الاقتصاد والناس - المشهد الاقتصادي الإسباني
الاقتصاد والناس

المشهد الاقتصادي الإسباني

تناقش الحلقة ما آلت إليه أوضاع الناس المعيشية بعد استفحال الأزمة المالية والاقتصادية في إسبانيا، والتي أدت لبرنامج تقشف هو الأكبر في تاريخ إسبانيا منذ الحرب العالمية الثانية.

– ارتفاع معدلات البطالة في إسبانيا
– قطاع العقارات في إسبانيا وتأثره بأزمة الائتمان

– الحكومة الإسبانية وإدارة الأزمة

أحمد بشتو
أحمد بشتو
ميغيل أنخل غارسيا
ميغيل أنخل غارسيا
خوسيه لويس فايتو
خوسيه لويس فايتو

أحمد بشتو: هذه الساحة والشوارع المحيطة بها كانت قبل عدة أشهر قليلة مسرحا لاحتجاجات شعبية بسبب ما آلت ﺇليه أوضاع الناس المعيشية بعد استفحال الأزمة المالية والاقتصادية التي ضربت ولا تزال هذا البلد والتي أدت لبرنامج تقشف هو الأكبر في تاريخ ﺇسبانيا منذ الحرب العالمية الثانية، ومع وتير الأزمة الاقتصادية الإسبانية انهارت مؤشرات بورصة مدريد واستدعى ذلك تدخلا حكوميا بأكثر من ثلاثة مليارات 600 مليون يورو، سيناريو الأزمة الإسبانية يختلف في تفاصيله عن باقي السيناريوهات الأوروبية فهنا ارتفعت أسعار العقارات بشدة ما بين عامي 2004 و 2008 بنحو 40% بفضل التسهيلات البنكية الشديدة في ذلك الوقت، حين انهار قطاع العقار الأميركي أواخر عام 2007 انهار بعده مباشرة قطاع العقارات الإسباني مما أدى ﺇدارة اقتصادي حكومي سنوي بنحو 1%، وكما عاقب اليونانيون والإيطاليون حكوماتهم التي فشلت في ﺇدارة الأزمة الاقتصادية أسقط الأسبان الحكومة الاشتراكية وجاءوا لهذا البرلمان لحكومة الحزب الشعبي اليميني الذي تعهد زعيمه ماريانو راخوي بأنه لن يكون له عدو ﺇلا الأزمة الاقتصادية ومؤكدا في الوقت نفسه أنه لن يستطيع تحقيق معجزات، أما المعجزات التي حدثت حتى الآن فهي خفض برامج الرعاية الصحية والاجتماعية ورفع سن التقاعد ﺇلى 67 عاما وانحسار فرص العمل بشكل لافت وهي أمور لم يعتدها المواطن الإسباني منذ عقود، ﺇذا ﺇلى أين يتجه المشهد الاقتصادي الإسباني ضمن مسلسل الأزمة الاقتصادية والمالية الأوروبية هذا ما سوف نناقشه في هذه الحلقة الجديدة من الاقتصاد والناس والتي نقدمها من العاصمة الإسبانية مدريد، مشاهدينا أهلا بكم حيث نتابع.

مواطن ﺇسباني: الحالة الاقتصادية في ﺇسبانيا صعبة والحوار متوقف بين رجال الأعمال والحكومة والنقابات.

مواطنة ﺇسبانية: نحن مضطرون لخفض استهلاكنا وللتحكم أكثر في مصروفاتنا الشهرية.

مهاجر فنزويلي: أنا بلا عمل منذ أشهر ولا أتقاضى أي مساعدة من الحكومة، لدي طفل وأعتمد على عمل زوجتي.

ميغيل أنخل جارسيا: الأزمة التي تعيشها ﺇسبانيا تعد من أخطر الأزمات الاقتصادية التي شهدناها.

أحمد بشتو: ولأن ﺇسبانيا تملك اقتصادا ضخما ومشاكل أضخم فان ﺇنقاذها في حال فشلت عن سداد ديونها يتطلب خطة ﺇنقاذ هائلة وغير مسبوقة أما ﺇن أفلست فسيكون ذلك سقوطا مدويا ومدمرا للاتحاد الأوروبي ووحدته النقدية وتابعونا.

