مشروع حسن حنفي وتحولات الدرس الفلسفي في مصر (2)

المفكر المصري حسن حنفي (الجزيرة)

يمكن اعتبار مشروع حنفي -من حيث البنية والحدود والأهداف- أوسع مشاريع قراءة التراث التي تناولت سياقها في مقال الأسبوع الماضي، وهو أشدها طموحا؛ فقد سعى إلى إعادة بناء علوم الإسلام، وهي مهمة ضخمة ومتهورة؛ وقد قام مشروعه على 3 أقسام:

  1. الموقف من التراث الإسلامي.
  2. الموقف من التراث الغربي.
  3. الموقف من الواقع أو ما سماه نظرية التفسير.

وكل قسم منها يشتمل على عدة أجزاء، بالإضافة إلى أعمال أخرى كبيرة كتبها وهي خارجة عن هذه الخُطاطة التي وضعها لمشروعه أواخر سبعينيات القرن الماضي ونشرها في مقدمته النظرية التي عنونها "التراث والتجديد" والتي نشرت عام 1980م.

هكذا يختلف مشروع حنفي عن مشروع الجابري. فالجابري يفترض وجود أنساق متخالفة ومتصارعة في التراث، ويرى أن مهمته هي الكشف عنها واستعادة ما ضَمر أو ذوى منها لاستئناف النهضة العقلية المستقيلة، أي أنه يكشف عنها لينحاز إلى أحدها ويقوم بتصفية حساب تاريخي مع بقية الأنساق التي يفترض وجودها والتي يرى أنها سادت في الأزمنة السابقة لخلل ما قد وقع، هو سبب ما نحن فيه من تخلف

وثمة سمة أساسية تسم مشروع حنفي، وهي مركزية الواقع وأولوية العملي على النظري، وقد قال كارل ماركس مقولته الشهيرة "لم يفعل الفلاسفة شيئا سوى تفسير العالم بطرائق شتى، لكن الأهم هو تغييره". وقد أدت هذه السمة الغالبة على مشروع حنفي إلى الآتي:

أولا: أولوية الواقع على الفكر، وأولوية التاريخ على الوحي، وهي سمة نجدها لدى الفكر اليساري عامة، حيث الواقع والسياق أسبق. ولكن العلاقة بين الوحي والتاريخ علاقة مرتبكة لدى حنفي، فتارة يقول إن "الوحي -الذي هو مصدر التراث- جاء تلبية لنداء الواقع وتَكَيّف على أساسه"، وأخرى يرى أن "مقصود الوحي تطوير الواقع في اللحظة التاريخية التي نمر بها، وليس إثبات موجود مطلق" هو الله سبحانه. ولا معنى لهذا إلا أسبقية الواقع على الوحي من حيث المرجعية المعيارية؛ بحيث يتحول النص إلى خادم للواقع ويتكيف باستمرار معه، أي يتحول إلى مادة خام يمكن أن يعاد تشكيلها بحسب احتياجات كل عصر وأوان. ومن ثم لا يبدو غريبا أن يَخلص حنفي إلى القول "الإلحاد هو المعنى الأصلي للإيمان"، و"العلمانية هي أساس الوحي؛ فالوحي علماني في جوهره"، و"الدينية" طارئة عليه من صنع التاريخ، وأنها تظهر في لحظات تخلف المجتمعات وتوقفها عن التطور!.

ولا يساعدنا حنفي في حل هذا التناقض؛ فكيف تكون وظيفة الوحي أن يتكيف مع الواقع من جهة، وأن يغيره باستمرار من جهة أخرى؟ ومن الذي يضع المعايير التقويمية لهذا الواقع؛ النص أم الواقع نفسه؟ ولكن المقدمة النظرية لمشروع حنفي تخبرنا بهيمنة الواقع ومرجعيته على كل ما عداه.

