الواقع العربي

خلفيات إقالة رئيس المخابرات بالجزائر

ناقشت حلقة “الواقع العربي” مسيرة رئيس جهاز المخابرات الجزائري المقال محمد مدين، في ضوء الملابسات والغموض الذي يحيط بهذا الرجل النادر الظهور في وسائل الإعلام.

اسم البرنامج: الواقع العربي

عنوان الحلقة: خلفيات إقالة رئيس المخابرات بالجزائر

مقدم الحلقة: حسن جمّول

ضيفا الحلقة:

   صلاح القادري/باحث سياسي جزائري

   لخضر مناصرية/حزب جبهة التحرير الوطني الجزائري

تاريخ الحلقة: 15/9/2015

المحاور:

   سبب غموض شخصية الجنرال

   أسرار القوة الخفية

   معركة كسر عظم محتدمة

   محاولة تمدين المؤسسات

حسن جمّول: أهلا بكم مشاهدينا الأعزاء في هذه الحلقة من الواقع العربي التي نسلط خلالها الضوء على مسيرة الجنرال توفيق وعلاقته مع مؤسسات الدولة الجزائرية.

لم تكد الرئاسة الجزائرية تعلن إحالة الجنرال توفيق على التقاعد حتى تأججت قراءات متباينة ركز اغلبها على الملابسات التي رافقت هذا القرار، فيما لم تنس أخرى أن تشير إلى الغموض الذي أحاط به هذا الجنرال نفسه وهو الذي يشار إليه بالبنان في لعب ادوار متقدمة فيما عرفته جزائر الاستقلال من منعطفاتٍ وعواصف أمنيةٍ وسياسية، مسيرةٌ بدت في حاجة إلى مراجعة أدق فهي كما يُجمع كثيرون صندوقٌ اسودٌ ومفتاح رئيسيٌ لفهم إسرار تاريخ الجزائر الحديث.

[تقرير مسجل]

مريم أوباييش: أُحيل الجنرال توفيق إلى التقاعد ليس مبكرا يهمس كثير من الجزائريين، الفريق محمد مدين وهو اسمه الحقيقي يبلغ من العمر 76 عاماً وكان على رأس جهاز الاستخبارات الجزائرية منذ ربع قرن، عاصر الرجل القوي حتى الثالث عشر من سبتمبر الجاري خمسة رؤساء وأحد عشر رئيس حكومة، صوره نادرة واسمه ظل لعقودٍ مبعثاً للخوف والرعب والجدلِ بشأن العلاقة الشائكة بين مؤسسة الرئاسة والمؤسسة العسكرية التي ينحدر منها، بدأ حياته المهنية الحافلة بالأحداث التي هزت البلاد والعباد مباشرة بعد استقلال الجزائر من جهاز المخابرات العسكري ثم مسؤولاً عن الأمن العسكري في ولاية وهران وفي عام 1990 عُيّن على رأس جهاز الاستخبارات الذي غُير اسمه إلى دائرة الاستعلامات والأمن المعروفة اختصاراً بـ DRS، يُحمّل مراقبون الجنرال المتقاعد مسؤولية وقف المسار الانتخابي في مطلع التسعينيات وإرغام الرئيس الشاذلي بن جديد على الاستقالة، وبعد دخول الجزائر بما يعرف بالعشرية السوداء لم يكن سراً انه كان يقود بصلاحيات لا حدود لها الحرب على الجماعات الإسلامية المسلحة، كان أيضا ضمن جناحٍ في المؤسسة العسكرية يوصف بالاستئصال ويؤمن بحل الأزمة بقوة السلاح اتهم بأنه لم يعر أيّ اهتمام للضحايا المدنيين وحقوق الإنسان، لم يكن مسموحاً بانتقاد الجنرال الشبح إلا بعد عام 2014 عندما اقترح خطة ثانية في حال وفاة المرشح للانتخابات الرئاسية آنذاك عبد العزيز بوتفليقة اعتبرها المقربون من الرئيس الجزائري المريض جداً رفضاً لدعم العهدة الرابعة، موجة الانتقادات الأولى من نوعها ظلت مجرد كلام حتى أُخرج الجنرال من مكتبه بمساعدة الأمن وفق بعض التسريبات الصحفية، من بين الانتقادات الموجهةِ إليه فشله في حماية الرئيس الراحل محمد بوضياف الذي اغتيل عام 1992، اتهم أيضا بالفشل في إدارة أزمات الهجوم على مقر بعثة الأمم المتحدة ورهبان تبحيرين و الهجوم على منشآت تقنتورين في عام 2013 وأخيرا أحداث ولاية غردايه، بإزاحة الجنرال توفيق هل ستنتهي أزمة الصلاحيات بين الرئاسة وجهاز الاستخبارات، هل ما يوصف رسميا بالتغيير الطبيعي في الأجهزة الأمنية لمواجهة التهديدات الأمنية الراهنة والمرتبطة بالجماعات المتقاتلة في مالي و ليبيا هو فعلا من اجل حماية البلاد، فالصراعات بين من يحكمون الجزائر في الظاهر والخفاء سببها غير بعيدٍ عن عائدات النفط والغاز التي لا توزع بشكل عادل، أُحيلَ جنرالٌ إلى التقاعد وخلفه جنرال متقاعد.

