة هذه الحلقة لو تكرمت.

حقيقة الديمقراطية القائمة في الدول العربية

د. يوسف القرضاوي: بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه، وبعد: ففي آخر الحلقة الماضية قرأ الأخ الدكتور حامد الأنصاري مقالة لأحد الإخوة من الكتاب القطريين الأخ راشد الخاطر عن الديمقراطية في العالم العربي، وكيف أنها نقلت من الغرب وإن الغرب أعطى العالم العربي شكلاً من الديمقراطية ولم يعطه حقيقة الديمقراطية وأن.. وسماها الديمقراطية الوقائية، وأن الديمقراطية التي تحدث في العالم العربي في الواقع لا يمكن فيها تداول السلطة، هي السلطة باقية ومستمرة إلى آخره..، وهذا طبعاً أمر معلوم، وهذا يلاحظ إن معظم الديمقراطية التي في العالم العربي..، لا أقول كلها فيه بعض الديمقراطيات يعني معقولة في بعض البلاد، ولكن في بعض البلاد الديمقراطية المشهورة وقضية التسعات الأربع 99.99% يعني 100% إلى آخره، والديمقراطية التي قال عنها أحد الكتاب اليوغسلافيين، من نقاد المجتمع الشيوعي في السابق، كتب كتاباً وقال فيه إن الديمقراطية أو الانتخاب في البلاد الاشتراكية هو سباق يعدو فيه حصان واحد.

أحمد الشيخ: حصان واحد، نعم.

د. يوسف القرضاوي: آه، يعني ليس سباق بين..، هو واحد..

أحمد الشيخ: مش فرسي رهان.

د. يوسف القرضاوي: هذا الشخص أو هذا الشخص، ما فيش بين فلان وفلان، وهذا -للأسف… حتى إنه في بلاد الاتحاد السوفيتي الجمهوريات الإسلامية التي استقلت بعد انهيار الاتحاد السوفيتي لم يحدث فيها ما حدث في رومانيا أو بولندا أو بهذه البلاد من تغيير النظام، تغيير الحكام، لأ الحكام الشيوعيون…

أحمد الشيخ: بقوا.

د. يوسف القرضاوي: بقوا كما هم، لماذا؟ لأنه لا يُراد للبلاد الإسلامية أن يكون فيها حرية حقيقية.. حرية حقيقية معناها انتعاش الأمة ونموها وازدهار الإسلام فيها وازدهار التنمية وازدهار الحياة كلها، وهذا ما لا يريدونه، أما ما سأل عنه الأخ في فرنسا فؤاد العلوي في السؤالين الآخرين في آخر الحلقة الماضية سأل عن سؤالين كبيرين جداً، السؤال الأول عن التعددية في ظل الدولة الإسلامية، هل يسمح الإسلام بتعددية..

أحمد الشيخ: للأحزاب.

موقف الإسلام من التعددية الحزبية

د. يوسف القرضاوي: للأحزاب داخل الدولة الإسلامية أو هو صوت واحد لا صوت غيره؟ أنا أقول الإسلام سمح بما هو أكثر من تعدد الأحزاب، سمح بتعدد الأديان، يعني وقال الله تعالى: (وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ (118) إِلاَّ مَن رَّحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ) المفسرون يقولون: ولذلك: أي وللاختلاف خلقهم، لأن أعطاهم حرية العقل وحرية الإرادة والاختيار، ومثل هذا لابد أن يختلف الناس، أنا لي عقل.. أنت لك عقلك، وأنا لي إرادتي وأنت لك إرادتك لازم نختلف، ربنا خلق الناس ليختلفوا، اختلفوا في الدين كيف لا يختلفون.

أحمد الشيخ: يختلفون في الحياة..

د. يوسف القرضاوي: في أمور الحياة المختلفة؟ حتى في فهم الدين أنا لي فهمي وأنت لك فهمك، هناك أصول متفق عليها بها تصير الأمة أمة، ولكن هناك تفاصيل كثيرة يختلف فيها الناس في فروع، فالصحابة اختلفوا فيما بينهم والتابعين والأئمة الكبار، ومن أجل هذا حدثت المذاهب تعددت المذاهب وتعددت المشارف، وأنا أقول إنه تعدد الأحزاب في السياسة أشبه بتعدد المذاهب في الفقه، يعني ما هو المذهب؟ هو إمام له أصول معينة واجتهادات في قضايا معينة تبعه على ذلك أتباعه يرون ما يرون، فهذا نفسه هو الحزب، الحزب رؤية معينة، اجتهادات في سياسة الدولة الداخلية والخارجية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، رؤى واجتهادات اجتمع عليها أناس وأسس عليها حزب، هذا.. ولذلك أنا أقول الأحزاب هي مذاهب في السياسة، والمذاهب أحزاب في.. في.. في الفقه، يعني فمن أجل هذا لا أرى مانعاً أبداً من أن تتعدد الأحزاب في ظل الدولة الإسلامية، أنه قد يوجد مثلاً أناس يقول لك: أنا لا أرى.. إذا حزب يرى إنه المرأة لا تعمل إطلاقاً، مثلما إخواننا في أفغانستان قالوا: المرأة لا تعمل حتى زوجات الشهداء والأرامل وهؤلاء، وهم عشرات الآلاف ومئات الآلاف، قالوا لهم: لأ، اجلسوا وإحنا.. الله! طب ما تشتغل في عمل يعني مناسب لها وبالحشمة والضوابط الشرعية الإسلامية، واحد بيرى هذا له رأي في عمل المرأة وفي تعليم المرأة وفي إن المرأة لا تصوِّت في الانتخابات، ولا ترشح ولا تكون عضو في مجلس نيابي، ولا كذا ولا كذا.. له رأي في الاقتصاد وفي تقييد الاقتصاد أو إباحة الاقتصاد حراً لا تتدخل الدولة وفي.. في أمور السياسة أيضاً لا يرى تعدد الأحزاب، طيب هذا واحد له رأي، فيه رأي مقابل، وله وجهة نظر أيضاً ومن الإسلام، هذا.. نسمح بمثل هذا، وأنا قلت إن إحنا نسمح بشرطين، تعدد الأحزاب بشرطين.

أحمد الشيخ: نعم، وهذا ما كنت أسأل عنه.

د. يوسف القرضاوي: الشرط الأول أن يحترم قواطع الإسلام، ما يبقاش… هناك في كل أمة ثوابت، فميجيش واحد يعني يخترق ثوابت الأمة، يقول الإسلام ده يعني باطل، لأ، هذا لازم تحترم ثوابت الأيه؟ المجتمع، أنا ما أعملكش حزب عشان تهدم القواعد العامة التي يقوم عليها الأيه؟ المجتمع، لا، عايز تدعو لكده خليك فرد، إنما حزب لازم يحترم ثوابت الأيه؟ الأمة، مثلاً اللغة العربية، الإسلام دين الدولة، واللغة العربية لغة، ميجيش واحد يقول لأ، الغوا اللغة العربية، هذا مقوم من مقومات الأيه؟

أحمد الشيخ: الأمة.

د. يوسف القرضاوي: الأمة، يعني فيه ثوابت، فلازم يحترم الثوابت، الأمر الآخر أن يكون منطلقاً من تراب الوطن ومن داخله، لا يكون عميلاً لجهة أخرى، فهذا ما.. ما أراه، أنا وجدت سيدنا علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- يقر وجود حزب الخوارج، نعرف الخوارج هم كانوا مع علي -رضي الله عنه- ثم خرجوا عليه، وقالوا: حكم الرجال في دين الله، والله تعالى يقول: (إِنِ الحُكْمُ إِلاَّ لِلَّهِ)، فهو رد عليهم بكلمته التاريخية وقال: "كلمة الحق يراد بها باطل"، وله.. قال: لكم علينا ثلاث: أن لا نمنعكم مساجد الله، صلوا معانا في مساجدنا لا.. لا نمنعكم، هذا من حقكم، وأن نعطيكم حقكم في الفيء إذا جاهدتم معنا، وأن لا نبدأكم بالقتال، ما دمتم لا تبدءوننا نحن لا نقاتل، إذا سللتم.. علينا السيوف هنحاربكم، مع إن يعني الخوارج…

أحمد الشيخ[مقاطعاً]: وهم فكر مختلف يعني!

