البطاريق العملاقة التي عاشت في قارة زيلانديا المفقودة كانت ذات أرجل طويلة

The Kawhia giant penguin Kairuku waewaeroa. Image credit: Simone Giovanardi. Permission for use of the image by media is granted by the artist, - - - with credit: Simone Giovanardi
تخيلٌ للبطريق المكتشف بميناء كاوهيا في نيوزيلندا منذ 30 مليون عام، وقد أطلق عليه اسم "كايروكو واواروا" (مواقع التواصل)

لطالما كانت نيوزيلندا القديمة موطنا لتنوع هائل جدا من الطيور الكبيرة بما فيها نوع من الببغاء "هيراكليس" (Heracles) والذي عاش في الفترة الممتدة ما بين 16 إلى 19 مليون سنة مضت وتميز بطول قامته التي وصلت إلى متر واحد.

وبتاريخ 16 سبتمبر/أيلول الجاري أعلنت دورية "ذا جورنال أوف فيرتيبريت باليونتولوجي" (the Journal of Vertebrate Paleontology) عن توثيق أحافير كانت قد اكتشفت لأول مرة عام 2006 من قبل مجموعة من أطفال المدارس في نيوزيلندا على أنها تعود إلى بطريق عملاق ذي أرجل طويلة.

a) Line drawing of specimen; b) photo of specimen; c) size comparison of Kairuku waewaeroa and an emperor penguin. - -- - Photograph: Journal of Vertebrate Paleontology
صورة ورسم للحفرية ومقارنة للبطريق المكتشف مع بطريق الإمبراطور (ذا جورنال أوف فيرتيبريت باليونتولوجي)

تعود إلى 30 مليون عام

ووفقا للبيان الصحفي الذي نشره موقع "تايلور آند فرانسيس" (Taylor & Francis) للأبحاث العلمية في 16 سبتمبر/أيلول الجاري؛ يرى ستيفان صافي -الذي كان أحد الأطفال بالرحلة الميدانية لنادي "هاميلتون جونيور ناتشوراليست" (Hamilton Junior Naturalist Club) في ذلك الوقت- بأن اليوم الذي أمضاه بإزالة الحجر الرملي بحثا عن أحافير محتملة قد أسفر عن نتائج جيدة.

وأضاف "إنه أمر لا يصدق، أن نعرف أن الاكتشاف الذي حققناه ونحن أطفال منذ سنوات عديدة يساهم بشكل مميز في الأوساط الأكاديمية اليوم. كما أنه نشاط طلابي يحمل معاني الجدة والأصالة أيضا". وقد اكتشف الأطفال البقايا المتحجرة لجذع وعظام ساق وذراع البطريق العملاق داخل طبقة صلبة كانت عبارة عن حجر طيني موحل فيما مضى.

وقام سيمون جيوفاناردي -عالم الحفريات في "جامعة ماسي" (Massey University)- وزملاؤه بفحص وتوصيف أحافير البطريق المكتشف الذي بقي محفوظا في الصخور في "ميناء كاوهيا" (Kawhia Harbour) بالجزيرة الشمالية لنيوزيلندا منذ حوالي 30 مليون عام، وقد أطلق عليه اسم "كايروكو واواروا" (Kairuku waewaeroa).

وأوضح دانييل توماس -عالم الحيوان من جامعة ماسي- أن البطريق المكتشف "يشبه طيور البطريق العملاقة التي تم توثيقها لأول مرة بإقليم "أوتاغو" في نيوزيلندا، إلا أنه يمتلك أرجلا أطول بكثير"، وأضاف "منحت هذه الأرجل الطويلة طولا فائقا للبطريق مقارنة مع غيره من الطيور في ذلك الوقت، وربما قارب ارتفاعه 1.4 متر، كما يحتمل أن تكون قد أثرت على مدى سرعة السباحة أو مدى عمق الغوص".

وجدت طيور البطريق العملاقة مكانا أكثر أمانا للتكاثر في زيلانديا (ناسا)

طيور عملاقة في ظل غياب المفترس

يشير تحليل الأعضاء الحية والمنقرضة لسلالات عائلة البطريق إلى أن هذه الأنواع قد تطورت بنيويا بشكل مستقل عن بعضها البعض. ويبدو أن آلية الانتقاء الطبيعي قد أسفرت عن طيور عملاقة لا سيما عندما كانت في معزل عن الحيوانات المفترسة.

يفسر العلماء ذلك بأن "زيلانديا" (Zealandia) -القارة المغمورة في المحيط الهادي- كانت موطنا مثاليا لمثل هذه التجارب التطورية، لا سيما عند انفصالها عن "غندوانا" (Gondwana)، وهي القسم الجنوبي من قارة عظيمة بدائية كانت توجد في الحقبة الجيولوجية الوسطى، قبل 80 مليون سنة، حيث أصبحت عندها خالية من الثدييات المفترسة.

ويشك بعض الباحثين في أن طيور البطريق -التي نجت من موجة انقراض الديناصورات غير الطيرية قبل 66 مليون عام- قد تمكنت من الاستفادة من نقص الحيوانات المفترسة البحرية العملاقة آنذاك. وقد تزامن هذا تقريبا مع تحولها إلى الغوص بدلا من الطيران. ومع غياب الثدييات البرية المفترسة حولها، وجدت طيور البطريق العملاقة مكانا أكثر أمانا للتكاثر في زيلانديا.

وتم العثور على حفريات ما لا يقل عن 10 طيور بطريق عملاقة في قارة زيلانديا، بما في ذلك "كروسفاليا وايبارينسيس" (Crossvallia waiparensis) وعمره 60 مليون سنة وبلغ طوله 1.6 متر والذي تم اكتشافه عام 2019، و"كيروكو وايتاكي" (Kairuku waitaki) البالغ من العمر 30 مليون عام.

A modern-day emperor penguin. The prehistoric penguin found in 2006 in Waikato, New Zealand, was much larger. Photograph: Mark Mitchell/AP
الأنواع اللاحقة من البطريق كانت تتحول إلى الأرجل القصيرة (أسوشيتد برس)

وبمقارنة الحفرية المكتشفة بالأنواع الأخرى، لاحظ الفريق أن الأنواع اللاحقة من البطريق كانت تتحول إلى الأرجل القصيرة كي تحصل على طول جسم أقل نسبيا، وهو الأمر الذي يؤدي إلى نسبة أقل من مساحة سطح الطائر إلى حجمه مما يقلل من ممانعة غوصها تحت الماء.

وتعتبر هذه ميزة هامة لتأمين سرعة السباحة والغوص خاصة مع تطور الأنواع البحرية المفترسة الأخرى مثل أسماك القرش والثدييات البحرية الكبيرة خلال عصر الإيوسين والأوليغوسين.

وأخيرا يؤكد الباحثون على أهمية تشجيع الأطفال ومشاركتهم في اكتشاف الطبيعة كما حصل مع أطفال نيوزيلندا عند اكتشافهم البطريق الأحفوري.

يذكر أن نادي "هاميلتون جونيور ناتشوراليست" والذي يعرف اختصارا باسم "جوناتس" (Junats) تأسس عام 1962 ويعنى بالتنشئة العلمية للأطفال من سن 10 إلى 18 عاما، خاصة أولئك الشغوفين بالطبيعة والتاريخ الطبيعي.

المصدر : ساينس ألرت + مواقع إلكترونية