تملك ﺇسبانيا رابع أقوى اقتصاد في منطقة اليورو ﺇلا أن المؤشرات الاقتصادية في ظل الأزمة تبدو منهارة فحجم البطالة الإسباني وصل ﺇلى 5ر21% من حجم قوة العمل الإسبانية لتعد النسبة الأعلى أوروبيا والأعلى ﺇسبانيا في خمسة عشر عاما، البعض يخشي عن توقف ﺇسبانيا عن سداد ديونها مع وصول عجز الموازنة ﺇلى 4ر4% من ﺇجمالي الناتج المحلي وهي نسبة لا يجب أن تزيد عن 3% حسب مقررات الإتحاد الأوروبي، كذلك فحجم الدين العام يصل ﺇلى 70% من ﺇجمالي الناتج المحلي وهي نسبة تزيد بـ 10% عن مقررات الإتحاد الأوروبي، الاقتصاد الإسباني لم يسجل أي نسبة نمو في الربع الثالث من عام 2011، الدولة هنا تصدر سندات دولية لسداد ديونها لكنها بفائدة مرتفعة جدا تصل ﺇلى 5ر6% وهي نسبة قد تعجز عنها الدولة الإسبانية عن سداد ديونها أو عن ﺇصدار سندات أخرى، الاقتصاد الإسباني يعيش على وقع أزمة تضرب جميع مفاصلة الاقتصادية والحياتية للناس هنا وأيمن الزبير في تقريره التالي يقرب الصورة أكثر.

[تقرير مسجل]

أيمن الزبير: يعلم خوان كارلوس دي بوربون ملك ﺇسبانيا أن الأزمة الاقتصادية كانت وما زالت الشبح الذي يلقي بظلاله على ملايين الأسبان، لذلك ربما اختار في خطاب افتتاح الولاية التشريعية العاشرة دعوة البرلمانيين ﺇلى استعادة الثقة في مؤسسات الدولة وبذل كل الجهود لإرضاء ملايين الأسر التي لا ترى مخرجا سريعا ينهي محنها المعيشية.

خوان كارلوس دي بوربون/ ملك إسبانيا: في مهامكم التشريعية والبرلمانية يجب أن تكون حاضرة لديكم ضرورة مساهمتكم بعزيمة وﺇصرار في حل هذه الأزمة وتداعياتها السلبية على المواطنين.

أيمن الزبير: كلمات قد يكون لها وقع خاص لدي المسؤولين الجدد في وزارة المالية الإسبانية التي يتعين عليها الآن المزاوجة بين حل مشاكل ملايين العاطلين وﺇرضاء أوامر الإتحاد الأوروبي عبر تطبيق سياسات تقشفية صدقت في شقها الأول على تجميد أجور الموظفين والاستثمارات الحكومية وهي ﺇجراءات يشكك البعض في نجاعتها .

ميشيل أنخيل نوثيدا/ مدير مجلة الأعمال الإسبانية: أعتقد أن الحكومة تخطئ عندما تكتفي فقط بتطبيق سياسات الاقتطاعات، الاقتصاد الإسباني يحتاج ﺇلى الاستثمار في البنية التحتية والصحة مثلا لأن هذه القطاعات تدعم النمو.

أيمن الزبير: تشكيك شبيه بذلك الذي يتردد في بعض أوساط الشارع الإسباني الذي رغم ﺇقراره بضرورة تسريع وتيرة الإصلاحات يأخذ على الحكومة المحافظة استهدافها لطبقات اجتماعية لم يكن لها يد فيما آلت ﺇليه الأوضاع في ﺇسبانيا.

مواطن ﺇسباني: من غير المنصف أن تتحمل الطبقات الضعيفة عبء هذه الإجراءات.

مواطن ﺇسباني ثانِ: لماذا لا تتم مراجعة مرتبات الجنرالات في الجيش، لماذا لا تتم مراجعة موازنة الأسرة المالكة التي تتوفر على أملاك كثيرة.

