الجزيرة نت تحاور حسين الهنداوي مستشار رئيس الوزراء العراقي لشؤون الانتخابات

المحتجون فرضوا تقديم موعد الانتخابات بتضحياتهم

حسين الهنداوي
الهنداوي اعتبر أن إلغاء انتخابات الخارج قرار ناجح ويصب لصالح نزاهة الانتخابات (الجزيرة)

أكد الدكتور حسين الهنداوي مستشار رئيس الوزراء العراقي لشؤون الانتخابات أن إرادة الشباب لا سيما المحتجين فرضت تقديم موعد الانتخابات التشريعية إلى 10 أكتوبر/تشرين الأول القادم، معتبرا أن المشاركة الواسعة في الانتخابات المقبلة علامة قوة لأن تضحيات الحراك الشعبي ستذهب سدى ما لم تقم القوى الجديدة والشابة بتنظيم نفسها ومضاعفة استعدادها لضمان تحقيق فوز حقيقي، ولو كان نسبيا، في الاقتراع.

ويرى -في حوار موسع مع الجزيرة نت- أن رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي يعتبر نزاهة الانتخابات هدفا أعلى ويحرص على توفير كل ضماناته، مشيرا إلى أن قرار إلغاء الانتخابات بالخارج إيجابي ويصب في مصلحة الناخبين، وكان ينبغي اتخاذه منذ سنوات نظرا لتقلص أعداد المصوتين الفعليين وتزايد الاتهامات بانعدام الشفافية والاستغلال السياسي بشأنها، بينما العراق يحتاج حاليا لإجراء انتخابات شفافة ونزيهة لأقصى حد ممكن.

ويعتبر الهنداوي من أبرز المستشارين بالعراق، وكان المستشار الدولي الأقدم لبعثة الأمم المتحدة في البلاد (يونامي) بين 2008 و2014، وأول رئيس مؤسس للمفوضية العليا المستقلة للانتخابات عام 2004 و2007، ويحمل شهادة الدكتوراه مع مرتبة الشرف من فرنسا في الفلسفة الحديثة (1987) مع ماجستير في الفلسفة من فرنسا أيضا (عام 1984) وبكالوريوس في الفلسفة من جامعة بغداد (عام 1970) وهو خبير في السياسة والانتخابات والأدب والفلسفة فضلاً عن خبراته في المجال الصحفي.

وفيما تفاصيل الحوار:

  • هل هناك صعوبات تقف عائقاً أمام الحكومة لإجراء الانتخابات؟ وما هي إن وجدت؟

– هناك تحديات كثيرة تواجه إجراء أي انتخابات برلمانية كبيرة كانتخابات مجلس النواب، خاصة وأنها ستكون مبكرة، لكن ليس هناك حتى الآن أي عائق مالي أو أمني أو تقني أو سياسي حقيقي منظور يمكن أن يمنع إجراءها.

الحكومة عازمة على توفير كل الضمانات والتسهيلات والدعم للمفوضية التي بدورها أعلنت مرارا استعدادها لتنظيم الانتخابات المقبلة في موعدها. رئيس الوزراء يعتبر نزاهة الانتخابات هدفا أعلى ويحرص على توفير كل ضماناته فيما نحن نواكب عن كثب تنفيذ المفوضية لفقرات خططها وجدول العمليات الانتخابية التي شارك خبراء عراقيون ودوليون في رسمها بعد دراسات رصينة. كما نواصل أيضا متابعة عمل اللجنة الأمنية الخاصة بأمن الانتخابات المشكلة بمشاركة كافة الوزارات والأجهزة ذات العلاقة.