مدى جواز تداول السلطة في ظل دولة إسلامية

د. يوسف القرضاوي: فكر مختلف، آه فكر مختلف، ويعتبر معارضة أشبه بمعارضة يعني شبه مسلحة، لأن العرب في ذلك كل واحد معاه سلاح، إنما ما دمتم مسالمين فنحن مسالمون لكم، فهذا يعني ما يقال -باختصار- عن مسألة التعددية، السؤال الآخر الذي ذكره أخونا الدكتور فؤاد العلوي من فرنسا قال.. يسأل عن الرأي في تداول السلطة سلمياً، هل يجوز إن السلطة تتداول من مجموعة لأخرى ومن حزب لآخر، وهكذا، أم اللي بيجلس على الحكم يجلس عليه إلى الأبد؟ ربما بعض الإخوة المسلمين المتدينين يرون إنه لأ، إذا مثلاً انتخب يعني رئيس أو أمير، أو خليفة، أو كذا يظل…

أحمد الشيخ: إلى الأبد.

د. يوسف القرضاوي: إلى الأبد كما كان الخلفاء الراشدون، وبعضهم يرفضون إنه نقيد الرئيس أو الرئيس الأعلى للدولة بمدة معينة، وأنا أقول ليس هناك نص من الشرع يلزمنا بهذا، كل ما في الأمر إن هناك سوابق تاريخية، يعني فعل الخلفاء الراشدين هو هكذا إنه الواحد كان ينتخب إلى أن يموت أو يستشهد، هذه السوابق ليست… فعل.. يعني إذا كان فعل الرسول عليه الصلاة والسلام- ليس ملزماً لمن بعده، حتى إنا نجد بعض الصحابة خالفوا بعض ما فعله النبي، صلى الله عليه وسلم، مثل سيدنا عمر، خالف، النبي -صلى الله عليه وسلم- قسم..

أحمد الشيخ: سهم المؤلفة..

تقييد مدة الرئاسة في الدولة.. الموقف الشرعي في ظل غياب النصوص

د. يوسف القرضاوي: يعني خيبر على الفاتحين، وعمر لم يقسم سواد العراق… كما قال الإمام ابن قدامة، لأن الرسول -عليه الصلاة وسلم- فعل ما هو الأصلح في زمنه وعمر فعل ما هو الأصلح في زمنه، فهو يتبع الرسول في فعل الأصلح، لا يقال إنه خالف الرسول لأ، ده هو اتبع منهج الرسول وإن خالف يعني عمل الرسول في هذه الجزئية، إنما اتبع المنهج إنه فعل ما هو الأصلح، النبي -عليه الصلاة وسلم- قال لمعاذ بن جبل: خذ من كل حالم ديناراً، في الجزية، البالغ خذ من كل واحد دينار، لكن سيدنا عمر بعد ذلك قسم الجزية إلى يعني ثلاثة أقسام: الأعالي والأواسط والأداني، الأعلى يدفع 48 درهماً، والأوسط 24 والأقل 12 درهماً، لأن تغيرت الحياة ولم يرد أن يلزم الناس بشيء واحد، وجد إن الدينار لم يعد كافياً لكل الطبقات، وهكذا.. فهذا لا يقال إن.. إن عمر خرج عن السنة، لأ، هو عمل بروح السنة، ولذلك نحن نقول إذا كان عصرنا الآن يرى تقييد مدة رئاسة الدولة مثل رئاسات الجمهورية لا مانع من ذلك، طبعاً هو يقول لك لأ، إحنا نقول إذا يعني انحرف وجار نعزله، ولكن هل هذا سهل؟ يعني بالتجارب العملية إنه ليس من السهل أنك تعزل.. ده هو بيبقى مدته مثلاً أربع سنين ولا خمسة ولا ستة، ويفضل وخمسة وستة، وبعدين ستة، وبعدين ستة، وحتى يكون الدستور يقول مرتين يبقى ثلاثة ويمكن يبقى أربعة..

أحمد الشيخ: فيصبح مزمناً.

د. يوسف القرضاوي: آه، وهكذا، فلذلك الأولى أننا نقيد المدة، هذا يساعد الناس فإن وجدوا فيه خيراً أعادوه، وهكذا، وهو لما يعرف إنه معرض إنه قد يزال إذا لم يحسن فيجتهد في أن يكسب رضا الناس بالعمل الجاد والدؤوب، فمن أجل هذا إنه لا.. ليس هناك مانع شرعي من أن تتداول السلطة، أنه نعمل مدة محددة، وبعدين إذا لم يصلح هذا الرجل الذي يمثل تياراً معيناً أو مجموعة أو حزباً أو كذا، وأخفقوا وفشلوا في سياساتهم هي تأتي مجموعة أخرى ناس.. لماذا يظل الإنسان يعني قابعاً في كرسية إلى.. إلى الدهر، لا يتركه إلا بانقلاب عليه أو بموته أو باغتياله، أو كما يحدث للأسف في كثير من ديارنا؟ فالتداول السلمي أولى من التداول بهذه الطرق التي نراها الآن للأسف.

أحمد الشيخ: فضيلة الشيخ، حقيقة هذا يقودني إلى تساؤل: هل.. إذا كانت مصلحة الناس، مصلحة الشعب هي المعيار، هل للمصلحة أولوية على النص في هذا المجال؟ إذا كان..

د. يوسف القرضاوي: ليس هناك نص عندنا.

أحمد الشيخ: لكن ما فيش نصوص.

د. يوسف القرضاوي: لا، ليس هناك.

أحمد الشيخ: إذاً.. إذاً الأولوية للمصلحة.

د. يوسف القرضاوي: لا، لو فيه نص يعني ملزم يتبعوا النص، إنما لا يوجد نص ملزم لنا..

أحمد الشيخ: إذاً الحكم هو مصلحة الناس.

د. يوسف القرضاوي: آه، فهو أمر.

أحمد الشيخ[مقاطعاً]: ما يحقق..

د. يوسف القرضاوي: متروك للمصلحة، وده من فضل الإسلام في هذه القضية إن في قضايا الشورى وقضايا السياسة الشرعية عامةً لا توجد فيها نصوص صحيحة الثبوت صريحة الدلالة ملزمة، هو قال الشورى (وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ) (وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ) ولكن كيف تكون الشورى؟ بمن؟ في.. في ماذا؟ ما هي المجالات التي تكون فيها الشورى؟ من هم أهل الشورى؟ كيف نختار أهل الشورى؟ سماهم علماؤنا قديماً أهل الحل.

أحمد الشيخ: والعقد.

د. يوسف القرضاوي: والعقد، لم يحدد.. النصوص لم تحدد لنا كيفيات هذا، لأن الكيفيات والآليات تركتها للزمن ولعقول المسلمين ولاجتهاداتهم، حتى يعني.. لأنه لو.. لو.. لو ألزمنا الإسلام بصورة يعني مناسبة لبيئة خاصة في عصر خاص، لكنا ملزمين بها طوال الأبد وفي كل العصور، وفي كل البيئات، فمن رحمة الله أن يسر لنا، وترك الأمر مفتوحاً، فليس عندنا نص ملزم حتى نقول إننا النص.. المصلحة نقدم.. لأ، النصوص الملزمة مقدمة على المصالح، ولا يوجد، حسب استقرائي، لم أجد مصلحة، يعني، حقيقية مخالفة لنص ثابت ملزم أبداً.

أحمد الشيخ: نعم، الحقيقة برضو قضية محاسبة الحاكم طرحت أثناء حديثك من يحاسبه؟ من هو؟ هل الأمة هي التي تحاسب؟ وهذا يقودنا إلى السؤال: هل الأمة هي مصدر السلطات في الإسلام؟ هل يعتبر الإسلام الأمة مصدر السلطات؟

مصدر السلطات في التشريع الإسلامي

د. يوسف القرضاوي: الأمة مصدر السلطات في اختيار الحاكم ومحاسبته ونقده وعزله واختيار غيره، هي مصدر السلطات هنا، إنما مصدر السلطات في التشريع الله -سبحانه وتعالى- هوا لحاكم في هذه القضية، يعني الحاكمية العليا لله، يعني الحكم لله، فالله هو الحاكم معناه هو الذي يأمر وينهى، هو الذي يحلل ويحرم، هو الذي يوجب ويسقط، فده معنى الحاكم، وهذا في النصوص والنصوص قليلة ومحدودة جداً، يعني لم ينص الله -تعالى- على كل شيء، ده هناك منطقة رحبة وواسعة جداً نسميها منطقة العفو.

أحمد الشيخ: العفو.

