الواقع العربي

الطائفية في العراق وإعاقة بناء الدولة

ناقشت الحلقة الخلفية التاريخية لتحولات الانتماء من الهوية الوطنية الجامعة إلى الطائفية والعرقية الراهنة بالعراق، وهل يمكن لرئيس الوزراء حيدر العبادي تصحيح السياسات السابقة التي قادت البلاد لحافة الاحتراب الأهلي؟

يكثر المراقبون للأوضاع في العراق من الحديث عن تركة ثقيلة ورثها رئيس الوزراء حيدر العبادي من سلفه نوري المالكي، ويتركز السؤال دائما هل يمكن للعبادي تصحيح المسارات الخاطئة الطائفية في عنوانها الأبرز، والتي قادت البلاد إلى حافة الاحتراب الأهلي؟

برنامج "الواقع العربي" في حلقة 14 سبتمبر/أيلول 2014 استضاف في الجزء الأول مدير المعهد العراقي للتنمية والديمقراطية، غسان العطية، ليقدم إضاءة تاريخية على العراق الحديث وتحولات الانتماء من الهوية الوطنية الجامعة إلى الطائفية والعرقية الراهنة.

يقول العطية إن الطائفية في البلاد تغذت بشكل أساسي بعد الثورة الإسلامية في إيران، وإن السؤال الذي كان يدور في الدوائر السياسية العراقية هو "كيف نعالج هذا الواقع الجديد وخصوصا ما عرف بتصدير الثورة الإيرانية؟".

وأضاف العطية أن الرئيس الأسبق أحمد حسن البكر جنح إلى "التعامل بالعقل" بغية عدم التورط في حرب مع إيران، بينما الشاب المتحمس آنذاك صدام حسين -والذي استلم مقاليد الحكم- انجر إلى حرب كان يقول مساعدوه إن العراق قادر على خوضها حتى لو امتدت ستة أشهر، لكنها امتدت إلى ثماني سنوات أنهكت البلاد.

ورأى أن الانقسام الطائفي برز أكثر حدة خلال حرب الخليج الثانية، وغرقت البلاد أكثر في هذا الانقسام مع احتلالها وتقسيم الإدارة الأميركية لها "بمنتهى السذاجة" بين سنة مثيرين للمتاعب وأكراد أصدقاء وشيعة يصفقون، على حد قوله.

صراع الهويات

وصل العطية إلى خلاصة مفادها أن العراق انخرط في صراع هويات، وأن سؤال "من أنا" لم يكن الجواب عليه "أنا عراقي" بل كان "أنا تركماني وكردي وأشوري وسني وشيعي..".

وأبدى أسفه لأن نوري المالكي وحزبه، حزب الدعوة، لم يكونا يملكان النظرة الشاملة لفكرة وطن للجميع بل لطائفة واحدة، وأن مجيء العبادي ما كان له أن يحصل إلا عند ظهور تنظيم الدولة الإسلامية الذي احتل ربع العراق، ولأن أميركا استشعرت خطر هذا التنظيم ومن ورائها أوروبا.

من جانبه، قال أستاذ علم الاجتماع في جامعة البلقاء الأردنية حسين الخزاعي حول توظيف الطوائف، إن العراق انزلق إلى المحاصصة الطائفية في كل مكونات المشهد السياسي، وإن الوضع الآن ازداد تمزقا حيث أصبحت كل طائفة تدافع فقط عن مناطقها، لافتا إلى أن الاحتلال الأميركي وحتى دول الجوار ساهمت في ترسيخ هذه المحاصصة وتشجيعها.

وأضاف أن الحرب المزمعة على تنظيم الدولة لن تنجح قياسا بالخبرات السابقة في حروب أميركا وأوروبا في أفغانستان، كما أن التنظيم يحتل مساحات واسعة لن تستطيع طلعات الطائرات أن تقضي عليه، حسب قوله.

ودعا الخزاعي العراقيين إلى الاتحاد تحت هوية وطنية مع إقراره بصعوبة ذلك، ولكن ذلك هو الطريق الناجع بدل الهوية الطائفية التي يقفون وراءها، بينما يستبيح تنظيم الدولة دماء العراقيين وينكل بهم، على حد قوله.