8 سنوات عجاف.. هل ينجح فرقاء ليبيا في إنهاء الصراع السياسي؟

كومبو يجمع بين خالد المشري وعقيلة صالح (الفرنسية - رويترز)
رئيس المجلس الأعلى للدولة في ليبيا خالد المشري (يمين) ورئيس مجلس النواب عقيلة صالح (الفرنسية-رويترز)

طرابلس- جولات من الصراع السياسي والجدل القانوني، بدأت قبل 8 سنوات في 2014 على خلفية تعثر عملية التسلّم والتسليم بين المؤتمر الوطني العام (المجلس الأعلى للدولة حاليا) ومجلس النواب المنتخب حديثا حينئذ؛ جدل لم يحسمه حكم الدائرة الدستورية بالمحكمة العليا لمصلحة الأعلى للدولة، ولا اتفاق الصخيرات المغربية بعد ذلك بعامين في 2016 رغم الضغط الدولي.

حوارات ماراثونية جرت بين الجسمين التشريعيين على مدار سنوات بين المغرب وتونس ومصر وعواصم أوروبية، ليعود الخصمان إلى المغرب حيث أعلن رئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري ورئيس مجلس النواب عقيلة صالح اتفاقهما على توحيد السلطة التنفيذية في أقرب الآجال، وذلك في مؤتمر صحفي مشترك عقداه بوزارة الخارجية المغربية في الرباط.

ممثلان عن وفدي الحوار الليبي في المغرب يتبادلان محاضر اجتماعات الجولة الثانية (الخارجية المغربية)

اتفاق أم مخاوف مشتركة؟

لقاء المشري وعقيلة الذي يأتي استكمالا لمباحثات لجنة "13+13" المشكّلة من مجلسي النواب والدولة في مدينة بوزنيقة المغربية في يناير/كانون الثاني 2021، بشأن ملف تعيين شخصيات للمناصب السيادية، يرى المحلل السياسي عبد السلام الراجحي أنه لا يعدو كونه خطوة استباقية لتحرك المبعوث الأممي الجديد لأن "إجراء مثل الذي اتخذ في جنيف وأنتج مجلسا رئاسيا وحكومة جديدة يعدّ خطرا على المشري وعقيلة؛ فتلاقت مصالح الطرفين رغم الخلاف الكبير بينهما".

الراجحي يؤكد -للجزيرة نت- أن عقيلة والمشري حاولا الظهور بمظهر المتفقين، وأن بمقدورهما إنتاج سلطة موحدة قادرة على تنظيم الانتخابات من دون تدخل البعثة الأممية، "لكن غرضهما التمدد والبقاء في السلطة والحصول على أكبر قدر ممكن من المكاسب بعد تجربتهما القاسية في تونس وجنيف وخسارتهما منصب رئيس المجلس الرئاسي".

المناصب السيادية

خالد المشري الذي صرح للإعلام باتفاق الطرفين على "توحيد السلطة التنفيذية والمناصب السيادية في مدة لا تتجاوز مطلع العام المقبل"، أوضح أن من بين المناصب السيادية التي بحثها الطرفان: رئاسة المجلس الأعلى للقضاء، والنائب العام، ورئاسة المصرف المركزي، ورئاسة مؤسسة النفط، ورئاسة المخابرات العامة ذات الملفات الإشكالية منذ اتفاق الصخيرات.

من جهته، أكد عقيلة صالح أنه "اتفق مع المشري على تنفيذ مخرجات مسار بوزنيقة المتعلق بالمناصب السيادية قبل نهاية ديسمبر/كانون الأول المقبل"، مؤكدا العمل على التوصل إلى سلطة تنفيذية موحدة في أقرب وقت، والاتفاق على "ضرورة استئناف الحوار والقيام بما يلزم لإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية" في أقرب وقت.