د. يوسف القرضاوي: العفو يعني الفراغ من التشريع، أخذت هذا من الحديث الذي قال: "ما أحل الله في كتابه فهو حلال وما حرم فهو حرام، وما سكت عنه فهو عفو، فاقبلوا من الله عافيته فإن الله لم يكن لينسى شيئاً" ثم تلا قول الله تعالى: (وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِياًّ) منطقة العفو ربنا تركها رحمة بنا غير نسيان، فالنصوص في مساحة معقولة، وحتى النصوص تنص على الأشياء بوجه كلي، مثل مسألة الشورى، تنص على المبادئ والأصول، لا تنص على.. التفصيلات

أحمد الشيخ: التفاصيل.

د. يوسف القرضاوي: وحتى إن الأشياء التي تنص عليها في جزئيات أيضاً معظمها قابلة لتعدد الأفهام وتعدد التفسيرات، ولذلك اختلف المذاهب واختلف الفقهاء، واختلف العلماء، هناك منطقة مغلقة، اللي هي منطقة القطعيات، التي فيها نصوص قاطعة في ثبوتها، قاطعة في دلالتها لا تحتمل إلا وجهاً واحداً فهذه قليلة ولكنها، مع قلتها ومحدوديتها، مهمة جداً، لأنها هي التي تمثل الإجماع العملي والنظري للأمة، تمثل الثوابت التي لا تكون الأمة أمة إلا بها، لا يمكن أن يكون كل شيء قابلاً للذوبان، أين الأمة إذاً؟ ما الذي يجمع هذا بذاك؟ لابد أن يكون هناك جوامع مشتركة، هذه الجوامع هي القطعيات في العقيدة، هناك قطعيات في العقيدة، قطعيات في الشريعة، قطعيات في القيم والأخلاق، قطعيات في الأحكام، قطعيات هناك.. هذه القطعيات هي التي لا.. لا مجال فيها، فالإسلام هنا جعل للأمة السلطة في اختيار الحاكم ومحاسبة الحاكم، يحاسبه أهل الشورى اللي هم أهل الحل والعقد، هم المسؤولين وهم دولا أهل الحل والعقد ده معناه إن هم الذي هم اللي يختارونه، وهم الذين يعزلونه أيضاً، إذا وجدوا أنه انحرف وجار عن سواء السبيل وأصبح وجوده خطراً على مقومات الأيه.. الأمة، يعني ولكن كل مسلم وده ميزة النظام السياسي الإسلامي إنه يجعل لكل مسلم الحق في أن يأمر الحاكم بالمعروف وينهاه عن المنكر (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ) وهذا ما كان يقوله الخلفاء، يقول: "إن رأيتموني على حق فأعينوني، وإن رأيتموني على باطل فسددوني"، سيدنا عمر يقول: "مرحباً بالناصح أبد الدهر، مرحباً بالناصح غدواً وعشياً، من رأى منكم فيَّ اعوجاجاً فليقومني"، فقال له واحد أعرابي من عامة الناس: والله لو رأينا فيك، يا ابن الخطاب، اعوجاجاً لقومناه بحد سيوفنا"، فلم يقل اقبضوا عليه ولا.. قال: "الحمد لله، الذي جعل في المسلمين من يقوم اعوجاج عمر بحد سيفه"، وهذا رجل من عامة الناس، فالإسلام جعل من حق الناس إنها تحاسب الحاكم، مش بس أهل…

أحمد الشيخ: حتى على مستوى الفرد.

حق الفرد في إسداء النصيحة للحاكم.. إسقاط على الواقع

د. يوسف القرضاوي: على مستوى الفرد، لأنه الأمة كلها مسؤولة بالتضامن، فلا.. وجود أهل الشورى أو أهل الحل والعقد لا يسقط حق الفرد في النصيحة، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "الدين النصيحة، قالوا: لمن يا رسول الله: قال لله ولرسوله ولكتابه ولأئمة المسلمين وعامتهم" ده حتى هذا ليس حقاً ده هو فرض واجب، حتى إن النبي جعله الدين كل الدين.. الدين النصيحة، يعني لله ولرسوله ولأئمة المسلمين يعني رؤسائهم وعامتهم، وهذا من التواصي بالحق والتواصي بالصبر الذي هو شرط من شروط النجاة من خُسر الدنيا والآخرة كما بينت ذلك سورة العصر.

أحمد الشيخ: الحقيقة معنا أقل من دقيقة حتى موجز الأنباء، لكن المشكلة فضيلة الشيخ أن الأبواب موصدة هذه الأيام، ففي كثير من البلدان الإسلامية لا تفتح أبواب الحاكم لمن يتقدم له بالنصيحة، وكذلك هذا -حقيقة- يقودني إلى قول أبو بكر لما تولى الخلافة إنه إذا رأيتم.. فيَّ… كان..

د. يوسف القرضاوي[مقاطعاً]: آه، "إن رأيتموني على حق فأعينوني وإن رأيتموني على باطل فقوموني".

أحمد الشيخ: فقوموني.. نعم.

د. يوسف القرضاوي: آه.. آه، لأن هو يعني نحن نريد أن نتحدث عن الحكم في ظل الإسلام، في ظل الإسلام لا ينبغي أن توصد الأبواب، الحاكم بيروح يصلي مع الناس وبيقابلوه في الصلاة، ومن حق أي واحد يروح يقول له كذا وكذا، الحاكم لا.. لا..لا ليس محتجباً عن الناس بحيث إن هو لا يرونه ولا يراهم، لأ، فنحن في ظل الحكم الإسلامي…

أحمد الشيخ: نلتحم.

د. يوسف القرضاوي: الشعب والحاكم ملتحم.

أحمد الشيخ: جزاك الله خير فضيلة الشيخ.

[موجز الأخبار]

أحمد الشيخ: لدينا، فضيلة الشيخ الحقيقة، فاكس هنا من الأخ أبو شهاب من سويسرا يطرح سؤالين -في رأيي- جديرين بالإجابة، السؤال الأول: يقول فيه يقول: في غياب الشريعة الإسلامية أيجوز للمسلمين أو الجماعات الإسلامية الدخول في برلمانات الدولة التي تحكم بالقوانين الوضعية مع وجود النائب الشيوعي والعلماني؟

والسؤال ا لثاني، إذا أردت أن أو نطرحه بعد أن تجيب على الأول، إذا أخذنا من الديمقراطية الوسائل كالبرلمان لجعلها آلية للشورى، ثم طلب الإمام أو رئيس الدولة الشورى أو الاستفتاء في أمر ما، فهل اتفاقهم بالأغلبية على رأي معين ملزم للإمام أو لرئيس الدولة أم لا؟ وجزاكم الله خير.

حكم اشتراك المسلمين في برلمانات النظم غير الإسلامية

د. يوسف القرضاوي: بسم الله الرحمن الرحيم بالنسبة للسؤال الأول عملية المشاركة في دولة لا تلتزم بالإسلام أحياناً قد تنفذ بعض الإسلام دون بعض ككثير من دولنا العربية والإسلامية لا تعادي الإسلام، ولكنها لا تلتزم بكل أحكامه، وهناك دول، يعني، علمانية، هناك.. هل يجوز أن تشارك القوى الإسلامية، أفراد أو أحزاب أو جماعات، هل يجوز لها أن تشارك في هذا؟ بعض الإسلاميين المتشددين يقولون: لا يجوز، إما أن نأخذ السلطة كلها، ويكون الحكم لنا، أو لا يعني وهذه فلسفة قائمة إما كل شيء أو أيه؟

أحمد الشيخ: أو لا شيء.

د. يوسف القرضاوي: أو لا شيء، أنا أرى إن السياسة الشرعية تقوم على ما أسميه فقه الموازنات، فقه الموازنات يقوم على الموازنة بين المصالح بعضها وبعض، وبين المفاسد بعضها وبعض، وبين المصالح والمفاسد إذا تعارضت المصالح والمفاسد، يعني تقوم على اختيار أهون الشرين وارتكاب أخف الضررين، وتفويت أدنى المصلحتين، واكتساب أعلى المصلحتين، يعني هو وهذا يعني ما قرره الشرع، وله أدلة كثيرة في قوله تعالى: يعني (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا) ومثل ما ورد في قصة الخضر وموسى حينما خرق..

أحمد الشيخ: السفينة.

