تبرأت من قصف السفارة الأميركية.. هكذا ردت الفصائل الشيعية العراقية على تهديدات ترامب

تحليق مروحيات أميركية فوق مبنى السفارة الأميركية في المنطقة الخضراء
السفارة الأميركية في بغداد تعرضت لهجمات بصواريخ الكاتيوشا على مدار الأشهر الماضية (مواقع التواصل)

الجزيرة نت- بغداد

أجبر أعنف هجوم صاروخي على السفارة الأميركية في العاصمة بغداد قبل أيام الرئيس الأميركي المنتهية ولايته دونالد ترامب على تهديد إيران بشكل مباشر، الأمر الذي تعتبره الفصائل الشيعية العراقية الموالية لطهران تمهيدا لضربة عسكرية، وحذرت ترامب من مغبة الإقدام على تنفيذها.

وكان ترامب قال في سلسلة تغريدات على تويتر قبل يومين إن "سفارة الولايات المتحدة في بغداد تعرضت مساء الأحد الماضي لهجوم بصواريخ مصدرها إيران، وإنه سيحملها المسؤولية في حال قتل أي أميركي، وعليها أن تفكر مليا".

وأرفق الرئيس المنتهية ولايته في تغريدته صور 3 صواريخ قال إنها لم تنفجر.

وتتهم الإدارة الأميركية الفصائل العراقية المقربة من إيران بتنفيذ الهجمات على مصالحها العسكرية والدبلوماسية في العراق.

محيي قال إن المستفيد من قصف السفارة الأميركية هم الأميركيون وذلك لزيادة الضغط على الفصائل (مواقع التواصل)

نفي

وينفي الناطق باسم كتاب حزب الله العراقي محمد محيي مسؤولية الفصائل عن عملية القصف الأخيرة على السفارة الأميركية، قائلا إن "المستفيد الوحيد من توجيه الضربات صوب السفارة هم الأميركيون أنفسهم"، مبينا أن "الولايات المتحدة تريد زيادة الضغط على الفصائل، خاصة أنها تهيئ للذكرى السنوية لاغتيال قائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس نائب رئيس الحشد الشعبي العراقي بغارة أميركية قرب مطار بغداد".

وأضاف محيي في حديث للجزيرة نت أن "واشنطن تخشى من مظاهرات قرب السفارة، أو ما تحضر له الفعاليات الشعبية لفضح الدور الأميركي في العراق، وهذه الخشية دفعتها إلى افتعال الضربات"، مبينا أن "فصائل المقاومة عندما أعلنت الهدنة كانت لديها قراءة واضحة للأحداث، وإذا ما حدث تغير في الموقف فسيكون هناك بيان يعلن انتهاء الهدنة".

وأشار الناطق باسم كتاب حزب الله إلى أن "الولايات المتحدة تخشى أيضا من الرد الإيراني على اغتيال العالم النووي محسن فخري زاده، خاصة أن الجميع ينتظر هذا الرد"، مبينا أن "إدارة ترامب تحاول التأثير على هذا المسار عبر افتعال الضغوط والأزمات وجر إيران والفصائل إلى رد غير مدروس، لكننا على دراية بهذا المخطط".

ونددت السفارة الأميركية في العراق بالهجوم الصاروخي، قائلة إنه تسبب في أضرار طفيفة لكنه لم يسفر عن سقوط قتلى أو مصابين، فيما دعت السفارة في بيان لها "جميع القادة السياسيين والحكوميين العراقيين إلى اتخاذ خطوات لمنع مثل هذه الهجمات ومحاسبة المسؤولين عنها".

ويقول المتحدث باسم فصيل حركة النجباء هاشم الموسوي إن "الأميركيين يعدون العدة في الآونة الأخيرة لإحداث فوضى في المنطقة عموما، والعراق خصوصا".

وأكد الموسوي في حديث للجزيرة نت أنهم طالبوا "الجهات الرسمية باتخاذ الإجراءات اللازمة بخصوص عملية القصف الأخيرة"، مبينا أن "أي عملية أميركية عسكرية محتملة ستدخل سيكون الجميع في مرمى الخطر، ولن نسكت على استهداف أي موقع من مواقعنا وأي شخصية من شخصياتنا".

ويعتبر الهجوم الأخير على السفارة الأميركية في المنطقة الخضراء هو الثالث على منشآت عسكرية ودبلوماسية أميركية منذ أن أعلنت الفصائل العراقية هدنة في أكتوبر/تشرين الأول الماضي لوضع حد لعام من الهجمات الصاروخية والعبوات الناسفة على منشآت أجنبية في أنحاء العراق.

