الحيوانات تستشعر مبكرا حدوث الزلازل والبراكين والعلماء يحارون في التفسير

من غير المعروف لماذا يحدث هذا التأثير لدى الحيوانات، ويعمل فريق كبير من الباحثين على دراسته، إذ ربما يساعد يوما ما في تطوير أدوات للكشف المبكر عن الزلازل.

على مدى قرون، حكيت قصص كثيرة عن استشعار الحيوانات للزلازل قبل حدوثها (شترستوك)

في عام 373 قبل الميلاد، سجل المؤرخون في مدينة هيليس اليونانية حادثة غريبة، حيث بدأت الحيوانات التي سكنت تلك المنطقة في اتخاذ سلوكات غريبة عن المعتاد، تلت ذلك هجرة واسعة كأن الحيوانات تهرب من شيء ما، ثم خلال يومين فقط واجهت المدينة واحدا من أقوى الزلازل في تاريخها.

سرّ الحيوانات الهاربة

على مدى قرون، حُكيت قصص كثيرة من هذا النوع، قادمة من كل الثقافات تقريبا، لكن باحثين من معهد ماكس بلانك لسلوك الحيوان (Max-Planck-Gesellschaft)، كانوا قد أكدوا في دراسة سابقة صدرت في يوليو/تموز 2020 في دورية "إيثولوجي" (Ethology) أن هذه الظاهرة بالفعل حقيقية.

استخدم هذا الفريق مزرعة إيطالية توجد في منطقة معرضة للزلازل، ثم ربطوا أجهزة في شكل أطواق تقيس تحركات الأبقار والأغنام والكلاب في المزرعة بشكل مستمر على مدى عدة أشهر، واستخدمت أنماط إحصائية لدراسة النمط الطبيعي لسلوك تلك الحيوانات يوما بعد يوم، وتفريقه عن النمط غير الطبيعي.

أظهرت الحيوانات في المزرعة أنماطا سلوكية غير معتادة بدأت قبل 20 ساعة كاملة من حدوث الزلزال (شترستوك)

وخلال هذه الفترة، أبلغت السلطات الرسمية الإيطالية عن وقوع حوالي 18 ألف زلزال في هذه المنطقة، بعضها كان صغيرا جدا في تأثيره والبعض كان ظاهرا، حيث كان هناك 12 زلزالا فقط بقوة 4 ريختر أو أعلى.

وبحسب البيان الصحفي الصادر عن هذه الدراسة، فقد أفادت النتائج بأن الحيوانات في المزرعة قد أظهرت أنماطا سلوكية غير معتادة، استمرت لمدة 45 دقيقة على الأقل، وبدأت قبل 20 ساعة كاملة من حدوث الزلزال. وأظهرت الدراسة كذلك أنه كلما اقتربت الحيوانات من مركز الزلزال الوشيك، غيّرت سلوكها في وقت أبكر، مقارنة بالحيوانات التي توجد على مسافات أبعد.

سؤال بلا اجابة

وإلى الآن، لا يزال من غير الواضح كيف يمكن للحيوانات أن تشعر بالزلازل الوشيكة. ولكن من الطرق الممكنة المحتملة هي استشعار نوع من الموجات يسمى "الموجات بي" (P waves)، وهي موجة انضغاطية أولية تنتقل بسرعة ثم تليها "الموجة إس" (S wave) أو موجة القص، وهي الموجة الكبرى التي نشعر بها. لا يلاحظ البشر "الموجة بي" الصغرى، ويمكن أن تستشعرها الحيوانات قبل البشر.

لكن على الرغم من ذلك، فإن استشعار الموجة بي يسمح بالشعور بالزلزال قبل حدوثه بثوان أو دقائق، ولا يصل الأمر لساعات أو حتى يوم كامل كما أشار عالم النفس ستانلي كورين من جامعة بريتش كولومبيا، حيث رصد اضطرابا في سلوك الحيوانات قبل يوم كامل من الزلزال.

ربما يتسبب ضغط الصخور قبل الزلزال في تأيين الهواء بشكل تستشعره جلود الحيوانات (شترستوك)

ويفترض باحثو معهد ماكس بلانك أن هناك شيئا آخر يتسبب في اضطراب الحيوانات قبل كل تلك الفترة من الزلزال، إذ ربما يتسبب ضغط الصخور قبل الزلزال في تأيين الهواء بشكل تستشعره جلود الحيوانات، أو ربما تتمكن الحيوانات من أن تشم رائحة الغازات المنبعثة من ضغط بلورات الكوارتز قبل وقوع الزلزال.

لكن إلى الآن، من غير المعروف لماذا يحدث هذا التأثير، ويعمل فريق كبير من الباحثين على دراسته، فربما يساعد يوما ما في تطوير أدوات للكشف المبكر عن الزلازل.

المصدر : مواقع إلكترونية