أيمن الزبير: آراء قد تزداد تطرفا في الأشهر المقبلة عند ﺇعلان الشق الثاني من الاقتطاعات، يقول مراقبون ﺇن الإجراءات التقشفية التي أعلنتها الحكومة اليمينية ليست سوى النذر اليسير من السياسات التي سيطبقها ماريانو رخوي والتي ستكتمل معالمها في شهر مارس المقبل عندما يتم التصويت على موازنة جديدة. أيمن الزبير، الجزيرة، مدريد.

[نهاية التقرير]

ارتفاع معدلات البطالة في إسبانيا

أحمد بشتو: أنت خرجت لتوك الآن من هذا المكتب لتقديم الوظائف هل تعتقد أنك ستجد وظيفة الآن في ظروف ﺇسبانيا الحالية؟

مواطن ﺇسباني: أنا مهندس اتصالات ومنذ أشهر وأنا بلا عمل لكنني أعتقد أن تخصصي مطلوب ولذلك سأجد عملا قريبا.

أحمد بشتو: البطالة الآن بين الشباب نحو 46% هل لديك كشاب أمل في أن تجد وظيفة قريبا؟

مواطن ﺇسباني ثان: منذ أشهر وأنا بلا عمل جئت لمكتب التوظيف للبحث عن عمل، لا أرى أملا في تحسن الوضع قريبا فالحلول الحكومية كلها متشابهة.

أحمد بشتو: ما الفرق بين حكومتي راخوي الحالية وثباتيرو السابقة ﺇذا كانت نفس الأزمة واحدة وﺇجراءات التقشف أيضا واحدة؟

مواطن ﺇسباني ثالث: هناك ثلاثة قرارات عاجلة يجب على الحكومة الجديدة اتخاذها مواجهة العجز المالي ودراسة زيادة الضرائب وﺇعادة تنظيم سوق العمل وﺇيجاد سياسة للحفاظ على سوق العمل الحالي، طريقة الحكم ستختلف من ثباتيرو الذي كان يريد أن تتعامل الدولة بشكل أكبر من قدراتها ﺇلى راخوي الذي سيتعامل مع الأمور بواقعية وبحجمها المحدود.

أحمد بشتو: ﺇلى أي مدى الشعب الإسباني قادر على تحمل الأزمة؟

مواطنة ﺇسبانية: المشكلة ليست في أن الاستهلاك أقل أو أكثر، أرى أن الأزمة ستعلمنا الاستهلاك المتوازن، أعتقد أننا كأسبان قادرين على تحمل الأزمة بفضل الإنفاق المتوازن.

أحمد بشتو: لكن لأي مدي زمني أنتم كأسبان قادرين على تحمل الأزمة؟

مواطن ﺇسباني رابع: ليس لدينا خيار في الصبر أو عدم الصبر، الحقيقة الآن مرة والوضع الذي نعيشه صعب لكن على الحكومة الجديدة أن تفكر في الحلول العاجلة وأن تخرجنا من المشكلة التي طال أمدها.

أحمد بشتو: أصحاب العمل في ﺇسبانيا لديهم مشكلة مزدوجة هم من ناحية يريدون الحفاظ على استثماراتهم ومن ناحية أخرى يريدون الحفاظ على ما لديهم من عمالات، كيف تتعاملون مع الأزمة الآن؟

رجل أعمال ﺇسباني: الحالة الاقتصادية في ﺇسبانيا صعبة والحوار متوقف بين رجال الأعمال والحكومة والنقابات، رغم أن الحوار بين كل الأطراف مهم جدا الآن، عموما وبسبب المشاكل الحالية يستطيع الحزب الشعبي الحاكم أن يسن كل القوانين التي يراها مناسبة لكن لا بد أن يكون أكثر واقعية قي قراراته.

أحمد بشتو: ميزانيات الأسر الآن في ﺇسبانيا مع ارتفاع الأسعار وارتفاع الضرائب وانخفاض الدخل كيف يتم تدبيره؟

مواطنة ﺇسبانية: أنا أعمل موظفة في القطاع الحكومي وحاليا نعيش كأسرة حياة صعبة نحن مضطرون لخفض استهلاكنا وللتحكم أكثر في مصروفاتنا الشهرية.

