صورة عامة من الاقتصاد والناس
الاقتصاد والناس

الدعم الحكومي

تتناول الحلقة الاتجاه الحكومي لدى بعض الدول العربية لرفع الدعم الحكومي عن السلع، وتتساءل: هل الدعم الذي تقدمه الحكومات العربية لشعوبها منة أم فرض؟

– إعادة توزيع الدعم في سوريا
– رفع تدريجي وقرارات مرافقة داعمة للمواطن
– حوار مجتمعي في مصر حول الدعم
– إجراءات لتحديد مستحقي الدعم


undefinedأحمد بشتو
: مشاهدينا أهلاً بكم إلى حلقة جديدة من الاقتصاد والناس. هل الدعم الذي تقدمه الحكومات العربية لشعوبها منة أم فرض وواجب؟ وماذا يعني تقليل الدعم لملايين الفقراء العرب؟ وما معنى أن تخصص الدول الكبرى نسباً كبيرة من موازناتها لدعم السلع لشعوبها بينما تسعى الدول العربية لتقليله وربما لإلغائه؟ فالولايات المتحدة مثلاً تخصص 61% من موازنتها للدعم، أما فرنسا فتخصص 58%، أما الدول العربية ومنذ بدأت تقديم الدعم وهي حائرة في إيجاد إجابة عن تساؤل خالد، عن كيفية إيصال الدعم لمستحقيه، وتنظر بنصف عين وبأذنين من طين وعجين لمظاهرات الناس في اليمن والأردن التي تشكو من التهاب الأسعار، نافضة يدها عن عبء دعمهم. هل يمكن للناس الاستمرار في تحمل أعباء ارتفاع الأسعار العالمية بدون مساندة حكومية؟ تساؤلات كثيرة في حلقتنا والتي من خلالها نتابع:

– سوريا من أبرز الدول التي تدعم عدداً من السلع الرئيسية في سوقها، تتجه تدريجياً اليوم إلى رفع الدعم الحكومي عن عدد من تلك السلع.

– الدعم في مصر عيني أم نقدي؟ سؤال لا يزال يبحث عن إجابة.


أحمد بشتو: حلقة لا تتمنى رد القضاء بل تدعو للطف فيه، وتابعونا. دراسة سورية أوضحت أن 56% من الدعم المقدم للمحروقات والمواد الغذائية لا يصل لمستحقيه، لذا رأت الحكومة أن تنتهي من هذا الصداع وبدأت برفع الدعم عن المازوت وبعض المشتقات النفطية لتخفيف العبء عن الموازنة ناسية أن نحو ثلاثة ملايين ونصف المليون أسرة تستخدم المازوت للتدفئة. مراقبون يرون أن دمشق ستبدأ بالمحروقات ثم ستثني بتخفيف وربما برفع الدعم عن رغيف الخبز، ربما للسبب الخالد، الدعم الذي لا يصل لمستحقيه. المعتز بالله حسن يرصد الصورة من قلب دمشق.

[تقرير مسجل]


المعتز بالله حسن: واقع على الأرض، خطة الحكومة السورية رفع الدعم الحكومي تدريجياً عن عدد من السلع الرئيسية في السوق، أسبابها حسب رأي الفريق الاقتصادي متنوعة أبرزها سببان، أولهما تخفيض العجز الناجم عن الفرق بين تكلفة الإنتاج المحلي أو المستورد وبين أسعار البيع في السوق المحلية، وثانيهما أن الدعم يستنزف مئات المليارات من الخزينة الحكومية سنوياً، معظمها بالعملة الصعبة. أحد أبرز السلع التي شملها بدء رفع الدعم الحكومي هي حوامل الطاقة بقسميها الكهرباء والمحروقات.

عبد الله الخطاب/ مدير شركة سادكو للمحروقات: هناك دعم مقداره 33 ليرة سوري تقريباً على كل لتر، فإذا كان هنا عنا عشرة مليار لتر الاستهلاك المتوقع فراح يكون عنّا تقريباً دعم حوالي 330 مليار ليرة سوري. طبعاً هذا على المازوت المنتج محلياً والمازوت المستورد.

