كوكب "ثيا" ترك تذكارا مدفونا في أعماق الأرض منذ 4.5 مليارات عام.. تعرف عليه

View of Earth from the Moon - شترستوك
كتل صخرية عملاقة وغامضة في أعماق الأجزاء المنخفضة من وشاح كوكب الأرض (شترستوك)

في دراسة جديدة قيد المراجعة لنشرها في "جيوفيزيكال ريسيرش ليترز" (Geophysical Research Letters)، توصل علماء إلى نموذج جديد يشرح من أين جاءت الكتل الصخرية العملاقة والغامضة الموجودة في أعماق الأجزاء المنخفضة من وشاح كوكب الأرض، والتي تم رصدها بالتصوير المقطعي الزلزالي.

يطلق على هذه الكتل الشاذة "مقطعات كبيرة ذات سرعة قص منخفضة-إل إل إس في بي إس" (large low-shear-velocity provinces-LLSVPs)، ويوجد اثنتان منها، إحداهما مدفونة تحت قارة أفريقيا، والأخرى تحت المحيط الهادئ. وهي تتكون من صخور كثيفة تعد من أكبر وأغرب الهياكل على الأرض.

أثار وجود هذه الهياكل داخل الوشاح الكثير من الأسئلة لدى العلماء مثل الكيفية والأسباب وراء ظهورها، وبالرغم من وجود بعض الإجابات؛ إلا أنه لا يوجد سوى القليل من الأدلة الملموسة.

Artist's impression of a planetary collision. (NASA/JPL-Caltech)
تصور لتصادم بين ثيا والأرض، والذي من المحتمل أن يكون قد شكل القمر (ناسا)

ما يعرفه العلماء

هذه الهياكل الشاذة ضخمة للغاية، وبالتالي فهي تولد اضطراباتها الخاصة، مثل الظاهرة الكبيرة التي تتطور حاليا داخل المجال المغناطيسي للأرض وتضعفه، والمعروفة باسم شذوذ جنوب المحيط الأطلسي.

ما يعرفه العلماء حتى الآن هو أن هذه الصخور العملاقة كانت موجودة منذ فترة طويلة جدا، حيث يعتقد الكثيرون أنها كانت جزءا من الأرض منذ ما قبل فرضية الاصطدام العملاق، التي حدثت بين كوكب الأرض والكوكب الافتراضي، الذي يطلق عليه اسم "ثيا" (Theia)، وقد أدى هذا التصادم إلى ولادة القمر.

ووفقا لهذه النظرية المنتشرة على نطاق واسع، ضرب ثيا، وهو كوكب بحجم المريخ، الأرض المبكرة منذ حوالي 4.5 مليارات سنة، وقد تشكل القمر من الشظايا المتناثرة الناتجة عن الاصطدام بين الكوكبين. أما ما حدث لبقية كوكب ثيا، فهو غير معلوم وغير مؤكد، هل تم تدميره، أم أنه ارتد ببساطة إلى الفضاء العميق، لا أحد يعلم.

يقترح بعض الباحثين أن أنوية هذين الكوكبين البدائيين ربما اندمجت في كوكب واحد، وأن التفاعلات الكيميائية الناتجة عن هذا الاندماج الملحمي هي التي مكنت الحياة نفسها من الازدهار في العالم الناتج.

اقتراح جديد

في الدراسة الجديدة، التي أجراها باحثون من "جامعة ولاية أريزونا" (Arizona State University)، خلص العلماء إلى اقتراح جديد، قد يجيب على النقاط الغامضة فيما يتعلق بهياكل "إل إل إس في بي إس"، وفكرة نسجها مع فرضية اندماج نواتي كل من كوكب الأرض وكوكب ثيا الافتراضي.

ووفقا للنمذجة الجديدة التي أجراها الباحثون قد تمثل "إل إل إس في بي إس" شظايا قديمة من وشاح ثيا الغني بالحديد والكثيف للغاية، والذي غرق عميقا في وشاح الأرض عندما اجتمع الكوكبان الناميان معا، ودفنت هناك لمليارات السنين.

يشرح تشيان يوان، المؤلف الأول للدراسة، والذي يدرس ديناميكيات الوشاح في جامعة ولاية أريزونا، في ملخص النتائج التي توصل إليها الفريق البحثي "إن فرضية الاصطدام العملاق هي واحدة من أكثر النماذج التي تم اختبارها لتشكيل القمر؛ لكن الأدلة المباشرة التي تشير إلى وجود ثيا ما تزال بعيدة المنال".

يقول "لقد أظهرنا أن وشاح ثيا قد يكون أكثر كثافة جوهريا من وشاح الأرض، مما يمكن مواد وشاح ثيا من الغرق في الوشاح السفلي للأرض، والتراكم في أكوام كيميائية حرارية قد تتسبب في (إل إل إس في بي إس) المرصودة بالزلازل".

Animation of LLSVPs based on the clustering analysis of Cottaar & Lekic (2016). The resolution of the clustering analysis results in the somewhat blocky depiction of the LLSVPs - source: Sanne.cottaar -
رسم متحرك يظهر الهياكل الصخرية الضخمة كما تم استنتاجها (سين كوتار-ويكيبيديا)

وعلى الرغم من وجود تكهنات سابقة ولسنوات حول أن صخور "إل إل إس في بي إس" العملاقة، قد تكون تذكارا غريبا زرعه كوكب ثيا الافتراضي على كوكبنا؛ إلا أن البحث الجديد يعد هو الصيغة الأكثر شمولا حتى الآن.

تم تقديم نتائج البحث في "المؤتمر 52 لعلوم القمر والكواكب-إل بي إس سي" (The 52nd Lunar and Planetary Science Conference-LPSC)، الذي تم عقده على الإنترنت خلال الفترة من 15 إلى 21 مارس/آذار الجاري.

المصدر : ساينس ألرت + مواقع إلكترونية