توفيق الجبالي / مسرحي تونسي
أوراق ثقافية

توفيق الجبالي والمسرح الجديد

يستضيف البرنامج العلامة البارز في مسيرة المسرح التونسي توفيق الجبالي ليتحدث عن بدايته مع المسرح الجديد

– بدايته مع المسرح الجديد
– تأسيسه للتياترو
– العلاقة مع النص
– مسرحية كلام الليل


undefinedتوفيق الجبالي: العرض المسرحي يؤدي إلى الكشف عن الوعي بدلا من أن يكون نتيجة للوعي.

[تعليق صوتي]

بدايته مع المسرح الجديد

توفيق الجبالي علامة بارزة في مسيرة المسرح التونسي، البداية كانت في منتصف الستينيات مع بيان الأحد عشر قبل أن تشهد مسيرته الفنية الحافلة انطلاقة أخرى في السبعينيات مع جماعة المسرح الجديد ومنذ ذاك الوقت لم يتوقف الجبالي عن الإبداع مجدِّدا ومحلقا في فضاءات التجريب والقطيعة مع السائد دون أن يتخلى يوما عن التفاتاته المتكررة إلى الحدث السياسي والاجتماعي لكن على نحو خلاق جنب مسرحه والسقوط في وهدة المباشرة والأيديولوجية.

توفيق الجبالي: أنتمي إلى هذا الجيل اللي أنا أقوله هنا ما نسميش يمكن يسمى جيل المؤسسين ثم جيل الرواد، على العكس يمكن جيل الرواد ثم مثل اللي أسسوا المسرح الحديث نقصد علي بن عياد وغيره ثم للجيل بتاعنا إحنا اللي فيه محمد إدريس فرحات والشاب رستم و.. إلى آخره، لم أمتهن المسرح بالمعنى التفرغ يعني التام إلا في السنوات الأخيرة أي منذ الثمانينات تقريبا ولكن قبل ذلك كان عندي المهن الأخرى وكنت إذاعي وكنت ممثل إذاعي وكنت صحفي وكاتب و.. وهذا اللي صار في السبعينات وكنت أعمل خارج تونس يعني.

[تعليق صوتي]

من بلاد الاغتراب عادوا وكانت المبادرة من مبدع وكاتب كبير وهو محمود المسعدي، آنذاك أي في منتصف السبعينيات عاد الجبالي وصحبه من مسرحيين توانسة يعملون ويبدعون في الخارج إلى بلادهم وكانت تجربة المسرح الجديد في ظرف سياسي وثقافي خصب عاشته تونس، تجربة ما يزال مؤسسوها يتصدرون المشهد المسرحي التونسي إلى أيامنا هذه.

توفيق الجبالي: بيان الأحد عشر هذا وقع الإعلان عنه.. هو بيان ينظر في أمور المسرح ويعني تفلسف شوية في ذلك الوقت يعني أكبر من طاقته لكن خطابات كان (كلمة غير مفهومة) وكان المسرح الطليعي والمسرح التعليمي والمسرح التبشيري، فكانوا مجموعة من المسرحيين متأثرين بهالسياق الفكري هذا وقاموا بتحرير بيان اسمه بيان الـ 11 وما يعرفهوش الكثير من المسرحيين اللي هو عام 1965 كان آنذاك علي بن عياد كان هو متصدر الساحة المسرحية وكان الاعتبار أنه علي بن عياد يمثل المسرح طبقيا يعني المسرح الرسمي البرجوازي، فوقعت ردة فعل بالنسبة إلى المسرح إنه (عطل فني) وفيها نوع من الحزن فيها نوع من الغيرة كذلك وكان من بين أهم الممضين على هذا البيان والمحررين له ناصف سويسي وفرو شوشان وشخصيا أنا كنت مساهم في هذا، اللي صار إنه المسرح الجديد هي مجموعة متعاطفين مع بعدهم المكونين لهذا المشروع ولكن غير متجانسين في.. لا في المزاج ولا في يمكن التجربة.. يعني الأفاق بتاع الناس ها دول اللي هم كانوا أصدقاء وأنا كنت من ضمنهم ما كانوش متجانسين فوقعت نواة الصلبة إحنا نقول، بدأت نشأت من هذه المجموعة ثم تفرقت إلى مجموعات أخرى كانت رجاء بن عمار موجودة وغادرت المجموعة، توفيق الجبالي كان ضمن المجموعة ثم خرج من المجموعة ولاحقا خرج محمد إدريس وإلى آخره ولاحقا الجزيري فهذا من كلهم عندهم الأمزجة بتاعهم وعندهم.. ومن حسن الحظ فتكونت مجموعات من جراء خرجت من ها النواة الصلبة ها دية.

[تعليق صوتي]

تأسيسه للتياترو

التياترو اليوم هو المحطة الأخيرة والمرحلة الأبرز في حياة الجبالي، فضاء مسرحي حر وملتقى لكل الفنون، فيه حقق توفيق الجبالي حلمه كمسرحي محوِّلا إياه إلى مختبر للهواجس والتجريب وإلى فسحة حرية لا سلطان فيها على المبدع سوى تشوقاته لمسرح حديث يتطلع نحو الأجمل والأبهى.

