قبيل التصويت على حجب الثقة عن حكومة عمران خان.. المعارضة الباكستانية تطرح تسوية وترفض التراجع

يرجح المحللون أن عمران خان خسر الأغلبية، ومن المرجح أن تحجب الثقة عنه فعلا الأحد، لكنهم توقعوا عدم استسلامه بسهولة، وإمكانية اندلاع أعمال عنف من مناصريه الذين تمت دعوتهم للاحتشاد بمحيط البرلمان تزامنا مع التصويت على حجب الثقة

People watch Prime Minister of Pakistan Imran Khan addressing the nation
باكستانيون يتابعون خطابا لرئيس الوزراء عمران خان (غيتي)

إسلام آباد- عشية التصويت على حجب الثقة عن رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان، خلال جلسة مقررة للبرلمان الأحد، تشهد البلاد تحركات الساعات الأخيرة، حيث أبلغت المعارضة الدوائر الحكومية المعنية بأن هناك حليْن لا ثالث لهما لتسوية الوضع السياسي المتوتر في البلاد؛ وهما إما الاستقالة أو مواجهة حجب الثقة.

أما رئيس الوزراء عمران خان، فيبدو أنه يواجه ضغوطا متزايدة حيث طالب خان بإجراء انتخابات مبكرة والاحتكام إلى صناديق الانتخابات و"صوت الشعب".

ووفقا لصحيفة "ذا نيوز إنترناشيونال" الباكستانية، فقد صرح أحد زعماء المعارضة بأن رئيس الوزراء أبلغ القيادة العسكرية أنه مستعد للدعوة إلى انتخابات والسعي للحصول على تفويض جديد إذا سحبت المعارضة اقتراح التصويت بحجب الثقة، لكن المعارضة رفضت ذلك.

وحسب الصحيفة، فإن الجهود لإنهاء الأزمة السياسية كانت تُبذل من قبل جهات غير معلومة. ونقلت عن وزير فدرالي، طلب عدم الكشف عن هويته، أنه "كانت هناك جهود متضافرة بين مختلف أصحاب المصلحة للاتفاق على إطار إجماعي لإنهاء المأزق السياسي".

في حين قال وزير الإعلام الاتحادي فؤاد شودري إن قائد الجيش الجنرال قمر جاويد باجوا والمدير العام للمخابرات الداخلية التقيا رئيس الوزراء خان الأربعاء، رغم أنه لم يكشف عن أي تفاصيل حول ما حدث في الاجتماع.

ووفقا للصحيفة ذاتها، فقد تزايدت الأصوات المنضمة إلى المعارضة ووصل عددها حتى منتصف يوم الجمعة إلى 199، ومن بين هؤلاء ما يقرب من 20 عضوا منشقا عن حزب الإنصاف الباكستاني الحاكم، في الوقت الذي تطلب المعارضة دعم 172 عضوا لإسقاط حكومة عمران خان، وهذا يشير إلى حد كبير إلى أن عمران خان سيخسر التصويت.

ويواجه عمران خان-بطل رياضة الكريكت السابق- أخطر أزمة سياسية منذ انتخابه عام 2018، ويتهمه خصومه بسوء الإدارة الاقتصادية، في ظل تسارع ارتفاع التضخم وتهافت سياسته الخارجية، كما تواجه الحكومة تهديدا متزايدا من حركة طالبان باكستان.

في الوقت الضائع

ورغم مأزقه السياسي الصعب، يسعى عمران خان للإبقاء على قاعدته الشعبية التي تراجعت إلى حد كبير خلال الفترة الماضية بسبب الأوضاع الاقتصادية. وهي خطوة ترضية وخيار في حال تم التوصل لاتفاق حول إجراء انتخابات مبكرة.

وأفادت قناة "إي آر واي نيوز" (ARY News) الباكستانية، بأن رئيس الوزراء رفض الجمعة ملخصا من هيئة تنظيم النفط والغاز (أوجرا) لرفع سعر البنزين بمقدار 55.78 روبية (0.30 دولار أميركي) للتر الواحد من أجل التسهيل على الناس، ولذلك ستتحمل الحكومة الزيادة من خلال دعم قدره 33 مليار روبية (حوالي 178 مليونا و596 ألف دولار أميركي).

من جهة أخرى، تشير تقارير إلى أن عمران خان ربما يرى بارقة أمل من خلال تقدم حزبه في المرحلة الثانية من الانتخابات المحلية بإقليم خيبر بختونخوا، حيث نقلت وسائل الإعلام الباكستانية أنه قدم التهاني لحزبه على "النجاح الساحق" وفق تعبيره، قائلاً إن أهالي خيبر بختونخوا رفضوا بشدة ما يصفونهم "بالخونة الذين باعوا أنفسهم للأجانب".

وأظهرت النتائج الأولية فوز الحزب في 21 مجلسا على الأقل من أصل 41، وفقا لما ذكرته صحيفة "داون" الباكستانية.

pakistan parliament seats
جلسة سابقة للبرلمان حيث من المنتظر أن ينعقد الأحد للتصويت على حجب الثقة عن حكومة عمران خان (مواقع إلكترونية)

منافسة قوية في إقليم البنجاب

بالتزامن مع التوتر في العاصمة إسلام آباد، تزداد سخونة الأوضاع في عاصمة إقليم البنجاب، لاهور، حيث قدم رئيس وزراء الإقليم استقالته نزولا عند رغبة عمران خان، الذي عرض المنصب على حلفائه في حزب الرابطة الإسلامية الباكستانية (جناح قائد أعظم).

