الفصائل العراقية تصعد هجماتها ضد القوات الأميركية وبغداد تسعى لإنهاء التحالف الدولي

The remains of the wreckage of a drone that was shot down are seen at Ain al-Asad air base in Anbar province, Iraq January 4, 2022. Iraqi Media Security Cell/Handout via REUTERS ATTENTION EDITORS - THIS IMAGE WAS PROVIDED BY A THIRD PARTY. BEST QUALITY AVAILABLE.
الهجمات حتى الآن كانت موجهة لتجنب التسبب بمقتل أميركيين بحسب خبراء (رويترز)

بغداد– تتصاعد وتيرة الهجمات المتبادلة بين الفصائل المسلحة العراقية التي تستهدف قواعد أميركية داخل العراق وخارجه، وبين الجانب الأميركي، في وقت تسعى بغداد إلى جدولة انسحاب القوات الأميركية من القواعد العسكرية داخل البلاد وإنهاء وجود التحالف الدولي من خلال لجان عسكرية وفنية مشتركة بدأت أعمالها مطلع الأسبوع الجاري.

وقُتل 3 جنود أميركيين وأصيب ما لا يقل عن 40 من أفراد الخدمة في هجوم بطائرة دون طيار خلال ليل الأحد الماضي على موقع "البرج 22" العسكري الأميركي قرب قاعدة التنف على الحدود الأردنية السورية، حسبما أعلن مسؤولون أميركيون. وهي المرة الأولى التي يُقتل فيها جنود أميركيون بنيران معادية في الشرق الأوسط منذ بداية حرب غزة.

واستنكرت الحكومة العراقية ما وصفته بالتصعيد المستمر خاصة بعد هجوم الأردن، مؤكدة أن العراق على استعداد لرسم قواعد عمل لوقف اتساع الصراع.

U.S. soldiers are seen at the site where an Iranian missile hit at Ain al-Asad air base in Anbar province, Iraq January 13, 2020. REUTERS/John Davison
جنود أميركيون في موقع استُهدف بصاروخ قيل إنه إيراني داخل قاعدة عين الأسد الجوية بمحافظة الأنبار (رويترز)

تحذيرات عراقية

وبحسب الناطق باسمها باسِم العوادي، فإن الحكومة العراقية تستنكر التصعيد المستمرّ وخصوصا الهجوم الأخير الذي وقع على الحدود السورية – الأردنية، مشيرا إلى أنها تتابع بقلق بالغ التطورات الأمنية الخطيرة في المنطقة.

وأكد العوادي استعداد العراق للعمل على رسم قواعد تعامل أساسية تجنب المنطقة المزيد من التداعيات، والحيلولة دون اتساع دائرة الصراع، مشيرا إلى أن انعكاسات ھذه التطورات تھدد السلم والأمن الإقليمي والدولي، وتقوّض جھود مكافحة "الإرھاب" والمخدرات، وكذلك تعرض التجارة والاقتصاد وإمدادات الطاقة للخطر.

من جهته، يقول المستشار الإعلامي لرئيس الوزراء هشام الركابي، إن العراق سبق له أن حذر من اتساع بؤر التوتر في المنطقة بعد أحداث السابع من أكتوبر/تشرين الأول في غزة، خاصة أن كلمة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني في مؤتمر القاهرة كانت واضحة، وهي رسالة إلى المجتمع الدولي والدول العربية بأن ما ترتكبه إسرائيل من مجازر في القطاع يمثّل عمليات إبادة جماعية، لذلك فإن موقف العراق مع إنهاء هذه المجازر وفتح ممرات آمنة لدخول المساعدات إلى أهالي غزة.

وأوضح الركابي، في حديث للجزيرة نت، أن العراق ينظر إلى مستقبل العلاقة مع التحالف الدولي والولايات المتحدة نظرة تسودها المصالح المشتركة والاحترام المتبادل بعد طي العمليات العسكرية أو الوجود العسكري في البلاد، خاصة أن الحاجة لوجود هذه القوات انتفت بعد هزيمة تنظيم الدولة.

ويضيف "اليوم نطمح إلى علاقات شاملة على أساس المصالح المشتركة"، مشيرا إلى أن العراق "حدد اللجنة الفنية التي تعمل على وضع سقف زمني لانسحاب التحالف الدولي".

استمرار العمليات

وحول مصير التصعيد الحالي، أكد الخبير في الشؤون الإيرانية والإقليمية نجاح محمد علي، أن الفصائل المسلحة المنضوية تحت مسمى "فصائل المقاومة الإسلامية في العراق" ستستمر في تنفيذ عملياتها حتى وقف العدوان على غزة.