[ نهاية التقرير]

 

حسن جمّول: لمناقشة هذا الموضوع ينضم إلينا من باريس صلاح القادري الباحث السياسي الجزائري، مرحبا بك سيد صلاح، ما الذي جعل هذه الشخصية شخصية محورية وشخصية غامضة إلى هذا الحد ولماذا كانت كذلك؟

سبب غموض شخصية الجنرال

صلاح القادري: بالنسبة لغموض شخصية الجنرال توفيق أظن أنها إستراتيجية وهذا من أجل خلق نوع من الهالة والقداسة فكلما كانت شخصية الغموض في حق رجال المخابرات هو شيء مطلوب دائماً، السرية والغموض مما يخلق حولهم وعليهم نوعاً من الهالة والقداسة يجعل الناس يخشونهم ويرهبونهم، ولكن هذه المسألة لا أظن الجنرال توفيق صنع له مجداً بهذا الغموض فقط بل هو صنع لنفسه مجداً وصنع لنفسه حضوراً في المشهد السياسي والأمني في الجزائر من خلال أول ظهور له هو مساهمته في توقيف المسار الديمقراطي والانتخابي الذي حصل في الجزائر وكذلك الحرب على الجماعات الإسلامية المسلحة.

حسن جمّول: هل كان هو الرجل الأقوى في النظام أم كان واحداً من الرجال الأقوياء؟

صلاح القادري: لا أظن سيدي الكريم على أن الذين يحكموا الجزائر هم أشخاص سواء تمثل برئيس الجمهورية الرئيس عبد العزيز بوتفليقة أو في رئيس جهاز المخابرات سابقاً الجنرال توفيق، الذين يحكمون الجزائر هي طغمة هي مجموعة من أصحاب النفوذ وأصحاب القرار بين رجال المال وبين رجال الأعمال وبين رجال المال وبين رجال الإدارة وبين رجال كذلك الجيش والمخابرات والرئاسة، الذين يحكمون الجزائر هي منظومة وحتى وإن حصل بينهم صراع في بعض المراحل مرحلة كسر العظام ولكنه لا يوجد شخص يحكم الجزائر يوجد مجموعة متكاملة وإن كان في الظاهر مرحلة كسر عظم ثم يحصل اختلال ثم توازن ثم اختلال ثم توازن.

حسن جمّول: ماذا كان دور الجنرال توفيق بين هذه المجموعة ؟

صلاح القادري: الجنرال توفيق يكون هو الظاهر لأن مهما كانت نظرتنا للأمور كيف تسير بالجزائر يبقى جهاز المخابرات مثله مثل جميع البلدان العربية، أجهزة المخابرات والأجهزة الأمنية دائما حاضرة في المشهد السياسي، دور الجنرال توفيق دوره مثل دور المؤسسات التي كان يشرف عليها هي دور المخابرات الأمنية دائماً في وجودها دائماً من الناحية الأمنية وفي حربها على الجماعات وفي وجودها في الإعلام لأنه دائما هناك في جهاز المخابرات كان هناك جهاز يشرف ويراقب وسائل الإعلام والإعلاميين والصحفيين، كان هناك جهاز يشرف ويراقب الأحزاب السياسية هناك جهاز للمحاربة الاقتصادية، جهاز المخابرات في البداية بدأ جهازا واحد ثم تعدت الأجهزة وأصبح إخطبوط وأصبح احد القوى الضاربة في الجزائر، إذاً دور الجنرال توفيق في هذه المسألة هو جزء من دور هذا الجهاز الذي هو جهاز المخابرات وأقول أنه لا يوجد جهاز واحد لا يوجد رجل واحد يوجد مجموعة من الأطراف تمثل منظومة متكاملة تحكم الجزائر.