د. يوسف القرضاوي: وقال (أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي البَحْرِ فَأَرَدتُّ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَاءَهُم مَّلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْباً) فأراد أن يخرق يعيب السفينة، فيفسد بعضها حتى لا تضيع كلها، فمعناه ارتكب أخف الأيه؟ الضررين.

أحمد الشيخ: الضررين.

د. يوسف القرضاوي: هناك إستثناءات شرعية تقوم على هذا، فلو كان في دخول هؤلاء مصلحة يحقق لها للإسلام وللأمة الإسلامية ومفاسد يدرءونها فلا مانع من.. من هذا الأمر، وقد ذكر لنا القرآن قصة سيدنا يوسف عليه السلام، وقد استدل بها شيخ الإسلام ابن تيمية على جواز المشاركة في حكم ظالم جائر، بل في حكم غير إسلامي، لأن الملك الذي كان ملكاً في مصر في ذلك الوقت لم يكن مسلماً كان وثنياً، والله تعالى يقول: (وَلَقَدْ جَاءَكُمْ يُوسُفُ مِن قَبْلُ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِّمَّا جَاءَكُم بِهِ) وكما قال سيدنا يوسف حينما دخل السجن (يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُّتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الوَاحِدُ القَهَّارُ (39) مَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِهِ إِلاَّ أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَاؤُكُم مَّا أَنزَلَ اللَّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ) مما دل على أن المجتمع كان وثنياً، ومع هذا سيدنا يوسف حينما استدعاه الملك وقال (إِنَّكَ اليَوْمَ لَدَيْنَا مَكِينٌ أَمِينٌ) (اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ) هو حتى طلب إنه يعني حدد لنفسه المسؤولية التي يتحملها في أعوام المجاعة لينقذ مصر وما حولها من هذا بما ألهمه الله من التدبير، فأجاز شيخ الإسلام ابن تيمية إن الإنسان يتولى الإمارة أو الولاية في ظل دولة غير ملتزمة بالإسلام إذا كان يعني يظن في نفسه أنه قادر.

أحمد الشيخ: على التغيير.

د. يوسف القرضاوي: على أن يقلل من الشر وأن يوسع من الخير، وأن يقلم أظافر الظلم، وأن يحقق من العدل أكبر مما يحققه غيره، يعني لو راح هو وجه واحد ثاني هيحصل فساد وظلم كبير، هو هيقلل من الظلم والفساد، لم يقطع دابر الفساد ولا الظلم، لأنه ما يستطيع أن..، ليس هو صاحب الدولة، ده هو موظف فيها، هو وزير صحيح أو كبير وزراء، ولكن ليس كل شيء بيده، فالسياسة الشرعية تقتضي إنه إذا كان المجموعة الإسلامية أو الفرد المسلم قادراً على أن يفعل الخير وأن يزيح من الشر، وأن يقيم من العدل، وأن يزيل من الظلم ما لا يفعله غيره يمكن أن يفعل ذلك، وعلى هذا الأساس وجدنا في البلاد.. كثير من البلاد الإسلامية ناس شاركوا: في الأردن، في اليمن، يعني في تركيا حتى رغم إن تركيا بلد علماني عريق في.. في العلمانية، ولكن حزب الرفاة الإسلامي وجد إنه من الخير إنه لا يدع الأمر للعلمانيين، دخل في أول الأمر في البلديات واكتسب كثيراً من البلديات، وبدأ يعني يقيم فيها من المعالم الخير وسنن الرشد حتى إنه تاب على أيديهم البغايا، يعني بقوا يروحوا هؤلاء الناس الذين نجحوا في البلديات يروحوا لهؤلاء البغايا وينصحونهم، فيتبن على أيديهم، وبعدين قالوا طيب ندخل في البرلمان ودخلوا في البرلمان، صحيح لم يأخذوا أغلبية، ولكن يقول بمرور الزمن نستطيع، فأنا أقول يعني إنه لا مانع أن نشارك في هذا بشرط أن يغلب على ظننا أننا نكسب خيراً وأننا نقلل من الشر، هذا هو السؤال الأيه؟

أحمد الشيخ: الأول.

د. يوسف القرضاوي: الأول، السؤال..

أحمد الشيخ: الثاني..

د. يوسف القرضاوي: الثاني إنه لو أننا أخذنا بآليات الديمقراطية..

أحمد الشيخ: نعم، فهل هذا (…)؟

مدى إلزام رأي الأغلبية للحاكم

د. يوسف القرضاوي: ومن آليات الديمقراطية البرلمانات والانتخابات والرأي للأغلبية، طب إذا الأغلبية رأت رأياً والحاكم أو الرئيس أو كذا رأي رأياً آخر، أيه الحكم في هذه الحالة؟ لابد أن يعني تحدد ذلك الدساتير اللي هي تحدد العلاقة بين الحاكم والمحكوم، أنا أرى في هذه الحالة إنه الرأي للأغلبية، ولأنه.. وبعض الناس يظن إن مسألة الأغلبية دي مسألة مستوردة، وإن هي مبتدعة من النظام الديمقراطي، ليس صحيحاً هذا، اتباع الأغلبية هي نظام إسلامي، النبي -عليه الصلاة والسلام- نزل عند رأي الأغلبية في غزوة أحد، رأى وكان ضد رأيه وضد كبار الصحابة، إنما صحيح لما ما عدش قال.. لأ إنما بالنظرة عُرف هذا، سيدنا عمر هو اللي عمل بالعدّ في قضية الستة أصحاب الشورى، إن لو خمسة وواحد، أو أربعة واثنين يبقى الأربعة مقدم على الاثنين، ثلاثة وثلاثة قال: أضيفوا إليكم يعني طرفاً اللي هو عبد الله بن عمر، أو الثلاثة الذين فيهم عبد الرحمن بن عوف، أيضاً الحديث الذي يقول: "اتبعوا السواد الأعظم"، يعني الجمهور الأكبر والحديث الآخر يقول: "لو اتفقتما… قال لأبي بكر وعمر حينما استشارهما في أمر الأسرى "لو اتفقتما على رأي ما خالفتكما" لأن هيبقى رأيين أمام رأي واحد، فهذا هو نظام إسلامي، وحتى لو فرض فيه خلاف في هذه القضية، يعني بعض الناس يقول لك لأ، يعني إحنا الأمير هو رأيه هذا، لو فرض إن إحنا مختلفين في هذا، إنما إذا تراضينا على أساس إن رأي الأغلبية هو الملزم فعلى الأمير أن يحترم هذا الرأي وينزل عنه، لأن المسلمين عند شروطهم، سيدنا عثمان حينما قيل له: أتُعاهد على كتاب الله -تعالى- وسنة رسوله وعمل الشيخين أبي بكر وعمر؟ قال: نعم، سيدنا علي قيل له: تعمل على كتاب الله وسنة… وعمل الشيخين؟ قال: لا، على كتاب الله وسنة رسوله، إنما عمل الشيخين.. ليه؟ لأنه لو.. لو التزم بهذا يجب أن أيه؟ أن ينفذه، يعني مش يقول طب أنا، أقول لهم بعدين أعمل ما أشاء أنا لأ، فإذا اتفقنا على إن رأي الأغلبية هو الملزم،..

أحمد الشيخ: يصبح ملزم.

د. يوسف القرضاوي: يبقى على الأمير أن ينزل على هذا القرار.. نعم.

أحمد الشيخ: بارك الله فيكم، معنا المكالمة الأولى الأخ مختار التعبار، وآسفين لإطالة انتظارك على الهاتف يا أخ مختار، الأخ مختار.

مختار التعبار: عموماً السلام علكم ورحمة الله وبركاته.

أحمد الشيخ: عليكم السلام.

د. يوسف القرضاوي: عليكم السلام.