أحمد بشتو: السيد ميغيل أنخل جارسيا مسؤول الدراسات الاقتصادية في نقابة اللجان العمالية، أصدرتم دراسة حول الواقع الاقتصادي الإسباني، أين الخلل الذي رصدتموه وأدى للأزمة؟

ميغيل أنخل جارسيا: الأزمة التي تعيشها ﺇسبانيا تعد من أخطر الأزمات الاقتصادية التي شهدناها، السبب في ذلك ناتج عن عدم الجدية في مواجهة الأزمة منذ انطلاقها فقد ارتفعت أسعار العقارات بشكل مدهش، هذا الارتفاع أدى لزيادة الاستهلاك وقيمة الاستثمارات مقابل زيادة في المديونية هذا أدى في الوقت الراهن لديون قياسية وعجز عن دفع فوائد تلك الديون الأزمة التي تواجهها أوروبا عموما زادت من تفاقم الأزمة الإسبانية فالحكومة الحالية تواجه تحديا كبيرا فلا توجد حاليا مؤسسات اقتصادية قادرة على التنافس وهو ما أدى لعدم توفير وظائف أو فرص عمل كافية لتقليص البطالة التي يرزح تحتها خمسة ملايين ﺇسباني عاطلين عن العمل.

أحمد بشتو: هل اقترحتم حلولا في هذه الدراسة؟

ميغيل أنخل جارسيا: الحكومة الإسبانية تواجه ثلاث أنواع من المشاكل فليس لديها مؤسسات قادرة على توفير الوظائف ثم ﺇن لدينا عجزا ماليا يؤدي لعدم التمكن من توفير قروض استثمارية، فالنظام المالي الإسباني يعاني ديونا خارجية ولا يمكنه في الوقت الراهن سد هذه الديون ولدينا مشكلة ثالثة وهي تتعلق بالعجز في توفير نظام قانوني يتكفل بمعالجة الأزمة، من جهتنا كنقابة نطالب بالعودة ﺇلى بعض القيم الاقتصادية وتوفير الوظائف لا بد أن يستعيد الاقتصاد الإسباني طبيعته التنافسية لمنتجاته والتحكم في أسعارها، إذا تمكنا من التحكم في الأسعار سنتمكن من تصدير المزيد من منتجاتنا للخارج.

أحمد بشتو: عقدتم اجتماعاً كنقابة مع رئيس الوزراء الجديد ماريانو راخوي ما الفارق بين إدارة اشتراكية للأزمة وإدارة يمينية لنفس الأزمة؟

ميغيل أنخل جارسيا: بادرنا كنقابة بالاتصال الفوري مع الحكومة الجديدة فوجدنا عدة نقاط اتفاق بيننا والهدف الرئيسي للجميع كان خلق أو توفير وظائف للحد من البطالة لا يمكن أن يكون لنا موقف من الحكومة قبل أن تباشر مهامها.

أحمد بشتو: في أيام الرئيس السابق ثاباتيرو دعوتم كنقابات عمالية حين ساءت الأمور الاقتصادية، في عهد رئيس الوزراء الجديد هل ستقومون بنفس الدعوة إن ساءت الأمور أكثر؟

ميغيل أنخل جارسيا: نحن على وعي تام بأن الوضع خطير جداً والدخول في إضراب في الوقت الراهن لن يحل الأزمة، نحن نريد البحث عن حلول ونريد الحوار مع رئيس الحكومة الجديد ومع رجال الأعمال حول كيفية إيجاد وظائف، هذا ما نفكر فيه في الوقت الراهن فهدفنا يتمحور في نقطتين أولاهما توفير فرص عمل والثانية تحقيق العدالة في توزيع الثروات حتى لا تستأثر قلة قليلة بالاستفادة من ثروات هذا البلد أما في حال فشل الحوار فسنفكر في إيجاد طريقة جديدة.

