الأنشطة البشرية تهدد النظام البيئي في أفريقيا

Said سعيد - الباحثون أثناء الدراسة في متنزه سيرينغيتي الوطني في شمال تنزانيا (الصورة متاحة للاستخدام مجانا) - الأنشطة البشرية تهدد النظام البيئي في أفريقيا
الباحثون أثناء الدراسة في متنزه سيرينغيتي الوطني بشمال تنزانيا (يوريكا أليرت)

محمد الحداد

خلصت دراسة دولية إلى أن زيادة النشاط البشري حول أحد النظم الإيكولوجية الأكثر شهرة في أفريقيا تشكل ضغطا كبيرا على الحياة البرية في القارة، مما يدمر الموائل الطبيعية ويعوق طرق هجرة الحيوانات البرية مثل الحمار الوحشي والغزال.

ووفق الدراسة -التي أعدها فريق بحثي من جامعات أوروبية وأميركية، ونشرت نتائجها مؤخرا في مجلة "ساينس"- يعد النظام البيئي "سيرينغيتي-مارا" في شرق أفريقيا أحد أكبر النظم البيئية ومن أكثرها أهمية على الأرض، لكنه قد يتعرض للدمار بسبب زيادة النشاط البشري على حدوده.

كما ترصد النشاط البشري ومجموعات الأحياء البرية والغطاء النباتي والتربة داخل وحول النظام الإيكولوجي الشهير الذي يغطي أكثر من أربعين ألف ميل مربع، ويشمل متنزه سيرينغيتي الوطني في شمال تنزانيا ومحمية "ماساي مارا" الوطنية في شرق أفريقيا.

واستنادا إلى بيانات عن المنطقة جمعت على مدار أكثر من أربعين عاما، لاحظ الفريق البحثي ارتفاعًا بنسبة 400% في عدد البشر في بعض المناطق، وتراجعا يصل إلى 75% في أعداد الحيوانات البرية الأكبر حجمًا، لا سيما على الجانب الكيني.

رحلة المخاطر
كل عام يعبر أكثر من مليون من الحيوانات البرية ونصف مليون من الغزال ومئتي ألف من الحمار الوحشي البراري الوعرة في رحلة محفوفة بالمخاطر من متنزه سيرينغيتي في تنزانيا إلى محمية ماساي مارا في كينيا بحثا عن المياه والمراعي الخصبة.

كل عام تعبر مئات آلاف الحيوانات البرية والغزلان وحمير الوحش البراري الوعرة في رحلة محفوفة بالمخاطر بحثا عن المياه (غيتي)
كل عام تعبر مئات آلاف الحيوانات البرية والغزلان وحمير الوحش البراري الوعرة في رحلة محفوفة بالمخاطر بحثا عن المياه (غيتي)

وتحذر الدراسة من الآثار السلبية للأنشطة البشرية في الزراعة وتربية الماشية التي تضغط على الحياة البرية في المناطق المحمية الأساسية عن طريق إتلاف الموائل خارج المناطق المحمية وإعاقة طرق هجرة الحيوانات البرية. كما يمكن للأنشطة البشرية أن تجعل النظام الإيكولوجي أقل قدرة على مقاومة الصدمات المستقبلية، مثل الجفاف أو مزيد من التغير المناخي.

وتكشف كيف أدى النمو السكاني وتدفق قطعان الماشية في المناطق العازلة للمحميات الطبيعية إلى الضغط على المنطقة المتاحة لهجرة الحيوانات البرية والحمار الوحشي والغزلان، مما جعلهم يقضون وقتًا في رعي الأعشاب المغذية أقل مما كانوا يفعلون في الماضي. ورغم أن ذلك قلل من وتيرة الحرائق الطبيعية فإنه أسهم في تغيير الغطاء النباتي وتقليل فرص الرعي للحياة البرية الأخرى في المناطق البرية الرئيسية.

إدارة المحميات
وتظهر نتائج الدراسة أنه لا يمكننا الاعتماد على المدى الهائل للمناطق المحمية للحفاظ على التنوع البيولوجي، فالآثار البشرية منتشرة وتهدد حتى أكثر احتياطاتنا شهرة.

يقول ميشيل فيلدويس من جامعة "خرونينغن" الهولندية والباحث الرئيسي بالدراسة -في تصريح للجزيرة نت عبر البريد الإلكتروني- إن النظام البيئي "سيرينغيتي-مارا" في شرق أفريقيا يعد من أكبر مجمعات المناطق المحمية العابرة للحدود على مستوى العالم، ومع ذلك نجد الآثار السلبية للأنشطة البشرية التي تؤثر عليها بشدة.

"وتكشف دراستنا أنه حتى المناطق المحمية الكبيرة، التي تتمتع بفرض قيود صارمة على ما يمكن أن تحدثه الأنشطة البشرية، يمكن أن تتأثر بشكل غير مباشر بأنشطة السكان على حدودها" كما يضيف فيلدويس الذي يشير إلى أن هناك حاجة ملحة لإعادة التفكير في كيفية إدارة حدود المناطق المحمية لتكون قادرة على حفظ التنوع البيولوجي، فقد يعتمد مستقبل أكثر المناطق المحمية شهرة في العالم والسكان المرتبطين بها على ذلك.

المصدر : الجزيرة