حسن جمّول: في السياسة أو في عالم الأعمال والمال أي جناح كان يمثل الجنرال توفيق؟

صلاح القادري: الأمر غامض لا يمكن أن تحكم على جهاز المخابرات على أنه على علاقة بفلان أو بعلان، ولكن الذي حصل بعد الانفتاح الاقتصادي وبعد سنوات الحرب ظهر ما نسميه بأثرياء الحرب، ظهر يسعد ربراب الذي يتكلم الآن عن رقم أعمال بالمليارات، على الرغم في الثمانينيات لا نعرف رجل أعمال يسمى يسعد ربراب، ظهر واحد من رجال الأعمال يسمى دحقود وواحد يسمى حداد هؤلاء الرجال كلهم لم نعرف لهم تاريخاً اقتصادياً فجأةً ظهروا ونجحوا، المشكلة في الجزائر هناك العديد من العراقيل الاقتصادية لمن يريد أن يستثمر، والسؤال لو يوجه للمستثمرين الأجانب يقولون عن المعاناة التي يعانون منها من الإدارة الجزائرية كيف يمكن لرجل أعمال يبدأ يحصل على قروض هائلة ثم يحصل كذلك على قروض يحصل على أراضي ثم يحصل على تسهيلات جمارك كل هذه الأشياء لا يمكن أن يكون هؤلاء رجال الأعمال لوحدهم يجب أن يكون معهم حلفاء من داخل أجهزة الأمن ومن داخل أجهزة الدولة.

حسن جمّول: سيد صلاح لا شك أن الغموض أعطى نوعاً من الهالة حول شخصية الجنرال توفيق لكن بالتأكيد وبموازاة هذا الغموض هناك أداء سياسي وامني ربما كان ينسب إليه مما زاد من هذه الهالة حوله، ما هي ابرز الأدوار التي يقال إنه تصدى لها ويقال انه نجح أو اخفق فيها بالتحديد؟

صلاح القادري: الذي أخفق فيها أظن انه الكلام الذي حصل الآن من طرف رئيس أكبر حزب اقل شيء من الجانب التمثيلي في البرلمان الذي هو حزب جبهة التحرير الوطني عمار سعيداني الذي اتهم الجنرال توفيق بعشرة من الاتهامات تصل إلى جرائم الخيانة العظمى، ولكن للأسف رجل يتهمه رئيس اكبر حزب سياسي بأنه لم يستطع أن يحمي الرئيس، لم يستطع أن يحمي هؤلاء الرهبان الفرنسيين مع أنه كان يراقب وكان يضغط على المسؤولين السياسيين وأنه كان يضغط ويحرم وسائل الإعلام من حرية التعبير، هذه الاتهامات كلها وجهها له اكبر رئيس حزب تمثيلي في البرلمان ولكن للأسف لم يتحرك النائب العام في الجزائر ليتحقق من هذه، كيف يمكن أن نتكلم عن دولة مواطنة ودولة ديمقراطية يتهم أكبر رئيس حزب في الجزائر رئيس أكبر جهاز امني مخابراتي في الجزائر بمثل هذه الجرائم وبمثل هذه التقصيرات ولم يتحرك الجهاز القضائي أصلا، الأشياء التي يقال على أنه شارك فيها يقال على انه خلص الجزائر من أن يحكمها الجبهة الإسلامية للإنقاذ لا يمكن أن نقول أنه عندما يصل الإسلاميون إلى الحكم في الجزائر أو في أي بلد عربي على انه ستحصل فوضى، وصل الإسلاميون إلى السلطة في تونس وخرجوا ومنها ولم تحصل فوضى، وصل الإسلاميون اليوم إلى المغرب وما زالوا في السلطة ولم تحصل فوضى، إذن الكلام على انه ساهم في إنقاذ الجزائر من حكم الإسلاميين المتمثل في الجبهة الإسلامية للإنقاذ أنا لا اعتقد هذا انجازا أما انه قد نجح في تخليص الجزائر من الجماعات الإرهابية المسلحة المهم أن الحصيلة في الأخير لقد توفي 200 ألف جزائري إذا كنا نعتبر مع مقتل 200 ألف ومع عشرات الآلاف..