ثانيا: التراث لدى حنفي هو "وسيلة لتحريك الجماهير وتغيير الواقع…، ومعاصرة الناس هي المطلوب تحقيقه"؛ فالتراث "لا يحتوي على أنساق نظرية خالصة يهمنا الكشف عنها، بل يحتوي على إمكانيات عملية يكشف عنها المفكر بإعادة تفسيره طبقا لمصلحة الجماهير"، ومن ثم يهدف مشروعه إلى "تكوين حركة جماهيرية شعبية وإلى حزب ثوري يكون هو المحقق للثقافة الوطنية الموجهة لسلوك الجماهير، كما يهدف إلى تغيير الأطر النظرية الموروثة طبقا لحاجات العصر".

هكذا يختلف مشروع حنفي عن مشروع الجابري. فالجابري يفترض وجود أنساق متخالفة ومتصارعة في التراث، ويرى أن مهمته هي الكشف عنها واستعادة ما ضَمر أو ذوى منها لاستئناف النهضة العقلية المستقيلة، أي أنه يكشف عنها لينحاز إلى أحدها ويقوم بتصفية حساب تاريخي مع بقية الأنساق التي يفترض وجودها والتي يرى أنها سادت في الأزمنة السابقة لخلل ما قد وقع، هو سبب ما نحن فيه من تخلف.

ثالثا: المعيار المُحكَّم لدى حنفي هو عملي لا نظري، ويقود هذا المعيار الأشبه بأفكار السوفسطائية إلى 3 أمور مركزية في رأيي:

الأمر الأول: أنه يصحح كل التصورات في زمنها، "ومن ثم فكل الاختيارات قد تكون صائبة في أزمنة مختلفة، وأصول الدين ليست واحدة في كل زمان ومكان. فالتوحيد ثابت ولكن تختلف أوجه فهمه طبقا لحاجات العصر"، ولهذا يتحول علم الكلام لديه إلى لاهوت تحرير كالذي ساد في أميركا اللاتينية، وهو الذي ترجم اللاهوت والسياسة لسبينوزا في وقت مبكر ليعلمنا أهمية التجرؤ على نقد النص الديني لا التراث فقط.

الأمر الثاني: ينفي وجود معان ثابتة للمفاهيم والمصطلحات المركزية، فـ"مقولتا الإلحاد والإيمان مقولتان نظريتان لا تعبران عن شيء واقعي؛ لأن ما يظنه البعض على أنه إلحاد قد يكون هو جوهر الإيمان، وما يظنه البعض الآخر على أنه إيمان قد يكون هو الإلحاد بعينه".

الأمر الثالث: أن الاجتهاد -لدى حنفي- عملية شاملة تشمل الفقه والكلام، والعمل والنظر؛ بغرض اختيار أفضل النظريات وأنسبها لحاجات العصر؛ بحسب تشخيص هذه الأيديولوجيا الثورية التي يدعي أنها تقوم على "نظرية علمية" للواقع، ولكنها -في واقع الأمر- أيديولوجيا تصورية تستند إلى تصور مادي يرى أن العقائد ليس لها "صدق داخلي" (subjective not objective)، فصدقها إنما يظهر فقط بأثرها في الحياة وتغييرها للواقع لا في ذاتها. فالعقائد لا تعدو سوى "موجهات للسلوك وبواعث عليه لا أكثر، وليس لها أي مقابل مادي في العالم الخارجي". تُرى هل أمنياته التي افتتحنا بها مقال الأسبوع الماضي والتي يرجو فيها مغفرة الذنوب ولقاء الله والأنس به هي مجرد رمزيات أم هي تحول طرأ على تفكيره وممارسته في آخر عمره؟

رابعا: يرى أن العمل الأيديولوجي جزء من تغيير الواقع وأساسه النظري، "ولن يتغير الواقع إلا بعد عمل أيديولوجي"، ولذلك نَفر مبكرا من أساتذته الذين لا يربطون الفكر الفلسفي بالواقع ولا يقومون بإسقاطات واقعية له، ومنذ سني الدراسة الجامعية كان يدور في ذهنه أسئلة ستحدد مساره المستقبلي من قبيل "ما عيب الجمع بين العلم والأيديولوجيا: يسارية أو إسلامية؟ وهل ينفع تدريس العلوم الإنسانية كالاجتماع والقانون والفلسفة دون أيديولوجيا؟ وما العيب إذا ما أدت الأيديولوجيا إلى العمل السياسي؟".

