هل تساعد ميكانيكا الكم في فهم خبايا الثقوب السوداء؟

Said سعيد - حيّرت الثقوب السوداء آلاف الباحثين. فما يدخل إليها لا يمكن أبدًا استرجاعه - هل تساعدنا ميكايكا الكم في فهم خبايا الثقوب السوداء؟
تمنع الثقوب السوداء خروج أي شيء منها، سواء كان ذلك مركبة فضائية أو اشارة راديوية أو ضوئية (بكسابي)

 

 

شادي عبد الحافظ

لطالما حيرت الثقوب السوداء آلاف الباحثين، فما يدخل إليها لا يمكن أبدا استرجاعه سواء كان ذلك بقايا نجم شاء قدره أن يقترب منها، أو حتى أسرع شيء في الكون، شعاع الضوء.

لكن رغم ذلك، فإن فريقا بحثيا من جامعة كاليفورنيا ومعهد بريميتر الكندي، يقول إن لديه حلا لتلك المشكلة.

الإفلات بسرعة الضوء
لكل جرم في الكون قوة جذب، سواء كان مجرد صخرة صغيرة أو كويكبا ضخما أو كوكبا أو نجما. تتحدد تلك القوة بمعيارين أساسيين، هما كتلة هذا الجرم ونصف قطره، كلما ازدادت الأولى أو نقصت الثانية زادت تلك القوة.

على الأرض مثلا، تحتاج أن تجري بسرعة أكثر قليلا من 11 كيلومترا في الثانية للأعلى، لتفلت من تلك القوة، أما على المشتري تحتاج حوالي خمسة أضعاف تلك السرعة لأنه أكبر في الكتلة.

ولو كنت على الشمس فسوف تحتاج أن تجري بسرعة تصل إلى ستمئة كيلومتر في الثانية لكي تفلت من قوة جذبها، كلما ازدادت كتلتك احتاج أي شيء لسرعة أكبر كي يفلت من جاذبيتك.

الثقوب السوداء هي مصير بعض الأنواع من النجوم التي تتجاوز كتلتها ثماني مرات كتلة الشمس. في نهاية أعمارها، حيث تتقلص تلك النجوم في الحجم بشدة وتنهار على ذاتها بحيث تتركز كامل كتلتها في نقطة تسمى "المفردة".

تمنع الثقوب السوداء خروج أي شيء منها، سواء كان ذلك مركبة فضائية، أو حتّى إشارة راديوية أو ضوئية تخبر الفلكيين بالخارج عن أجواء الثقب الأسود الداخلية التي ستكشف الكثير من أسرار الكون إذا عرفها العلماء.

ينقسم جسيمان متشابكان كموميا على أفق الثقب الأسود فيدخل أحدهما للثقب ويخرج الآخر إلى الكون ليصبح إشعاع هوكينج (رويترز)
ينقسم جسيمان متشابكان كموميا على أفق الثقب الأسود فيدخل أحدهما للثقب ويخرج الآخر إلى الكون ليصبح إشعاع هوكينج (رويترز)

تشابك كمومي
لكن، بحسب الدراسة الجديدة، فإننا يمكن أن نتعرف على ما يحدث بداخل الثقب الأسود عن طريق ظاهرة كمومية شهيرة تدعى التعالق أو التشابك الكمومي (Quantum Entanglement)

التشابك الكمّي هو ظاهرة فريدة تعني أنه يمكن لجسيمين متشابكين كموميا أن يتواصلا بطريقة ما، بشكل لحظي، حتّى لو كان كل منهما في مجرة دون الأخرى. يحدث هذا التواصل عن طريق ما يسمى باللف، ولف الجسيم يشبه دوران الكواكب حول نفسها، مع فوارق جوهرية.

إذا كان لف الجسيم الأول للأعلى يكون لف الجسيم الثاني للأسفل، والعكس صحيح، يبدو الأمر كأن كل جسيم قد علم وضع الآخر حينما حاول العلماء قياسه. مهما اختلفت المسافة، فإن الجسيمين المتشابكين كموميا يتمكنان من التواصل.

بحسب الدراسة الجديدة، فإنه يمكن استخدام نظرية هوكينج في فهم ما يحدث داخل الثقب الأسود، حيث يحدث حينما ينقسم جسيمان متشابكان كموميا على أفق الثقب الأسود، فيدخل أحدهما للثقب ويخرج الآخر إلى الكون ليصبح إشعاع هوكينج.

بالتالي يمكن للباحثين، بحسب الدراسة، رصد هذا الجسيم من إشعاع هوكينج وقراءة معلوماته التي تعطي معلومات عن الآخر المتشابك معه كموميا داخل الثقب الأسود.

تحديات مستقبلية
لكن الأمر ليس بتلك البساطة، فما نعرفه هو أن الرسائل الكمومية المتبادلة بين جسيمين متشابكين تكون عشوائية ولا يمكن أن تنقل معلومات بين الجسيمين.

وبحسب الدراسة الجديدة، فإن الأمر ليس عشوائيا بالكامل، حيث يمكن عبر عدد ضخم من التعقيدات الرياضية أن يمسك الباحثون بنمط بسيط واضح لأوضاع الجسيمات يقع ضمن تلك الحالة من الفوضى والتشتت، هذا النمط سيساعد في فهم ما يحدث داخل الثقب الأسود.

ولاختبار فرضيتهم أجرى الباحثون تجربة على دائرة كمومية أمكن خلالها رصد بعض النتائج ضمن النتائج العشوائية الصادرة من جسيمات متشابكة كموميا، بحسب النتائج التي نشرت في دورية أكس فيزيكال ريفيو.

لكن الأمر، بحسب الدراسة الجديدة، رغم نجاح تجاربهم، يحوي الكثير من التحديات التجريبية والنظرية التي تشير إلى حاجتنا إلى المزيد من الورقات البحثية في عدد من الدوريات الرصينة لتأييد أو نفي تلك الفرضية الجديدة. وإلى ذلك الحين، تبقى الثقوب السوداء هي أكبر أسرار الكون.

المصدر : الجزيرة