  • هل الانتخابات المقبلة ستضع خارطة جديدة للمشهد السياسي؟

– درجة نزاهة وشفافية الانتخابات المبكرة ونسبة المشاركة الفعلية في الاقتراع هما البوصلة الحاسمة في إمكانية أن تكون نتائجها مؤثرة أو قادرة على صنع خارطة جديدة للمؤسسات الحاكمة المقبلة التشريعية والتنفيذية وغيرها. وكل هذه النتائج من الصعب معرفتها بدقة حاليا. ومع ذلك من المتوقع بقوة أن تكون الانتخابات القادمة استثنائية فعلا في مصداقيتها وفي تعبيرها عن إرادة أغلبية العراقيين، وبالتالي دعم وتحقيق طموحهم بحياة كريمة وبوطن فعلي يضمن حقوقهم وكرامتهم في المرحلة المقبلة. واعتقد جازما أن الشعب العراقي لن يتسامح مع أية جهة ستساهم في تزوير الانتخابات المبكرة بعد كل ما عاناه من إساءة ومصادرة لحقوقه وإرادته السياسية طوال نصف قرن.

  • هل يؤثر إلغاء اقتراع الخارج على العملية الانتخابية ونتائجها؟

– لن يؤثر سلبياً على الإطلاق رغم أنه يحرم بعض المواطنين من حقهم الدستوري. والمفوضية أوضحت أن هناك أسبابا فنية ومادية وقانونية وصحية تعيق عملية تسجيل الناخبين في المهجر، فضلاً عن أن وزارة الخارجية اعتذرت عن إقامة الانتخابات في السفارات والقنصليات العراقية في الخارج، كما لم يتم ضمان موافقات معظم الدول المشمولة بتصويت عراقيي المهجر. وفي نظري، كان القرار إيجابيا على أكثر من صعيد وواحدا من أفضل القرارات التي شجعنا المفوضية الحالية على اتخاذها. بل كان ينبغي اتخاذه منذ سنوات نظرا لتقلص أعداد المصوتين الفعليين، وتزايد الاتهامات بانعدام الشفافية والاستغلال السياسي بشأنها، بينما العراق يحتاج حاليا إلى إجراء انتخابات شفافة ونزيهة إلى أقصى حد ممكن.

  •  تأجيل الانتخابات إلى موعد جديد موضوع يطرح بين الحين والآخر. ما رأيك؟

– إجراء الانتخابات المبكرة المقبلة سيتم في العاشر من أكتوبر/تشرين الأول المقبل الذي بات موعداً نهائياً لا رجعة عنه. فالمفوضية قطعت أشواطا مهمة في تحضيراتها على أساس هذا الموعد، وكذلك الحال بالنسبة لشركاء العملية الانتخابية جميعا. فقد أعلنت المفوضية أنها صادقت على 44 تحالفا، و3523 مرشحا، منهم 1002 مرشح قدمتهم التحالفات، و1634 مرشحا قدمتهم الأحزاب المسجلة لديها، في حين بلغ عدد المرشحين المستقلين 887 مرشحا، ومن ضمن العدد الكلي للمرشحين تمت مراعاة الكوتا النسائية بواقع 25%، إذ هناك 963 مرشحة تقدمن لخوض الانتخابات. كما سجلت المفوضية عدة شبكات وطنية لمراقبة الانتخابات بموازاة طلب العراق إلى الأمم المتحدة إرسال مراقبين دوليين لمراقبة الانتخابات المبكرة المقبلة.

  • ما تعليقك على حل البرلمان لنفسه قبل موعد إجراء الانتخابات البرلمانية؟

  • حسناً فعل مجلس النواب بالتصويت لصالح حل نفسه في السابع من أكتوبر/تشرين الأول المقبل تمهيداً لإجراء الانتخابات التشريعية في موعدها المقرر، لكن هذه الخطوة قد تواجه سجالا قانونيا قد يستدعي قرارا من المحكمة الاتحادية الجديدة لحسم أي جدل بشأنه نظرا إلى أن مجلس النواب اشترط لتنفيذ قرار حل نفسه أن تجري الانتخابات في موعدهـا المحدد.
  •  أجيال شبابية جديدة تستعد للمشاركة بالانتخابات. كيف تنظرون لذلك؟