أسرار القوة الخفية

حسن جمّول: عفوا سيد صلاح إذا كانت كل هذه الاتهامات قد قيلت بحق الجنرال توفيق لكن على رغم ذلك أشرت إلى أحداً أكان سياسياً أو حتى على المستوى العدلي أو القضائي لم يتحرك معنى ذلك انه يستمد قوة خفية ممن؟

صلاح القادري: أظن ليس القوة الاستفادة، عمار سعيداني عندما كان يتكلم كان يتكلم لأنه تعرض هو كرئيس حزب، عمار سعيداني حينما يتكلم عن أثرياء الحرب كذلك عمار سعيداني هو مجهول للرأي العام الجزائري فجأة أصبح رئيس لأكبر حزب في الجزائر وعمار سعيداني عندما يتكلم هو ينتمي إلى احد الأطراف التي هي في ظاهرها تتصارع ولكن في الأخير تتصالح، عمار سعيداني حينما تكلم عن الجنرال توفيق كان ورائه من يسنده والذين يسندونه هو تيار الرئاسة أو فريق الرئاسة والوزراء والجنرالات الذين يكونون حول الرئيس بوتفليقة..

حسن جمّول: دخلنا هنا في الحديث عن الخلاف ما بين الرئاسة وجهاز الاستخبارات أو رئيس جهاز الاستخبارات السابق الذي هو الجنرال توفيق، ما سبب أو بحسب القراءة طبعا ربما لن يعرف احد تفاصيل هذه الخلافات، برأيك ما سبب هذا الخلاف الذي وصل إلى حد إقالة الجنرال توفيق رغم كل هذه الهالة وما يحكى عنه في وسائل الإعلام؟

معركة كسر عظم محتدمة

صلاح القادري: نعم جميل جداً لو سمحت لي سيدي الكريم فقط مقدمة في ثلاث نقاط وهو ليس مقدمة ولكن تقديم للجواب على هذا السؤال الذي يحصل الآن في هذا الصراع الذي في ظاهره صراع هو في الأخير دائماً ينتهي بالتصالح أولا، ثانياً أن الذي يحصل الآن لا يمت بصلة لمصالح الجزائر كوطن ولمصالح الجزائري كمواطن، النقطة الثالثة أن المنظومة الحاكمة للجزائر سواء تمثلت في المخابرات أو في الرئاسة أو في أطراف أخرى أنها فشلت في صناعة الدولة الديمقراطية وفي صناعة اقتصاد قوي وتنمية حقيقية، نبدأ بهذا التقديم لنصل إلى الذي يحصل حقيقة هل هو صراع، أظن الذي يحصل هو صراع لديه أطراف داخلية ولديه أطراف خارجية نحن نعرف جيداً أن دولة مثل فرنسا لديها نفوذ قوي في الجزائر، التيار الذي يمثله الجنرال توفيق ظاهراً والتيار الذي يمثله عبد العزيز بوتفليقة كرئيس للجمهورية ظاهرا كذلك هذا التيار حصلت له عملية كسر عظام ولكن ليست عملية إقصاء نهائي، وهذه العملية بدأت حينما حصل الاختلاف في عملية العهدة الرابعة الجنرال توفيق كان يريد حليفاً آخر لأنه لا يمكن أن يكون الرئيس بوتفليقة أن يأتي للمشهد السياسي الجزائري لو لم يسمح الجنرال توفيق وحلفائه بأن يأتي إلى هذا المشهد في البداية حتى في العهدة الثانية والعهدة الثالثة الجنرال توفيق وقف مع بوتفليقة ولكنه في العهدة الرابعة كان يريد أن يستبق لأنه لو يتوفى الرئيس الجزائري وكان يعلم انه مريض ومازال مريضاً ومنذ ثلاث أو أربع سنوات لم يروه الجزائريون أصلا حتى في خطاب لمدة دقيقة لم  يؤدِ حتى القسم الدستوري الذي مئة كلمة الجنرال توفيق كان يعلم جيداً أن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لا يستطيع الاستمرار في العهدة الرابعة فأراد أن يستبق الأمور ويأتي بحليف جديد، الرئيس عبد العزيز بوتفليقة حينما وصل قاد حربا لم يقد حرباً أراد أن يقوم بعملية توازن داخل مؤسسات الدولة ومؤسسات الرئاسة والمؤسسات الإدارية وفي الدرك الوطني وكذلك في المخابرات وقد نجح في فعل ذلك لأنه قام بتغييب العديد من الجنرالات واتى بجنرالات جدد ورقى عمداء وعقداء الذين هم في الأصل كلهم أو معظمهم كانوا من الناحية الغربية ومن محافظة تلمسان التي هو أصيل منها عبد العزيز بوتفليقة حينما حصل هذا التوازن بدأت في بداية العهدة الرابعة كانت المنعطف الذي بدأت فيه حركة كسر العظام بين هذين الطرفين ولكن الذي حصل الآن هو عملية اعادة التوازن مثلما يحصل، مرحلة كسر عظام ثم توازن جديد ثم كسر عظام ثم توازن من جديد ولكن هذه المنظومة الحاكمة دائماً تصبح متماسكة عند أي تغير لمصلحة الجزائر.

