ميسي.. قصة نجاح منقوص

epa01850025 Argentinian soccer team player Lionel Messi (R) fights for the ball with Gilberto Silva (

نقطة ضعف ميسي (يمين) هي أداؤه المتواضع مع منتخب بلاده (الأوروبية-أرشيف)

قد تصعب مقارنة المهاجم الأرجنتيني ليونيل ميسي نجم برشلونة الإسباني بباقي العمالقة الذين سبقوه إلى سجل الشرف والإنجازات على المستطيل الأخضر، لكن الواقع والأرقام يؤكد أن ميسي قد يتفوق على الجميع ويصبح الأفضل في التاريخ على مدار السنوات المقبلة، إذا أتم مشواره الدولي مع منتخب الأرجنتين بتتويجات بحجم كأس العالم أو كأس أميركا اللاتينية.

وتمثل حياة ميسي قصة نموذجية لحياة اللاعبين البارزين القادمين من أميركا الجنوبية الذين ينتقلون من حياة الفقر المدقع والثياب الرثة إلى حياة الثراء الرغدة عبر طريق الساحرة المستديرة.

ولد ميسي يوم 24 يونيو/حزيران 1987 بمدينة روساريو الأرجنتينية التي تتسم بالنزعة الصناعية. وكان والده خورخي ميسي عاملا بأحد المصانع، ووالدته سيليا عاملة نظافة.

وبدأ ميسي صاحب الجسم الصغير مسيرته مع اللعبة وهو في الخامسة من عمره من خلال نادي غراندولي في مدينة روساريو حيث كان والده مدربا لهذا الفريق. وجذب ميسي الأنظار إليه من خلال مراوغاته الرائعة بالكرة والتسديدات القوية بقدمه اليسرى.

وعندما بلغ ميسي الثامنة من عمره، وقع هذا الصبي الصغير في ذلك الوقت عقدا مع نادي نيولز أولد بويز صاحب الشهرة الكبيرة في الأرجنتين. وبعد ثلاث سنوات أخرى، أكد الأطباء أن جسم ميسي يعاني من نقص في هرمون النمو مما أسفر عن تراجع نادي ريفر بليت العريق عن فكرة التعاقد معه نظرا للتكلفة الباهظة التي يحتاجها علاج اللاعب.

وهنا، قفز برشلونة إلى الصورة واتخذ قرارا لم يندم عليه إطلاقا في السنوات التالية حيث عرض مدير الكرة بالنادي الكاتالوني كارلس ريكساتش علاج اللاعب على نفقة برشلونة ومنح والد اللاعب وظيفة داخل النادي مقابل التعاقد مع ميسي. وبالفعل، انتقل ميسي وعائلته للإقامة في برشلونة ليصبح المهاجم الصغير المتألق حديث العاصمة الكاتالونية.

ميسي فاز بجائزة أفضل لاعب بالعالم للمرة الثالثة على التوالي (الفرنسية)
ميسي فاز بجائزة أفضل لاعب بالعالم للمرة الثالثة على التوالي (الفرنسية)

أول مباراة
وفي عام 2004، شارك ميسي في أول مباراة له مع الفريق الأول لبرشلونة وهو لا يزال في السابعة عشر من عمره، ثم أصبح بعدها عنصرا منتظما في التشكيل الأساسي للفريق، كما أصبح النجم الجديد الذي تعشقه الجماهير وتلتف حوله.

ولم يمض وقت طويل حتى افتتح ميسي سجله التهديفي مع الفريق الأول لبرشلونة وذلك في عام 2005 ليصبح أصغر لاعب يسجل هدفا للفريق على مدار تاريخ النادي قبل أن يحطم بويان كركيتش هذا الرقم في وقت لاحق.

وأصاب المدرب الهولندي فرانك ريكارد المدير الفني لبرشلونة في ذلك الوقت عندما دفع بميسي في الجانب الأيمن من خط الهجوم بدلا من الاستعانة به كرأس حربة صريح.

وتمكن ميسي بذلك من الهروب من الرقابة كثيرا والتحرك بحرية أكبر مع الاستفادة من التسديدات المتقنة والقوية بقدمه اليسرى، كما أصبح مصدر إزعاج هائل لمدافعي الفرق المنافسة الذين تحولوا إلى ضحايا لموهبة ميسي في المراوغة والاختراق والتسديد إلى داخل الشباك.

وعلى مدار السنوات التي شارك فيها ميسي مع برشلونة، قاد النجم الأرجنتيني فريقه للفوز بخمسة ألقاب في الدوري الإسباني وثلاثة ألقاب في دوري أبطال أوروبا ولقبين في كأس العالم للأندية وعدة ألقاب أخرى محلية وأوروبية.

ولا يمكن وصف نتائج وإحصائيات وإنجازات ميسي إلا بأنها مدهشة للغاية، حيث خاض مع الفريق ما يقرب من 200 مباراة في الدوري الإسباني سجل خلالها 140 هدفا.

متواضع مع المنتخب
ولكن المستوى العالمي الرائع لميسي مع برشلونة لم يظهر بعد في عروضه مع المنتخب الأرجنتيني، حيث فشل في تحقيق نفس النجاح مع راقصي التانغو، فخرج مع الفريق صفر اليدين من دور الثمانية في كل من بطوتي كأس العالم 2010 بجنوب أفريقيا وكأس أمم أميركا الجنوبية (كوبا أميركا) 2011 بالأرجنتين.

ميسي وبرشلونة مشوار حافل بالألقاب (الفرنسية-أرشيف)
ميسي وبرشلونة مشوار حافل بالألقاب (الفرنسية-أرشيف)

ويتمثل جزء من مشكلته مع المنتخب الأرجنتيني في اختلاف طريقة اللعب في برشلونة حيث يضطر ميسي مع منتخب الأرجنتين للتراجع كثيرا إلى وسط الملعب لاستخلاص الكرة أو الحصول عليها ثم الاندفاع بها في اتجاه مرمى المنافس.

في المقابل، يستطيع ميسي مع فريق برشلونة أن ينتظر قدوم الكرة إليه من أقدام زميليه تشافي هيرنانديز وأندريس إنييستا، ليستخدم بعد ذلك سرعته ومهارته في الوصول بجهد أقل وفي زمن أقصر إلى مرمى المنافس.

وتعرض ميسي كثيرا للانتقادات والاتهامات بأنه يفتقد الحماس في مبارياته مع المنتخب الأرجنتيني. ولكنه قال الاثنين إنه يسعد بالترحاب الذي يجده في كل مكان بالأرجنتين. وأضاف "بلدي سيفتخر بي الآن وهو شيء خاص بالنسبة لي".

وأعرب ميسي عن أمله في أن يحقق فريقه النجاح في بطولة كأس العالم 2014 بالبرازيل. ولكن لا يمكن لأحد أن يشكك في أن ميسي يلعب حاليا في أفضل فريق في العالم وأنه توج الاثنين بجائزة أفضل لاعب في العالم للعام الثالث على التوالي حتى وإن لم يكن ينتمي لأفضل منتخب في العالم.

المصدر : الألمانية