أيمن القحف/ صحفي اقتصادي: الحصيلة المتأتية من إعادة توزيع الدعم ستعاد بالكامل للشرائح التي تستحق الدعم، وهي الموظفين والمتقاعدين والعمال الزراعيين والفلاحين.


المعتز بالله حسن: ورغم الرأي الحكومي القائل بأهمية هذه الخطوة على الصعيد الاقتصادي الوطني كونها ستساهم في إعادة توزيع الدعم على مستحقيه وتخفيف المخاطر التي تهدد توازنات المؤسسات الاقتصادية، إضافة إلى إسهامها في زيادة القدرة على تنفيذ خطة خماسية، إلا أن البعض يرى أن هذا القرار سيحمل نتائج سلبية على أرض الواقع فيما لو أخذ بالاعتبار أن رفع الدعم عن سلعة كالمازوت يمكن أن يرفع معه أسعار كل ما تدخل هذه المادة في عملية إنتاجه.

د. نبيل مرزوق/ خبير اقتصادي: ارتفعت الأسعار بمجرد رفع سعر الطاقة الكهربائية والحديث عن زيادة أسعار بعض المشتقات ارتفعت الأسعار بأكثر من 50% على مجمل السلع خلال الأشهر الماضية. وهذه الأسعار الجديدة سوف تشكل عائق على التنمية وعائق على الإنتاج بشكل كبير.


المعتز بالله حسن: البعض يرى أن رفع الدعم الحكومي يأتي ليزيد الطين بلة، في وقت كان ينتظر فيه الشارع تحسن الأوضاع المعيشية المتردية برأيه، من خلال زيادة الأجور وكبح جماح الأسعار. سلع أساسية كالماء والكهرباء والمحروقات تدخل في جميع مجالات الحياة. رغيف الخبز هذا موضع جدل اليوم، الحكومة تقول أن رفع الدعم الحكومي لن يشمله، وكثيرون يقولون أن مجرد رفع الدعم الحكومي عن سلعة أساسية كالمحروقات لن تكتفي برفع سعر هذا الرغيف، بل ستطلق صعوداً جميع ما يمكنك أن تتناول معه. المعتز بالله حسن، الجزيرة، دمشق.

[نهاية التقرير المسجل]

إعادة توزيع الدعم في سوريا


أحمد بشتو: نرحب بضيفنا من دمشق الدكتور محمد الحسين وزير المالية السوري. سيد الوزير، يعني هناك تقرير حكومي صدر العام الماضي حذر من تأثير رفع الدعم عن سلع أساسية على الأمن الاجتماعي في سوريا، رغم ذلك قطار رفع الدعم بدأ بالتحرك، وربما تكون المحطة القادمة في شهر فبراير أو مارس. برأيك هل هذا صحيح؟

"
الحكومة السورية لا تفكر في رفع الدعم أو إلغائه خاصة على المشتقات النفطية، وإنما تفكر في إعادة توزيع هذا الدعم بطريقة يصل من خلالها إلى المواطن السوري مباشرة
"
محمد الحسين

محمد الحسين: يا سيدي، فيما يتعلق بمقولة رفع الدعم التي يتم تداولها، في الحقيقة الحكومة السورية لا تفكر برفع الدعم أو إلغاؤه، وإنما الحكومة السورية ما تفكر به هو إعادة توزيع لهذا الدعم بطريقة تصل من خلالها إلى المواطن السوري، دعم مباشر للمواطن السوري وليس عبر الأسلوب المتبع حالياً، لذلك ليس مطروحاً لدى الحكومة أنها تقوم بإلغاء الدعم. نحن ندرك بأن عملية تحرير أسعار المشتقات النفطية بشكل تدريجي، طبعاً بشكل خاص المشتقات النفطية، سيكون لذلك انعكاسات، لكن الحكومة تدرك أيضاً هذه الانعكاسات وهذه التأثيرات التي يمكن أن تنجم وبالتالي تستعد لاتخاذ إجراءات يعني أو أساليب للتخفيف من هذه الآثار سواء كان على المستوى الاجتماعي أو على المستوى الاقتصادي.