فمشروع "التراث والتجديد" يتمحور حول "التنظير المباشر للواقع" والتكيف معه في مواجهة من ينطلقون من نظرية مسبقة يريدون فرضها على الواقع (سواء من أصحاب الموروث أم من من أصحاب المنقول)، وإذا كان هؤلاء يدافعون عن فكر، فإن حنفي يتمركز حول واقع يريد أن يُمده بنظرية تفسره وتغيره معًا. هكذا يغدو التراث لديه "نظرية الواقع" التاريخي، ويصبح التجديد إعادة بناء ذلك التراث لينسجم مع رؤيته هو للواقع الحالي، ومن ثم فلا مجال للحديث هنا عن "حقل علمي" (scholarship)؛ إلا بقدر ما يخدم الأيديولوجيا.

وبناء على ما سبق، فإن إعادة بناء علوم الإسلام -وهي الجزء الأكبر من مشروعه- تتمحور حول أولوية الواقع، وإعادة تكييف العلوم لتستجيب للواقع من خلال إحداث تحول في موضوعات العلوم ومقاصدها:

  • فعلم أصول الدين يُفترض به أن ينقلنا "من العقيدة إلى الثورة"، أي بأن يتحول إلى "أيديولوجيا ثورية للشعوب الإسلامية" تعيد بناء تصورات الجماهير عن الكون.
  • علم أصول الفقه يُفترض به أن ينقلنا "من النص إلى الواقع" عبر إعادة تشكيل الفروع الفقهية؛ لأنه العلم الذي يجمع بين تكوين الإنسان الداخلي "من حيث هو زمان ونية"، وتكوينه الخارجي "من حيث هو فعل وسلوك".
  • علم التصوف يُفترض به أن ينقلنا "من الفناء إلى البقاء"، وهو العلم الذي يظهر فيه الإنسان بوصفه بعدا مستقلا، يشكل الشعور فيه نقطة البداية، وإذا كان الفناء يسعى إلى الاتصال الروحي، فإن حنفي يريد أن يحبسه في عالم المادة (البقاء)؛ لأنه يرى في التصوف الموروث خطورة على وجداننا المعاصر وسلوكنا القومي، تعادل خطورة علم الكلام الموروث. فالتصوف يمثل "القيم السلبية من صبر وتوكل ورضا وقناعة وخوف وخشية وبكاء وحزن، إلى آخر ما هو معروف من مقامات وأحوال".
  • علوم النقل يُفترض بها أن تنقلنا "من النقل إلى العقل"، ولذلك يعيد بناء علوم القرآن والحديث والتفسير والسيرة والفقه عبر إسقاط محتواها القديم وإبراز موضوعات تخدم أولوية الواقع، وأذكر على سبيل المثال:
  1. "أسباب النزول" التي يرى فيها حنفي أنها تؤكد "أولوية الواقع على الفكر"، دون أن يلتفت إلى أمرين مركزيين فيها؛ حجم القرآن الوارد على سبب من مجموع النص القرآني، وموثوقية تلك الأسباب؛ لأنها أخبار تاريخية يُفترض به نقدها متنا وموازنتها مع النص القرآني الأصلي الذي هي حاشية عليه. دع عنك التأويلات المحتملة لها وهو المشغول ببحث الإمكانات.
  2. "الناسخ والمنسوخ" الذي يقرؤه على أنه يمثل "الزمن والتطور"، دون أن يلتفت إلى ضآلة حجم المنسوخ في التراث بالنسبة إلى مجموع النص القرآني، وكذلك الإمكانات التأويلية المتعددة للمنسوخ، فضلا عن القراءات الإصلاحية النقدية له في العصر الحديث والتي تجاوزته إلى أولوية النص على الأخبار التاريخية التي تتحدث عن نسخه. أي أن حنفي يقطع هنا مع توجهين اثنين؛ التراثي والإصلاحي.
  3. في السيرة النبوية يريد أن ينقلنا حنفي من التمحور حول شخص النبي صلى الله عليه وسلم إلى الكلام المجرد حتى يتم القضاء على التشخيص وعبادة الشخص في حياتنا العامة، دون أن يناقش مفاهيم مركزية في الفلسفة الأخلاقية الغربية والإسلامية -على السواء- حول فكرة النموذج (أو الأسوة) ودوره في إرساء المفاهيم وإحداث التحولات القيمية والأخلاقية في المجتمع؛ لأن الإنسان دوما بحاجة إلى نماذج حية يقتدي بها أو تجسيدات للسيرة التي يجب أن تُحتَذى.
  4. في الفقه يريد حنفي أن ينقلنا من العبادات إلى المعاملات، ومن الأحوال الشخصية إلى نظم الدولة، أي من الله إلى الإنسان؛ بالرغم من كل النقاشات الكلامية المعتزلية وغيرها التي تتحدث عن أول الواجبات على المكلف وهو النظر العقلي الموصل إلى الله.