حسن جمّول: سيد صلاح نحن نتحدث عن إقالة والإقالة هو أمر جذري يعتبر في هذا المجال إذا كان الممر الطبيعي للرئيس عبد العزيز بوتفليقة للوصول إلى العهدة الرابعة كان عبر الجنرال توفيق كيف استطاع…

صلاح القادري: العهدة الثالثة.

حسن جمّول: العهدة الثالثة وحتى الرابعة كما تقول بعض الأوساط الخطة البديلة التي وضعها الجنرال توفيق، كيف حصل أن تجاوز الرئيس عبد العزيز بوتفليقة أو الخط الذي يمثله الرئيس الجزائري استطاع أن يتجاوز رئيس المخابرات ويصل إلى مرحلة إقالته من منصبه وتعيين عميد متقاعد مكانه؟

صلاح القادري: الإقالة سيدي الكريم للرجل الذي نتكلم عليه عمره يقارب الخمسة والسبعين عاماً إذا سن الخمسة والسبعين لا يحق لرئيس دولة أن يقيله ويأتي بشخص آخر نحن الآن أمام مهزلة فمن الطبيعي..

حسن جمّول: نحن نتحدث عن مراكز قوى هنا عفوا سيد صلاح نحن لا نتحدث عن صلاحيات رئاسية وأعمار وسن تقاعد وغير ذلك نحن نتحدث عن مراكز قوى كيف لمركز القوى الذي يمثله الرئيس عبد العزيز بوتفليقة أن ينتصر ويتجاوز مركز الثقل الذي يمثله الجنرال توفيق هذا هو السؤال؟

صلاح القادري: الإشكال ما هو؟ أنا لا أرى أن عبد العزيز بوتفليقة كرئيس للجمهورية الذي لم نره منذ ثلاث سنوات لا في خطاب جمهوري لا في قسم دستوري لا في حملة انتخابية على انه هو الذي يسر الأمور مباشرة، أنا بالنسبة لي هي هذه الأمور، الذين يسيرون هم مجموعة من أصحاب النفوذ والمصالح أولاً، ثانياً الذي حصل الآن هو خروج حينما جماعة الرئاسة ما يسمى جماعة الرئاسة هي ليست جماعة رئاسة هي فقط توصيف ظاهري وجماعة المخابرات حصل الآن أنه رأس جماعة الرئاسة قد كبُر وحيده المرض في إطار التصالح والتوازن بين هذين الطرفين في المنظومة الكلية الحاكمة للجزائر قاموا بهذا الخروج الآمن وهذا خروج أكثر منه دبلوماسي ولا أظن أن رئيس مخابرات لمدة 25 سنة يخرج خاوي الوفاق من كل هذه السلطات التي كان يحكمها ولا يستطيع أن يدافع عن نفسه وهذا الخروج حصل بالاتفاق مع الجنرال توفيق بل هو اختيارٌ ذاتيٌ له.

حسن جمّول: سيد صلاح ابق معي، ينضم إلينا من باريس أيضا لخضر مناصرية المناضل في حزب جبهة التحرير الوطني الجزائري، مرحبا بك سيد لخضر لا ادري أن كنت سمعت الآراء التي أدلى بها السيد صلاح القادري لكن بالمجمل الحديث هنا يدور حول صراع نفوذ بين مؤسستي الرئاسة والاستخبارات ولن ينعكس على الواقع المعيشي للمواطن الجزائري، ما رأيك سيد لخضر؟

لخضر مناصرية: لم اسمع جزء كبير من الحديث الذي دار بينك وبين ضيفك، ولكن كل ما استطيع أن أقوله أن نظام الحكم السياسي في الجزائر هو نظام رئاسي برلماني ورئيس الجمهورية قام بعمل تنحية هذه الاستعلامات عن التدخل السياسي في الجزائر مثلما كانت تحكم في السابق ولها تدخلات وأذرع سياسية، العمل الذي قام فيه الرئيس بوتفليقة منذ توليه رئاسة الجمهورية، هل تسمعني سيدي..

