أسسوا "جبهة إنقاذ".. هل ينجح معارضو طالبان في إحلال السلام بأفغانستان؟

أعضاء جبهة سياسية جديدة (مصدر الصور: مكتب المتحدث باسم الجبهة السياسية)
أعضاء جبهة إنقاذ أفغانستان خلال اجتماعهم (مواقع إلكترونية)

كابل – أعلن عدد من الشخصيات وزعماء الأحزاب السياسية والمسؤولين الحكوميين السابقين في الحكومة الأفغانية السابقة -للمرة الأولى منذ صعود حركة طالبان إلى الحكم منتصف أغسطس/آب الماضي- تشكيل ما سموه "جبهة إنقاذ أفغانستان".

وتجمع نحو 40 شخصية سياسية أفغانية -كانوا قد غادروا أفغانستان قبيل وصول مسلحي طالبان إلى العاصمة كابل- في في العاصمة التركية أنقرة بمنزل عبد الرشيد دوستم النائب الأسبق للرئيس الأفغاني السابق أشرف غني. وخلال محادثات استمرت أكثر من 9 ساعات، طالب المشاركون حركة طالبان باستئناف المفاوضات لتحقيق السلام والاستقرار في أفغانستان.

وقال مصدر مشارك في الاجتماع للجزيرة نت "اتفق الجميع على الحل السلمي للقضية الأفغانية وأكدوا على المفاوضات بين الأفغان، وإن لم تقبل حركة طالبان هذا العرض فقد تذهب جبهة إنقاذ أفغانستان إلى العمل العسكري في عموم أفغانستان".

وتتكون الجبهة من 10 لجان، أهمها لجنة العلاقات الدولية والمفاوضات، إضافة إلى المتحدث الرسمي، وستكون رئاسة الجبهة بصورة دورية، وتقتصر الرئاسة على الدورة واحدة فقط.

يشار إلى أن معظم المشاركين في الجبهة هم زعماء جهاديون وأمراء حرب مثل عبد الرب رسول سياف وعبد الرشيد دوستم ومحمد محقق وصلاح الدين رباني وعطا محمد نور ومحمد يونس قانوني وأحمد ضياء مسعود ومير رحمن رحماني وأحمد ولي مسعود ومحمد علم إيزد يار وحضرة علي.

كما تضم الجبهة عددا من الشخصيات السياسية الأخرى حاربوا حركة طالبان في تسعينيات القرن الماضي وحكموا أفغانستان بعد سقوط حكومة الحركة الأولى عام 2001 ولم يتمكنوا من الوقوف أمام زحف الحركة نحو كابل بعد الانسحاب الأميركي المفاجئ من أفغانستان، وتعرضوا لانتقادات من أتباعهم بسبب إخفاقهم في أخذ زمام المبادرة واستمرار الخلافات بينهم.

لا تتمتع بسمعة جيدة

وفي هذا الشأن، يقول وزير الدفاع الأفغاني السابق شاه محمود مياخل للجزيرة نت "يمكن أن تكون الجبهة الجديدة عنوانا، ويجب أن يفتح الطريق نحو استئناف المفاوضات بين الأفغان. معظم المشاركين في الجبهة شخصيات لا تتمتع بسمعة جيدة في المجتمع الأفغاني بسبب دورهم في الحرب الأهلية ولا أعتقد أن يكون لهم دور بارز في إدارة المشهد السياسي في أفغانستان".

ويرى خبراء في الشأن الأفغاني أن تشكيل جبهة سياسية ضد طالبان خارج أفغانستان وعدم وجود شخصيات مهمة مثل الرئيس الأفغاني السابق محمد أشرف غني ورئيس لجنة المصالحة عبد الله عبد الله والرئيس الأفغاني الأسبق حامد كرزاي، لا يمكن أن يؤثر على موقف طالبان من تشكيل حكومة شاملة والقضايا الأساسية الأخرى.

وفي السياق، يقول المسؤول الحكومي السابق نجيب ننكيال إن "معظم أعضاء الجبهة كانوا ينتظرون التوافق مع طالبان بصورة فردية حتى يتمكنوا من الحفاظ على ثرواتهم والأموال التي حصلوا عليها خلال الـ20 سنة الماضية".

عبدالرشيد دوستم وعطاء محمد نور في مدينة مزار شريف، وقبيل سقوطها في يد مسحلي طالبان
عبد الرشيد دوستم (يسار) وعطاء محمد نور في مدينة مزار شريف قبيل سقوطها بيد مسحلي طالبان (مواقع إلكترونية)

وأضاف ننكيال للجزيرة نت أنهم لم يحصلوا على ضوء أخضر من طالبان، فلجؤوا إلى تشكيل جبهة سياسية للضغط على الحكومة الأفغانية الجديدة، لذلك سيكون من الصعب للغاية أن يكسب هؤلاء ثقة الشباب الذين ينظرون إليهم كجزء من المشكلة وسبب في انهيار النظام السابق.

وفي بيان ختامي أصدرته بنهاية الاجتماع، أعلنت الجبهة موقفها من الوضع الراهن في أفغانستان وقدمت 7 مطالب رئيسية للحكومة الأفغانية الجديدة التي تتزعمها حركة طالبان.

وكان أهم ما جاء في البيان إعادة السيادة للشعب من خلال إقامة نظام يقوم على أساس الانتخابات وإحلال السلام الدائم والاستقرار السياسي وتشكيل نظام سياسي برلماني يسمح بانتخاب النواب ومسؤولين محليين في الولايات ويضمن النظام مشاركة كافة أطياف الشعب الأفغاني ولا يقتصر الأمر على فئة معينة من الشعب".

دليل على وحدة الصف

وتعليقا على ذلك، يقول محمد محقق زعيم حزب الوحدة الإسلامية وعضو جبهة إنقاذ أفغانستان للجزيرة نت إن تشكيل الجبهة بعد 9 أشهر من حكم طالبان دليل على وحدة الصف، وإن أعضاء الجبهة يمثلون جميع أنحاء أفغانستان، "ولقد بادرنا إلى تشكيل الجبهة بعد خيبة أمل في تشكيل حكومة تمثل الشعب الأفغاني بأكمله وليست جماعة معينة في أفغانستان".

وترى حركة طالبان أنها شكلت حكومة تمثل جميع العرقيات الموجودة في أفغانستان وأن عدم وجود شخصيات معينة في الحكومة لا يعني أنها ليست شاملة.

ولم ترد طالبان على مطالب الجبهة حتى الأن، لكنها شكلت بالفعل لجنة مكلفة بالتحدث مع الشخصيات السياسية والشخصيات البارزة الذين غادروا أفغانستان قبيل وصول طالبان إلى السلطة.

من جانبه، يقول وزير الخارجية الأفغاني بالوكالة أمير خان متقي للجزيرة نت "نريد من جميع الذين غادروا البلاد العودة إلى أفغانستان، لقد تمكنت الحركة من توفير الأمن وسوف نحافظ على حقوق وحياة السياسيين. لا داعي لفتح جبهات أخرى، ولت أيام الحرب والصراع. لن يجدوا من يدعمهم بالمال والسلاح".

المصدر : الجزيرة