عالم الجزيرة

البحث عن العدالة – هل يحاكم المسؤولون بالسلفادور؟

تحركات يقوم بها مواطنون سلفادوريون من أجل محاكمة مسؤولين عن فظائع ارتكبوها إبّان الحرب الأهلية في هذا البلد، وخلفت مقتل حوالي 75 ألف شخص. موضوع حلقة 30/11/2014 من “عالم الجزيرة”.

تعتني روزا ريفيرا بضحايا فظائع الحرب الأهلية في جميع أنحاء السلفادور، وكآلافٍ غيرها فقدت في الحرب والديها وعائلتها. تقول ريفيرا إنها تألمت كثيراً عندما سنَّت السلطات قانون الصفح والنسيان عام 1992 ليسهل عليها النسيان. غير أن حملة لإلغاء هذا القانون بدأت تتحرك استناداً إلى أدلة جديدة على اشتراك الحكومة في عمليات قتل وإخفاء.

وقد قتل حوالي 75 ألف سلفادوري أثناء النزاع الذي استغرق 12 سنة، وأُخفي 8000 بيد فرق موت على الأغلب.

كارلوس سانتوس المدافع عن حقوق الإنسان يستقصي عن ذوي الأشخاص الذين وردت أسماؤهم في السجل الأصفر، وهو أول قائمة تنشر عن الأهداف البشرية التي أعدتها القيادة العسكرية العليا في سنوات الحرب.

والسجلّ المعلّم بعبارة "سرّيّ" عثر عليه قبل ثلاث سنوات ويضم أسماء 1900 شخص، قُتل 200 منهم وأُخفوا، ويُشار في السجل إلى أولئك الأشخاص باعتبارهم أعداءً للدولة وأعضاءً في جماعات مسلحة تقاتل معاً تحت لواء جبهة التحرير الوطني التي تُعرف اختصاراً بـ"إف إم إل إن". وكان معظم أولئك الأشخاص مفكرين وكتابا وصحفيين ومهنيين ونقابيين. وكان بعضهم عمالا وفلاحين.

ورغم أن المسؤولين السلفادوريين كانوا يقولون إبان الحرب إن فرق الموت هي عناصر مارقة، لا تنتمي إلى الجيش أو قوى الأمن، يؤكد سانتوس أن السجل الأصفر هو دليل على أن الدولة السلفادورية انتهكت الحقوق الإنسانية بطريقة ممنهجة في هذا البلد.

وكانت أبشع المذابح في تاريخ أميركا اللاتينية وقعت في قرية إل موزوتي، في ديسمبر/كانون الأول عام 1981، حيث قتلت كتائب أتلاكاتيل الأميركية التدريب أكثر من 800 شخص في حملة على الثوار. وتشهد ماريا ريسينوس أن أختها قتلت وهي حامل في شهرها الثامن، حيث أمسكوا بها، ثم بقروا بطنها وأخرجوا الجنين من رحمها ثم قذفوا به عاليا ثم تلقَّوْه بسكّين.

وفي مسعى لتحقيق العدالة في السلفادور، شكلت الأمم المتحدة عام 1992 لجنة الحقيقة، تلقّت "أكثر من 22 ألف شكوى من أعمال عنف خطرة"، نُسب 85% منها إلى "وكلاء الدولة والجماعات المسلحة.. وفرق الموت". واتُّهمت جبهة التحرير الوطني في السلفادور بالمسؤولية عن "5% من تلك الحالات". وقد أُقِرَّ قانون العفو بعد خمسة أيام من صدور قرار الأمم المتحدة.

كما أعدّ محامي حقوق الإنسان السلفادوري بنيامين كوييار ومنظمته "إيدهوكا" قضايا جديدة تتعلق بفظائع الحرب الأهلية. وذلك بعدما أطلق في مارس/آذار الفائت حملة لنقض قانون العفو، وانضم إليه في ذلك المسعى خبير القانون الإسباني بالتازار غارزون، الذي اشتهر بإصدار أمر اعتقال دكتاتور تشيلي أوغستو بينوشيه.

وعدد كوييار أربعة أنواع من انتهاكات حقوق الإنسان هي: الإخفاءات القسرية، والإعدامات، والمجازر وعمليات التعذيب. بينما يرى غارزون أن ما لا تستطيع قوانين العفو أن تفعله هو العفو عن الجرائم التي ترتكب بحقّ الإنسانية.

تورط أميركي
عضو الكونغرس الأميركي جيم ماكغفرن يعترف لحلقة 30/11/2014 من برنامج "عالم الجزيرة" أن كثيرا من الناس قتلوا بأسلحة أعطتها الولايات المتحدة الأميركية لحكومة السلفادور، وكثير ممن ارتكبوا بعض هذه الجرائم كانوا قد تدرّبوا في أميركا. مع العلم أن واشنطن ساندت قوات حكومة السلفادور خشية أن يهيمن اليساريون على أميركا الوسطى.

كما منحت الولايات المتحدة لجوءاً لضابطين كبيرين كانا في الجيش السلفادوري إبَّان الحرب وهما الجنرال غيليرمو غارسيا والجنرال فيديس كاسانوفا. وقد رفع ضحايا الجنرالين دعاوى عليهما لدى المحاكم الأميركية، لتتوصل هيئة محلفين عام 2002، إلى أنهما كانا مذنبَيْن بالمسؤولية عن تعذيب المدعين، وارتكاب فظائع أخرى بحقهم. والآن تسعى وزارة العدل الأميركية لترحيلهما إلى السلفادور.

فهل سيحاسَب سلفادوريون أيضاً عن فظائع ارتكبوها إبّان الحرب الأهلية؟ على غرار ما حدث في غواتيمالا المجاورة حيث حوكم الجنرال السابق ريوس مونت بتهمة المسؤولية عن عمليات إبادة جماعية ارتكبت في ثمانينيات القرن العشرين.