ستؤثر على 1.6 مليون يمني.. ناقلة النفط "صافر" تتداعى والأمم المتحدة تدق ناقوس الخطر

ترسو عائمة النفط "صافر" في مياه البحر الأحمر منذ أبريل/نيسان 2015، وعليها ما يقارب مليون و140 ألف برميل نفط خام، وفق مسؤولين حكوميين، فيما يخشى مختصون من تسرّب النفط في مياه البحر، بعد تآكل أجزاء من جسمها.

ناقلة النفط صافر
الناقلة "صافر" تحمل أكثر من مليون برميل نفط خام (الجزيرة)

صنعاء– تتجدد المخاطر بشأن ناقلة النفط اليمنية "صافر" التي ترسو قبالة الساحل الغربي لليمن في البحر الأحمر منذ عام 2015، محملة بأكثر من مليون برميل من النفط الخام وسط مخاوف من تسرب نفطي بسبب تلف أجزاء من الناقلة لانعدام الصيانة بسبب الحرب، مما قد يؤثر على حياة أكثر من 1.6 مليون يمني.

وكثفت الأمم المتحدة مؤخرا من جهودها مع أطراف الحرب في اليمن لتفادي وقوع أكبر كارثة بيئية في العالم وفق مختصين.

الناقلة تبعد 60 كيلومترا شمال مدينة الحديدة، وتحمل ما يعادل 4 مرات كمية النفط التي تسربت من الناقلة "إكسون فالديز" (Exxon Valdez) عام 1989 وتسببت بكارثة بيئية، وفق معلومات الأمم المتحدة.

ويفيد مكتب المنسق المقيم ومنسق الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة في اليمن ديفيد غريسلي أن المنسق عقد اجتماعات مؤخرا مع الحكومة في عدن وسلطات صنعاء للتخفيف من التهديد الذي تشكله وحدة التخزين والتفريغ العائمة "صافر"، وأن الجانبين أبديا رغبتهما لمواجهة هذه الكارثة.

وقال المكتب للجزيرة نت إن الحكومة اليمنية تدعم مقترح المنسق بنقل مليون برميل من النفط على متن السفينة صافر إلى سفينة أخرى، وإن سلطات صنعاء أبدت قلقها من المخاطر البيئية والإنسانية التي تشكلها الناقلة ورغبتها في رؤية تحرك سريع لحل المشكلة.

وأضاف أن خطر وقوع كارثة وشيكة أمر حقيقي للغاية، و"نحن بحاجة إلى ترجمة النية الطيبة التي أظهرتها الأطراف إلى أفعال في أقرب وقت ممكن".

صورة تظهر التلف في اجزاء من الناقلة المصدر موقع حلم اخضر
صورة تظهر التلف في أجزاء من الناقلة (موقع حلم أخضر)

مخاوف من تبعات خطيرة

ويقول مكتب المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إن الخزان يشهد حالة من التدهور في هيكله ومعداته ومنظومات تشغيله، مما يجعله عرضة لخطر التسرب النفطي أو الانفجار أو الحريق، بالتالي سيؤدي لتبعات بيئية وإنسانية كارثية على اليمن والبلدان المتاخمة له، حسب قوله.

وأضاف مكتب المبعوث الدولي للجزيرة نت، أن الجهود المكثفة مؤخرا جاءت بعد تسرب مياه البحر إلى غرفة محرّكات صافر في 27 مايو/أيار الماضي، مهددة بغرق الخزان وتسرب حمولته النفطية في البحر الأحمر، وقد تم احتواء التسريب آنذاك عن طريق إصلاح مؤقت، إلا أنه من غير المحتمل أن يصمد هذا الحل لمدة طويلة مما يؤكد على الحاجة الماسة لاتخاذ إجراءات عاجلة للحيلولة دون وقوع الكارثة.

وفي تصريحات سابقة قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إن حدوث التسرب النفطي سيؤثّر على حياة 1.6 مليون يمني، حيث سيتضرر مصائد الأسماك على طول الساحل الغربي لليمن، مما سيؤدي لانهيار سبل عيش المجتمعات القائمة على الصيد، مرجحا أن يؤدي التسرب النفطي أيضا إلى إغلاق ميناء الحديدة الرئيسي لمدة قد تصل إلى 6 أشهر، وهو ما قد يؤدي لرفع أسعار الوقود في اليمن بنسبة 200%، ويضاعف أسعار الغذاء.

في السياق ذاته يقول رئيس مؤسسة حلم أخضر البيئية الصحفي محمد الحكيمي إن التسرب الوشيك للنفط سيحدث أزمة جديدة كبرى داخل الأزمة اليمنية الراهنة، كونها ستنتج تأثيرات بيئية واقتصادية وصحية وإنسانية تؤثر على ملايين اليمنيين وخصوصا الفئات الضعيفة بالمجتمعات الساحلية المعتمدة على الصيد والزراعة بدرجة رئيسية.

