باحث مصري يسهم في زيادة كفاءة الخلايا الشمسية

رغم ما تحمله الخلايا الشمسية من آفاق واعدة لمستقبل الطاقة فإن أمامها عقبات تحاول تخطيها لتصبح أكثر كفاءة واستدامة

دكتور ياسر حسن المؤلف الأول للدراسة (ياسر حسن)

تعد الطاقة أحد أعمدة حضارة عالمنا المعاصر، ويتطلب الازدهار العالمي حاليا الاعتماد على مصادر للطاقة منخفضة الكربون؛ الأمر الذي يدفع المجتمع العلمي إلى ابتكار مواد متقدمة وذكية لتكون مصادر متجددة للطاقة وتسهل تخزينها.

ولهذا السبب، فإن العلماء يعكفون على دراسة المواد المختلفة لمعرفة قدرتها على التوصيل الكهربي، إذ تنقسم المواد الموجودة في الطبيعة طبقا لقدرتها على التوصيل الكهربي إلى 3 أنواع: مواد موصلة ومواد عازلة وأشباه الموصلات. وأشباه الموصلات مواد عازلة بطبيعتها تحت الظروف العادية، غير أنها تصبح موصلة إذا استثيرت بعامل خارجي؛ كالضوء أو الحرارة أو الضغط.

مواد ملهمة جديدة

ظلت البشرية تعتمد على الشمس مصدرا للضوء والحرارة حتى استطاع العالم إدموند بيكيريل اكتشاف قدرة أشباه الموصلات على التوصيل الكهربائي؛ إذ لاحظ أن قدرة أشباه الموصلات على توصيل الكهرباء تزداد مع سقوط الضوء على أسطحها، في ما عرف باسم ظاهرة الجهد الضوئي (Photovoltaic effect).

ولكن بقيت هذه الخاصية حبيسة الأدراج حتى استخدمها العلماء في اختراع الترانزستور، وكذلك في اختراع أول خلية شمسية في منتصف القرن الماضي.

غير أن كفاءة أول خلية شمسية لم تتعد 4%؛ مما يعني أنها تنتج كمية ضئيلة من الكهرباء مقارنة بكمية الضوء التي تمتصها المواد شبه الموصلة المكونة للخلية الشمسية.

ومنذ ذلك الحين، يعمل العلماء على زيادة كفاءة الخلايا الشمسية، حتى توصلوا إلى نوع من الخلايا المصنوعة من السيليكون، وتعد أكثر الخلايا كفاءة بقدرة 25%.

وفي عام 2012، أدهش الفيزيائي هنري سنيث من جامعة أوكسفورد (University of Oxford) العلماء بابتكار خلايا شمسية عالية الكفاءة مصنوعة من مادة البيروفسكايت (Perovskite) وتضاهي كفاءتها نسبة 29%.

غير أن مادة البيروفسكايت كانت تعاني من حالة عدم الثبات، خاصة إذا وقعت تحت تأثير عوامل مثل الضوء والحرارة والعوامل الجوية.

بلورات مادة البيروفسكايت وتركيبها الكيميائي (ويكيبيديا-روب لافينسكي-ياسر حسن)

الطبيعة مصدر الإلهام

وفي دراسة حديثة نشرتها دورية "نيتشر" (Nature) في الثالث من مارس/آذار الحالي، قام فريق من العلماء في جامعة أكسفورد بدراسة ميكانيكية عدم ثبات مادة البيروفسكايت؛ الأمر الذي قد يفتح المجال أمام استخدام هذه المادة في العديد من التطبيقات الواعدة.

ويقول الدكتور ياسر حسن، المؤلف الأول للدراسة في تصريح للجزيرة؛ إن "فهم طبيعة الكائنات الحية وكيفية تعاملها مع العناصر المكونة لمادة البيروفسكايت كان مصدر إلهام بالنسبة لنا".

في البداية، وجد الباحثون أن ذرات الرصاص الطليقة والموجودة على سطح مادة البيروفسكايت تتسبب في حالة من التدهور تعرف باسم "فصل الهالوجينات" (Halide Segregation).

وحاول الفريق معرفة الكيفية التي يتخلص بها الكبد من السموم الضارة كالرصاص؛ إذ اكتشف الفريق أن مادة الغلوتاثيون التي يفرزها الكبد قد تحمل مفتاح اللغز الذي يمكنهم من تثبيت التركيب الكيميائي لمادة البيروفسكايت.

صورة الخلية الضوئية لحظة التقاطها لأول مرة بعد محاولات عديدة (ياسر حسن)

اكتشاف فريد

بالفعل، مكنت الصورة المختزلة لمادة الغلوتاثيون (Reduced L-Glutathione) العلماء من تنظيف البلورات النانوية لأسطح البيروفسكايت، وذلك بإزالتها لذرات الرصاص الطليقة الموجودة على السطح. وهو ما يؤكده حسن قائلا إن "طبيعة الارتباط بين هذه المادة البيولوجية وسطح البلورات النانوية للبيروفسكايت هي السبب في منع فصل الهالوجينات".

وأدت هذه المعالجة الكيميائية إلى ثبات مادة البيروفسكايت وإلى تلألئها في مدى الطيف الأحمر، وهو الأمر الذي كان من الصعب الوصول إليه في الماضي.

وبالتالي، فإن هذه الدراسة تقدم لأول مرة آلية مبتكرة يمكن من خلالها تحسين الثبات الكيميائي لمادة البيروفسكايت، ومن ثم استخدامها في الجيل الرابع من الخلايا الشمسية قليلة التكلفة ومرتفعة الكفاءة.

ويضيف حسن -وهو أحد المؤلفين المعنيين بالمراسلات الخاصة بالدراسة أيضا- أن هذه الدراسة "جاءت لتضيف إلى جهود العلماء التي استمرت على مدار السنوات السابقة".

المعالجة الكيميائية أدت إلى ثبات مادة البيروفسكايت وإلى تلألئها في مدى الطيف الأحمر (ياسر حسن)

الجدير بالذكر أن الدكتور ياسر حسن تخرج من كلية العلوم جامعة الزقازيق المصرية عام 2002 بتقدير امتياز. وعُيِّن معيدا بالكلية ذاتها، والتي حصل منها على درجة الماجستير في الكيمياء الضوئية بالتعاون مع جامعة عين شمس.

وفي عام 2010 حصل حسن على منحة دكتوراه ممولة بالكامل من جامعة تورونتو (University of Toronto) في كندا، والتي ابتدأها بحصوله على درجة ماجستير أخرى، ثم أتم درجة الدكتوراه عام 2016. لينتقل بعد ذلك للعمل باحثا لما بعد الدكتوراه في جامعة أكسفورد في تخصص الخلايا الشمسية والضوئية.

المصدر : الجزيرة