مصادر برلمانية متطابقة من بنغازي وطرابلس أوضحت -للجزيرة نت- أن اتفاق بوزنيقة نص على أن يكون محافظ المصرف المركزي ورئيس هيئة الرقابة الإدارية من المنطقة الشرقية، في حين يكون كل من رئيس ديوان المحاسبة والنائب العام ورئيس المفوضية الوطنية للانتخابات من المنطقة الغربية، بينما تتولى المنطقة الجنوبية رئاسة المحكمة العليا وهيئة مكافحة الفساد.

عصي على التنفيذ

بينما يعود الحديث عن المناصب السيادية للواجهة من جديد، يتساءل الكاتب الصحفي صالحين الزروالي: "كيف لذلك أن يتحقق، من يتنازل؟ وأي قوى قادرة على إزاحة قيادات هذه المؤسسات المؤثرة؟".

الزروالي يرى -في حديثه للجزيرة نت- أن تغيير المناصب السيادية حزمة واحدة في مدة قريبة لا تتجاوز مطلع العام الجاري يبدو صعب التحقيق، بخاصة منصب محافظ ليبيا المركزي الذي يشغله الصديق الكبير منذ عام 2011.

وأعلن رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة رفضه الكامل لهذه الخطوة رغم الترحيب المحلي والدولي بها، وجدد مطالبته لرئيسي مجلسي النواب والدولة بـ"الإسراع باعتماد قاعدة دستورية عادلة تنهي المشكل القانوني الذي يمنع إجراء الانتخابات كما حدث في ديسمبر/كانون الأول الماضي"، ليدخل على إثرها في حرب كلامية مع المشري عبر موقع تويتر.

تغريدات عقدت المشهد

تغريدات متتابعة علق عليها المحلل السياسي عبد السلام الراجحي بأنها "أكدت للرأي العام أن تعطيل الانتخابات العام الماضي لم يكن بسبب حكومة الوحدة الوطنية بل بسبب مجلسي النواب والدولة"، رغم اتهام المجلسين للدبيبة بالتمسك بالسلطة وهدر المال العام في مقابل إفشال العملية الانتخابية التي رأيا أن الدبيبة اخترق قوانينها بترشحه للرئاسة رغم تعهده بعدم الترشح قبيل انتخابه رئيسا للحكومة في جنيف.

الراجحي يرى أيضا أن رد فعل المجلس الرئاسي برئاسة محمد المنفي، ورد فعل رئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة يأتيان في إطار الخوف على منصبيهما، قائلا إن "المنفي منذ أشهر طالبته القوى السياسية والأحزاب ومؤسسات المجتمع المدني وحتى المتظاهرين في الساحات بإنتاج قاعدة دستورية وقوانين انتخابية وإصدارها بمراسيم رئاسية، لكنه امتنع خوفا على منصبه ومكاسبه التي حققها".

موقف حكومة الوحدة الوطنية الرافض، حسب الكاتب الصحفي صالحين الزروالي، يأتي لأنها "ترى أن الانتخابات أولا، وأن الأجسام الجديدة هي من يحق لها أن تعيد تسمية المناصب السيادية، والأزمة ستتواصل ولا حلول في حزمة واحدة كما يقولون، وهنا تكمن المشكلة"، مضيفا أن المشكل الأكبر هو أزمة المناصب السيادية التي ستطيل عمر الخلاف أكثر.

ويعتقد الراجحي أن "الكل يخشى على مكانه ويسعى للاستمرار في السلطة، فكل الموجودين لا يريدون حل الأزمة بل استمرارها، لأن أول خطوة لحل الأزمة هي الانتخابات، والكل لا يريدها".

وكان توحيد السلطة التنفيذية على يد لجنة الـ75 برعاية الأمم المتحدة قبل عامين، حيث تمثلت السلطة الجديدة الموحدة في المجلس الرئاسي وحكومة الوحدة الوطنية، وكلّفا بالتحضير لانتخابات رئاسية وبرلمانية في غضون عام واحد، الأمر الذي لم يتحقق ليزيد سحب مجلس النواب الثقة من حكومة الدبيبة وتكليف حكومة جديدة برئاسة باشاغا الأمر تعقيدا ويعيد البلاد إلى حالة الانقسام التي عاشتها منذ 2014.

المصدر : الجزيرة