توفيق الجبالي: أنا قلت كل تأسيس التياترو عبارة عن يعني هو شر لابد منه وهذه كان نلقى صياغة أحسن من هذه ننقلها في الكلام.. في الوقت الحاضر شر لابد منه، بمعنى أنه مسألة إيجابية أنه الإنسان يكون عنده فضاء مسرحي يتحكم هو في آلياته ونجم يبني فيه علاقات متواصلة مع الجمهور أو مع الرواد أو مع المستفيدين اللي هم الخياليين لهذا الفن المسرحي ولكن في نفس الوقت عبء التصرف في هذا الفضاء يعني يأخذ الكثير من الجهد والكثير من الطاقة اللي هي كان ممكن تكون في ظروف أهم، فهذا الفضاء تأسَّس نتيجة سلبية وضع ثقافي ما تأسسش بالاختيار.. مش لأنه هذا توجهنا أنا مثلا أمنيتي أن لا أتصرف في المسرح ولكن جاء المسرح هذا اللي إحنا عملناه عن طريق الصدفة، حتى هو يعتبر نفسه الآن فضاء رائد مثلا ولكن هذا يسعدنا إن هو رائد ولكن تكلفة هذه الريادة شوية يعني غالية تكلفنا. تأسس فضاء التياترو منذ سنة 1987 إلى اليوم يعني هذا الموسم الثامن عشر وإلى حد الآن ما زلنا ما نعرفوش ما هو سر بقائنا في هذا الفضاء إلى هذا اليوم.

[تعليق صوتي]

العلاقة مع النص

شكسبير، برشت، جان جينيه، جبران خليل جبران وغيرهم نصوصهم تحولت في مسرحه إلى غيرها، لم تكن سوى الشرارة والعلامة في جدل خلاق بينه وبين نصوص كبار الكتاب في العالم. ليس المهم هو القول بل الرؤية ذاهبا إلى المسرح بشروطه وأدواته، عائدا منه متخففا من الأدبي والمقولات الجاهزة التي أودت بتجارب مسرحية كثيرة وقعت تحت هيمنة النص ولم تضف إليه شيئا.

توفيق الجبالي: التعامل مع النص المسرحي الحديث اليوم هو بده مفتوح، المسرح الحديث.. المسرح الحديث العصري ولا التفكير العصري ما عدش عنده.. يعني غير مغلق على المفاهيم مفتوح في المفاهيم، تقول لي النص قلت لا سلطة للنص على.. هو مسرح فإحنا قعدنا مأسورين بالنص ولا بالمقولة، المقولة هي نص وغير نص والمقولة هي تكون لا حتى في المقولة.. هناك مقولة بطبيعتها غير المشعوذين اللي يأخذوا هذا كله ويعملوا به ألعاب سحرية وغيره.

[فاصل إعلاني]

توفيق الجبالي: أنا لما نمشي إلى مؤلف ما نمشيش للمؤلف أو مثلا.. يعني بكل تواضع شكسبير بأعتبر نفسي أنا شكسبيري أو مخرج شكسبيري، أنا ألقيت نقاط التقاء ومشاركة ينجر عنه عمل مسرحي، جان جينيه التوجه إلى جان جينيه يظهر لي أنه هو يمهد إلى فكرة لو أنا باستطاعتي لا أستطيع أن أنقلها بمفردي، فعن طريقه هو ربما بنينا خط ذهني يحاول يقول شيء ما جديد عن المأساة الفلسطينية جان جينيه أزمته في أنه يريد التخلص من وطنه، عنده وطن يريد التخلص منه والفلسطينيين عندهم وطنهم يحبوا يسترجعوه، فها العلاقة الجدلية هذه اللي خلقت خطاب آخر جديد أمكن قوله عن المأساة الفلسطينية، نتصور هذا يمكن ما قلت لك شكسبير عطيل لما ذهبت إلى عطيل ذهبت إلى فكرة استعمال القوة لمنع الفعل يعني الاضطهاد والقمع كله يعطي الصورة العامة عند الناس اللي هو عقاب عن الفعل ثم اضطهاد آخر اللي هو أشد قسوة وأشد عنف هو منع الفعل، عطيل منع الفعل وعاقب نتايجه، فهذه الخطورة اللي حسيت بها لابد أن الواحد يصيغها من خلال هذا الأثر الأدبي والمسرحي لشكسبير، فهذه هي العلاقة يمكن بنص الآخر.

[تعليق صوتي]

مسرحية كلام الليل

كلام الليل فرجته الأوسع شهرة الحدث ارتباط بالحدث السياسي والاجتماعي وانفصال عنه في الوقت ذاته، إعلاء للجسد والكلمة على خشبة المسرح وللحركة وللماء وهي لعبته الأثيرة، معيدا الاعتبار لأكثر عناصر المسرح تقشفا وعطاء في سلسلة مسرحيات تحمل نفس العنوان وتتنوع في السياق الواحد دون أن تتشابه أو تتناسخ أو تدفع المشاهد إلى الملل، لعب جميل وبهلوانيات تقتل الكلمة لتبعثها من جديد في قالب ساخر يستمد من الليل سواده وبوحه.