مختار التعبار: الحقيقة أنا لديَّ سؤالين، بس أنا أعتبر من قاعدة "ما بُني على باطل فهو باطل"، فالديمقراطية هي بنيت على أساس علماني لا ديني ونصراني، "دع ما لقيصر لقيصر وما للإله للإله"، وتبنى على قواعد أساسية هي أن الشعب هو مصدر السلطات والتشريع وتؤمن بفصل الدين والدولة، وتؤمن بتعدد الأحزاب إذا كانت الأحزاب ماركسية ولا دينية.. ودينية، وما إلى ذلك، وأيضاً تبادل السلطة بين من يعبد الله ومن يعبد الطاغوت، هذا أولاً، الشيء الآخر أن المسلم يجب ألا يحكم إلا بحكم الإسلام، وفضيلة الشيخ عارف هذا أكثر مني، تعدد الأديان، وذكره فضيلة الشيخ هذا طبعاً إحنا نقبل به (لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ) ولكن المسلم لا يحكم بغير الإسلام، ليس هناك تعدد يقول المسلم أنا أريد أن يحكمني ماركسي أو أريد أن يحكمني ترادشكي، أو أريد أن يحكمني بعثي أو ما إلى ذلك، فهو لا يرضى إلا بحكم الله، القضية الأخرى، فضيلة الشيخ، الأغلبية تكون للأغلبية المسلمة، ولا تكون يجوز في وقت مجتمع إسلامي أن نأخذ باتبعوا السواد الأعظم، إذا الأمة باغية أو الأمة ظالمة، أو الأمة تتبع الضلال، أما إحنا نتبع السواد الأعظم، السواد الأعظم الآن في الدول العربية للأسف…

د. يوسف القرضاوي[مقاطعاً]: يا أخي فهمنا رأيك؟

أحمد الشيخ: هل هي مداخلة أم سؤال يا أخي؟ بل هي مداخلة.

مختار التعبار: هي مداخلة أيه.

المقبول والمرفوض من الديمقراطية لدى المسلمين

د. يوسف القرضاوي: يعني أعجب من سؤال الأخ الكريم، يعني يريد أن أعيد ما قلته مرة أخرى، يعني أنا ناقشت معظم هذه القضايا، أنا لا أقول بالديمقراطية على إطلاقها، أنا أقول بالديمقراطية في مجتمع مسلم، الديمقراطية لا.. لا أخذ الديمقراطية التي تلغي الشريعة، لأ.. لا أقول بهذا، أنا بافترض ديمقراطية المسلمين، يعني إن الأمة مصدر السلطات مش هي الأمة اللي بتشرع، لأ الأمة هي التي تختار الحاكم وتعزله، هذا هو ده الديمقراطية…

أحمد الشيخ: في مجتمع مسلم.

د. يوسف القرضاوي: وهو الذي نشكو إليه، وما أصابنا، نحن دعاة الإسلام، ما أصابنا.. ما أصابنا إلا من إنا لا نجد ديمقراطية، إن إحنا نشكو من عدم الحرية نشكو إننا ليس… هناك جو خانق يحكمنا في بلاد العرب والإسلام، ما أدري الأخ كيف يفهم هذه الأمور، إحنا مصيبتنا في.. هي كيف فرضت العلمانية على المسلمين؟ فرضت بالحديد والنار، هو الشعب التركي كان اختار الديمقراطية؟ فرضت عليه بحكم الاستبداد والقهر، ولذلك نحن نريد أن ترد الأمور إلى الشعوب، والأخ بيقول طب إذا كانت الأمة باغية، نقول له إذا الأمة ما بتريدش الإسلام هتفرض عليها الإسلام بالقوة؟ خلاص يبقى تعلم الأمة من جديد، الله! الأخ مش فاهم شيء، إذا الأمة لا تريد الإسلام كيف تحكمها رغم أنفها بالإسلام؟! تبقى الأمة تريد أن.. تعلمها، تبقى محتاجة إلى فترة طويلة لإعدادها للإسلام، وبعدين تقول إنه نحكم أنا والآخرون وإذا يجي من لا يعبد الله، والله إذا الأمة لم ترض بك أنت يعني احتكمت إلى لعبة الانتخابات، آليات الديمقراطية، أنا اللي يهمني في الديمقراطية آلياتها، كيف نختار أهل الحل والعقد؟ بالانتخاب، وأنا.. وما مانع؟ لماذا نرفض الانتخاب؟ هذا جهل، الانتخاب هو الذي يعرفنا، كيف أعرف أنا أهل الحل والعقد في المجتمع المصري 60 مليون أو في المجتمع الباكستاني أو البنجلاديش 120 مليون، أو في المجتمع الإندونيسي 200 مليون؟ الانتخاب تُقسم البلاد والناس يختارون، فيختار الناس، والله إذا الناس اختاروني يجب أن أحكم، وهذا ما نقوله، الناس اختاروا الإسلاميين في الجزائر يجب يحكم الإسلاميين، ويتحمل ويتحملوا المسؤولية وقد يخطئون ويتحمل الناس خطأهم إذا فشلوا فيجب يعزلوا، يعني ما إذا كان هم الناس اختاروهم وهم ليسوا أهل سلطة، وأصبح التعليم في أيديهم، والإعلام في أيديهم، والثقافة في أيديهم، وأمور الدولة كلها في أيديهم، ومع هذا لم يستطيعوا أن يحققوا العدل والخير للناس فكرههم الناس ولفظوهم، يستحقوا يجي غيرهم.

أحمد الشيخ: طبعاً.

د. يوسف القرضاوي: فيعني.. فأنا يعني أعجب يعني مما يقوله الأخ الكريم، أنا ما.. الديمقراطية أنا ما بأخدش الفلسفة الأساسية للديمقراطية، أنا بآخذ الضمانات والأساليب والآليات التي عند الديمقراطية، وأجد أن هذه الأساليب والآليات تخدم فكرتي الإسلامية وتحقق الشورى الإسلامية وتحقق القيم السياسية الإسلامية وهي مقاومة المتألهين في الأرض، كل جبار عنيد وتحقيق العدالة في.. في المجتمع، وتحقيق الحريات للناس الحريات المنضبطة أيضاً، هذا هو لا نستطيع أن نحققه بدون آليات الديمقراطية، كثير من الإسلاميين -للأسف- يظنون إن الحكم للشعب مقابل الحكم لله، لأ، الحكم للشعب مقابل الحكم للفرد.. الفرد المطلق المستبد الطاغوت، هذا معنى الحكم نرد الأمر إلى الأمة، الأمة هي التي تختار وهي التي تحاسب، وهي التي تولي وهي التي تعزل.

أحمد الشيخ: الحقيقة هو سؤاله برضو يجعلني أتساءل: هل يمكن أن تكون الأمة بمجموعها باغية كما قال؟ هل يمكن أن تجتمع الأمة على ضلال؟

د. يوسف القرضاوي: لا يمكن أن تجتمع الأمة على ضلال.

أحمد الشيخ: أو أن تكون باغية؟

د. يوسف القرضاوي: إلا إذا.. إذا فسدت الأمة، يعني الأمة يعني حصل فيها شيء افرض حكمتها الشيوعية أو كذا مدة من الزمن وضللت الأمة، لم تعد أمة مسلمة في هذه الحالة، الأمة المسلمة لا تجتمع على ضلالة، وهؤلاء ليسوا الأمة هم جزء من الأمة، فبالتالي الأمة كلها لا تجتمع على ضلالة، إنما ممكن جزء من الأمة في بلد ما يجتمع على ضلالة.

أحمد الشيخ: لكن..

د. يوسف القرضاوي: هذا مهمتنا أننا نبدأ في تعليمهم، في توعيته من جديد، في تعليمه ألف باء الإسلام حتى يتعلم ويعرف، نحن لا نقول بالفكرة المسيحية "دع ما لقيصر لقيصر وما لله"، لا نقول هذا أبداً، نحن نقول: "قيصر وما لقيصر لله الواحد الأحد"، ليس عندنا سلطة دينية وسلطة سياسية، نحن نرفض هذا الكلام، ما في الإسلام سلطة دينية، هو فيه وحدة للإنسان، الإنسان ليس مقسوماً في الإسلام قسمين والحياة ليست مشطورة شطرين شطر للدين وشطر للدولة، أو شطر لله وشطر لقيصر هي حياة واحدة يحكمها شرع الله عز وجل.

أحمد الشيخ: بارك الله فيك فضيلة الشيخ. معنا الأخ أبو معاذ من بلجيكا.

أبو معاذ: السلام عليكم يا عم الشيخ.

أحمد الشيخ: عليكم السلام ورحمة الله.

د. يوسف القرضاوي: عليكم السلام ورحمة الله.

أبو معاذ: كيف حالكم إن شاء الله؟

أحمد الشيخ: حياكم الله.

أبو معاذ: أنا في البداية أريد أن يعني نحن فرحين في بلجيكا بهذه الإذاعة.

أحمد الشيخ: بورك فيك.

أبو معاذ: كثير، وهذا نصر للإسلام، وكلما يعني شاهدنا المحطات كلها هذه في.. في.. في الفضائيات الهوائية، والحقيقة محطة (الجزيرة) يعني..