أحمد بشتو: ما هذه الأساليب السيد الوزير؟

محمد الحسين: سيدي نحن في الحكومة السورية وفي وزارة المالية بشكل خاص الحقيقة، نحن نؤيد وجهة النظر والحقيقة نحن مقتنعين فيها ونحن متفاعلين معها، لأن كل ما سينجم من جراء عملية التحرير التدريجي لأسعار المشتقات النفطية، كل ما سينجم عن ذلك من موارد مالية سينعكس إيجابياً أو سيعاد توزيعه بطريقة صحيحة إلى المواطن السوري وإلى الشعب السوري، وذلك عبر أساليب متعددة. منها على سبيل المثال زيادة الرواتب والأجور وزيادة المعاشات التقاعدية وزيادة أسعار المحاصيل الزراعية….


أحمد بشتو (مقاطعاً): طيب السيد الوزير، هناك عجز في الموازنة السورية العام الماضي بلغ نحو 10% وعجز يعتبر كبير، يعني بتوفير هذا العجز ربما أنتم مضطرون في المقابل لضبط أشياء أخرى، كالتشريعات الاستثمارية، كتقليل التهرب الضريبي، بلا حاجة ربما لتقليل أو تخفيف الدعم المقدم للناس.

محمد الحسين: يا سيدي، هذه المقولة نحن سمعناها وطرحت والحقيقة يعني في هناك حوار في المجتمع السوري، قبل حوالي، بدأ منذ حوالي عدة أشهر الحقيقة حول هذا الموضوع. لكن عملية رفع أو إعادة توزيع الدعم إلى المواطن السوري ليست عملية بديلة لتحسين واقع الاستثمارات أو لتحسين كفاءة الجهاز الضريبي، أو مكافحة التهرب الضريبي أو حتى تهريب المشتقات النفطية إلى خارج الحدود في سوريا. لكن أنت تعلم أو يجب أن يعلم السادة المشاهدين بأن هناك فرق هائل جداً بين أسعار المشتقات النفطية في سوريا وبين الدول المجاورة، يصل في بعض الأحيان إلى 15 ضعف عن ما هو موجود في سوريا. لذلك الحقيقة مع الإجراءات التي قامت بها الحكومة السورية، لكن ما زالت هذه العملية مستمرة، عملية التهريب، وعملية الناس الذين يستفيدون من عملية الدعم بالشكل الحالي، الحقيقة أصبح هذا الأمر يشكل عبء في الواقع، عبء اقتصادي وعبء مالي وحتى عبء اجتماعي، لأن الغني يستفيد أكثر بكثير مما يستفيد الفقير حالياً وفق أسلوب الدعم الموجود حالياً…..


أحمد بشتو (مقاطعاً): طيب سيد الوزير، اسمح لي أن أذهب إلى الشارع السوري أستطلع رأيه حول موضوع الدعم لديه.

[شريط مسجل]

مشارك1: أنا بلاقي مع دعم الدولة للمواطن، لأنه هي تعرف معاناته، هي عرفانة أن هذا الجزء الكبير من شعبها مو قادر أنه يعيش برات الوظيفة أو يعمل عمل حر لحاله، شريحة صغيرة من بلدنا بتمارس العمل الحر هي قادرة أنه تغطي أمورها المادية.

مشارك2: اللي أيده بالمي مو متل اللي أيده بالنار يا أستاذ. طبعاً رفع الدعم عن بعض السلع يؤدي إلى ارتفاع أسعارها، وهالشي يؤدي إلى مشكلة اقتصادية طبعاً، ونحن بنعرف أن المواطن عنّا دخله محدود، والله يعينه حتى يكسب لقمة العيش وهاي الشغلة اللي راكض وراها طبعاً.

مشارك3: الموظف والمدرس سيكون بالنسبه له رفع هذا الدعم كارثة حقيقية، خاصة وأن كثير من المدرسين، وأنا مدرس مثلاً، أعتقد أن هذا الأمر سيكون له نتائج مخيفة على كافة الأصعدة.

مشارك4: ممكن يؤثر على الناس اللي دخلها محدود، وهالشي ممكن يؤثر على كل المنتجات التي بتعتمد على المازوت فرضاً.

