تصاعد المخاوف من غزو روسي لأوكرانيا.. بايدن يدرس نشر قوات أميركية وسفن حربية وطائرات للناتو بدول البلطيق وأوروبا الشرقية

Ukrainian Servicemen of the 30th Army Brigade Ukrainian Servicemen of the 30th Army Brigade- - SVITLODARSK, UKRAINE - JANUARY 23: Ukrainian Servicemen of the 30th Army Brigade are seen outside of Svitlodarsk, Ukraine on January 23, 2022. DATE 24/01/2022 SIZE x SOURCE Anadolu/Wolfgang Schwan
جنود أوكرانيون من اللواء 30 بالجيش خارج سفيتلودارسك قرب دونيتسك بأوكرانيا (وكالة الأناضول)

مع تصاعد المخاوف من غزو روسي محتمل لأوكرانيا، نقلت صحيفة نيويورك تايمز (The New York Times) عن مسؤولين أميركيين أن الرئيس جو بايدن يدرس نشر آلاف الجنود الأميركيين إضافة إلى سفن حربية وطائرات لحلف الناتو في دول البلطيق وأوروبا الشرقية. يأتي ذلك في وقت أمرت فيه الخارجية الأميركية عائلات دبلوماسييها بمغادرة كييف "بسبب التهديد المستمر بعمل عسكري روسي"، كما نصحت مواطنيها بعدم السفر إلى أوكرانيا.

و بحسب نيوروك تايمز -التي نقلت عن مسؤولين في إدارة بايدن طلبوا عدم الكشف عن هويتهم- إن كبار المسؤولين في وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) قدموا للرئيس خلال اجتماع يوم السبت في المنتجع الرئاسي في كامب ديفيد خيارات من شأنها تقريب معدات عسكرية أميركية نحو عتبة التراب الروسي على حد وصفهم.

وتشمل هذه الخيارات -وفق المصادر نفسها- إرسال ما بين ألف و5 آلاف جندي إلى دول أوروبا الشرقية، مع احتمال زيادة هذا العدد 10 أضعاف إذا تدهورت الأمور.

وأفادت الصحيفة نقلا عن مسؤولين أميركيين أن الرئيس بايدن قد يتخذ قرارا بهذا الشأن مطلع الأسبوع الجاري.

وتشير هذه الخطوة إذا ما تمت -بحسب الصحيفة- إلى تحول في إستراتيجية إدارة بايدن التي كانت حتى وقت قريب تتخذ موقفا منضبطا تجاه أوكرانيا خوفا من استفزاز روسيا وإعطائها الذريعة للغزو، لكن الإدارة الأميركية بدأت تبتعد عن إستراتيجيتها بعدم الاستفزاز في الوقت الذي كثف فيه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تهديداته تجاه كييف، إضافة إلى فشل المحادثات الأميركية الروسية الأخيرة.

وفي بيان صحفي، أعلن البيت الأبيض أمس الأحد أن الرئيس جو بايدن ناقش مع فريقه للأمن القومي "العدوان الروسي المستمر" على أوكرانيا.

وقد توعد الرئيس الأميركي بأن غزو روسيا لأوكرانيا، إن حدث، فستكون له عواقب وخيمة.

وذكر البيت الأبيض أن مجلس الأمن القومي بحث مجموعة من تدابير الردع ضد روسيا، يتم تنسيقها مع الحلفاء، بما في ذلك الدعم العسكري المستمر للجيش الأوكراني.

مساعدات عسكرية

وفي سياق الدعم العسكري الأميركي لحكومة كييف، قال وزير الدفاع الأوكراني أوليكسي ريزنيكوف أمس الأحد إن بلاده تلقت شحنة أسلحة ثانية من الولايات المتحدة في إطار مساعدة دفاعية بقيمة إجمالية تبلغ 200 مليون دولار.

وكتب ريزنيكوف على تويتر "الطائرة الثانية في كييف. أكثر من 80 طنا من الأسلحة لتعزيز القدرات الدفاعية لأوكرانيا من أصدقائنا في الولايات المتحدة. وهذه ليست نهاية المطاف".

وكانت قد وصلت إلى العاصمة الأوكرانية السبت شحنة تقدر بنحو 90 طنا من "مساعدة أمنية"، بينها أسلحة وذخيرة فتاكة، من حزمة وافقت عليها واشنطن في ديسمبر/ كانون الأول الماضي.

وتؤكد واشنطن أنها ستواصل دعم أوكرانيا، وسط مخاوف في كييف وبين دول غربية بخصوص حشد عشرات الألوف من الجنود الروس على الحدود الأوكرانية. في حين تنفي موسكو اعتزامها شن هجوم عسكري على جارتها.

وفي إطار التحرك الأميركي نقلت صحيفة واشنطن بوست (The Washington Post) عن مسؤولين أميركيين قولهم إن إدارة بايدن تهدد باستخدام قيود جديدة على الصادرات الروسية في مجال الذكاء الاصطناعي والحوسبة الفائقة والفضاء الجوي المدني، إذا غزا الروس أوكرانيا.

وأشارت واشنطن بوست إلى استخدام "قاعدة المنتج الأجنبي المباشر" التي لجأت إليها الولايات المتحدة لاستهداف عملاق التكنولوجيا الصيني هواوي.