أحمد الشيخ: بارك الله فيك يا أخي.

أبو معاذ: أنا يعني.. طيب.

أحمد الشيخ: شكراً يا أخي بارك الله فيك.

أبو معاذ: لا أطيل عليكم، الشيخ انفعل قليل من سؤال الأخ يعني سبقني، ولكن الأخ ربما فهم غلط، يعني الشيخ وضح لنا كل الأمور هذه الديمقراطية والأمور التي تتعلق بالديمقراطية والإسلام وما إلى ذلك من.. من شرح كبير وشرح الشيخ في هذا الموضوع، يعني…

أحمد الشيخ: هل لديك سؤال يا أخي؟

أبو معاذ: نحن يا شيخ فرحين كثير بك وبآرائك القيمة هذه، حقيقةً أنت نصر للمسلمين، نسمعك من بعيد، وأنا نحن فرحين كثير، والله العظيم فرحين كثير يعني.

أحمد الشيخ: بارك الله فيك.

أبو معاذ: السؤال.

أحمد الشيخ: السؤال.

أبو معاذ: السؤال فضيلة الشيخ: هل ترى، باستثناء اليمن والأردن، ونصر الله أمير قطر هو إنسان مسلم والآن يعني موجودين إخوة مسلمين في.. في إذاعة (الجزيرة) ويتكلمون عن الإسلام بالإضافة إلى برنامج برامج أخرى منها (الاتجاه المعاكس) وبرامج أخرى فيها صراحة كبرى، هل ترى في أحد الدول العربية الآن موجود حكم شرعي يقيم حدود الله ويشرك المسلمين في الحكم؟ أعتقد لا يوجد هذا يعني موجودة في بلاد المسلمين يعني.

أحمد الشيخ: أنت تسأل لا تجيب يا أخي!!

أبو معاذ: نعم؟

أحمد الشيخ: أنت سألت وأجبت، اتفضل.

أبو معاذ: لا.. لا.. لا، يعني أريد أن يوضح لنا الشيخ فقط إذا كان..

أحمد الشيخ: فلتترك للشيخ.. نعم.

أبو معاذ: أنا استحالة أنا لا أناقش ولا أجادل في شيء، الأمر واضح أمامنا، ولكن أنا منذ مدة أريد أن أشترك ولو بكلمة ولو بكلمة شكر لمحطة (الجزيرة) ولأمير قطر، والله يبدو عليهم..

أحمد الشيخ: بارك الله فيك يا أخي، شكراً جزيلاً، نرجو أن نكون عند حسن الظن إن شاء الله هل لديك سؤال آخر يا أخي؟ شكراً جزيلاً.

د. يوسف القرضاوي: جزى الله الأخ خيراً على حسن ظنه بهذه القناة، التي نسأل الله -تبارك وتعالى- أن تكون لسان صدق ولسان خير ولسان دعوة للإسلام ولكلمة الحق في هذه الأمة وفي هذا العصر الذي قل من يقول فيه الحق لا يخشى في الله لومة لائم، ما سأل عنه الأخ أنا أقول له، البلاد تتفاوت، أولاً: أنا لست ممن يكفرون الناس، لا أطلق الكلام بأن المجتمع كله كافر والبلاد كلها كافرة والدول كلها كافرة، وأعمم الحكم بإطلاق، هذا لا.. هناك الذين يلتزمون بالإسلام مستويات، هناك اللي.. الذي يأخذ من الإسلام 10% اللي 20% واللي 30% واللي 50%، واللي 70% واللي يعادي الإسلام يعني صراحةً، هناك أناس يعادون الإسلام، ويعتبرون المشروع الإسلامي مشروع الحكم الإسلامي أو المشروع الحضاري الإسلامي هذا بيعتبرون…

أحمد الشيخ: تخلف!

د. يوسف القرضاوي: هو المشروع الفاشي أو المشروع الكهنوتي أو الثيوقراطي، إلى آخره، هناك يعني.. فنحن لا.. لا نستطيع أن نعمم الحكم، ومهمتنا يعني كلمة يعني جيدة قالها الأستاذ حسن الهضيبي رحمه الله (المرشد الثاني للإخوان المسلمين) حينما ظهرت جماعة التكفير في السجن الحربي في مصر سنة، يعني، 65 هذه الجماعة تكفر الناس عامة الحكام والمحكومين، والحكام لأنهم لا يحكمون بما أنزل الله، والمحكومون لأنهم رضوا بهؤلاء الحكام وكذا، وكل الناس فهو يعني أملى يعني كتابات جيدة ظهرت في كتاب عنوانه "دعاة لا قُضاة" وهذه كلمة حكيمة، يعني يجب أن نكون دعاة لا قُضاة، يعني ليست مهمتنا أننا نحكم هذا كافر ولا هذا يعني مسلم..

أحمد الشيخ[مقاطعاً]: هلا شققت عن صدره؟!

د. يوسف القرضاوي[مستأنفاً]: إنما نحن دعاة، نحن ندعو الجميع: الكافر والمسلم، والبر والفاجر، المطيع والعاصي، كلهم ندعوهم إلى الإسلام كل الإسلام، العاصي ندعوه إلى التوبة، الضال ندعوه إلى الهداية، المنحرف ندعوه إلى الاستقامة، الجميع ندعوهم إلى الإسلام، فنحن دعاة لا قضاة..

أحمد الشيخ: نعم، معنا الأخ عبد الله الخالد من السعودية، جزاك الله خير فضيلة الشيخ أخ عبد الله.

عبد الله الخالد: نعم، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

د. يوسف القرضاوي: عليكم السلام ورحمة الله.

أحمد الشيخ: عليكم السلام ورحمة الله.

عبد الله الخالد: سماحة الشيخ، حقيقة جزاكم الله ألف خير على ما تقومون به في نصرة الإسلام والدين.

د. يوسف القرضاوي: بارك الله فيكم يا أخي.

عبد الله الخالد: الله يخليك فيه آية.. في الآية الكريمة قال الله تعالى (أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ) السؤال الآن سماحة الشيخ من هم أولي الأمر الذين يجب علينا طاعتهم؟ وهل هم العلماء أو الأمراء؟ سماحة الشيخ، وإذا قلتم العلماء، أي علماء تقصدون؟ العلماء الذين يأكلون ويجلسون على موائد السلاطين، وأعني بذلك السلاطين المتجبرين الظلمة، أم العلماء المشردين أو منهم الموجودين في السجون؟ وإذا قلتم الأمراء هل يعني ذلك إن العراقي ولي أمره صدام حسين لا يجوز الخروج عليه؟ هذا سؤال.. هذه نقطة من السؤال، النقطة الثانية أم الولي ولي الأمر هو الولي الفقيه المجتهد الجامع لشروط الولاية من فقه وعدل وشجاعة إلى آخر هذه الصفات، إلى أن يتم تسليم هذه الراية إلى الإمام المهدي عند خروجه؟ عندي ملاحظة ثانية سماحة الشيخ.

أحمد الشيخ: اتفضل أخي.

عبد الله الخالد: ألا ترون إن إيران قد نجحت في تطبيق نظرية ولاية الفقيه رغم الحصار والحروب والتعصب المذهبي؟ نرجو سماحتكم إلقاء الضوء على هذه النقاط وعندي عتاب إلى على.. لقناة (الجزيرة)

أحمد الشيخ: اتفضل يا أخي.

عبد الله الخالد: العتاب يعني في آخر جمعة من شهر رمضان المبارك قامت مظاهرات ملايين في يوم القدس العالمي، للأسف الشديد قناة (الجزيرة) لم تغطِ هذه الأحداث أو هذه المظاهرات التي تطالب باسترجاع القدس للمسلمين، وللأسف الشديد قناة تقوم بتقرير كامل مدته حوالي 5 دقائق عن مسيرة البرازيل مسيرة (ريودي جانيرو) مسيرة عراة ونساء تمشي..

أحمد الشيخ: أعتقد..

عبد الله الخالد: للأسف الشديد والملايين المملينة…

أحمد الشيخ: جزاك الله خير، يا أخي الحقيقة أنا أعتقد المسؤولين سمعوك عن هذه القضية ولنعد إلى الأسئلة الموجهة لفضيلة الشيخ.

