اليمن.. تبادل للاتهامات وأسماء مجهولة تعقّد مفاوضات الأسرى

يمثل مصير المخفيين قسرا أحد أبرز تعقيدات مفاوضات تبادل الأسرى؛ إذ يقدم الطرفان أسماء ما يزال مصيرها مجهولا، كما أن الافتقار لوحدة القرار يؤثر على قدرة المفاوضين في التوافق فيما بينهم على الأسماء التي يريدون تقديمها.

بينهم سعوديون وسودانيون.. أول عملية رسمية لتبادل الأسرى باليمن
الوساطات المحلية نجحت منذ اندلاع الحرب في إفراج الحكومة والحوثيين عن نحو 9 آلاف أسير (الجزيرة)

مفاوضات الأسرى بين الحكومة اليمنية والحوثيين التي ترعاها الأمم المتحدة صارت تستفزني وأسرتي؛ هكذا بدأ المواطن اليمني حديثه للجزيرة نت، موضحا أنه بدأ يبحث عن وسيط محلي يدرج اسم شقيقه ضمن عمليات تبادل الأسرى المحلية.

ومؤخرا، توقفت مفاوضات الأسرى في العاصمة الأردنية عمّان، ويقول عبد الحكيم "تعرقلت المفاوضات في اللحظات الأخيرة والطرفان يتبادلان الاتهامات، تعبنا ونحن نلاحق المسؤولين. صار الأمر لا يطاق".

وسعت الأمم المتحدة لإنجاح عملية تبادل 301 أسير ومختطف نهاية العام الماضي، ضمن جهودها للإفراج عن نحو 16 ألف أسير ومختطف لدى الحكومة والحوثيين بناء على اتفاق ستوكهولم أواخر 2018.

وسبق أن تبادل الطرفان في أكتوبر/تشرين الأول الماضي 1056 أسيرا ومختطفا، وبدا ذلك خطوة حاسمة في جهود السلام، وأعلنت الأمم المتحدة مرحلة جديدة من المفاوضات لتشمل جميع الأسرى.

بعد المحادثات اليمنية بعمّان.. ملف الأسرى مازال عالقا
مفاوضات الأسرى بعمّان تعرقلت في اللحظات الأخيرة تحت وقع تبادل الاتهامات بين الطرفين (الجزيرة)

الخطة "ب"

لكن الحوثيين اتهموا الأمم المتحدة بالتسبب في جمود المفاوضات، وقال عبد القادر المرتضى رئيس لجنة الأسرى التابعة للحوثيين ورئيس الوفد المفاوض -للجزيرة نت- إن الأمم المتحدة لم تمارس ضغوطا على الطرف الآخر.

وقال مكتب المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث -للجزيرة نت- إن الطرفين التقيا للمرة الخامسة خلال شهر مارس/آذار الماضي في إطار اتفاقية تبادل الأسرى والمحتجزين، برعاية الأمم المتحدة واللجنة الدولية للصليب الأحمر، لكنهما لم يتوصلا إلى اتفاق بشأن عمليات إطلاق سراح جديدة.

وأوضح أن الطرفين التزما بمواصلة مناقشة معايير عملية مستقبلية موسعة لإطلاق سراح المحتجزين، مشيرا إلى أنه ما يزال ملتزما بدعم جهود الأطراف في تنفيذ اتفاقية تبادل الأسرى والمحتجزين التي تم التوصل إليها في ستوكهولم عام 2018.

وقال المتحدث باسم وفد الحكومة المفاوض ماجد فضائل -للجزيرة نت- إن دور مكتب الأمم المتحدة كان فاعلا في إحراز تقدم، ونجحت الخطة أ المتمثلة في الإفراج عن 1056 أسيرا، "وكنا على وشك تنفيذ الخطة ب".

وتتضمن الخطة "ب" إفراج الحكومة عن 200 أسير حوثي، مقابل إفراج الحوثيين عن 101 مختطف وأسير. ويشترط الحوثيون للإفراج عن كل من محمود الصبيحي (وزير الدفاع السابق) وناصر منصور هادي (شقيق الرئيس اليمني) وفيصل رجب (قائد عسكري) ومحمد قحطان (سياسي في حزب الإصلاح)؛ الإفراج عن 400 مسلح حوثي.

وقال فضائل "قبلنا ذلك وكان من المفترض أن نفرج عن 100 أسير حوثي مقابل إطلاق الحوثيين سراح 100 مختطف ومحتجز، إضافة إلى إطلاقنا سراح 100 أسير حوثي مقابل إطلاق سراح شقيق الرئيس، لكن الحوثيين أفشلوا الاتفاق في آخر لحظة".

ويعود الفشل إلى أن الحوثيين وضعوا أسماء محددة لأسرى يُفترض الإفراج عنهم. ووفق فضائل فإن تلك الأسماء تعود لأشخاص يُزعم أنهم أُسروا في 2015، ولا تتوفر حولهم معلومات، وقال "يفرض الحوثيون شروطا تعجيزية فقط".