أحمد بشتو: بسبب الأزمة الحالية تم الاستغناء عن كثير من العمال العرب والمهاجرين العرب دوركم كنقابة في الفترة المقبلة هل سيكون في الاعتناء والدفاع عن هؤلاء العرب أم ستهتمون فقط بالمواطن الإسباني؟

ميغيل أنخل جارسيا: المهاجرون جزء مهم في أجندة عملنا ويشكلون محوراً أساسياً في النشاط الاقتصادي ولا نريدهم أن يتحولوا لمادة فقدت صلاحيتها ثم نستدعيهم مرة أخرى حين نحتاج إليهم، هم في النهاية جزء من المجتمع الأسباني فمن بين خمسة ملايين عاطل أسباني يوجد نحو مليون و800 ألف مهاجر عاطل عن العمل وعلى مستوى النقابة نعمل على أن يشعر كل مهاجر بأنه جزء من المجتمع وجزء من الحلول أيضاً.

ميغيل أنخل جارسيا: Muchas gracias.

أحمد بشتو: السيد ميغيل أنخل جارسيا مسؤول الدراسات الاقتصادية في نقابة اللجان العمالية شكراً جزيلاً لك. هذا هو موسم الوعود الحكومية الأسبانية لعبور الأزمة الاقتصادية عمر هذه الحكومة شرعياً أربع سنوات قد يزيد أو يقصى حسب حسن الأداء وتقييم الناخب الأسباني وتابعونا بعد الفاصل.

[فاصل إعلاني]

قطاع العقارات في إسبانيا وتأثره بأزمة الائتمان

أحمد بشتو: أزمة الرهن العقاري في إسبانيا لا تزال مستمرة فهنا يقدر وجود أكثر من مليون وحدة سكنية معروضة للبيع دون وجود مشترين رغم انخفاض الأسعار بأكثر من 40% وبسبب الرهن العقاري المستمرة منذ أكثر من ثلاث سنوات فقد نحو نصف مليون أسباني وظائفهم في قطاع البناء والتشييد، لكن رغم الأزمة فقد استطاع قطاع السياحة الأسباني المتماسك والذي يحتل المرتبة الثالثة عالمياً استطاع تقليص نسبة البطالة في فصل الصيف بتوفير فرص عمل مؤقتة للشباب الأسباني لكن تبقى المشكلة أكبر وأعمق من أية حلول مؤقتة، أما المشكلة الأعم فهي أن الأزمة المالية الأوروبية أعادت أحزاب اليمين إلى كراسي الحكم في عدة دول أوروبية من بينها إسبانيا وهي مشكلة لها رأسان فهذه الأحزاب سوف تتخذ إجراءات أكثر تشدداً مع المهاجرين ومن بينهم عرب والمشكلة الأخرى أن هذه الأحزاب تفكر دائماً بطريقة قطرية وسوف تتخذ إجراءات أكثر ذاتية دون تنسيق أوسع مع باقي دول الاتحاد الأوروبي وهو ما قد يهدد وحدة ذلك الاتحاد. مشاهدينا أهلاً بكم مرة أخرى إلى هذه الحلقة الجديدة من الاقتصاد والناس والتي نقدمها من العاصمة الإسبانية مدريد.

[نص مكتوب]

خطة التقشف الأسبانية: تعد الأكبر في تاريخ البلاد مع تنامي العجز المالي، ترفع الضرائب على الدخل والأملاك وتوقف التوظيف، تهدف لتوفير 9 مليارات يورو خلال 3 أشهر.

أحمد بشتو: أنت صاحب شركة صغيرة في قطاع البناء والتشييد قل لي ما الذي يعني أزمة في قطاع العقارات الإسبانية الآن؟

مقاول بناء: أنا صاحب شركة صغيرة وأعمل في قطاع البناء من سنوات طويلة حالياً نمر بأزمة خانقة، فالبنوك لا تقرضنا لتسهيل أعمالنا وعملاؤنا لا يعطوننا كامل مستحقاتنا، نطلب من الحكومة والبنوك أن يسهلوا لنا الأمر، لقد مررت شخصياً بعدة أزمات لكنني أعتقد أن الأزمة الحالية هي الأصعب.

أحمد بشتو: إسبانيا تعثرت اقتصادياً أكثر من الآن واحتاجت دعماً من الاتحاد الأوروبي، هل تعتقد أن الاتحاد سيدعمها أم سيكون مشغولاً بمشاكله الداخلية كل دولة على حدا؟

مواطن أسباني: الاتحاد الأوروبي وضع ثقته في الحكومة الإسبانية أعتقد أن على كل دولة تعيش أزمة مثلنا ومثل اليونان أن تعتمد على طاقتها وجهدها للخروج من الأزمة وأيضاً بمساعدة الاتحاد الأوروبي أعتقد أن أوروبا لن تتخلى عن إسبانيا.