[نهاية الشريط المسجل]

رفع تدريجي وقرارات مرافقة داعمة للمواطن


أحمد بشتو: طيب سيد الوزير، هل تؤكد أو تنفي أن تقليل الدعم لن يطال سلعاً أخرى غير المحروقات كالخبز مثلاً؟

محمد الحسين: أنا أؤكد وعبر قناة الجزيرة بأن الخبز ليس وارداً وليس مطروحاً وستبقى الحكومة والدولة السورية تتحمل أعباء الدعم الذي يوجد حالياً أو القائم حالياً في مادة الخبز. لكن اسمح لي، لو سمحت لي يعني فيما يتعلق ببعض الآراء التي تفضلتم بعرضها، هلق نحن فيما يتعلق بالموظف العامل في الدولة فهذه الحقيقة التوجه واضح بأننا سنعمل على زيادة الرواتب وزيادة المعاشات التقاعدية وإلى آخره. لكن فيما يتعلق بالإخوة المواطنين غير العاملين في الدولة، وهنا الحقيقة مكمن المشكلة بحسب رأيي، فلذلك الحكومة تهتم يعني وضعت سيناريوهات مختلفة ستصدر كلها دفعة واحدة عندما يصدر القرار برفع الأسعار تدريجياً. هذه السيناريوهات تتضمن رفع أسعار المحاصيل الزراعية بالنسبة لشرائح الإخوة الفلاحين، تخفيض التكاليف على وسائط النقل العامة وخاصة التي تعمل على مادة المازوت باتجاه تقليل التكاليف على الناس الذين يعملون في هذا القطاع، إحداث صندوق لمكافحة الفقر أو سميناه صندوق المعونة الاجتماعية الذي سينصرف إلى مساعدة الأسر الفقيرة والأسر المحتاجة في المجتمع السوري. فيما يتعلق بالاستثمارات سنقوم أيضاً بإعادة النظر بأي ضرائب أو رسوم يمكن أن تعوض عن أي ارتفاع في التكاليف تلحق في القطاعات…

أحمد بشتو (مقاطعاً): طيب السيد الوزير، هل هناك جداول زمنية ربما لما تفضلت بالحديث عنه؟

محمد الحسين: أنا أستطيع أن أؤكد بأننا لن نصدر أي قرار يتعلق بالرفع التدريجي أو التحرير التدريجي لمشتقات النفط إلا متزامناً مع هذه الحزمة من القرارات. أنا أؤكد لك بأن الحكومة السورية هذا ما تفكر فيه وهذا ما تحضر له، لحين الوقت المناسب لاتخاذ هذه القرارات دفعة واحدة.


أحمد بشتو: لكن سيد الوزير، يعني ربما البعض يتحدث عن توقيت سيء لرفع أسعار المازوت الآن وربما في شهر فبراير أو مارس المقبلين، ونحن في فصل الشتاء وهناك ملايين الأسر في سوريا تستخدمه للتدفئة.

محمد الحسين: اسمح لي أيضاً أنا عبر هذه النقطة أن أقول بأن ما تفكر فيه الحكومة السورية بأنها ستبقي جزء من مخصصات، من احتياجات الأسر السورية، نحن ندرك بأن هناك، يعني الحكومة السورية طبعاً من خلال الدراسة، تدرك بأن هناك حوالي 45 % من استهلاك مادة المازوت يذهب للاستهلاك المنزلي، لذلك الحكومة السورية من بين الخيارات أو من بين القرارات التي ستصدر الحقيقة تخصيص كمية كافية للأسرة السورية لاستهلاكها من مادة المازوت بأسعار مدعومة، ستبقى هناك مخصصات لكل أسرة سورية تسلم لها مرتين في العام للاستهلاك المنزلي وبشكل يكفي حوالي، يعني وفق دراسة، أثبتت لدينا بأن هناك 80% من الشعب السوري يستهلك حوالي ألف لتر مازوت، لذلك الحكومة السورية تتجه إلى تخصيص كمية محددة للأسر السورية تكفيها لاستهلاكها المنزلي.