أولو الأمر الواجب طاعتهم شرعا

د. يوسف القرضاوي: أولاً: يعني أحب أن أقول للأخ إن قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ) من هم أولي الأمر؟ الأمر هو الشأن، يعني أصحاب الشأن، والسلف اختلفوا في من هم أصحاب الشأن أو أولو الأمر الذين يجب أن يطاعوا، بعضهم قال العلماء، وبعضهم قال الأمراء، والواقع إن الآية تحتمل الاثنين، يعني العالم يطاع في أمور العلم، والأمير يطاع -أيضاً- في شأنه، كل يطاع في شأنه، ولكن لا يوجد في الإسلام طاعة مطلقة، الطاعة المطلقة لله وحده، الطاعة في المعصية لا.. لا.. لا تجوز، الله
-تعالى- حتى حينما قال عن مبايعة النساء للنبي صلى الله عليه وسلم قال: (وَلاَ يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ) يعني حتى للنبي -عليه الصلاة والسلام- قال (وَلاَ يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ) ولذلك قال -عليه الصلاة والسلام- "إنما الطاعة في المعروف". وقال: "لا طاعة لبشر في معصية الله، لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق"، والحديث الصحيح المتفق عليه عن ابن عمر أنه قال: "حق على المرء المسلم السمع والطاعة فيما أحب وكره ما لم يؤمر بمعصية، فإذا أُمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة" إذا أُمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة، فطاعة العلماء فيما يفتون فيه وفيما يبينونه من الحق واجبة، وهذا طبعاً إذا اعتقدت أنت بعلم الشخص واعتقدت بأنه يقول الحق، وأنه لا يداهن فيه، ولذلك أنا أقول العلماء الذين يجب أن يطاعوا هم الذين يتصفون بالعلم والتقوى والاعتدال، يعني العالم الذي عنده سعة أفق في علمه وعلمه مكين، وعلمه مبني على كتاب الله وسنة رسوله، وبعدين عنده تقوى الله، يعني يخاف الله، عنده ورع، والأمر الثاني أن يكون معتدلاً لا يتسيب مع المتسيبين ولا يتزمت مع المتزمتين، هذا العالم هو الذي يطاع، وطبعاً الإنسان مفتي نفسه في هذه القضايا، أنا من أطيع…؟ أنت أعرف بالعالم الذي يطاع من الذي لا يطاع، كذلك الأمراء إذا.. إذا الأمير الذي يحرم ما أحل الله ويحل ما حرم الله، ويسقط ما فرض الله، ويغير ما شرع هذا ليس له يعني طاعة "إلا أن تروا كفراً بواحاً عندكم فيه من الله برهان" ولذلك الآية تتمة الآية لو الأخ قرأ تتمة الآية، قال: (أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ) حينما نتنازع على أولياء الأمر، الأمر ليس متروكاً سبهللاً هناك مرجع نرجع إليه عند التنازع وهو كتاب الله وسنة رسوله (فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ) وأجمع العلماء أن الرد إلى الله هو رد إلى كتابه، وأن الرد إلى رسول الله بعد وفاته هو رد إلى سنته..

أحمد الشيخ: نعم، جزاك الله خير فضيلة الشيخ، الأخ أحمد المير من السويد

أحمد المير: أيوه.. ألو.

أحمد الشيخ: ألو، اتفضل يا أخي.

أحمد المير: السلام عليكم.

أحمد الشيخ: وعليكم السلام ورحمة الله.

أحمد المير: أود أولاً أن أشكر البرنامج على هذا العمل الطيب.

أحمد الشيخ: جزاك الله خير.

أحمد المير: ونشكر شيخنا، ونسأل الله أن يطيل بعمره، والحقيقة أنا عندي سؤال خارج عن الموضوع قليلاً، وربما داخل في صلب الموسم الذي نحن فيه موسم الحج، فإذا سمحتم لنا نطرح.. نطرح هذا الشيء؟

د. يوسف القرضاوي: سنعرض في حلقة خاصة للحج إن شاء الله.

أحمد الشيخ: ستكون هناك حلقة خاصة بالحج يا أخي، لكن اتفضل معلش بس بسرعة.

أحمد المير: آه طيب جزاك الله خير، ممكن سؤال هو صغير، فقط إحنا في السويد هنا وفي الدول الغربية عموماً، يعني بعض الإخوة يتساءلون إنه لو أراد الإنسان يعني يبني بيت في.. في بلده، ولكن حضره موسم الحج، فأيهما يقدم؟ فنرجو من الشيخ الجواب ونشكره على آرائه وعلى اجتهاداته في مسألة الديمقراطية، الحقيقة أنا أؤيد هذا، وإن كان رأيي يعني قد لا يفيد كثيراً فأنا من عامة الناس، لكن جزاه الله خير عموماً، والسلام عليكم.

أحمد الشيخ: بارك الله فيكم.. عليكم السلام ورحمة الله.

د. يوسف القرضاوي: عليكم السلام ورحمة الله هو يا أخي إذا كان عنده يعني بيت يسكن فيه حالياً ويفكر -فقط- في المستقبل، وهو يقدر على الحج الآن فالاحتياط والحزم أن يبادر بالحج، كما جاء في الحديث: "تعجلوا إلى الحج فإن أحدكم لا يدري ما يعرض له" وصحيح هناك من العلماء من قال بأن الحج واجب على التراخي يعني ليس واجباً على الفور، ولكن الإنسان لا يدري، الصحيح قد يمرض، والشاب يشيخ، والحي يموت، والموسر يعسر، والغني يفتقر، فإذا واتت الإنسان الفرصة، وليست هناك حاجة ملحة، يعني هو ساكن الآن وأموره ميسرة، ليس هناك حاجة ملحة أعتقد إن الحج في هذه الحالة يكون مقدماً.

أحمد الشيخ: نعم، جزاك الله خير فضيلة الشيخ، نعود الحقيقة إلى الموضوع هنا عندي سؤال من الأخ علي الهاشم من الكويت، وإن كنا قد أجبنا على السؤال مسبقاً إلا إنه من باب الوفاء لهذه الفاكسات الحقيقة الإجابة عليها يقول.. يقول هل يحق لحزب إسلامي حاكم أن يسلم السلطة لحزب علماني لو فاز الأخير في الانتخابات؟ يعني بمعنى آخر أنا أضع السؤال هل..

د. يوسف القرضاوي: هو ليس.. ليس هو الذي يسلم هي الأمة، الأمة اللي بتختار، الشعب الذي يختار، أنا ذكرت هذا إذا أنت استوليت على الحكم ولم تستطع أن تكسب الشعب، مع إنه في إيدك الإعلام، والتعليم والثقافة والمدارس والجامعات، والعدل، والأمور كلها، وبعدين مع هذا أفلست، ولم تنجح في كسب الناس، فأعرض الناس عنك لسوء سياستك، لابد أن تدفع الثمن، إنما ليس معقول أنك تقول لهم أنا هأدخل الديمقراطية بشرط أن أظل طول الحياة، بشرط أنه إذا نجحت أنا فأنا أؤمن بالصندق الاقتراعي، ولكن إذا نجح غيري يبقى.. وده اللي عملوه في.. في الجزائر، إنه يعني قالوا إذا نجح الإسلاميين ما.. ما نقبلش، وإذا نجح العلمانيين نقبل! لأ، هذا لا يجوز، الانتخابات إذا قبلنا إننا ندخل هذا الأمر يبقى لنا أو علينا ونتعاهد على ذلك، والمسلمون عند شروطهم.

أحمد الشيخ: نعم، لدينا عدد كبير جداً من الفاكسات فضيلة الشيخ وتليفونات، لكن هنا الحقيقة هذا سؤال.. نحن تحدثنا عن مشاركة المسلمين في حكومة قد لا تطبق الإسلام كاملاً يقول الأخ عبد الهادي النحلاوي من ألمانيا: هل يقع تحت مفهوم التعددية إمكانية مشاركة حزب علماني مثلاً أو هندوسي أو مسيحي أو بوذي في البرلمان أو مجلس الشورى في حكومة بلد مسلم كممثلين عن مواطنيهم في هذا البلد؟

د. يوسف القرضاوي: آه يجوز إذا كان هناك في البلد يعني مسيحيون ينبغي أن يكون لهم ممثلون في البرلمان المسلم، يعني لهم دوائر إذا لم يكن لهم أغلبية في أي دائرة ولي الأمر المسلم يعني ويجب إنه يكون الدستور في هذا يسمح لهم بأن

أحمد الشيخ: وينص عليه…

د. يوسف القرضاوي: ينص بأن يسمح لهم بعدد في ما.. ما يقابل نسبتهم، يعني تمثلهم يعني الأقليات، ونحن نطالب بهذا للمسلمين في البلاد الأخرى، حينما يكون المسلمون أقلية في بلد ما يجب أن يكون لهؤلاء المسلمين أصوات تمثلهم وتحافظ على حقوقهم وتطالب بما يحقق هويتهم، هذا هو العدل الذي نراه.

