في آيسلندا.. تعرف على ثاني أكبر محطة في العالم لدفن ثاني أكسيد الكربون

منشأة فريدة من نوعها في آيسلندا تقوم بتحويل ثاني أكسيد الكربون إلى صخور غير ضارة تطمر في أعماق الأرض (غيتي)

غير بعيد عن العاصمة الآيسلندية ريكيافيك تقبع محطة "هيليشيدي" (Hellisheidi) للطاقة الحرارية الأرضية التي تعدّ الأكبر في البلاد وثاني أقوى محطة على وجه الأرض، لكنها أيضا منشأة فريدة من نوعها بالنظر لكونها تقوم بتحويل ثاني أكسيد الكربون إلى صخور غير ضارّة تطمر في أعماق الأرض.

مجلة "لوبوان" (Le Point) الفرنسية اهتمت في تقرير لها بهذه المحطة التي تعدّ نقطة التقاء مجموعة أنابيب متعرجة ممتدة على طول كيلومترات، كما تضم أكواخا معدنية صغيرة للتنقيب من بينها مشروع "كاربفيكس" (Carbfix) الأوروبي الذي يندرج ضمن مجهودات مواجهة تداعيات ظاهرة الاحتباس الحراري.

الماء يخلط بثاني أكسيد الكربون وتحقن مليارات الأطنان من الخليط في مسام صخور البازلت (غيتي)

فكرة مجنونة

ويرتكز هذا المشروع الذي تم تطويره منذ عام 2006 على "فكرة مجنونة" -وفق المجلة- تقضي بخلط الماء بثاني أكسيد الكربون وحقن مليارات الأطنان من هذا السم الموجود في الغلاف الجوي في مسام صخور البازلت على عمق كيلومتر إلى كيلومترين تحت الأرض حيث يتحول إلى أحجار.

وبفضل القدرة الكبيرة لهذه الصخور البركانية على التفاعل لأنها تحتوي على المغنيسيوم والكالسيوم والحديد، يشكل ثاني أكسيد الكربون المذاب في أعماق الأرض كربونات أي معادن جديدة.

وتؤكد إيدا أرادوتير، الرئيسة التنفيذية الشابة لشركة "كاربفيكس" -وهي فرع للشركة الوطنية الآيسلندية "ريكيافيك إينرجي" (Reykjavik Energy) المناطة بتفعيل المشروع الأوروبي- أن هذه الطريقة في تحويل ثاني أكسيد الكربون إلى صخور "ليست أخطر من مجرد جمع الحصى.. التفاعل يحدث بشكل طبيعي وفق المقاييس الزمنية الجيولوجية. قمنا فقط بتسريع العملية بحيث يستغرق التحول عامين فقط".

وتضيف "هناك ما هو أفضل.. بما أن ثاني أكسيد الكربون يتسلل مع الماء فإن نطاق امتداد بئر واحدة قد يمتد على كيلومترات عدة، وهذا أمر جيد بالنظر إلى التكلفة الباهظة للحفر".

وتعود هذه النتيجة، وفق ما يرى باسكال بينيزيث جيسكي، مدير الأبحاث في المركز الوطني للبحث العلمي الفرنسي -وهو أحد المساهمين "البارزين" في المشروع- إلى "تقنية حقن ثاني أكسيد الكربون المذاب في الماء، فإذا تم حقنها في شكل غازي فإن البازلت سوف يتفاعل بسرعة كبيرة وسيشكل معادن قريبة جدا من بئر الحقن".

الدفن يتم في رواسب بازلتية عملاقة لا تتوفر إلا في مناطق محدودة في العالم مثل آيسلندا (غيتي)

رواسب بازلتية عملاقة

وتشير إيدا أرادوتير إلى أنه "في باطن التربة الآيسلندية وحدها، هناك ما يكفي لتخزين تريليونات الأطنان، نحتاج فقط إلى ثاني أكسيد الكربون والبازلت والماء".

ولكن للوصول إلى هدف المشروع المتمثل في دفن مليار طن سنويا بحلول عام 2030 -تضيف المجلة- سيتعين على "كاربفيكس" حل مشكلة رئيسة وهي الوصول إلى المياه العذبة، لأن دفن طن واحد من ثاني أكسيد الكربون يتطلب ما لا يقل عن 25 طنا، أي ما يعادل 10 حمامات سباحة أولمبية من المياه.

وإذا كان لدى آيسلندا ودول أخرى مثل كندا أو البرازيل أو النرويج ما يكفي من المياه العذبة، فإن بقية العالم تفتقر إليها بشدة ويزداد هذا النقص سوءا مع تداعيات الاحتباس الحراري، لذلك يحاول مهندسو المشروع استبدالها بمياه البحر لكنهم غير متأكدين ما إذا كان الأمر سينجح لأن العمليات الكيميائية مختلفة تماما.

فضلا عن ذلك، يجب أن يتم الدفن في رواسب بازلتية عملاقة لا تتوفر إلا في مناطق محدودة في العالم، مثل آيسلندا، وفي "مصاطب ديكان" بالهند، أو في كولومبيا البريطانية بكندا حيث تقوم شركة "كاربون إنجينييرنغ" (Carbon Engineering) الكندية -المنافس الرئيسي لشركة "كاربفيكس"- أيضا بتجارب واعدة.

المصدر : لوبوان