لماذا أرجأ نتنياهو زيارته للإمارات والبحرين؟ وماذا اشترط السيسي لاستقباله بالقاهرة؟

Egyptian President Abdel Fattah al-Sisi speaks with Israeli Prime Minister Benjamin Netanyahu during their meeting as part of an effort to revive the Middle East peace process ahead of the United Nations General Assembly in New York
لقاء السيسي (يمين) ونتنياهو على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك عام 2017 (رويترز)

في وقت أرجأ زيارته للإمارات والبحرين التي كانت مقررة مطلع الأسبوع المقبل يسعى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لزيارة مصر قبل انتخابات الكنيست، بيد أن الرئيس عبد الفتاح السيسي اشترط ذلك بإبداء حسن نوايا من قبل نتنياهو بشأن الملف الفلسطيني، بحسب الموقع الإلكتروني "والا".

وكادت زيارة نتنياهو للقاهرة تخرج إلى حيز التنفيذ قبل شهر، لكن السيسي عدل عن استقباله في أعقاب الإعلان عن حل الكنيست وتبكير الانتخابات الإسرائيلية، وعقب استئناف المحادثات بهذا الخصوص طلبت القاهرة من نتنياهو القيام بمبادرة حسنة تجاه الملف الفلسطيني خلال زيارته للقاهرة.

ووفقا لمصدرين إسرائيليين مطلعين على حيثيات ترتيب الزيارة، فإن الرئيس المصري اشترط لكي تتم الزيارة أن يعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي قبوله حل الدولتين، أو أن ينفذ خطوة ما على أرض الواقع كخطوة لإنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.

لكن نتنياهو تحفظ على هذا الطرح الذي يأتي عشية انتخابات الكنيست في مارس/آذار المقبل، وذلك في ظل مساعيه لكسب أكبر دعم ممكن من ناخبي معسكر اليمين، وعلى الرغم من ذلك فإن نتنياهو ما زال يأمل بزيارة للقاهرة حيث تُبذل جهود بغية التوصل إلى تسوية تفسح المجال للزيارة قبل انتخابات الكنيست.

وتم وضع اللمسات الأخيرة والاتفاق على ترتيب زيارة نتنياهو للقاهرة قبل الانتخابات الإسرائيلية خلال زيارة قام بها رئيس المخابرات المصرية عباس كامل -الذي يعتبر من أكثر المقربين من السيسي- إلى تل أبيب قبل أكثر من أسبوع، وذلك بعد زيارته رام الله.

والتقى كامل مع مسؤولين في مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، وعندما طرحت فكرة زيارته للقاهرة كرر رئيس المخابرات المصرية طلب السيسي الذي اشترط إبداء حسن النوايا من قبل نتنياهو بشأن الملف الفلسطيني، بيد أن المقربين من الأخير استبعدوا وجود هذا الشرط، بحسب "والا".

وطرح موضوع الزيارة خلال اتصالات بين الجانبين منذ عدة أشهر على خلفية "اتفاقيات أبراهام" وتغير الإدارة الأميركية، علما أن نتنياهو زار مصر بشكل رسمي قبل 10 سنوات، وذلك عندما كان الرئيس المخلوع حسني مبارك لا يزال في الحكم.

Benjamin Netanyahu- Mike Pompeo-Abdullatif bin Rashid Al Zayani meeting
نتنياهو (يسار) ووزير خارجية البحرين عبد اللطيف الزياني خلال لقائهما في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي بالقدس المحتلة (وكالة الأناضول)

التطبيع والانتخابات
وعزا الباحث في الشأن الإسرائيلي أنطوان شلحت الزيارة التي يخطط نتنياهو للقيام بها للإمارات والبحرين ومصر إلى جهوده في استثمار التطبيع في حملته الانتخابية، والبحث عن صورة انتصار في العواصم العربية.