توفيق الجبالي: كلام الليل بدأت تجربة مسرحية هامشية يجب نقول، يعني جاءت في وقت غير منتظر، بدأت التجربة عام 1989 حبيت أنا أتطرق إلى موضوع الفرجة يعني المتفجرة في جوانبها المسرحية، أنا حبيت نخرج عن البنية المسرحية المتداولة، المسرح الميت هو المسرح اللي يتداول بشكل من الأشكال.. ومن الأسف مسرحنا العربي عموما مسرح ميت أخذ قالب وقعد فيه ومات فيه وهون يعني وهو القالب الغربي، فقلت كلام الليل تجربة هات نعملوها تجربة حرة في شكلها وتجربة حرة في.. ربما التعامل مع المسألة النصية والمسألة البصرية والمسألة الموسيقية، فأوقع أحداث أحدثنا مثل الرجة لدى الجمهور عندما قدمناه لأول مرة على المسرح هنا في هذا المسرح، قيل فيها ما قيل، قيل هذيان وهذر وتخريف ومسرح غربي ومسرح النخبة و.. كل ما هو متعود أنه يقال على أي شيء جديد، الإقبال الجماهيري يعني كان جاء على مراحل ما جاش في البداية وقلت لك وقع تكفيرها وهذا شيء طبيعي وإحنا كل الأجهزة الصحفية والفكرية والنقدية حاضرة بس تكفّر أي شيء خارج على العرف ولكن بفضل أو رغم التلفزة التونسية وجاءت بدون قصد المسألة لأنه هي كانت تذيع بعض الفقرات من هذا العمل لأنه إحنا لما استمرينا في تقديم العمل من عام 1989 إلى غاية عام.. يعني سنة 1995 أو قدمنا أعمال يعني عشرة أعمال من هذه السلسلة، هي سلسلة ولكن مستقلة عن بعضها فكل عمل هو مستقل في معناه وفي شكله وإلى آخره فهذا أعطي شوية بشوية ريادة للعمل لا سيما وأنه في حرب الخليج الأولى إحنا خصصنا حلقة كاملة للحديث عن هذا الموضوع بأسلوبنا وبتفكيرنا إحنا المسرحي فهذا خلا الناس تقبل على هالعمل.

[خبر عاجل]

توفيق الجبالي: وتتعاطف معه أو تتعاطف معه من أجلها لأنه كانت وضعت نفساني متوتر ووضع هيستيري عام في المجتمع التونسي آنذاك يعني عام 1961 فألقاهم مثل التنفيسة أو شيء مضاد خلاهم يتخلصوا من الورطة اللي وحلوا فيها عن دراية أو عن غير دعاية.. دراية، فأعطى للعمل كل الدفق الجديد الجماهيري وقعدنا أسيري هذا النجاح إلى يوم الناس هذا وأنا عام 1997 قررت الإنهاء من هذا العمل. بالفعل أنا خلفية ما جرى وما يجري في العراق وإحنا نعرفه اللي تقريبا الجموع العربية هي كانت عاطفيا مرتبطة بالنظام العراقي السابق وخاصة بصدام حسين مع اعتقادي يدل لنا أنه في خلل كبير في الوعي التاريخي ويعني الوعي الإنساني للمواطن مع هالمواطن التونسي، ما بلغتش بصفة مباشرة، اكتفيت بجعل نوع من المطابقة بين ما يجري، أخذت إعلانات الفضائيات العربية كلها وركبت عليها بناء مسرحي لا علاقة له بما جرى يعني ليس لم يكن تعليقا مباشرا على الأحداث أو على فكرة الأحداث. يعني الخلفية التاريخية للحرب موجودة ولكن هم أناس.. يعني هذا الإسقاط اللي عمل إسقاط هالموازنات بين أحداث تاريخية صارت وعندها حجمها العاطفي وحجمها الشعوري وبين أحداث تقع داخل المسرح من أناس جايين من.. كما قلت لك من صلب القاعة يعني هم متفرجين وجاؤوا وتدخلوا في بناء عرضي الأخير تقريبا هناك شبه قراءة كما قلت لك هذا مسرح وتلك حضارة وهادول ناس معتادين على المسرح وهناك ناس أيضا معتادين على حضارة وعلى في هذا استغليت فكرة المسرح لأنه بتعرف من بين ما نُهِب في العراق نهب المسرح الوطني العراقي ووقع إفراغه وإفراغ جميع محتوياته وإهانة هذا المَعلم، فأخذت هذه النقطة وبنيت عليها العمل المسرحي كله، فحقيقة الوضع المسرحية لم تكن مباشرة عن حرب العراق ولكن هي تحكي أشياء دون أن تحكي عليها.

[تعليق صوتي]

من الورثة إلى لصوص بغداد، توفيق الجبالي.. مسيرة مبدع يراوح الخطو دوما بين الخشبة والحياة لكن طوقا ما إلى إبداع أجمل يظل يلح كي يمضي الجبالي مدفوعا بهوس إشراكات أخرى.