أحمد بشتو: طيب السيد الوزير، هل معنى ذلك أنكم حددتم بالفعل مستحقي الدعم في سوريا، الفقراء أو الأغنياء؟

محمد الحسين: نحن يعني بشكل واضح أريد أن أقول بأننا في البداية حالياً سيكون التخصيص فيما يتعلق بمادة المازوت المباعة بأسعار مدعومة سيتم تخصيص كامل الشعب السوري، لكن هذا الأمر ستعقبه لاحقاً في مراحل لاحقة دراسات تميز الحقيقة، تفرز بين من يستحق الدعم ومن لا يستحق الدعم، عند ذلك سنأخذ ممن لا يستحق ونزيد لمن يستحق، لكن في البداية سيكون القرار يعني تخصيص إعانة أو تخصيص مخصصات لكل أسرة سورية، وإلى جانب ذلك كما ذكرت سيكون في هناك صندوق للمعونة الاجتماعية نستطيع من خلاله أن نساعد الأسر الفقيرة، في مرحلة قادمة سنأخذ من الأغنياء كما يسمى في بعض الأحيان أو كما يطلق عليهم لصالح الفقراء ونزيد المخصصات الموجهة للأسر الفقيرة.


أحمد بشتو: شكراً لك سيادة الوزير، وسنظل عند وعدك بأن لا سلع أخرى سيطالها تقليل الدعم في سوريا أشكرك جزيل الشكر..

محمد الحسين (مقاطعاً): اسمح لي، اسمح لي..


أحمد بشتو (متابعاً): الدكتور محمد الحسين وزير المالية السوري حدثنا من دمشق….. بعد الفاصل، في مصر الدعم يتحول إلى تاريخ بالتدريج. وتابعونا.

[فاصل إعلاني]


أحمد بشتو: قبل نهاية العام الماضي أجّل رئيس الوزراء المصري الدكتور أحمد نظيف قراراً سابقاً بتحويل الدعم السلعي إلى نقدي إلى ما بعد حوار مجتمعي، يناقش مشكلة الدعم. القاهرة في هذا تحاول توفير حوالي 15 مليار جنيه من إجمالي 59 مليار جنيه وصل إليها حجم الدعم الحكومي العام الماضي. وفي مصر، التي قدرت منظمات دولية نسبة الفقر فيها بـ 40%، والتي شهدت العام الماضي وحده نحو 500 حركة احتجاجية بسبب الغلاء، رصد فيها مركز حكومي أن 69% من المصريين يرون أن الدعم لا يصل لمستحقيه. الدعم قصة مصرية يرويها محمد البلك من القاهرة.

[تقرير مسجل]


محمد البلك: فجأة وبلا مقدمات تفجرت قضية الدعم في مصر بعد تصريحات متضاربة من مسؤولي الحكومة والحزب الوطني. الارتباك في الساحة الاقتصادية جاء من الأطروحات الجديدة التي تدعو إلى تحويل الدعم العيني إلى دعم نقدي. الارتباك أدى إلى خوف قطاع عريض من الشعب المصري، خاصة وأن 40% من السكان يعيشون بأقل من دولارين يومياً.

مشاركة1: إحنا مش لاقيين أي حاجة أساساً. كل حاجة زايدة، كل حاجة.. حتى التموين مش لاقينه. وكيلو الرز، إحنا ناس فقرا نهارنا بنجيب كيلو رز ما بقديناش، حنعمل إيه يعني؟ ومعنا أطفال عايزة تروح مدارس وعايزة تأكل وعايزة تشرب، مش عارفين نعيش بمرتباتنا حتى.

مشارك2: ما فيش حاجة اسمها أنه هم يشيلوا الدعم، علشان لو شالوا الدعم ده، الشعب ده يروح للدمار.


محمد البلك: ويدعوا مراقبوا الحكومة المصرية إلى سد الثغرات التي تسهل إهدار مليارات الجنيهات من قيمة الدعم والتي تذهب إلى ما يعرف بالعصابات التي تترصد كل مراحل عملية الدعم العيني للدقيق والسكر والزيت بسبب ضعف أجهزة الرقابة على التموين التي تتراخى في مراقبة عمليات نقل وتهريب الدقيق بين المدن والقرى بصفة يومية.

د. رفعت السعيد/ رئيس حزب التجمع المصري المعارض: كل الموظفين المصريين، كلهم ابتداء من كبار الموظفين وحتى المهن التي يتباهى أصحابها بأنهم يعملون فيها، زي القضاة وأساتذة الجامعة والدبلوماسيين وكل هؤلاء يشترون السلعة والخدمة بالسعر العالمي ويتقاضون الأجر بالعرف المحلي اللي هو بنكلة يعني، وتكون النتيجة أنه نظيره الفرنسي مثلاً يشتري السلعة بذات السعر لكن يحصل على أجر خمسين ضعف.