وعن نشر ترامب صورة الصواريخ، يقول الناطق باسم كتاب سيد الشهداء كاظم الفرطوسي إن "الرئيس الأميركي لم يكشف شيئا جديدا بخصوص الصواريخ"، مشيرا إلى أن "الفصائل العراقية كانت تخوض معركة شرسة مع تنظيم الدولة الإسلامية، وحتما تمتلك السلاح، وكونها تهدد القوات الأميركية فهذا لا يعني أنها تستهدف السفارة".

وأضاف الفرطوسي للجزيرة نت أن "تصريحات ترامب ذريعة لعمل عسكري معين ضد إيران أو غيرها، وما زال ترامب يحاول خلق الفوضى"، مبينا أن "الفصائل عندما تقوم بعمل عسكري لا تتبرأ منه".

رئيس مركز التفكير السياسي د. (إحسان الشمري (الجزيرة نت)
الشمري يقول إن ترامب يريد الظهور قويا أمام إيران والعالم (الجزيرة)

فرضيات متعددة

وتتهم جماعات يعتبرها مسؤولون أميركيون وعراقيون واجهة لفصائل مسلحة معروفة متحالفة مع إيران بالوقوف وراء الهجمات.

ويقول رئيس مركز التفكير السياسي إحسان الشمري إن "ترامب أراد الظهور قويا أمام إيران والعالم، وإنه يمتلك القوة والصلاحية باستهداف كل من يهدد المصالح الأميركية".

وأشار الشمري للجزيرة نت إلى أن "القوات الموجودة في منطقة الخليج ونوعية السلاح تشير إلى إمكانية توجيه ضربات للداخل الإيراني أو للفصائل المقربة لإيران في العراق"، مبينا أن "المنطقة أمام مرحلة جديدة بعد سلسلة التهديدات الأميركية الأخيرة".

وتابع أن "نشر الصواريخ من قبل ترامب يعني وجود تهديد حقيقي للمصالح الأميركية"، مرجحا أن "الرد سيتجاوز الضغوط القصوى نحو استهداف صريح، وقد يندفع ترامب إلى أن تكون إدارة بايدن في الزاوية الحرجة مع إيران".

ووضع رئيس مركز التفكير السياسي 3 فرضيات وراء عدم تبني فصائل المقاومة الهجمات المستمرة على المصالح الأميركية، أبرزها عمليات القصف التي تطال سفارة واشنطن في بغداد.

وأوضح أن الفرضية الأولى هي احتمالية تمرد ما تعرف بفصائل الظل -التي تشكلت مؤخرا- على القرار الإيراني وحتى قرار الهدنة المعلنة، مشيرا إلى أن الفرضية الثانية تكمن في أن إيران تنتهج التصعيد لتسخين الملف الأميركي باتباع سياسة "حافة الهاوية".

وتابع أن هذه السياسة تهدف للوصول إلى أقصى التصعيد بهدف التفات بايدن سريعا إلى الملف الإيراني، خاصة أن الرئيس الجديد سينشغل بملفات ملحة في الداخل الأميركي ممثلة بملف كورونا وإصلاح الاقتصاد والبيئة، وسيكون الملف الإيراني خارج حساباته في أول 6 أشهر من إدارته، في وقت تعاني إيران من حصار اقتصادي.

وبشأن الفرضية الثالثة، يشير الشمري إلى احتمالية وجود صراع وخلافات بين الفصائل "وهذه التوترات هي التي تدفع لاستهداف المصالح الأميركية، أو قد تكون محاولة لتوريط فصيل على حساب آخر"، وهنا تأتي أهمية زيارة قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني إسماعيل قاآني الأخيرة إلى العاصمة بغداد.

وأوضح الشمري أن قاآني يركز تحديدا على محاولة رأب الصدع وإنهاء الخلافات بين الفصائل، وكذلك الشكوى العراقية من وجود فعاليات فصائل وإرباكها للوضع الأمني، مشيرا إلى أن زيارته الأخيرة تأتي لضبط الفصائل بشكل أكبر، خاصة أن إيران قد تخسر ورقة التهدئة من البوابة العراقية، وهذا ما دفع قائد فيلق القدس لإجراء زيارتين خلال شهر واحد إلى العراق.

المصدر : الجزيرة