دموح فرح ومشاهد مؤثرة خلال استقبال أهالي تعز اليمنية الأسرى
استقبال حار لأسرى مفرج عنهم سابقا في تعز (الجزيرة)

خلافات بين الحكومة والانتقالي

غير أن المرتضى ينفي كل ما صرّح به فضائل، ويقول -للجزيرة نت- إن ما أفشل الخطة "ب" هو عجز الطرف الآخر في تقديم قائمة بـ50 أسيرا لنا أُسروا في تاريخ ومكان أسر ناصر منصور هادي.

وأضاف أن الخلاف بين الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتيّا ورفض الأخير الإفراج عن الأسرى؛ كان سببا في فشل الاتفاق.

ويكشف تصريح المرتضى عن التعقيد الأبرز في المفاوضات، "فالطرف الممثل للحكومة لا يملك قراره على الفصائل المنقسمة التي تملك أسرى حوثيين".

ووفق تقرير حديث لمركز صنعاء للدراسات (بحثي غير حكومي) فإن المسؤولين الميدانيين ممن لديهم أسرى حوثيون يرفضون مبادلتهم بأسرى من جبهات أخرى، إذ يفضلون إجراء تبادل محلي لإخلاء سبيل رجالهم.

ويشير إلى أن الافتقار لوحدة القرار يؤثر على قدرة مفاوضي الحكومة في التوافق فيما بينهم على الأسماء التي يريدون تقديمها للحوثيين.

وكيل وزارة حقوق الإنسان عضو اللجنة الإشرافية للتفاوض في ملف الأسرى والمعتقلين ماجد فضائل
ماجد فضائل: دور مكتب الأمم المتحدة كان فاعلا وكنا على وشك الإفراج عن 1056 أسيرا (الصحافة اليمنية)

الهجوم على مأرب

ومنذ فبراير/شباط الماضي يواصل الحوثيون شن هجوم على مدينة مأرب، وراهنوا خلال العملية العسكرية على تحرير أسراهم لدى القوات الحكومية، الأمر الذي جعلهم ينسحبون من اتفاق الأمم المتحدة وفق فضائل.

غير أن فشل الهجوم حتى اللحظة جعل الحوثيين يقدمون عرضا جديدا للحكومة والتحالف السعودي الإماراتي. وقال رئيس وفد الحكومة في المفاوضات هادي هيج -للجزيرة نت- إن العرض كان من المفترض أن يُقدم لمكتب المبعوث الأممي ونحن سنتفاعل معه بإيجابية وبشكل رسمي.

وأضاف "المطروح على الطاولة الآن هو ملف تبادل 301 شخص، والجدية تكمن في الاستكمال حسب ما وقعنا عليه".
وأعلن الحوثيون استعدادهم للإفراج عن الأسرى وفق وساطات محلية، وقال المرتضى إن الأخيرة كانت ناجحة جدا، ومنذ اندلاع الحرب أثمرت عن إفراج الطرفين عن نحو 9 آلاف أسير.

وأضاف أنهم اقترحوا على وفد الحكومة في مفاوضات عمّان توسيع قائمة الأسرى بما يشمل ذلك وزير الدفاع محمود الصبيحي.

لكن العقيد فدرين طه قائد تعزيزات محور طور الباحة في مأرب التابعة للقوات الحكومية يقول للجزيرة نت إن حديث الحوثيين حول الأسرى محاولة لكسب ورقة سياسية ضمن سياق الحراك الدبلوماسي الذي تشهده الأزمة اليمنية مؤخرا.

اليمن اتفاق الحكومة والحوثيين.. دلالات العملية الأوسع لتبادل أسرى بينهم أجانب
وساطات محلية وقبلية نجحت سابقا في إطلاق سراح آلاف المعتقلين من الحكومة اليمنية والحوثيين (الجزيرة)

مصير المخفيين

ويفرض مصير المخفيين قسرا تعقيدا آخر في المفاوضات؛ إذ يقدم الطرفان أسماء ما يزال مصيرها مجهولا، بما في ذلك مصير السياسي البارز في حزب الإصلاح محمد قحطان المخفي قسرا لدى الحوثيين منذ 2015.

لكن المرتضى قال إن وفده المفاوض اقترح تقديم كشوفات تتعلق بالمخفيين قسرا لدى الجانبين بما في ذلك قحطان، غير أنه لم يكشف عن مصيره.

لكن عبد الرحمن نجل قحطان يرى أن جماعة الحوثيين سبق أن اشترطت شروطا للإفراج عن والده وبقية المخفيين، ورغم ذلك لم يعلنوا ما هي الشروط، لتبقى مجرد تصريحات سياسية توظف سياسيا.

ويقول للجزيرة نت "طيلة السنوات لم يبقَ لدينا أي أمل في شيء".

المصدر : الجزيرة