الواقع العربي

فرنسا أقصت اليمين المتطرف.. فهل ينجح العرب؟

سلطت حلقة “الواقع العربي” الضوء على دلالات خسارة أقصى اليمين الفرنسي في الجولة الثانية من انتخابات الأقاليم، وإمكان استلهام التجربة في مواجهة التطرف في العالم العربي.
فشل اليمين المتطرف في فرنسا في الفوز بأي منطقة في الانتخابات المحلية التي جرت الأحد الماضي، بعدما تكتلت ضده الأحزاب التقليدية لمنعه من تكريس تقدمه في دورة الانتخابات الأولى وتهيئة قواعده لمرحلة الانتخابات الرئاسية التي ستجرى بعد 16 شهرا.

وسلطت حلقة (14/12/2015) من برنامج "الواقع العربي" الضوء على دلالات خسارة أقصى اليمين الفرنسي في الجولة الثانية من انتخابات الأقاليم، وإمكان استلهام التجربة في مواجهة التطرف في العالم العربي.

وقال الباحث في معهد دراسات الحياة السياسية في فرنسا برونو كوتريس إن الجبهة الوطنية اليمينية المتطرفة تقدمت بشكل كبير ولافت في الجولة الأولى من انتخابات المجالس الإقليمية الفرنسية، أما في الجولة الثانية فقد تراجعت بشدة بسبب المشاركة الواسعة من الناخبين لمواجهة تقدم الجبهة.

وأضاف كوتريس أن "المهم في التجربة هو تشكيل ما يسمى بالجبهة الجمهورية، التي تعني أن يشكل اليمين واليسار قائمة مشتركة للدفاع عن القيم الجمهورية الفرنسية، وهو ما أدى لخسارة الجبهة الوطنية اليمنية المتطرفة".

من جانبه يرى الباحث المتخصص في قضايا العالم العربي والإسلامي صلاح القادري أن الجبهة الوطنية لم تخسر الانتخابات، فهي وإن لم تصل إلى رئاسة الجهات إلا أنها ضاعفت أعداد ممثليها في المجالس الجهوية ثلاثة أضعاف، كما ضاعفت أعداد الذين انتخبوها أيضا، بل استطاعت الوصول لمناطق كانت في العادة تصوت لليمين أو لليسار أو الوسط.

وأضاف القادري أن إشكالية فوز الجبهة بالنسبة للفرنسيين أو المهاجرين من أصول عربية وإسلامية تكمن في تبنيها خطابا يعتمد على التخويف من الأجانب خصوصا العرب والمسلمين، وادعاءاتها أنهم يشكلون خطرا على الاقتصاد الفرنسي والهوية الوطنية.

وأكد القادري أن المشكلة ليست في اليمين المتطرف فقط، بل في يمين الوسط أيضا، مشيرا إلى أن مرشح حزب ساركوزي في مدينة مرسيليا قال إن "المسلمين هم الطابور الخامس في فرنسا وإنهم ليسوا مواطنين من الدرجة الأولى"، بينما قالت مرشحة الجبهة الوطنية في المدينة ذاتها إن "قيم المسلمين والعرب لا تتوافق مع قيم الجمهورية الفرنسية".

 

العرب والتجربة الفرنسية
وعن إسقاط هذه التجربة على العالم العربي، يرى كوتريس أن من الصعب مقارنة فرنسا بعدد من الدول العربية، لكن يمكن أخذ دروس وعبر من هذه التجربة، منها ضرورة المشاركة والتعبير الديمقراطي عن طريق الانتخابات، وكذلك حدوث نوع من التعبئة الديمقراطية للجماهير، وهو ما دفعهم للتصويت بقوة في الجولة الثانية من الانتخابات.

وفي حين أقر كوتريس بأن المجتمع الفرنسي يمرّ بصعوبات، فإنه نفى تدخل فرنسا في شؤون بلدان أخرى، مؤكدا أن فرنسا رفضت من قبل الانضمام للتحالف ضد العراق استجابة للرأي العام الفرنسي.

لكن القادري اختلف معه في ذلك، قائلا إن فرنسا تدخلت في ساحل العاج، وتدخلت أيضا في بداية الثورة التونسية.

وأشار القادري إلى أن "الغرب فيه نوعان من الديمقراطية، واحدة للداخل تؤمن بالمبادئ وتمارسها، أما في الخارج فإن العامل الوحيد المؤسس للديمقراطية الغربية فهو مصالح هذه الدول، حتى لو جاءت بدكتاتورية".

واتفق كوتريس مع القادري نسبيا في أن تطبيق الغرب للديمقراطية في الخارج يشهد تجاوزا في بعض الأحيان.