ويقول محمد علي للجزيرة نت، إن الفصائل العراقية ستواصل عملياتها باستهداف القواعد الأميركية في العراق دون استثناء، حتى ولو تم التوصل إلى هدنة بين حماس وإسرائيل، لكن إذا توقفت الحرب ضد الفلسطينيين، ستتوقف العمليات من قبل "فصائل المقاومة" التي ستترك مسألة التفاوض حول الوجود العسكري الأميركي للحكومة العراقية.

ويرى الخبير أن الرأي السائد لدى الفصائل هو أن مسألة سحب القوات لم يطرح في اجتماعات اللجنة العسكرية العراقية الأميركية، ومع ذلك ستتوقف العمليات العسكرية ضد القوات الأميركية في اللحظة التي تتوقف بها الحرب العدوانية على غزة.

وأشار إلى أن عدم ظهور أي علامات على تراجع حرب غزة وتوسيع إسرائيل عملياتها تدريجيا لاستهداف "محور المقاومة"، يضع إيران في موقف حساس.

ولا يرجّح محمد علي أن تقوم طهران باستهداف إسرائيل في الوقت الحاضر بشكل مباشر، وبل قال "قد تستمر طهران في تقديم دعمها لحلفائها في المنطقة، بينما تنشط حركة أنصار الله في اليمن في تناغم قوي مع ما يجري في الأراضي الفلسطينية المحتلة".

أما في العراق، فقد استخدمت الجماعات المسلحة المدعومة من إيران، بحسب الخبير العراقي، أسلحة ثقيلة مثل الصواريخ الباليستية في هجماتها على القوات الأميركية، لكن طهران بدأت تعتمد على جماعات جديدة غير معروفة تحسبا لانزلاق الأمور إلى حرب إقليمية شاملة.

ومع ذلك، يقول محمد علي، يبدو أن الهجمات حتى الآن كانت موجهة لتجنب تجاوز الخط الأحمر وهو التسبب بمقتل أميركيين لوقف الحرب على غزة.

Iraq's Joint Operations Command soldiers inspect the truck and the site from where rockets were launched towards Ain Al-Asad Military Base, at Anbar province, in al-Baghdadi, Iraq, July 8, 2021. Joint Operations Command Media Office/Handout via REUTERS ATTENTION EDITORS - THIS IMAGE WAS PROVIDED BY A THIRD PARTY.
جنود عراقيون يتفحصون موقعا أطلقت منه صواريخ باتجاه قاعدة عين الأسد التي تضم جنودا أميركيين في الأنبار (رويترز)

تفعيل التفاهمات

ويوم الاثنين الماضي، أكد المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي جون كيربي، أن واشنطن سترد بالطريقة الملائمة على هجوم الأردن، مؤكدا أن واشنطن لا تسعى إلى حرب مع إيران.

وتبنت "فصائل المقاومة الإسلامية في العراق" الهجوم على القاعدة الأميركية، مبينة أنها استهدفت 4 قواعد أميركية وهي الشدادي والركبان والتنف، أما الرابعة فكانت داخل الأراضي الفلسطينية وهي منشأة "زفولون" البحرية، موضحة أنها ستواصل شن هجماتها ضد القواعد الأميركية دعما لقطاع غزة وردا على المجازر الإسرائيلية بحق الفلسطينيين.

وفي السياق، يرى المحلل السياسي واثق الجابري أن التصعيد الأخير دعا الجانب الأميركي إلى تسريع تفعيل التفاهمات مع العراق، وسط وجهات نظر مختلفة بين الجانب الأميركي والفصائل العراقية، التي تعتقد أن التصعيد سيعجّل من انسحاب القوات الأميركية بينما ترى الأخيرة أن المسألة تحتاج إلى نوع من الهُدن.

ويقول الجابري للجزيرة نت، إن الحكومة العراقية لديها موقف متوازن بين الطرفين وتعتمد الجانب الدبلوماسي ومسك العصا من المنتصف، وترى أن التفاوض هو الذي يمكن أن يفضي إلى انسحاب القوات الأميركية، وأن القضية تحتاج إلى قرار فني عسكري، مستبعدا أن يحدث الانسحاب بتلك السرعة، خاصة أن واشنطن تريد أن تبقي على مصالحها وعلاقاتها مع العراق.

ويبين الجابري أن الضربات التي تنفذها الفصائل العراقية لها انعكاسات بشكل مباشر على الحرب في غزة، خاصة أن القوى التي تواجه المصالح الأميركية والبريطانية سواء في العراق أو اليمن أو لبنان وسوريا شتت التحالفات الدولية التي تدعم إسرائيل، لذلك يحاول الجانب الأميركي أن يرد بين الحين والآخر.

المصدر : الجزيرة