التسرب المحتمل من صافر يزيد 4 أضعاف على كارثة التسرب التي وقعت عام 1989 من الناقلة إكسون فالديز (الفرنسية)

المخاطر بالأرقام

وأضاف الحكيمي للجزيرة نت أن التسرب سيدمر البيئة البحرية والساحلية كليا، حيث سيمتد من سواحل البحر الأحمر حتى خليج عدن وصولا للبحر العربي، وستخسر اليمن كافة مقدراتها الطبيعية، ناهيك -والحديث للحكيمي- عن تلوث سواحلها ببقع النفط الخام الثقيلة التي تمنع وصول الأكسجين والشمس لأعماق البحر، وبالتالي نفوق الكائنات البحرية وخصوصا الشعاب المرجانية التي تزيد على 300 نوع، وكذلك المخزون السمكي لليمن والمقدر بأكثر من 850 ألف طن في السنة.

ويرى الحكيمي أن تأثير التسرب النفطي في حال وقوعه، سيحتاج لأكثر من 30 سنة قادمة حتى تتعافى بيئة البحر الأحمر من الضرر.

ويضيف أنه من بين 152 جزيرة يمنية في البحر الأحمر، ستتعرض حوالي 115 جزيرة على امتداد الساحل الغربي للضرر المباشر، كونها تقع في مسار حركة تسرب النفط المتوقع من صافر، وستخسر هذه الجزر موائلها الطبيعية، وتفقد تنوعها البيولوجي، كما ستفقد غابات المانجروف التي تشكل حوالي 12% من الشريط الساحلي للبحر الأحمر.

بدوره يقول الدكتور عبد الغني جغمان المختص بشأن هذه الكارثة البيئية إن حدوث التسرب النفطي سيؤدي إلى نفوق 969 نوعا من الأسماك بفعل بقع النفط الخام المتسربة، وسيختفي قرابة 969 نوع من الشعاب، وسيموت 768 نوعا من الطحالب، و139 نوعا من العوالق الحيوانية التي تعيش في المياه.

ويضيف جغمان في حديثه للجزيرة نت أن هذه الكارثة تهدد 1.5 مليون طائر مهاجر أثناء عبوره السنوي لمنطقة باب المندب، والتي تصنف بأنها ثاني ممر عالمي للطيور المهاجرة الحوامة، فيما يواجه 390 نوعا من الطيور البرية والمائية خطر النفوق.

أضرار تطال ملايين البشر

ووفق إحصائيات لمؤسسة حلم أخضر فإن 126 ألف صياد يمني سيفقدون مصدر دخلهم الوحيد بسبب الكارثة، منهم 67 ألفا و800 صياد في محافظة الحديدة، وستغلق 148جمعية تعاونية لمصائد الأسماك في اليمن أبوابها.

وتفيد معلومات نشرتها منظمة غرينبيس البيئية إلى أن ما يقارب 5.9 ملايين شخص في اليمن، ومليون شخص في السعودية، سيتعرضون لمستويات مرتفعة جدا من التلوث، وقد تخلّف الكارثة مخاطر صحية كبيرة على الفئات المستضعفة، مثل البالغين والأطفال المصابين بأمراض في الرئة، والبالغين الذين يعانون من أمراض في القلب، وكبار السن الذين قد تتفاقم على الأرجح مشاكل القلب والرئة التي يعانون منها أصلا.

وتقول المنظمة إن التسرب النفطي قد يتسبب في تعطيل حوالي 5094 من آبار المياه التي توفر المياه النظيفة لأكثر من 9 ملايين شخص، وقد يؤثر أيضا في إمدادات الغذاء لأكثر من 8 مليون شخص.

يشار إلى أن سفينة صافر صنعت في عام 1976 كناقلة نفط وتم تحويلها بعد عقد من الزمن إلى منشأة تخزين عائمة للنفط قبالة ساحل محافظة الحديدة، ويبلغ طولها 376 مترا، وتفتقد لأعمال الصيانة منذ عام 2015 بسبب الصراع، وقد تدهورت سلامتها الهيكلية بشكل كبير، وتتعرض السفينة لخطر انسكاب النفط بسبب تسرب أو انفجار.

ووفق الأمم المتحدة فإن من شأن التسرب الكبير أن يتجاوز بسرعة القدرات والموارد الوطنية للقيام باستجابة فعالة لهذا التسرب، وستكون النتيجة كارثية عندها، وسيدمر الساحل اليمني، وسبل العيش، وسيؤثر الضرر البيئي أيضا على السعودية، وإريتريا، وجيبوتي والصومال، ويمكن أن يعطل الشحن الحيوي عبر مضيق باب المندب والبحر الأحمر.

المصدر : الجزيرة