محمد البلك: ومع إنفاق الحكومة مائة مليار جنيه سنوياً لدعم السلع الأساسية والخدمات للمواطنين في مجالات التعليم والصحة والإسكان والطاقة دعا مسؤولون مصريون إلى حوار مجتمعي تشارك فيه كل الفئات من أحزاب وسياسيين وإعلاميين وخبراء اقتصاد للبحث عن آلية تصل بالدعم إلى مستحقيه من الفقراء، لكن البعض يرى أن الحوار المجتمعي قد يستغرق عدة سنوات. هل تستطيع الحكومة المصرية السيطرة على مقاليد إدارة الدعم؟ أم أنها ستظل تتحدث عن إجراءات حاسمة ضد مافيا الدقيق؟ مشكلات مزمنة تحتاج إلى معجزة لطمأنة الفقراء ببقاء الدعم. محمد البلك، الجزيرة، القاهرة.

[نهاية التقرير المسجل]

حوار مجتمعي في مصر حول الدعم

أحمد بشتو: ومن القاهرة نرحب بالدكتورة يمنى الحماقي رئيسة قسم الاقتصاد في جامعة عين شمس وعضو مجلس الشورى وعضو لجنة السياسات في الحزب الوطني المصري الحاكم. دكتورة يمنى، ما هذا التناقض الواضح في إجراءات الحكومة، تتحدث حوار مجتمعي حول الدعم ثم ترفع أسعار المازوت بنسبة 100%؟

يمنى الحماقي: في الحقيقة لا يوجد أي تناقض. ما أثير في بداية الحديث عن الدعم هو أننا نحتاج إلى حوار مجتمعي نتحدث فيه عن أموال كثيرة جداً بتنفق في الدعم ولها تأثيرات على الاقتصاد ولكنها لا تذهب إلى مستحقيها. بمعنى أننا عندما نتحدث عن رغيف الخبز، وصل الدعم أو سيصل بعد ارتفاع أسعار القمح إلى 15 مليار جنيه، الطاقة سيصل الدعم فيها إلى 59 مليار جنيه، بعد الارتفاعات المتوالية في أسعار الطاقة….


أحمد بشتو (مقاطعاً): طيب، دكتورة يمنى، لنكن مرتبين أكثر. يعني الحكومة تحدثت عن حوار مجتمعي ثم تبدأ بعده إجراءات تحريك الأسعار، رفع الدعم، تقليله، أو إلى آخره. الآن تحركت عكس ما قالت.

"
قبل الحديث عن رفع الدعم عن السلع يجب تحديد الطبقات التي تحتاج إلى الدعم وما السلع التي يجب أن تهتم بها الحكومة، وقد وجدنا أن رغيف الخبز من الأولويات ويجب عدم الاقتراب منه
"
يمنى الحماقي

يمنى الحماقي: لا، لم تتحرك عكس ما قالت. هي في الحقيقة هناك الحوار المجتمعي هدفه الأساسي هو تحديد من هي الطبقات التي تحتاج الدعم وما هي المواد السلعية التي يجب أن نهتم بها كحكومة وكمجتمع مدني. ما حدث أنه في الحوار المجتمعي في الفترة الماضية تم التركيز على أن رغيف الخبز هو من الأولويات الأساسية التي لا يجب الاقتراب منها، وفي هذا الإطار الحوار المجتمعي أظهر هذه الحقيقة الهامة، أهمية أن رغيف الخبز لا يجب أن يمسه أي شيء فيما يتعلق بالفترة القصيرة، وبالتالي بناء على ذلك بدأ تحرك الحكومة.


أحمد بشتو (مقاطعاً): لكن دكتورة يمنى، رغيف الخبز يدخل في مكونات إنتاجه المازوت الذي ارتفعت أسعاره بنسبة 100 %، تناقض أيضاً.

