تحقيق خاص

عملية الكرامة.. كيف فكك حفتر العملية وتخلص من حلفائه؟

بدأ اللواء المتقاعد خليفة حفتر عملية الكرامة في منتصف مايو/أيار 2014 من أجل كرامة الليبيين وأمنهم واستقرارهم، ولم تكن انقلابا حسب حديث اللواء أثناء إعلانه عن انطلاق هذه العملية من وسط العاصمة طرابلس.

ولكن بعد أشهر من انطلاق العملية بدأت الخلافات تشق صفها وتشتد بين أنصارها، ووصلت الخلافات حد الإخفاء القسري والقتل لكل منتقد للعملية ومخالف لحفتر، وسرعان ما تحولت العملية من تحقيق للكرامة إلى إهانة لمعاونين ورفقاء درب حفتر من قبله، وتحولت العملية إلى تدمير لبنغازي ودرنة وصاحبة امتياز في إدارة الجريمة في المناطق التي تسيطر عليها.

وبعد فراره من طرابلس استقر حفتر في الشرق الليبي الذي كان يعاني من الفوضى والاغتيالات وظهور ما يسمى الإرهاب، لكنه لم يستمع للنصائح التي قيلت له  ومضى في تنفيذ عملية الكرامة بعد استكمال عمليات الحشد في الشرق الليبي.

وبعد فشل العملية دعا إلى تشكيل مجلس عسكري يتولى إدارة البلاد، واعتمد في هذه الفكرة على بعض رجال القبائل وأنصار النظام السابق وأتباع السلفية المدخلية.

وتحدث نعمان بن عثمان المستشار السابق لحفتر عن استغلال اللواء حفتر الوضع السياسي في ليبيا في ذلك الوقت، لكن بعد  إعلانه الانقلاب خاف الناس منه وتراجعوا عن دعمه، وبعدها تمكن من الفرار بعد صدور أوامر باعتقاله، مؤكدا أن حفتر كان يكرر طرح فكرة تشكيل المجلس العسكري.

كما عبر بن عثمان عن استغرابه من الموقف الإماراتي الداعم لحفتر في الوقت الحالي، وأكد أنه شخصيا بقي في أبو ظبي لمدة طويلة، في محاولة لإقناع قادتها بدعم حفتر لكنهم كانوا رافضين حسب زعمه، وكانوا يفضلون دعم شخصيات ليبية أخرى أكثر قبولا بين الليبيين، مثل فرج البرعصي الذي كان القائد الفعلي للعمليات، كما أن الاتحاد الأوروبي كان يرفض دعم حفتر ولا يرى فيه الرجل المناسب.

أما عضو البرلمان الليبي عن مدينة بنغازي سعد الجازوري فهو يرى بإعلان حفتر انقلابا لا لبس فيه على الرغم من زعمه عكس ذلك، وكان الهدف منه عودة المؤسسة العسكرية للسلطة بعد أن غابت بفضل ثورة فبراير 2011، وعبر عن قناعته بأن حفتر كان يقف خلف الاغتيالات والفوضى، ليبحث الناس عن منقذ  ومخلص من حالة عدم الأمان التي وجدوا أنفسهم يعيشونها، وهو الأمر الذي سهل وصوله وجعله يحظى بترحيب واسع.

كما تحدث محمد بويصير المستشار السابق لحفتر عن عمله معه، حيث كان الاتفاق هو بناء جيش وطني ليبي يحمي البلاد ويحافظ على حقوق الإنسان، وبدأت تحركات حفتر في بنغازي بعد وصول الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى الرئاسة في مصر، وكان المصريون يرون في حفتر بوابة إلى ليبيا لحل المشاكل الأمنية والاقتصادية التي تواجه مصر.

وأضاف بويصير أن العلاقة بين حفتر ومصر كانت قوية للغاية، وكان الضباط المصريون يشاركون في الاجتماعات التي تدير العمليات، كما كانت مصر أول الداعمين لحفتر بالسلاح، وتحدث عن تخلص حفتر من القادة المؤثرين، مثل فرح البرعصي الذي تم تلفيق تهمه سرقة له، بالإضافة إلى فرج قعيم الذي تم اعتقاله بسبب توجيه الانتقادات لحفتر.

كما أكد أن الداعم الرئيسي لحفتر في الوقت الحالي هي الإمارات العربية المتحدة، ولم تكتف بالإنفاق على مشروعه في ليبيا، بل إنها تنفق على حفتر وأولاده الذي يديرون الأموال في الوقت الحالي في أميركا، كما قام بترقية أقاربه المدنيين في رتب عسكرية بشكل مخالف للقانون.

وتحدث آمر الكتيبة 204 في بنغازي سابقا المهيد البرغثي -الذي كان مقربا من حفتر- عن كفر الناس في بنغازي بالثورة والديمقراطية بسبب الاغتيالات المتصاعدة هناك، كما تحدث عن نصيحته للواء قبل انطلاق عملية الكرامة بانتظار البرلمان من أجل الحفاظ على وحدة ليبيا.

بدوره، أشار رئيس الهيئة البرقاوية عبد الحميد الكزه إلى تعطيل حفتر لجنة الدستور على الرغم من تعديل العديد من المواد حسب رغبته، وأظهر هذا الأمر رغبته في حكم ليبيا، واتهم حفتر بتدمير بنغازي ودرنة بحرب طويلة دون نتيجة تذكر، مضيفا أن دخول حفتر إلى طرابلس يعني تهجير نحو مليون ليبي.

بالمقابل، يرى عضو مجلس النواب عن بنغازي زياد دغيم أن عملية الكرامة أنقذت ليبيا من الانهيار وقضت على الإرهاب في بنغازي، و"استعادة الدولة لن تكون إلا بقوة السلاح وحفتر يسعى لبناء الجيش، وهو الشخص المناسب لذلك، وهناك تأييد شعبي وحقيقي، وقد أرغم على دخول المعترك السياسي".