أهمية الانتخابات المبكرة تكمن في كونها فرضت بإرادة الشباب لا سيما المتظاهرين الذين قدموا تضحيات جسيمة من أجل إسماع صوتهم ونيل حقوقهم. وهذا الاستعداد للمشاركة الواسعة في الانتخابات علامة قوة لأن هذه التضحيات ستذهب سدى إن لم تقم القوى الجديدة والشابة بتنظيم نفسها ومضاعفة استعدادها لضمان تحقيق فوز حقيقي، ولو كان نسبيا، في الانتخابات. ومن هنا ضرورة قيام الحكومة بتوفير بيئة آمنة وحرة للانتخابات كي تعبر نتائجها عن إرادة الشعب العراقي فعلاً، وهذا يستدعي لجم السلاح المنفلت عبر تشديد تطبيق المادة 32 من قانون الأحزاب والتنظيمات السياسية التي تحظر على الأحزاب السياسية استعمال وامتلاك الأسلحة والمتفجرات وأعمال العنف والابتزاز بكل أشكاله، وردع المال السياسي المنفلت ورفض التدخلات الخارجية والداخلية المسيئة لنزاهة العملية الانتخابية.

  • كم بلغ عدد الأحزاب الجديدة المشاركة؟ وكم كان نصيب الحراك الاحتجاجي منها؟

– عدد الأحزاب المسجلة لدى مفوضية الانتخابات والمشاركة في الانتخابات المقبلة بلغ 267 حزبا بينها نحو 10 تنتسب إلى الحراك الاحتجاجي، وهناك العديد غيرها تطرح شعارات وأسماء مدافعة عن الشباب والمحتجين.

ما أبرز الصعوبات التي تواجه الحكومة لدمج الانتخابات البرلمانية والمحلية في وقت واحد؟

– مفوضية الانتخابات تلقت طلبات بإجراء الانتخابات لمجالس المحافظات مع الانتخابات البرلمانية، لكن الصعوبات كبيرة وكثيرة أمام تلبية ذلك، وفي مقدمتها عامل الوقت ونقص التشريعات الخاصة ونقص الإمكانات المالية أيضا. والحقيقة أن مجلس النواب هو من قرر إنهاء عمل مجالس المحافظات وكلف أعضاء البرلمان بمهمة مراقبة عمل المحافظ ونائبيه في المحافظات، وهو من يستطيع إعادة انتخابها. لكنني أعتقد أن إجراء انتخابات مجالس المحافظات سيكون على الأرجح بعد تشكيل الحكومة المتمخضة عن الانتخابات البرلمانية المبكرة.

  •  هل ستؤثر الخروقات الأمنية التي حدثت مؤخراً على موعد الانتخابات؟

  • الحكومة مهتمة جداً بضمان أمن الانتخابات المقبلة، وقد قامت لهذا الغرض بتشكيل لجنة أمنية فعالة وواسعة هي "اللجنة الأمنية العليا للانتخابات" بقيادة عسكرية رفيعة المستوى وتضم مندوبين عن كافة الوزارات والهيئات الأمنية والاستخبارية، ولها مكاتب فرعية في كافة المحافظات وإقليم كردستان العراق، وهي مخولة باتخاذ كل الإجراءات بما فيها التحوطية بمواجه أي خطر أمني قد يهدد العملية الانتخابية.

وعلى أية حال لا يمكن استبعاد قيام جماعات إرهابية بالاعتداء على مراكز انتخابية، إلا أن الأخطار تظل نسبية. وعلى العموم كل الانتخابات التي شهدها العراق بعد 2003 جرت في ظروف أمنية دقيقة وأخطار كبيرة، إلا أن تلك الأخطار لم تمنع إجراءها بشكل جيد أحيانا كما حدث عام 2005 عندما كانت جماعات تنظيم القاعدة تسيطر على مناطق واسعة في محافظات الأنبار وصلاح الدين مثلاً.

المصدر : الجزيرة