يمنى الحماقي: لا، لا يوجد تناقض. هو في الحقيقة رغيف الخبز التوجه فيه هو أننا بدأت الحكومة تهتم بفصل الإنتاج عن التوزيع، بدأت في تقديم الخدمة بشكل يشعر به المواطنين الأكثر احتياجاً إلى رغيف الخبز. وهنا تم تجربة هذه الطريقة في العديد من المناطق في القاهرة وأثبتت أنها تجربة جديرة بأنها يتم تعميمها على محافظات الجمهورية. فهنا القضية الخاصة بالخبز، هي قضية حسمت في أننا مهم جداً أن نحارب كل أوجه التسريب للدقيق ونبتدي نوفر الخبز بالكميات وبالجودة المطلوبة. نفس هذا حدث بالنسبة للسلع التموينية…


أحمد بشتو (مقاطعاً): طيب، دكتورة يمنى، قضية رغيف الخبز حُسمت في رأيك أنت وأنا أحترم هذا الرأي. دعينا نذهب إلى الشارع المصري وعينة من آرائه حول الدعم.

[شريط مسجل]

مشارك1: لو نقدي وحيوصل لمستحقيه ماشي، أما هو أصلاً دلوقت عيني وما بيوصلش لمستحقيه.

مشارك2: النهارده يعتبر اللي بيتقاضى مرتب 800 جنيه في هذا الوقت ومع ارتفاع الأسعار، ده يعتبر معدوم الدخل مش محدود الدخل.

مشارك3: الدعم إذا وصل للي هو يستحقه، يبقى المسؤولين وصلوا إلى درجة الإيه؟ درجة أعلى من النضوج الفكري. لكن إذا وصل الدعم لكل الحرامية واللصوص ما يبقاش دعم.

مشارك4: لازم يبقى في خوف من ربنا سبحانه وتعالى عالدعم، علشان لا مؤاخذة إحنا ما بنقولش حاجة إحنا عايزين رغيف العيش، أكتر من كده مش عايزين.

مشاركة5: في حاجات كتيرة أوي اتشال من عليها الدعم، فطبعاً ارتفعت الأسعار بطريقة جنونية يعني، أنا مش عايزة أقول أمثلة عن الأسعار لأنه بحكم أنه أنا ست بيت وبنزل السوق وبنزل السوبر ماركت فالفرق كبير جداً يعني.

[نهاية الشريط المسجل]

إجراءات لتحديد مستحقي الدعم


أحمد بشتو: طيب، دكتورة يمنى كما تابعت هناك رفض تام للمساس بالدعم، مصر شهدت العام الماضي نحو 500 حركة احتجاجية للمطالبة برفع مستوى المعيشة. الآن التلاعب في الدعم سيصب مزيداً من الزيت ربما على النار. هل أنت مع هذا الرأي أيضاً؟

يمنى الحماقي: هو أنا أود أنه كنت أستكمل كلامي في أنه ليس معنى أننا بدأت إجراءات لفصل الإنتاج عن التوزيع في دعم رغيف الخبز وفي تقديمه، أن العملية انتهت. ولكن ما زلنا بنحتاج إلى مزيد من الجهود لتعميم هذه التجربة على المحافظات وللضرب بيد من حديد على من يحاول إساءة استخدام هذه القضية لمصلحته الشخصية ولزيادة مكاسبه، فدي قضية مهمة جداً.


أحمد بشتو (مقاطعاً): طيب، دكتورة يمنى الموضوع ليس عن الخبز وحده ولكن عن سلع إستراتيجية أخرى.

يمنى الحماقي: السلع التموينية. الموضوع الآخر هو السلع التموينية، هناك مجموعة سلع تموينية أيضاً أظهر الحوار المجتمعي أهميتها بالنسبة لميزانية الأسرة وبالنسبة للأسر الأكثر احتياجاً، وبناء على ذلك وجهت الحكومة في بيان رئيس مجلس الوزراء أمام مجلس الشعب إلى أنه كان توقف زيادة الأفراد على البطاقة التموينية كانت توقفت منذ بداية الثمانينات، فأعلن رئيس مجلس الوزراء فتح الباب مرة أخرى للبطاقة التموينية، لزيادة أفراد الأسرة، لأنها كانت توقفت على عدد أفراد الأسرة، ما بيزادش الأفراد الجدد، وفي نفس الوقت هناك عدد كبير من الأفراد لم يكن لديهم الفرصة أنهم يعملوا البطاقة التموينية، فاتفتح الباب لهذا لأهمية السلع التموينية بالنسبة للمواطن المصري وهو ما أظهره أيضاً الحوار المجتمعي أنه إحنا محتاجين أن نهتم بالسلع اللي على البطاقة التموينية لأنها بتمثل مصدر هام للدخل.