وثمة دلالات تشير إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي -الذي أرجأ زيارته للإمارات والبحرين بسبب الإغلاق الشامل وتعليق الطيران في مطار بن غوريون في ظل جائحة كورونا- سيقوم بالزيارات قبل الانتخابات، لتنسيق المواقف بين تل أبيب وأبو ظبي والمنامة والقاهرة أمام إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن بشأن كل ما يتعلق بالملفات الحارقة في الشرق الأوسط، وأبرزها النووي الإيراني والملف الفلسطيني.

وقلل شلحت للجزيرة نت من قيمة وجدوى الشروط التي يضعها النظام المصري لاستقبال نتنياهو بالقاهرة، مؤكدا أن شروط السيسي تثير السخرية أكثر من الاحترام.

وعلى الرغم من ذلك فإن الباحث في الشأن الإسرائيلي لا يستبعد إمكانية أن يقوم نتنياهو بإطلاق تصريحات للاستهلاك الإعلامي تتعلق باستعداده العودة إلى المفاوضات مع الفلسطينيين وقبول حل الدولتين، على أن تتم زيارته للقاهرة وعواصم خليجية قبل الانتخابات.

شروط وتصريحات
وأوضح الباحث أنطوان شلحت أن شروط السيسي تأتي في سياق محاولة القاهرة العودة للتدخل في القضايا الإقليمية والملف الفلسطيني على وجه الخصوص في ظل الإدارة الأميركية الجديدة التي يتوجس منها الرئيس المصري.

واستذكر شلحت نهج نتنياهو الذي أعلن مع بدء ولايته في العام 2009 في خطاب "بار إيلان" -خلال استضافته الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما- قبوله مبدأ حل الدولتين، لكنه سرعان ما تراجع عن هذا الإعلان.

لكنه يعتقد أن نتنياهو في حال تأكد أن زياراته للعواصم العربية ستحسم الانتخابات لصالحه، وإذا ما تعرض أيضا لضغوطات من إدارة بايدن فإنه قد يعلن استعداداه للعودة إلى المفاوضات مع الفلسطينيين وقبوله حل الدولتين لكن بشروط تفرغ أي حل من مضمونه الحقيقي.

السيسي وبايدن
وعن الأهداف من وراء تنظيم زيارة نتنياهو للقاهرة ومدى جدية شروط السيسي، ذكر المراسل السياسي لموقع "والا" الإسرائيلي باراك رافيد أن الجانب المصري قلق للغاية من أن علاقتهم مع الإدارة الجديدة للبيت الأبيض "ستبدأ بالقدم اليسرى".

كما يخشى النظام المصري تداعيات غضب وموقف إدارة الرئيس الأميركي من السيسي، وهو الموقف الذي عبر عنه بايدن خلال حملته الانتخابية حين وجه انتقادات شديدة لمصر في موضوع حقوق الإنسان، وتبدي القاهرة قلقها من تراجع العلاقات مع الإدارة الحالية مقارنة بالعلاقات الوطيدة بين السيسي والرئيس السابق دونالد ترامب، وفقا للمراسل السياسي.

وفي ظل هذه المخاوف، يعتقد رافيد أن نظام السيسي يسعى إلى أخذ دور إقليمي فعال، خاصة في الملف الفلسطيني، وعليه تأتي هذه المحاولة للقاهرة لتحريك المفاوضات المتوقفة منذ سنوات والانخراط في أي محاولات لتسوية الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وبالتالي إرسال إشارة إيجابية إلى البيت الأبيض، وتعزيز فرص حظوظ السيسي لتعزيز العلاقات كشركاء من وجهة نظر الرئيس الأميركي الجديد.

بيد أن رافيد يجزم أن "الرئيس السيسي لا يهتم كثيرا بالقضية الفلسطينية، لكنه يعلم أن نتنياهو يبحث عن صورة للحملة الانتخابية ويحاول أن ينتزع منها أيضا إنجازا سياسيا لمصر".

المصدر : الجزيرة