لم تكن الديناصورات وحدها التي انقرضت قبل 66 مليون سنة

Said سعيد - تسبب نيزك وقع قبل 66 مليون عام في موجة تشبه تسونامي في بحر داخلي تسببت في قتل ودفن الأسماك والثدييات - لم تكن الديناصورات وحدها التي انقرضت قبل 66 مليون سنة
النيزك الذي ضرب الأرض قبل 66 مليون عام تسبب بموجة تسونامي قتلت ودفنت الأسماك والثدييات (روبرت دي بالما/ جامعة بيركلي)

محمد الحداد

عثر الباحثون مؤخرا على موقع مهم وغير مألوف للآثار المترتبة على تأثير الكويكب الذي قضى على الديناصورات قبل 66 مليون عام.

وكشفت الحفريات -التي عثر عليها في "داكوتا الشمالية" في وسط غرب الولايات المتحدة- على بقايا أسماك وثدييات وديناصورات وأشجار تعرضت لشظايا زجاجية صخرية سقطت من السماء.

وتظهر الرواسب دليلا على غمر المنطقة بالماء كنتيجة للطفرة البحرية الهائلة التي نجمت عن الصدمة الكويكبية، وفق نتائج الدراسة التي نشرت مؤخرا في مجلة الأكاديمية الوطنية للعلوم "بي أن أي أس" (PNAS)، فبعد أكثر من 165 مليون سنة من هيمنة الديناصورات على الأرض تعرض الكوكب الأرض لاصطدام كويكب كبير قبل 66 مليون سنة.

وضرب الكويكب -الذي بلغ قطره تسعة كيلومترات- شبه جزيرة "يوكاتان" في المكسيك، محدثا حفرة عرضها 180 كيلومترا، وعمقها عشرون كيلومترا، وأدى الاصطدام إلى انقراض عدد كبير من الكائنات، وعلى رأسها الديناصورات.

وبلغت سرعة الكويكب "تشكسيولب" عشرين كيلومترا في الثانية، وتسبب ارتطامه بالأرض في تسخين مواد الهيدروكربونات والكبريت المطمورة في الصخور الرسوبية بمنطقة الارتطام، مما أدى إلى تكون السخام الستراتوسفيري والهباء الكبريتي في طبقات الغلاف الجوي.

شظايا منصهرة
يعطي موقع الحفر في منطقة "تانيس" لمحة مذهلة عن الأحداث التي ربما استغرقت عشرات الدقائق إلى بضع ساعات فقط بعد أن ضرب الكويكب العملاق الأرض.

وتشير الدراسة إلى أن الكويكب ألقى بلايين الأطنان من الصخور المنصهرة في السماء في جميع الاتجاهات وعبر آلاف الكيلومترات.

ويسجل السجل الحفري في منطقة "تانيس" اللحظة التي انطلقت فيها هذه المواد المنصهرة وسحقت كل شيء في طريقها.

الأسماك المتحجرة تتكدس بعضها فوق بعض مما يوحي بأنها كانت تطفو على الشاطئ ثم تموت (روبرت دي بالما/ جامعة بيركلي)
الأسماك المتحجرة تتكدس بعضها فوق بعض مما يوحي بأنها كانت تطفو على الشاطئ ثم تموت (روبرت دي بالما/ جامعة بيركلي)

كانت الأسماك هي أهم ضحايا الارتطام الذي -كما أفنى الديناصورات- أفنى عددا كبيرا من أنواع الأسماك التي عثر الباحثون على بقاياها مع الحطام الموجود في "تانيس"، حيث وجدت الشظايا في خياشيم الأسماك بعد أن انتشرت بقوة في المنطقة بعد الاصطدام مباشرة.

كما عثر الباحثون على جزيئات في الكهرمان، وهو راتنج يتكون من مواد عضوية متحجرة من بقايا الأشجار الصنوبرية المنقرضة في بعض مناطق الغابات الصنوبرية التي تحجرت وتشكلت قبل آلاف السنين.

وقال روبرت دي بالما الباحث الرئيسي في الدراسة وأمين متحف "بالم بيتش" للتاريخ الطبيعي في فلوريدا وطالب الدكتوراه في جامعة كنساس "هذا الموقع هو أول مكان يعثر فيه الباحثون على آثار موت الكائنات الكبيرة التي ارتبطت بالارتطام النيزكي".

وأضاف دي بالما في البيان الصحفي الذي أصدرته جامعة كاليفورنيا-بيركلي أنه "لا يمكن العثور على مثل هذه المجموعة التي تتكون من عدد كبير من الأنواع التي تمثل أعمارا مختلفة من الكائنات الحية ومراحل الحياة المختلفة في أي جزء آخر في حدود منطقة الارتطام النيزكي على الأرض، وقد ماتت جميع الكائنات التي عثر على بقاياها في نفس يوم الارتطام".

تسونامي
وقد نجح فريق الباحثين في الدراسة من الجيو-كيميائيين في ربط المواد التي عثروا عليها مباشرة بموقع سقوط تشكسيولب في خليج المكسيك، كما قاموا أيضا بتأريخ الحطام إلى 65.76 مليون عام، وهو ما يتفق جيدا مع توقيت الارتطام النيزكي.

لقد أحدث الارتطام النيزكي "تسونامي" كبير من مياه المحيط التي أغرقت المنطقة المحاذية للساحل، واستغرقت موجة التسونامي ساعات عدة قطعت خلالها مسافة ثلاثة آلاف كيلومتر من خليج المكسيك إلى داكوتا الشمالية.

ويعتقد الباحثون أن المياه المحلية في منطقة وسط أميركا كان من الممكن أن تتعرض للإزاحة بسرعة أكبر نتيجة لموجة الزلازل.

وقال مارك ريتشاردز أستاذ علوم الأرض بجامعة كاليفورنيا-بيركلي "إن الموقع يشبه متحفا لنهاية العصر الطباشيري في طبقة يبلغ سمكها متر ونصف المتر".

وأضاف ريتشاردز في البيان الصحفي أن السبل تقطعت بالأسماك في المنطقة، ثم دفنتها أمواج التسونامي التي امتدت لمدة لا تقل عن 10 إلى 12 ساعة بعد التأثير على بعد ثلاثة آلاف كيلومتر.

وقال "تبدأ الأمواج الزلزالية في الظهور في غضون تسع إلى عشر دقائق من تأثير الاصطدام، لذا كانت لدى الأسماك فرصة للوصول إلى المياه المتساقطة قبل أن تسقط جميع الشظايا الملتهبة من السماء".

المصدر : الجزيرة + مواقع إلكترونية