القتال بالتفاوض.. السيسي يتفهم قلق المصريين تجاه سد النهضة

جدد حرص بلاده على الانخراط في المسار الأفريقي لحل أزمة سد النهضة

ethiopian abiy ahmed and sisi
السيسي (يمين) خلال استقبال رئيس وزراء إثيوبيا آبي أحمد في القاهرة (رويترز)

مع تصاعد مخاوف المصريين إثر استمرار فشل مفاوضات سد النهضة الإثيوبي، حاول الرئيس عبدالفتاح السيسي بث الطمأنينة بالقول إن المفاوضات تحتاج إلى سياسة النفَس الطويل، وإن مصر تقاتل عبر المفاوضات.

وخلال تصريحات بثتها قناة "إم بي سي مصر" (MBC Masr) أمس السبت، قال السيسي إن قلق المصريين بشأن ملف سد النهضة هو قلق مستحق، مشددا على أن مصر تتحرك دائما في مسار التفاوض للحفاظ على حقوقها، وأن ملف سد النهضة "محتاج التفاوض وطولة البال والصبر وعدم القلق".

وأكد السيسي ضرورة تماسك الجبهة الداخلية لمواجهة كافة المشاكل الخارجية، كما تطرق إلى الإجراءات الحكومية لمواجهة أزمة نقص المياه، مشيرا إلى مشاريع تبطين الترع وإجراءات عدة لتقليل الفاقد من المياه في مصر.

ومنذ سنوات تخوض مصر والسودان وإثيوبيا مفاوضات متعثرة بشأن سد النهضة، حيث أصرت الأخيرة على استكمال بنائه ثم بدء مراحل ملء بحيرته حتى دون التوصل إلى اتفاق مع القاهرة والخرطوم.

وتخشى مصر من تأثر حصتها من مياه النيل التي تبلغ نحو 55 مليار متر مكعب سنويا، وسيسبب تناقصها مشاكل عدة أبرزها في المجال الزراعي.

في السياق ذاته، جدد السيسي، حرص بلاده على الانخراط في المسار الأفريقي لحل أزمة سد النهضة، وذلك خلال كلمته أمس السبت في الدورة الـ34 لمؤتمر قمة الاتحاد الأفريقي، المنعقد بأديس أبابا.

وأكد أن التوصل إلى اتفاق في هذا الإطار لن يتأتى إلا بتوافر الإرادة السياسية لكافة الأطرف، موضحا أن مصر تسعى للتوصل إلى اتفاق قانوني ملزم حول ملء وتشغيل سد النهضة، قبل تنفيذ المرحلة الثانية من عملية ملء سد النهضة، وبما يراعي مصالح وشواغل الدول الثلاث.

تأتي تصريحات السيسي المتلفزة وأمام القمة الأفريقية، وسط تعثر مفاوضات سد النهضة بين القاهرة والخرطوم وأديس أبابا.

وفي سياق الدعم العربي لموقف مصر والسودان في ملف سد النهضة، أكد نايف الحجرف، أمين عام مجلس التعاون الخليجي، دعم مجلس التعاون الخليجي لموقف مصر في قضية سد النهضة، وذلك خلال مؤتمر صحفي مشترك مع وزير الخارجية المصري سامح شكري.

تعثر وتصريحات

في هذا الصدد، قال وزير الري السوداني ياسر عباس -أمس السبت- إن بلاده ترى أن أي ملء لخزان سد النهضة الإثيوبي من جانب واحد في يوليو/تموز، سيشكل تهديدا مباشرا للأمن القومي السوداني.

وأوضح الوزير في مقابلة مع رويترز أن السودان يقترح "توسيع المظلة في التفاوض (بين السودان ومصر وإثيوبيا)، لتشمل مع الاتحاد الأفريقي، الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، وتحول دور هذه المؤسسات الأربع من مراقبين إلى وسطاء".

في المقابل، حمّل وزير الري الإثيوبي سيليشي بقلي مصر والسودان مسؤولية عدم التوصل حتى الآن لاتفاق بشأن سد النهضة، وقال في مؤتمر صحفي إن المفاوضات فشلت بسبب اتخاذ القاهرة والخرطوم مسارا يعطل ذلك الملف، بحسب وصفه.

والأسبوع الماضي، قال الوزير الإثيوبي إن مفاوضات سد النهضة بين الدول الثلاث لم تصل بعد إلى مرحلة الوساطة، مؤكدا أن الاتحاد الأفريقي يسهّل الأمر لكونه منصة فقط، ولا يتدخل في محتوى المفاوضات.

وأشار بقلي في حديثه لبرنامج "لقاء اليوم" بالجزيرة مباشر (2021/2/3) إلى أن إثيوبيا تدعو باستمرار لمواصلة التفاوض، لكن السودان عطلها 7 مرات خلال 7 أشهر، بسبب مطالبته بدور أكبر للخبراء.

وأوضح أن إثيوبيا لا تعارض ذلك، ولكن مصر ترفض وتطالب بالاستمرار والاحتفاظ بما تم العمل عليه، وبالتالي إثيوبيا لم تُعِق جهود الاتحاد الأفريقي، بل تدعو إلى استمرار المفاوضات بحسن نية.

ومنذ إعلان أديس أبابا بدء ملء خزان السد، ومخاوف المصريين تتصاعد بشأن أمنهم المائي ومستقبل بلادهم، ودعا بعضهم إلى ضرورة التفكير في الحل العسكري لمنع استكمال بناء السد، قبل أن يصبح هذا الخيار أيضا مستحيلا في المستقبل، لتأثيرات انهيار السد على الخرطوم والقاهرة.

لكن الرئيس المصري استبعد الخيار العسكري وقتها، مؤكدا استمرار التفاوض والحلول السلمية والوساطات الأفريقية والدولية.

ويلقي مصريون باللوم على السيسي بسبب توقيعه اتفاقية المبادئ عام 2015 والتي اتخذتها أديس أبابا وسيلة شرعية لتمويل بناء السد من البنوك والمؤسسات الدولية، كما تستند إليها حاليا في رفض المطالب المصرية.

وبدأت إثيوبيا ملء الخزان خلف السد بعد هطول أمطار الصيف العام الماضي، على الرغم من مطالب مصر والسودان بضرورة التوصل أولا إلى اتفاق ملزم بشأن ملء الخزان وتشغيل السد.

وتعتبر مصر سد النهضة الإثيوبي تهديدا كبيرا لمواردها من المياه العذبة، والتي يأتي أكثر من 90% منها من نهر النيل.

وتعمل إثيوبيا على بناء سد الطاقة الكهرومائية على النيل الأزرق، بالقرب من حدودها مع السودان، وتقول إن السد مهم لتنمية اقتصادها.

ويتدفق النيل الأزرق شمالا إلى السودان ثم مصر، علما بأنه الرافد الرئيسي للنيل.

المصدر : الإعلام المصري + الجزيرة