أحمد بشتو: كمهاجر فنزويلي في ظل حكومة إسبانية يمينية هل لديك أمل أن تجد عملاً في ظل هذه البطالة الواسعة في إسبانيا؟

مهاجر فنزويلي: الحالة الاقتصادية صعبة للغاية والبطالة تزداد، أتمنى من الحكومة الجديدة أن تتولى الأزمة، أنا بلا عمل منذ أشهر ولا أتقاضى أي مساعدة من الحكومة لدي طفل وأعتمد على عمل زوجتي.

أحمد بشتو: الأحزاب اليمينية ومنها الحزب الشعبي الحاكم الآن في إسبانيا متهمة دائماً تتحرك بشكل محدود داخلي فقط لم تنسق مع باقي دول الاتحاد الأوروبي في الأزمة هل هذا ما سيحدث من الحزب الشعبي الآن؟

مواطنة إسبانية: الحزب الشعبي اليميني وخلافاً لعقيدته سيزيد التعاون مع باقي دول أوروبا للخروج من الأزمة فالحزب الشعبي وحكومته يعلمان أن الأزمة والانكماش الاقتصادي ليس في صالحهما.

أحمد بشتو: لكن ماريانو راخوي رئيس الوزراء الجديد قال أنه جاء فقط لمصلحة الأسبان وأنه سيحكم فقط لمصلحتهم معنى ذلك أن المهاجرين لن يكونوا في حساباته؟

مواطنة إسبانية: أعتقد أن حزب ماريانو راخوي سيحكم لصالح كل من يعيش على الأرض إسبانيا ومنهم المهاجرون الذين بذلوا جهداً كبيراً لصالح إسبانيا.

أحمد بشتو: إجراءات حطة التقشف الإسبانية تعني خفضاً في الرواتب وخفضاً في معاشات التقاعد ورفعاً في سن التقاعد، أنت كيف ترى المستقبل؟

مواطن إسباني: أرى أن خفض الرواتب في القطاع الحكومي وتجميد المعاشات كلن ضرورياً في الحكومات السابقة، لكننا نأمل من الحكومة الجديدة ألا تخفض الراتب أكثر نأمل أن يحسن ظروفنا المعيشية.

أحمد بشتو: أنت كمهندس وصاحب شركة عقارية كيف يبدو واقع القطاع العقاري الآن في أسبانيا؟

مهندس وصاحب شركة عقارية: هناك كثير من البنايات والمشاريع مغلقة ومعلقة لأن أصحابها غير قادرين على إتمامها كل يوم وكل أسبوع وكل شهر هناك شركة عقارية تغلق والسبب أن البنوك منحت قروضاً بنكية لمدد تصل إلى أربعين سنة أي أن سداد الدين يمتد من الآباء إلى الأبناء، مع استفحال المشكلة الاقتصادية صار الكثيرون بلا عمل وأصبحوا غير قادرين على سداد الديون، البنوك أيضاً صارت في أزمة.

الحكومة الإسبانية وإدارة الأزمة

أحمد بشتو: السيد خوسيه رئيس معهد الدراسات الاقتصادية الإسبانية، هل إسبانيا قادرة على سداد ديونها، أم يمكن يوماً ما أن تعلن إفلاسها؟

خوسيه لويس فايتو: بدون أدنى شك فدول كإسبانيا لديها ديون كثيرة وفوائد تلك الديون ارتفعت بشكل كبير وشكلت عجزاً في الموازنة، الديون بالنسبة للدول الأوروبية عموماً تشكل تهديداً بإلغاء عملة اليورو أو تدميرها وإذا أخذنا بعين الاعتبار حجم الفوائد الناجمة عن الديون نرى من وجهة نظرنا في مركز الدراسات الاقتصادية أن إسبانيا قادرة على سداد ديونها دون متاعب رغم ارتفاع نسبة الفائدة.