يأتي هذا في الوقت الذي تسعى فيه المعارضة لإحباط محاولة انتخاب شودري برويز إلهي، كرئيس جديد للوزراء في الإقليم، ورشحت مقابله حمزة شهباز شريف، نجل زعيم المعارضة شهباز شريف.

ووفقا لصحيفة "داون"، فقد سرّع برويز إلهي جهوده لجذب نواب المعارضة ليس فقط لانتخابه كرئيس لوزراء البنجاب، ولكن أيضا لحماية حكومة تحريك إنصاف الباكستانية الحاكمة في الإقليم. في الوقت الذي تحركت فيه المعارضة للتأكد من ولاءات نوابها.

كما أشارت صحيفة "ذا إكسبرس تريبيون" الباكستانية، إلى أن الساحة السياسية في لاهور تشهد تنافسا شديدا بين الأحزاب السياسية على الفوز بمنصب رئيس الوزراء، حيث تسعى أحزاب المعارضة للتضييق أكثر على رئيس الوزراء عمران خان.

وكان خان قد كلّف زعيم حزب الإنصاف الباكستاني في إقليم البنجاب، ووزير القانون الإقليمي، رجا بشارات، بمقابلة أعضاء مجلس المقاطعة وضمان الأغلبية فيه لانتخاب إلهي كرئيس للوزراء.

ونقلت الصحيفة نفسها عن بشارات قوله إن العدد المطلوب لانتصار إلهي قد تحقق، بما في ذلك الأعضاء الساخطون داخل الحزب الحاكم. وبالمقابل، تقول المعارضة إنها أيضا تملك العدد اللازم لانتخاب رئيس وزراء غير برويز إلهي.

ومطلوب أن يصوّت 186 نائبا لصالح برويز إلهي من أصل 371 نائبا في برلمان البنجاب، حتى يتم تنصيبه رئيسا لوزراء الإقليم.

وفي هذا السياق، يقول المحلل السياسي فضل بانغَش إن "هناك معارضة قوية يقودها رانا ثناء الله، القيادي في حزب الرابطة الإسلامية – نواز"، متوقعا أن تفشل هذه المعارضة في انتخاب برويز إلهي رئيسا للوزراء.

في المقابل، يقول المحلل السياسي والاقتصادي عبد الكريم شاه إن الأمور أيضا في البنجاب ليست واضحة، ومسألة نجاح برويز إلهي أو فشله يعتمد على مجموعة جهانجير خان تارين وأين يمكن أن تقف في التصويت بمجلس البنجاب.

Leader of the opposition parties Mian Muhammad Shahbaz Sharif and Bilawal Bhutto Zardari, chairman of the Pakistan People's Party (PPP) to address a news conference, in Islamabad
قادة أحزاب المعارضة الباكستانية خيروا عمران خان بين الاستقالة أو حجب الثقة (رويترز)

تخوف من أعمال عنف

وقبل يوم من التصويت على حجب الثقة عن رئيس الوزراء عمران خان، الأحد، يبدو أن حزب الإنصاف الباكستاني يسعى لاتخاذ إجراءات أخيرة أملا في تجاوز هذه الأزمة.

وأصدر الحزب إشعارات نهائية إلى المشرعين المعارضين من الحزب بعد توجيهات عمران خان الداعية إلى اتخاذ إجراء حاسم ضدهم. ويتوقع أن يواجهوا أحكاما بعدم اعتمادهم أو ترشيحهم في أي انتخابات لمدة معينة أو ربما مدى الحياة.

في هذه الأثناء، تسود العاصمة إسلام آباد حالة من الترقب قبيل التصويت، وسط مخاوف لدى المعارضة من استهداف أعضائها سواء من خلال الجماهير المؤيدة لعمران خان أو بالإجراءات الأمنية التي يمكن أن تعيق عملية التصويت أو تُفشِله.

ودعا زعيم المعارضة في الجمعية الوطنية شهباز شريف، الجهات الأمنية، وعبر رسالة موجهة لوزير الداخلية، إلى ضمان الأمن يوم التصويت، وذلك بعد دعوات لعمران خان لحشد 100 ألف من مناصريه خارج مبنى البرلمان يوم الأحد.

في هذا السياق، رجّح المحلل فضل بانغَش احتمال أن يشهد الشارع أعمال عنف، "لأن عمران خان لا يقبل الاستسلام، ونظرا لدعوة وزراء وقيادات من حزبه لمناصريه بالنزول إلى الشوارع، فإن ذلك يتوقع أن يؤدي إلى أعمال عنف ربما تستمر لأيام".

في المقابل، قال عبد الكريم شاه "هناك بالفعل إجراءات أمنية مشددة لوضع طوق أمني حول المنطقة الحمراء، وربما يتسبب ذلك ببعض أعمال العنف".

في حين قال الصحفي والمحلل السياسي جاويد رانا، إن "عمران خان خسر الأغلبية، وهذا بالتأكيد غير مقبول لمناصريه، مما يجعل احتمالات العنف واردة جدا".

وأضاف أن "الخيارات التي يمكن أن يلجأ إليها عمران خان لضمان إفشال تصويت حجب الثقة قد تكون عبر حملة اعتقالات في صفوف أعضاء المعارضة، وهذا غير مرجح ويمكن أن يتسبب بزيادة التوتر".

وحسب المحلل، فالخيار الثاني الذي أيضا لا يفيد كثيرا، هو انتظار إصدار قرار محكمة حول النواب المنشقين وإيقاف عملهم السياسي، وعدم اعتماد تصويتهم.

المصدر : الجزيرة