لقد حبس حنفي نفسه في الفكرة الماركسية من جهة، وضمن مجموعة من الثنائيات من جهة أخرى، ثم راح يعيد تشكيل معارف أمة وحضارة بناء على واقعه وتصوراته لهذا الواقع، ومن ثم تَلخص مشروعه في إحداث ذلك التحول من أحد طرفي تلك الثنائيات إلى الآخر، دون محاولة بناء رؤية تكاملية أو منسجمة، مستبطنا فكرة الجدل. ومن ثم أراد الانتقال من العقل إلى الطبيعة، ومن الروح إلى المادة، ومن الله إلى العالم، ومن النفس إلى البدن، ومن وحدة العقيدة إلى وحدة السلوك، فجاء مشروعه تركيبا هجينا، ووقف عمره كله على مشروعه الضخم، ولكن طال به الزمان حتى شهد أفول الأيديولوجيا التي ملأت فكر أبناء جيله ووجدانهم.

درس حنفي على عثمان أمين وزكريا إبراهيم وتوفيق الطويل وأحمد فؤاد الأهواني وآخرين، ولكنه كان قريبا من عثمان أمين، ولذلك تمنى لقاءه بعد الموت، كما أفادتنا الفقرة الافتتاحية في المقال السابق. وعثمان أمين كتب رسالته عن محمد عبده، وتتلمذ على مصطفى عبد الرازق تلميذ محمد عبده. وكان أمين على صلة بالفيلسوف الفرنسي أندريه لالاند، وحضر محاضرات يوسف كرم في الجامعة المصرية وتوثقت صلتهما كثيرا حتى إن أمين صدّر أحد كتبه بإهداء إلى يوسف كرم. وقد جمعت الصداقة بين يوسف كرم ومصطفى عبد الرازق ومحمد يوسف موسى، وكان من تلامذة كرم كلٌّ من عبد الرحمن بدوي وتوفيق الطويل، وكان قد عمل مساعدا للالاند في الجامعة المصرية سنة 1927م.

اتصل حنفي إذن بالجماعة العلمية الفلسفية في مصر، ومن خلال متابعة منشورات تلك الجماعة، يمكن لنا الوقوف على طبيعة الدرس الفلسفي المصري في تلك الحقبة التي سيطر فيها منهجان:

الأول: المنهج التاريخي الذي يسعى إلى عرض تطور التفكير الفلسفي داخل الحضارة الإسلامية، والبحث في اتجاهاته الأصيلة وخصائصه الذاتية وعوامل نشأته وتطوره وتفسيره وأصوله، وثماره ونتائجه.

والثاني: المنهج الموضوعي الذي يُعنى بالأفكار ويعتمد على البحوث التحليلية التفصيلية، ويختار مذاهب معينة ويصنف الآراء ويعيد تركيبها ليعرضها عرضا محكوما بفكرة موجِّهة.