أحمد بشتو: إذن برأيك إلى أين تتجه الأزمة؟

خوسيه لويس فايتو: إسبانيا عليها التحرك بسرعة في ثلاثة محاور رئيسية أولها تطهير كامل للنظام المصرفي وثانياً إصلاحات واسعة في قطاعات العمل وثالثاً مواصلة وضع الإجراءات المتعلقة بالحد من العجز المالي وهذا ما نطالب الحكومة الحالية به لاتخاذ اللازم بالسرعة الممكنة من أجل تحقيق التوازن للخروج من الأزمة.

أحمد بشتو: لكن الاقتصاد الإسباني في الأساس هو اقتصاد خدماتي يقوم على قطاع العقارات، البنوك، السياحة وما إلى ذلك، معنى ذلك أن احتمالية حدوث مشكلة جديدة أمر وارد يعني هل الاقتصاد الإسباني في حاجة لإعادة هيكلة؟

خوسيه لويس فايتو: إسبانيا لديها قطاع حيوي جداً وقابل للرواج دوماً هو قطاع السياحة وبدون أدنى شك فإسبانيا تعد من الأقوى عالمياً على صعيد السياحة فعائدات قطاع السياحة تساهم بشكل كبير في الحد من العجز المالي، وعلى صعيد آخر هناك قطاعات اقتصادية أخرى شهدت نمواً خلال السنوات الأخيرة بشكل سريع جداً كقطاع النسيج والزراعة ومنتجات الألبان بالموازاة مع نمو قطاعات صناعية أخرى كقطاع السيارات.

أحمد بشتو: رئيس الوزراء الإسباني ماريانو راخوي عرض النموذج الألماني بتقليل عدد ساعات العمل مقابل عدم تسريح عمالة وتقليل الأجر هل هذا النموذج ممكن خاصة مع الحديث مع احتمال تسريح حوالي نصف مليون إسباني جديد؟

خوسيه لويس فايتو: الواقع أن على القطاع الحكومي في إسبانيا أن يقلص عدد الموظفين فهناك ما بين 200 ألف و500 ألف موظف يمكن تسريحهم هذا التقليص حتمي وعلى صعيد آخر فالحكومة مطالبة بإجراء إصلاحات على صعيد التوظيف لتوفير عقود عمل للشباب العاطل تختلف عن العقود الراهنة لذلك يجب إيجاد صيغة من أجل تقليص حجم البطالة في البلاد.

أحمد بشتو: في النهاية كم من الوقت على الناس في إسبانيا تحمل الأزمة يعني ما آفاق حل الأزمة متى يمكن أن تحل؟

خوسيه لويس فايتو: لدينا جانبان: الأول يتعلق بمنطقة اليورو وكيفية معالجة الأزمة بشكل جماعي، والثاني: يتعلق بخطط العمل والإصلاحات التي تنوي الحكومة الإسبانية وضعها، بالنسبة لمنطقة اليورو وحتى الآن لم نصل لحل نهائي للأزمة وفي حال تم حلها فستكون إصلاحات سوق العمل في إسبانيا أسرع، وأعتقد أن بلدنا سيخرج من الأزمة في غضون أقل من سنة وسيبدأ اقتصادنا في إرسال إشارات إيجابية لذلك فإصلاح الأزمة الإسبانية المالية مرتبط بمدى قدرة منطقة اليورو على حل أزمتها.

أحمد بشتو: السيد خوسيه لويس فايتو رئيس معهد الدراسات الاقتصادية الإسبانية شكراً جزيلاً لك.

خوسيه لويس فايتو: Muchas gracias.

أحمد بشتو: هذا تمثال تذكاري لكريستوفر كولومبس مكتشف الأمريكيتين وفي الشارع المجاور يقع مقر الحزب الشعبي الممسك الآن بزمام السلطة هنا، هذا شخص اكتشف أرض مليئة بالثروات وذلك حزب يبحث الآن عن طريقة للسير في أرض مليئة بالألغام الاقتصادية وبينهما شعب إسباني لن يعيش سنوات مقبلة سهلة، تقبلوا أفضل التحية من مخرج البرنامج صائب غازي ومني أحمد بشتو من العاصمة الإسبانية مدريد لكم التحية وإلى اللقاء.