كيف يبقى سمندل الكهوف الأوروبي حيا 68 عاما؟

تسير حيوانات السمندل خطوات بسيطة قد لا تصل في مجموعها لمسافة العشرة أمتار (ويكيميديا كومونز)
حيوانات السمندل تسير خطوات بسيطة قد لا تصل في مجموعها عشرة أمتار (ويكيميديا كومونز)

لمياء أبو الخير

في اكتشاف مثير للدهشة، نشرت نتائجه في دورية "جورنال أوف زوولوجي" بتاريخ 28 يناير/كانون الثاني، رصدت فيه الدراسة أكثر الحيوانات كسلا في الموائل البحرية الأوروبية. إنه حيوان "سمندل الكهوف الأوروبي، أو السمندل الأنكليسي" التابع لطائفة البرمائيات.

معدل فائق في السكون
في تلك الدراسة، حرص جيرجلي بلازس -الباحث بجامعة أتفوش رولاند في بودابست، المجر– وزملاؤه على مراقبة ومعالجة البيانات الخاصة بمجموعة من حيوانات السمندل الأنكليسي، التي بلغت 26 عينة؛ ليجدوا أن أنماط الحركة التي اتخذتها الحيوانات محدودة للغاية خلال مدة الدراسة، التي بلغت ثمانية أعوام، في حين قرر أحدها التوقف عن الحركة تماما لمدة وصلت إلى 2569 يوما.

يقول بلازس عن ذلك "لأعوام عدة، سارت فيها أغلب حيوانات السمندل -المدرجة في نموذج الدراسة- بضع خطوات بسيطة، قد لا تصل في مجموعها لمسافة عشرة أمتار"، بيد أننا بحاجة لتتبع التدابير التي اتخذها السمندل لينجو بحياته رغم كسله الشديد.

‪الجزء الأمامي من رأس السمندل‬ (ويكيبيديا)
‪الجزء الأمامي من رأس السمندل‬ (ويكيبيديا)

حسن إدراك المحيط
شاعت تسمية سمندل الكهوف الأوروبي باسم "سمكة الإنسان"، بسبب طول عمره الذي يقارب عمر الإنسان، حيث يصل متوسط عمر السمندل إلى نحو 68 عاما؛ وهنا تثار بعض التساؤلات عن المؤهلات التي تسهم في إثراء حياة السمندل الطويلة؟

التركيب الأولي لنظام الإبصار لدى السمندل الأنكليسي يستجيب فيه لكمية الضوء الضئيلة التي يتعرض لها عن طريق زوج من الأعين المغطاة بطبقة رقيقة من الجلد الشفاف، باعتباره كائنا يقبع في القاع المظلم للكهف المائي؛ فيمكن الجزم بعدم دقة تلك الحاسة.

ومن هنا كانت الحاجة لنظام مختلف يساعد السمندل في إدراك الأحداث المحيطة، فمن خلال ظاهرة تعرف باسم "الانجذاب نحو التيار المائي" يستطيع السمندل الاستجابة لحركة الماء المتدفق في الأجواء المحيطة.

استهلاك أقل للغذاء والطاقة
قدمت بعض الدراسات السابقة دليلا يفيد بانخفاض معدلات الاستقلاب الخلوي للسمندل، كما أنه قد ينجو بحياته في حال استعصى عليه الحصول على الغذاء لفترات طويلة، إذ يعتمد السمندل- وبصورة رئيسية- على القشريات والقواقع كوجبات غذائية، التي تعد من أفقر المصادر الكائنة في الكهوف الأوروبية.

يقول عالم البيولوجيا ماثيو نيملر في جامعة ألاباما –الباحث غير المشارك بالدراسة- لموقع "ساينس نيوز" إنه في ظل الظروف البيئية الأفقر في الغذاء، وبينما تستحيل الظروف المعيشية؛ تلوح في الأفق الوسيلة الأفضل لضمان الغذاء والحماية، وهي حسن اقتناص تلك الفرص القليلة.

وفي دراسة بلازس، كشف مؤلفو الدراسة عن لجوء حيوان السمندل لاتخاذ بعض التدابير الاحترازية لتقليل استهلاك الطاقة، وذلك من خلال تقليل السلوك التكاثري، ومن خلال الاستهلاك المقنن للموارد الغذائية، ومن خلال أنماط الحركة.

ووفقا لدراسة نشرت عام 2010، اكتشف مؤلفو الدراسة زيادة نسبة وحدات الطاقة (ATP) الناجمة عن عمليات استقلاب الطاقة الخلوي مقارنة بنسبة الطاقة المدخلة الأولية. كما اكتشفوا أنه يحقق إنتاجا أقل لأنواع الأكسجين التفاعلي، التي قد تتسبب في سلسلة من الإجهادات الضارة للخلايا.

"من خاف سلم"
علاوة على ذلك، فإن تعايش تلك الأنواع في قيعان الكهوف المظلمة يقلل بشكل كبير مخاطر الافتراس التي يمكن التعرض لها، فتتخفى حيوانات السمندل في ثناياه لتتوارى عن الأنظار.

ولاحظ الباحثون أثناء مراقبتهم تلك الحيوانات؛ أنها في حال تزايد تهديدات الزائرين في محيطها الخاص، تميل إلى الفرار، على أن تعود إلى مستقرها المفضل في حال زالت التهديدات.

المصدر : الجزيرة