ويقول المسؤولون الأميركيون إنهم يعملون مع حلفاء أوروبيين وآسيويين لصياغة نسخة من العقوبات تهدف إلى وقف تدفق المكونات الحيوية إلى صناعات روسية.

نذر الحرب

وفي تطور يشير إلى نذر الحرب وحجم المخاوف في المنطقة، أمرت الولايات المتحدة عائلات دبلوماسييها في كييف بمغادرة أوكرانيا "بسبب التهديد المستمرّ بعمل عسكري روسي"، بحسب ما أعلنت الخارجية الأميركية أمس الأحد في بيان.

كما سمحت واشنطن -بحسب بيان الخارجية- بالمغادرة "الطوعية" لموظفي سفارتها غير الأساسيين هناك، ودعت المواطنين الأميركيين المقيمين في أوكرانيا إلى "التفكير الآن" في مغادرة البلاد عبر الرحلات الجوية التجارية أو وسائل النقل الأخرى. كما نصحت الرعايا الأميركيين بعدم السفر إلى أوكرانيا.

وفي السياق، قال مسؤول أميركي كبير إن الولايات المتحدة لن تكون في وضع يسمح بإجلاء الأميركيين في حال غزت روسيا أوكرانيا.

وأشار إلى أن واشنطن تواصل مسار الدبلوماسية، ولكن إذا لجأت موسكو لمزيد من التصعيد فإنه من الصعب التنبؤ بالظروف الأمنية في أوكرانيا. لافتا إلى أن بلاده تجهل حتى الآن ما يعتزم الرئيس بوتين الإقدام عليه.

تحذير من عقوبات

مع تصاعد الجدل بين روسيا وبريطانيا بعد اتهام الأخيرة لموسكو بالسعي لاحتلال أوكرانيا وتنصيب رئيس موال للكرملين في كييف، حذر وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أمس الأحد، من فرض عقوبات مبكرة على روسيا.

وقال بلينكن في مقابلة مع شبكة "سي إن إن" CNN الأميركية "عندما يتعلق الأمر بالعقوبات، فإن الغرض منها هو ردع العدوان الروسي، وبالتالي إذا تم تفعيلها الآن ستفقد التأثير الرادع".

ولوح بلينكن برد أميركي وأوروبي حاد وسريع وموحد إذا دخلت قوة روسية إضافية إلى أوكرانيا. كما جدد تأكيده أن بلاده مستعدة بالتعاون مع أوروبا لاستجابة سريعة وجيدة.

وحذرت الإدارة الأميركية مؤخرا حلفاءها الأوروبيين من هجوم عسكري روسي محتمل، مدعية أن موسكو تخطط لتنفيذ عملية باستخدام عملاء سريين لتبرير غزو أوكرانيا.

وكانت وزيرة الخارجية البريطانية ليز تروس اتهمت روسيا بالسعي لتنصيب رئيس موالٍ لها في كييف، الأمر الذي نفته موسكو بشدة.

بدوره، حذر دومينيك راب نائب رئيس الوزراء البريطاني روسيا من أنها ستواجه عقوبات اقتصادية قاسية إذا أتت بنظام حكم خاضع لها في أوكرانيا.

نفي روسي

في المقابل، دعت الخارجية الروسية لندن إلى التوقف عن نشر ما وصفته بالهراء فيما يتعلق بأوكرانيا. وقالت أيضا إن التضليل الإعلامي الذي نشرته الخارجية البريطانية يمثل دليلا جديدا على أن دول حلف شمال الأطلسي (ناتو) (NATO) هي من تقوم بتصعيد التوتر.

بدورها، حثت السفارة الروسية في لندن بشدة الجانب البريطاني على وقف "الاستفزازات الخطابية الغبية" التي تعتبر خطيرة للغاية في ظل الوضع الراهن المتصاعد، والمساهمة في الجهود الدبلوماسية الحقيقية لتوفير ضمانات موثوقة للأمن الأوروبي.

دعوات فرنسية

من جانبه، قال وزير الدولة الفرنسي للشؤون الأوروبية كليمان بون، إن فرنسا تدعو إلى حوار مباشر بين الاتحاد الأوروبي وروسيا حول رسم السياسة الأمنية في أوروبا.

وأكد بون في تصريحات لوسائل إعلام عدة أنه "ينبغي أن يكون لدينا كاتحاد أوروبي (…) اقتراحات، حوار منظم ومنتظم مع روسيا، مع بقائنا صارمين".

ورأى أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يعطي أولوية للحوار مع الولايات المتحدة، لأن ذلك يذكر بزمن الحرب الباردة وتصادم القوى العظمى ويسمح له أيضًا باحتمال "تقسيم" الأوروبيين.

وسبق أن دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الأربعاء أمام النواب الأوروبيين إلى حوار بين الاتحاد الأوروبي وروسيا بشأن تأسيس "نظام جديد للأمن والاستقرار".

وتشهد علاقات حلف الناتو وموسكو تراجعا لأدنى مستوى منذ الحرب الباردة، بسبب توتر العلاقات بين كييف وروسيا منذ نحو 7 سنوات، على خلفية ضم الأخيرة شبه جزيرة القرم الأوكرانية لأراضيها بطريقة غير قانونية، ودعمها الانفصاليين الموالين لها بإقليم دونباس شرق أوكرانيا.

المصدر : الجزيرة + وكالات + نيويورك تايمز