أحمد بشتو: دكتورة يعني من مشاكل الدعم في مصر أيضاً فكرة عدم وصوله إلى مستحقيه، الحكومة المصرية أو الحكومات المصرية المتعاقبة منذ ثلاثين عاماً أو أكثر فشلت في تحديد مستحقي الدعم. يعني لماذا؟

يمنى الحماقي: لأن المشكلة في الاقتصاد المصري هو أنه جزء كبير من الاقتصاد المصري هو قطاع غير رسمي، وأيضاً هناك قاعدة البيانات اللي بتؤهل الوصول إلى الفئات الأكثر احتياجاً والأكثر استحقاقاً هي قاعدة غير مستكمَلة بالقدر الكافي للوصول إلى كل الطبقات التي تحتاج إلى الدعم. ولكن في الحقيقة مؤخراً هناك جهد كبير جداً لتغطية هذه المشكلة، فظهرت العديد من الدراسات، منها دراسة للبنك الدولي لتحديد أفقر ألف قرية مصرية، وهنا تم ذلك ليس فقط على مستوى الريف المصري ولكن أيضاً على مستوى العشوائيات الموجودة في القاهرة. وكذلك هناك دراسات تقوم بها وزارة التضامن الاجتماعي.


أحمد بشتو (مقاطعاً): طيب ونتمنى أن تأخذ الحكومة المصرية بهذه الدراسات. سؤال أخير دكتورة يمنى، من فضلك. الحكومة تريد توفير 15 مليار جنيه من الدعم، ألا يمكن أن توفر هذه المبالغ من دعم كبار المصنعين في الحديد مثلاً؟ ألا يمكن توفيرها من دعم الغاز المصدر لإسرائيل؟

"
هناك منتجون حققوا مكاسب كبيرة في الفترة الماضية باستخدام الطاقة المدعومة في صناعة الحديد والإسمنت وغيرها والحكومة ستبدأ تدريجيا في رفع أسعار الطاقة وسيلة لتحصل الإيرادات من المنتجين
"
يمنى الحماقي

يمنى الحماقي: صحيح. هو هذا السؤال سؤال مهم وفي الحقيقة هي الحكومة، أود أن أؤكد على حاجة مهمة جداً، أن الحكومة لم توفر مبالغ الدعم بمعنى أنها ستنقص مبلغ الدعم، ولكن التوجه هو أن مبلغ الدعم سيظل كما هو وربما يزداد ولكن الهدف هو أنه يذهب إلى مستحقيه ونتجنب إساءة استخدامه. القضية الأخرى التي ذكرتها هي قضية هامة، وهي بالطبع أن هناك منتجين حققوا مكاسب كبيرة في الفترة الماضية سواء باستخدام الطاقة اللي هي مدعمة في صناعة الحديد وفي الإسمنت وغيرها، وبدأت الحكومة فعلاً في أنها ستبدأ تدريجياً في رفع أسعار الطاقة اللي بيستخدمها المنتجون وذلك كوسيلة لأنها تحصل منهم على إيرادات يمكن توجيهها إلى المصادر المثلى لها ومنها الدعم.


أحمد بشتو: نعم. أشكرك جزيل الشكر، الدكتورة يمنى الحماقي رئيسة قسم الاقتصاد في جامعة عين شمس وعضو مجلس الشورى المصري. وأرجو أن تختار الحكومة الوقت المناسب لرفع الأسعار، أشكرك دكتورة يمنى… في ختام الحلقة نتمنى أن تجد الحكومات العربية أخيراً من يستحق الدعم ممن لا يستحق. دائماً راسلونا عبر بريدنا الإلكتروني iqtsad@aljazeera.net لكم تحيات مخرج البرنامج صائب غازي، وأطيب تحياتي أحمد بشتو. إلى اللقاء.