إعلان إنهاء العمليات القتالية للتحالف الدولي في العراق رغم استمرار تنظيم الدولة بعملياته

Lieutenant-General Abdul Amir al-Shammari speaks during a meeting with U.S. and coalition commanders in Baghdad
اجتماع بين قادة أمنيين عراقيين ونظرائهم من قادة التحالف الخميس الماضي في بغداد أعلن على إثره إنهاء دور التحالف القتالي (رويترز)

بغداد – أعلن العراق الخميس الماضي نهاية الدور القتالي لقوات التحالف الدولية، والانتقال إلى مهمة جديدة تتمثل بتقديم المشورة والمساعدة والتمكين للقوات العراقية.

إنهاء المهام القتالية للتحالف جاء تنفيذا لمخرجات جولات الحوار الإستراتيجي بين بغداد وواشنطن، التي كان آخرها في يوليو/تموز الماضي، وتضمنت الاتفاق على انسحاب القوات الأميركية القتالية من البلاد بحلول نهاية عام 2021، على أن تنتقل صفة وجود القوات إلى الاستشارة والتدريب لا أكثر.

استشارة وتدريب وتمكين

ويأتي الإعلان في وقت تتجدد فيه العمليات التفجيرية التي يقوم بها تنظيم الدولة الإسلامية في مناطق متفرقة من البلاد، وبعد الإعلان لا يحق لقوات التحالف المشاركة في العمليات القتالية في مواجهة تحركات التنظيم ما لم يطلب العراق ذلك.

وفي السياق نفسه، قال مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي، في تغريدة له على تويتر، "اليوم أنهينا جولة الحوار الأخيرة مع التحالف الدولي، التي بدأناها في العام الماضي، لنعلن رسميا انتهاء المهام القتالية لقوات التحالف وانسحابها من العراق، وستستمر العلاقة مع التحالف الدولي في مجال التدريب والاستشارة والتمكين".

وقد اضطلع التحالف الدولي بالتوازي مع القوات العراقية المشتركة بدور واضح في دحر تنظيم الدولة إبان احتلاله ثلث مساحة العراق عام 2014، حتى إعلان النصر على التنظيم عام 2017، إلا أن ذلك لا يعني هزيمته بالكامل، في وقت يحاول فيه التنظيم شنّ هجمات بين حين وآخر مستهدفا مدنيين ورجال أمن عراقيين.

العميد عثمان محمد مصطفى، مدير عام الإعلام والتوجيه المعنوي في وزارة البيشمركة في اقليم كردستان (الجزيرة نت)
مصطفى رأى أن الأيام الأخيرة شهدت نشاطا لتنظيم الدولة يؤكد الحاجة إلى قوات التحالف (الجزيرة نت)

الحاجة إلى التحالف

ورأى المدير العام للإعلام والتوجيه المعنوي في وزارة البشمركة في إقليم كردستان العراق، العميد عثمان محمد مصطفى، أن الوضع الأمني في البلاد غير مستقر، ويحتاج إلى بقاء قوات التحالف.

وفي حديث للجزيرة نت، أضاف أن توقيت إنهاء الدور القتالي للتحالف الدولي ليس مناسبا، وأن القوات الأمنية العراقية بحاجة ماسّة إلى خبرات قوات التحالف وكفاءتها، خاصة في الأيام الأخيرة، بعد أن شهد الوضع الأمني تراجعا وحالة من عدم الاستقرار.

واستكمل مصطفى حديثه بالقول إن تنظيم الدولة ثبّت وجوده في البلاد من خلال بعض العمليات الصغيرة التي يقوم بها بين حين وآخر، معتبرا أن ذلك يشير إلى أن التنظيم يسعى إلى تنفيذ عمليات أخرى مماثلة، وعليه، فهناك حاجة إلى تنسيق وتعاون أمني مشترك بين قوات التحالف الدولي والقوات الأمنية والبشمركة لدحر فلول التنظيم وضبط الأمن في المناطق المشتركة ما بين الإقليم والمركز.

البيدر يخشى أن تستغل الجماعات المسلحة انسحاب قوات التحالف لتوسيع نفوذها (الجزيرة نت)

استغلال الانسحاب

من جهته، أعرب المحلل السياسي علي البيدر عن خشيته أن تستغل الجماعات المسلحة في العراق انسحاب قوات التحالف الدولي من أجل توسيع نفوذها، لا سيما أن جهوزية وإمكانية القوات العراقية لا تزال ضعيفة.

وأضاف للجزيرة نت أن وجود التحالف الدولي قصم ظهر الإرهاب، ولولاه لكانت القوات العراقية لا تزال تقاتل على أطراف مدينة الموصل.

ويعتقد البيدر أن الأطراف العراقية القريبة من إيران رحّبت بقرار الانسحاب في ظل الصراع الإقليمي والدولي بين الولايات المتحدة وإيران، "لذلك نجد أن الجهات السياسية والمسلحة العراقية المرتبطة بإيران كانت لديها رغبة بانسحاب قوات التحالف. وفي المقابل إن أي انسحاب أميركي بهذا الشكل تعدّه الجماعات المسلحة انتصارا لها، بعد تهديدها بمجابهة القوات الأميركية إذا بقيت على الأرض".

وأكمل البيدر أن هناك تخوفا كبيرا في المناطق السنّية من هذا الانسحاب كون تجربة سيطرة تنظيم الدلة على مناطقهم لم تغادر مخيّلتهم حتى اللحظة، وأن شبح التنظيم ما زال يسيطر عليهم، كما أن هناك قلقا ومخاوف حقيقية من عودته من خلال تنشيط خلاياه النائمة.

الكاظمي أعرب عن خشيته من الالتفاف على قرار انسحاب قوات التحالف بطرق أخرى (الجزيرة نت)

انسحاب شكلي

أما  العضو في تحالف الفتح معين الكاظمي، فرأى أن قرار الانسحاب بشكل نهائي يمثل سيادة للبلاد. وأضاف للجزيرة نت "لقد رحبنا بقرار الانسحاب الكامل من العراق وفقا للاتفاق بين واشنطن وبغداد، وحسب الموعد المقرر، كما أن قواتنا العراقية أصبحت قادرة على مسك زمام الأمور من الداخل، ولكننا نخشى الالتفاف على قرار الانسحاب بطرق أخرى"

وأعرب الكاظمي عن خشيته أن لا يتم سحب القوات الأميركية البالغ تعداد عناصرها نحو 2500، وأن تتغير صفتهم من جنود إلى مدربين أو مستشارين. وأضاف أن القاعدتين التي تسيطر عليهما أميركا حاليا، وهما قاعدة عين الأسد في الأنبار (غربي البلاد)، وقاعدة الحرير في أربيل بإقليم كردستان (شمال البلاد)، لا بد أن تؤول السيطرة عليهما إلى العراق.

وأنهى حديثه بالقول إن السفارة الأميركية التي يعمل فيها الآلاف ويتدخلون في شؤون العراق خطرهم لا يقل عن وجودهم العسكري في البلاد.

المصدر : الجزيرة