أحمد الشيخ: بارك الله فيك فضيلة الشيخ، معانا الأخ سعيد علي من عمان.

سعيد علي: السلام عليكم.

أحمد الشيخ: وعليكم السلام ورحمة الله.

د. يوسف القرضاوي: وعليكم السلام ورحمة الله.

سعيد علي: فضيلة الشيخ يوسف القرضاوي، الحقيقة إحنا فضيلة الشيخ علماً من أعلام الأمة.

د. يوسف القرضاوي: بارك الله فيك.

سعيد علي: وإحنا نتمنى على قناة (الجزيرة) أن يكون هناك برنامج للشيخ أكثر من حلقة واحدة في الأسبوع.

د. يوسف القرضاوي: شكراً يا أخ سعيد.

سعيد علي: وذلك لما يمثله الشيخ من فكر نير وعلم واسع..

أحمد الشيخ: بارك الله فيك يا أخي.

د. يوسف القرضاوي: في الحقيقة نراه عالماً من علماء السلف يعيش بيننا.

د. يوسف القرضاوي: بارك الله فيك يا أخي. جزاك الله خيراً.

سعيد علي: سؤالي لفضيلة الشيخ كما تعلمون فضيلتكم أنه لا يوجد ديمقراطية حقيقية برغم ما تدعيه بعض الأنظمة إلا أنها لا تحقق ما يصبو إليه الإنسان أو المواطن من مشاركة حقيقية يمارس فيها كل حقوقه وبالتالي ربما أن ظهور الحركات المتطرفة التي سعت إلى تغيير الواقع بالقوة هو بسبب عدم وجود الديمقراطية، ففي ظل عدم وجود ديمقراطية حقيقية ووجود الصحافة التي تدعم الأنظمة القائمة، وكذلك الكتاب وكثير من العلماء والوجهاء والغرب، فكيف ترون فضيلتكم.. ما هو السبيل للوصول إلى ديمقراطية حقيقية يحترم فيها عقل المواطن وحريته؟ وتكفل له مشاركة فعالة في خلق مستقبل أفضل؟

أحمد الشيخ: جزاك الله خير.

سعيد علي: وشكراً جزيلاً لفضيلتكم، أطال الله عمركم، والسلام عليكم ورحمة الله.

أحمد الشيخ: بارك الله فيك يا أخي.

د. يوسف القرضاوي: شكراً يا أخ سعيد هو ما يقوله الأخ حق في معظم بلادنا، وهذا تكلمنا عنه الحقيقة، إنه لا توجد ديمقراطية حقيقية، توجد صورة أو اسم أو عنوان للديمقراطية، ولكن لكي نصل إلى ديمقراطية حقيقية لابد أن نرفع مستوى الشعب، لابد أن تعي شعوبنا حقوقها وتطالب بحريتها، وتحافظ على حقوقها، والحكام هم في الحقيقة إفراز الشعوب، أنا لا أظن أنه يعني يأتي حاكم يستطيع أن يحكم شعباً كله رغم أنفه، ولو قدر على ذلك سنتين أو ثلاثة لا يستطيع أن يستمر طوال العمر، يعني كما قالوا يعني قد تستطيع أن تخدع بعض الناس بعض الوقت، وبعض الناس كل الوقت، وكل الناس بعض الوقت ولكن لا يمكن أن تخدع كل الناس كل الوقت، وكذلك لا يمكن تحكم الشعب، جميع الشعب، بالحديد والنار إلى أبد الآبدين، طبيعة الشعوب.. فمهمة العلماء والمربيين والمفكرين والدعاة والمعلمين مهمة هؤلاء جميعاً أن يوعوا الشعوب حتى تعرف الشعوب حقوقها، وتنادي به وتصر عليه، وهي واصلة -إن شاء الله- إلى ما تريد، ولا نيأس من هذا يعني بعض الناس يعني ييأسون من يقول لك الشعب هيعمل أيه؟ لأ، هذه فكرة هدامة في الحقيقة، لابد أن نثق بشعوبنا، وإن الشعوب قادرة، أن تفعل الكثير، وإنها تغير حتى من نفسية الحكام أنفسهم ويتغير إرادة الحاكم إذا وجد شعبه يريد أمراً آخر.

أحمد الشيخ: نعم بقي لدينا حوالي 3 دقائق فقط فضيلة الشيخ معنا الأخ عزام التميمي من لندن، وهذه ربما تكون آخر مكالمة الحقيقة، وآخر جواب في هذه الحلقة. الأخ عزام.

عزام التميمي: السلام عليكم.

أحمد الشيخ: وعليكم السلام ورحمة الله.

د. يوسف القرضاوي: وعليكم السلام ورحمة الله.

عزام التميمي: الحقيقة ما أريد أن أسأل يتعلق بوضع المسلمين في الغرب وخاصةً هنا في بريطانيا، يوم الخميس الماضي كان عندنا مؤتمر صحفي لممثلي الجالية المسلمة تحضيراً للانتخابات النيابية التي ستقام في هذا البلد في شهر 5 القادم إن شاء الله، إلا أننا فوجئنا ببعض أفراد من أبناء الجالية يزعقون بأصوات مزعجة خارج مقر التجمع وهو المسجد المركزي ينادون علينا بالكفر وباتهامات شتى، لأننا نفكر بالدخول في نظام ديمقراطي في هذا البلد، والسؤال الذي أريد أن أسأله: لماذا المجامع الفقهية الإسلامية لا تعطي انتباهاً للقضايا السياسية؟ وهل للشيخ القرضاوي جزاه الله خيراً وبارك في عمره وعلمه إن شاء الله ونفعنا به والمسلمين.

أحمد الشيخ[مقاطعاً]: دقيقتين بقيت…

عزام التميمي[مستأنفاً]: أن يبادر بشيء من هذا القبيل لإنشاء مجمع فقهي سياسي يوجه الأمة الإسلامية حيث هي أكثرية أو أقلية.. لهذه الأمور؟

أحمد الشيخ: جزاك الله خير يا أخي. بقي لدينا أقل من دقيقتين فضيلة الشيخ.

د. يوسف القرضاوي: شكراً يا أخ عزام، أنا ناديت في بعض الأوقات بوجوب أن يكون للمسلمين يعني مجمع من الحكماء أو العلماء الأحرار لا.. لا يكون يعني مقيداً بأن يكون تحت سلطة بلد معين أو يخضع لظروف معينة، ولكن يعني هذا ليس بالأمر السهل يا أخي، يعني حتى نحن الإخوة الفلسطينيين منذ سنوات طلبوا إننا نعمل يعني ملتقى لعلماء المسلمين من أجل قضية القدس، ولكن احترنا أي بلد يمكن أن.. أن نصنع فيه هذا؟ لم نجد إلا خارج البلاد العربية، نعمل في إندونيسيا، في ماليزيا بعيداً عن العالم العربي، على كل حال أنا يعني أقول للأخ مشكلتنا هم هؤلاء الإخوة الذين لا.. قد لا نشك في إخلاصهم، إنما نتهمهم في عقولهم، في جمودهم، في إنهم لا ينظرون إلى الأمور من أفق واسع، يعني كيف يريدون؟ لا يريدون أن المسلمين في بريطانيا يستطيعون إنهم يدخلوا البرلمان يستطيعون يكونوا مع حزب من الأحزاب يحقق لهم مطالبهم! المسلمين عدة ملايين في بريطانيا، في فرنسا، في ألمانيا لهم مطالب لتحديد هويتهم، كيف يستطيعون تحقيق هذه المطالب؟ بواسطة المشاركة مع حزب من الأحزاب أو الدخول إن استطاعوا…

أحمد الشيخ: بارك الله فيكم. آسف لمقاطعتك فضيلة الشيخ، لكن الوقت حقيقةً يداهمنا. مشاهدينا الكرام، بهذا نأتي إلى ختام حلقة اليوم من برنامج (الشريعة والحياة) ويسعدني -في ختامها- أن أشكر فضيلة الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي، وإلى أن نلتقي في الأسبوع المقبل السلام عليكم ورحمة الله -تعالى- وبركاته.