الواقع العربي

لماذا ترفض فرنسا الاعتذار للجزائر؟

تساءلت حلقة (21/3/2016) من برنامج “الواقع العربي” عن دلالات مشاركة الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند في ذكرى إحياء نهاية الحرب في الجزائر، وهل هي خطوة في اتجاه اعتراف فرنسا بجرائم الاستعمار؟

بقدر ما أثارته من جدل -خاصة داخل فرنسا– تركت مشاركة الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند في ذكرى إحياء نهاية الحرب في الجزائروالتي صادفت تاريخ الـ19 من مارس/آذار الجاري تساؤلات بشأن ما إذا كانت فرنسا تتجه للاعتراف بجرائمها الاستعمارية بالجزائر.     

 

الباحث السياسي في الشؤون العربية الحواس تقيه استبعد -في تصريح لحلقة (21/3/2016) من برنامج "الواقع العربي"- أن تكون مشاركة هولاند في ذكرى وقف إطلاق النار بحرب الجزائر هي خطوة نحو الاعتذار الرسمي من فرنسا، وقال إنها مجرد" اعتراف رمزي" أراد الاشتراكيون استخدامه في السياسة الداخلية من خلال الاستثمار بالجالية الجزائرية في فرنسا.

وأوضح أن هولاند لم يحتفل مع الجزائريين في هذه الذكرى وإنما يحاول أن يظهر أن بلاده "انتصرت" في مثل هذا اليوم، خاصة أن حرب الجزائر تسببت في إسقاط الجمهورية الفرنسية الرابعة وكادت أن تدخل هذا البلد في حرب أهلية داخلية.

ولم يستبعد تقيه أن يكون سبب إحجام فرنسا عن الاعتراف بجرائمها والاعتذار للجزائريين هو خوفها من اضطرارها لدفع تعويضات للشعب الجزائري، مؤكدا أن التعويض من حق الجزائريين، مشيرا إلى فرنسا عوضت سويسرا لأن القائد الفرنسي نابليون بونابرت مر عبر أراضيها وأكل أغنامها، كما أن إيطاليا اعتذرت وعوضت ليبيا عن سنوات الاستعمار.

وانتقد الباحث السياسي موقف الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي القائل إن الاستعمار الفرنسي للجزائر شكل "إضافة حضارية" لهذا البلد، وقال إن اليمين الفرنسي يستثمر الذاكرة الاستعمارية لتحقيق أغراضه، مؤكدا أن الاعتراف والاعتذار يدخلان في صالح البلدين.

المؤرخ الجزائري الدكتور محمد القورصو اتفق مع الحواس، ورأى أن مشاركة هولاند في ذكرى إحياء نهاية الحرب بالجزائر لا تمثل "اعتذارا" للجزائريين، وإنما كانت مجرد خطوة للملمة ذاكرة الفرنسيين التي مزقتها الثورة الجزائرية، كما مزقتها حياتهم السياسية والاجتماعية، ورأى من جهته أن اليمين واليمن المتطرف يتغذيان من هذه القضية.

وذكر القورصو بما قاله ساركوزي عندما كان وزيرا للداخلية، حيث طلب من الجزائريين الدوس على تاريخهم بأقدامهم والنظر إلى مستقبل العلاقات بين فرنسا والجزائر رغم أن حزبه هو من تبنى قانون تمجيد الاستعمار المعروف بقانون فبراير/شباط 2005.

كما أشار إلى دور التيار الليبرالي في فرنسا الذي ساند الثورة التحريرية الجزائرية ويطالب حتى الآن فرنسا بالاعتذار للجزائر.     

وقال إن السلطات الجزائرية تفضل العلاقات التجارية والاستثمار الأجنبي في مختلف القطاعات، لكن مطلب الاعتذار هو مطلب جماهيري.

"لا جدوى"

وبخلاف ما ذهب إليه تقية والقورصو رأى المؤرخ الفرنسي جان لوي بلانش أنه "لا فائدة ولا جدوى" من أن تعتذر فرنسا للجزائر لأن الاستعمار انتهى، والآن هو زمن العلاقات المفيدة بينهما.

واعتبر أن ما قام به هولاند خطوة مهمة لأنه يأتي من الصوت الأول في فرنسا، وهو يعكس أهمية وقف إطلاق النار في حرب الجزائر -كما يضيف بلانش- وأن الجزائر لم تعد خاضعة للسلطات والقوة العسكرية الفرنسية.

ويطالب الجزائريون فرنسا بالاعتراف بجرائمها والاعتذار رسميا وتعويض ضحاياها، لكن باريس لم تعتذر بعد رسميا عن احتلالها الطويل والمآسي التي ذاقها شعبها إبان الاستعمار الذي استمر 132 عاما.  

وكان الـ19 من مارس/آذار 1962 يوما مفصليا في تاريخ الجزائر، إذ دخل اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ غداة اتفاقات" إيفيان" التي أرست أسس استقلال الجزائر.