الحرس الثوري.. لماذا تتشبث إيران بشطبه من قائمة الإرهاب الأميركية؟

Members of the Iranian revolutionary guard march during a parade to commemorate the anniversary of the Iran-Iraq war in Tehran September 2011 REUTERSStringerFile Photo.png
عناصر من الحرس الثوري الإيراني خلال استعراض في طهران (رويترز-أرشيف)

منذ استئناف مفاوضات فيينا النووية في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، تمسكت إيران بضرورة التوصل لاتفاق جيد وقوي يحفظ مصالحها الوطنية ولا يتجاوز خطوطها الحمراء، ومنها رفع العقوبات الأميركية ولا سيما عن الحرس الثوري الإيراني.

وصنف وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، شطب واشنطن اسم الحرس الثوري من قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية، مطلبا رئيسيا لبلاده في مفاوضات فيينا، ليصبح الشرط الإيراني عقبة أساسية أمام إحياء الاتفاق النووي.

وفي هذا السياق، قال المبعوث الأميركي إلى إيران روبرت مالي، في منتدى الدوحة، إن الحرس الثوري سيبقى ضمن العقوبات وهذه مسألة لا تتصل بالاتفاق النووي.

وكشف عبد اللهيان، أمس السبت في تصريح للتلفزيون الإيراني، أن قيادة الحرس الثوري كانت قد أعلمته بوضع قضية العقوبات المفروضة على المؤسسة العسكرية جانبا في حال كان الإصرار عليها سببا في نسف مفاوضات فيينا.

وأضاف عبد اللهيان "نطالب برفع العقوبات عن الحرس الثوري رغم موقف قياداته الذي أبلغونا به"، مؤكدا أن الحرس الثوري طرف رئيسي في إستراتيجية إيران الأمنية والدفاعية.

وكان الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، أعلن في 8 أبريل/نيسان 2019 أن الولايات المتحدة صنفت الحرس الثوري الإيراني منظمة إرهابية أجنبية، بينما رد مجلس الأمن القومي الإيراني بتصنيف القوات الأميركية في المنطقة على لوائح الإرهاب.

وعلى الرغم من التقارير الواردة عن دراسة الولايات المتحدة تلبية المطالب الإيرانية، فإن الغضب الأميركي من حضور عناصر من الحرس الثوري في معرض الدوحة للدفاع البحري مؤخرا بدد الآمال التي كانت تعقد على قرب التوصل إلى توافق في فيينا.

إبعاد شبح الحرب

ولعل السبب الرئيس وراء الإصرار الإيراني على شطب اسم الحرس الثوري من قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية، هو إبعاد شبح الحرب عن البلاد، وفق الباحث في الشؤون الدولية سعيد شاوردي، الذي يرى في تصنيف الحرس الثوري منظمة إرهابية تمهيدا لشرعنة هجوم محتمل ضد إيران.

واتهم شاوردي، في حديثه للجزيرة نت، الولايات المتحدة بالعمل على تقويض القوات المسلحة الإيرانية والقضاء على الحرس الثوري لمعارضته المخططات الأميركية في المنطقة، على حد قوله.

وعن سبب تشبث بلاده برفع العقوبات عن الحرس الثوري رغم إعلانها أكثر من مرة أنه لا تأثير للعقوبات عليه، قال شاوردي إن هذه المؤسسة العسكرية الأمنية تمتلك المال والتكنولوجيا وتتمتع بشعبية ونفوذ داخل إيران وخارجها ولا يمكن التفريط بهذه الميزة لدفع الخطر عن البلاد.

تأثير العقوبات

وعزا سبب دراسة واشنطن شطب الحرس الثوري من قائمة المنظمات الإرهابية، إلى قناعة القيادة الأميركية باستحالة القضاء على هذه المؤسسة من خلال هجوم عسكري على غرار مهاجمة حركة طالبان في أفغانستان عام 2001.

وشدد على أن الولايات المتحدة تتعرض لضغوط من قبل حلفائها ولا سيما الكيان الصهيوني، لإبقاء الحرس الثوري في قائمة الإرهاب كذريعة لإعادة العقوبات على إيران بسبب نفوذ فيلق القدس التابع للحرس الثوري في بعض دول المنطقة.

ويرى شاوردي، أن العقوبات الأميركية على الحرس الثوري مؤثرة نسبيا في الحد من تعاملاته الاقتصادية داخل إيران وخارجها، مضيفا أن إبقاء العقوبات سيعرقل حصول الحرس الثوري على أسلحة نوعية مثل منظومة "إس-400" الروسية أو معدات عسكرية متطورة أخرى من الصين، كما أنها ستعرقل صادرات الحرس الثوري من الطائرات المسيّرة المتطورة وأسلحة أخرى إلى الخارج.

وخلص إلى أن الولايات المتحدة وحلفاءها يريدون إبقاء الباب مفتوحا لإعادة العقوبات على الحكومة الإيرانية، بذريعة دعمها لأنشطة الحرس الثوري في الخارج باعتبارها تزعزع استقرار المنطقة إلى جانب الضغوط على حركات المقاومة المتحالفة مع إيران، مثل حزب الله اللبناني وحركتي المقاومة الإسلامية (حماس) والجهاد الإسلامي في غزة وجماعة الحوثي في اليمن وحركات أخرى في العراق.

رسائل متبادلة

من جانبه، كشف مدير المركز العربي للدراسات الإيرانية محمد صالح صدقيان، عن موافقة الجانب الأميركي على شطب اسم الحرس الثوري من قائمة الإرهاب شريطة أن يسهم فيلق القدس في خفض التوتر بالمنطقة.

وأضاف صدقيان في حديثه للجزيرة نت، أن إيران ردت على رسائل أميركية تلقتها عبر وسطاء، أنها على استعداد للتعاون في خفض التصعيد بالمنطقة، وقدمت تصورا ومبادرة لتشكيل منظومة أمنية بمشاركة دول المنطقة دون التدخل الأجنبي.

وأشار إلى أن طهران تعتبر رفع كامل العقوبات عن المؤسسات الإيرانية بما فيها الحرس الثوري شرطا أساسيا لإحياء الاتفاق النووي، وتوقع أن تحصل انفراجة عقب زيارة منسق الاتحاد الأوروبي بشأن المحادثات النووية، إنريكي مورا إلى طهران واجتماعه مع وزير الخارجية الإيراني ونائبه كبير المفاوضين الإيرانيين علي باقري كني.

وأعلنت الخارجية الإيرانية، في بيان لها، أن كبير المفاوضين الإيرانيين، علي باقري كني، أكد خلال لقائه مورا أنه يمكن التوصل إلى اتفاق إذا كان الجانب الأميركي واقعيا.

المصدر : الجزيرة