حسن جمّول: نعم أسمعك تفضل.

لخضر مناصرية: ما قام به الرئيس بوتفليقة منذ أن تولى رئاسة الجزائر في المجالات الاقتصادية والأمنية هي تكملة لسياسته التي أراد من خلالها أن يكون قطب الحكم السياسي في الجزائر أحادي رئاسي وتهيئة الأجواء بعد الرئيس بوتفليقة قد يكون ذلك.

محاولة تمدين المؤسسات

حسن جمّول: هناك من أشار إلى بداية مرحلة تمدين المؤسسات إذا صح التعبير في الجزائر ولكن بالنظر إلى إقالة العميد إلى التقاعد وتنصيب عميد متقاعد مكانه هذا لم يعط مؤشرا ايجابيا أو مؤشراً مبشراً أن هنالك بالفعل محاولة تمدين للمؤسسات سيد لخضر.

لخضر مناصرية: سيدي المعطيات التي رأيناها سابقا وتصريحات الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني حول عدم تدخل المؤسسات الأمنية في السياسة والتغييرات التي شهدنها مؤخرا من الأمن الرئاسي والأمن الداخلي ما هي إلا مؤشر عن تغير قد يمس رأس هذه الاستعلامات والذي رأيناه قد طبق وفق المادة 77 من الدستور الجزائري المخولة لرئيس الجمهورية القيام بتنحية وعزل كل مسؤول قد يرى فيه قد انتهت مهمته العملية في السياسة.

حسن جمّول: هل ترى أي دلالة معينة لتعيين العميد المتقاعد طرطاق أو المعروف بالجنرال بشير مكان الجنرال توفيق؟

لخضر مناصرية: نعم بطبيعة الحال الرئاسة الجمهورية قد لجأت إلى السيد طرطاق بحكم أن له تجربة في هذه المؤسسة، إذن الرئيس عين هذا الشخص نتيجة لتجربته الواسعة وقد تنحى هذا السيد بعد حادثة تيقنتورين وقد حمله المسؤولية السيد توفيق مما جعل رئاسة الجمهورية أن تعيد هذا الرجل لما له من تجربة في ملفات كثيرة في الجزائر وبطبيعة الحال لا نعين شخص ليس له أي تجربة في هذا المجال.

حسن جمّول: برأيك سيد لخضر هل يعتبر شخصية الجنرال توفيق قد انتهت أو ربما يكون له دور في المستقبل؟

لخضر مناصرية: والله أنا اعتقد أن الجنرال توفيق انتهت مهمته واستغنوا عن خدماته الأمنية وقام بما يجب القيام به خلال 25 سنة من خدمة الجزائر وأعتقد أن رئيس الجمهورية قد استغنى عن خدماته ونصب شخص آخر قد وضع ثقته فيه وأن الجزائر قادمة على استحقاقات انتخابية في 2017 و 2019 وأراد رئيس الجمهورية أن يجعل من الجزائر ذات حكم رئاسي للرؤساء القادمين.

حسن جمّول: أعود بسؤال مختصر إلى السيد صلاح القادري المرحلة الجديدة تتطلب أشخاص جدد وليست مجرد نزاعات بين الحاكمين في الجزائر، تفضل باختصار سيد صلاح.

صلاح القادري: المنظومة الحاكمة الآن منذ وصول عبد العزيز بوتفليقة كرئيس للجزائر فشلت في صنع نظام اقتصادي فشلت في صناعة دولة ديمقراطية صنعت معارضة ضعيفة المواطن الجزائري الآن في قطاع الصحة وقطاع التعليم انظروا أين بالرغم من الثورة البترولية الهائلة وارتفاع أسعار البترول منذ سنة 1999 إلى سنة 2014 هذه الثروة البترولية الهائلة وهذه المئات من الملايير من الدولارات ما زالت الجزائر في المنظومة الاقتصادية في البنى التحتية في التعليم في الصحة آخر المراتب الذي يحصل هي منظومة حاكم ستتصالح في الأخير ولن يستفيد المواطن من هذا الصراع شيئاً.

حسن جمّول: أشكرك جزيلا صلاح القادري الباحث السياسي الجزائري، وأيضا أشكر لخضر مناصرية المناضل في حزب جبهة التحرير الوطني الجزائري من باريس، شكرا للمتابعة مشاهدينا وإلى اللقاء.