وقد بدأت دراسة الفلسفة في مصر تبعا للمنهج الأول (التاريخي) مع مصطفى عبد الرازق وتلامذته كمحمود الخضيري ومحمد عبد الهادي أبو ريدة وعلي سامي النشار وغيرهم. أما الاتجاه الثاني (الموضوعي) فمثله إبراهيم مدكور ومحمود قاسم ومصطفى حلمي وغيرهم. وهناك من جمع بين المنهجين كعبد الحليم محمود وعبد الرحمن بدوي (وهو من تلامذة مصطفى عبد الرازق أيضا).

ويلحظ المتابع لهذا الإنتاج سمة عامة وسمت العمل الفلسفي في مصر في تلك الحقبة، حيث يجمع المتفلسف بين الترجمة عن لغة أجنبية وفق رؤية علمية أو نهضوية، إلى جانب تحقيق النصوص القديمة من جهة، والتأليف في موضوعات مستقلة من جهة أخرى، بحيث يكون منخرطا ضمن الجماعة العلمية، ومشاركا في الحقل العلمي.

ورغم أن حنفي مارس في بدايته الثلاثة (الترجمة والتأليف وتحقيق نص يتيم بالاشتراك)، فإنه يمثل -في رأيي- مرحلة التحول في الدرس الفلسفي المصري، وهو جزء من تحولات عامة سادت العالم العربي حيث الأيديولوجيا والمعارك التي تناولتها في مقال الأسبوع الماضي.

فبعد أن كان الانشغال بالفلسفة -قبل حنفي- انشغالا علميّا أو معرفيّا، وفي جدل مع بعض الرؤى الاستشراقية من جهة، وفي إعادة اكتشاف التراث الفلسفي وإحيائه من جهة أخرى، بتنا أمام مشاريع شخصية وأيديولوجية تطمح -في تهور- إلى إعادة صياغة أيديولوجيا متوسلة بالتراث لتغيير الواقع أو الانتصار على الخصوم الأيديولوجيين، في ظل توترات العلاقة مع الغرب وصعود خطابات الهوية على اختلافها، والصراع مع جماعات الإسلام السياسي.

لم يكن حنفي يميل إلى روح الدراسة الأكاديمية الصرفة التي تمتع بها أستاذه أحمد فؤاد الأهواني مثلا، ولا انسجم مع روح يوسف كرم الذي كتب كتابات دراسية رصينة، بل كان يرى أن أستاذه عثمان أمين "يعظم محمد عبده أكثر من اللازم"، فقد كان حنفي منزعجا من تمسك عبده بفكرة عدم استقلالية العقل عن الوحي (النبي)، ومن ثم اعتبر أن عبده غير عقلاني، واعتبر نفسه أقرب إلى الأفغاني الثوري منه إلى عبده، وكأنها استعادة للجدل القديم حول العلاقة بين النبوة والفلسفة على نحو ما نجد لدى الفارابي وابن سينا ومن بعدهما.

قضى حنفي حياته شغوفا بفكرة سكنته منذ تخرج في الجامعة شابّا حين سأله يوسف مراد -وقد كان أستاذا في الجامعة حينها- عن الموضوع الذي سيتخصص فيه، فأجاب أنه يريد أن يحول "الإسلام إلى منهج عام للفرد والجماعة". سأله لماذا؟ فأجاب "لأصلح به حال الأمة وأنهض من شأنها، وهو مشروع الأفعاني، ولكن على المستوى الفكري أولا".

يبدو أن طموح الشباب لازمه طيلة حياته رغم كل التقلبات التي مر بها والتناقضات التي استصحبها وحاول عبثا أن يوفق بينها، فقد تأثر في شبابه بالفكرة الإخوانية ثم ضم إليها لاحقا الفكرة الماركسية فأثمرت "اليسار الإسلامي"، تزاوج فيها الأيديولوجي والمعرفي، ومن مجموعهما نتج هذا المشروع الضخم والهجين معا، ومات وبقي يراوده العمل السياسي الذي بدأه أول الأمر وتقلب فيه أيما تقلب.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.