جينوم القرش الأبيض ساعده على البقاء لأكثر من 500 مليون سنة

Said سعيد - تشتهر أسماك القرش بتضميد جروحها، وانخفاض معدلات الإصابة بالسرطان، وبمتوسط أعمارها الذي يصل إلي 70 سنة، ويمكن أن تكشف جيناتها - جينوم القرش الأبيض ساعده على البقاء لأكثر من 500 مليون سنة
أسماك القرش تشتهر بالتئام جروحها وانخفاض معدلات إصابتها بالسرطان (غيتي)

طارق قابيل

أظهر أول "تخطيط" لجينوم القرش الأبيض الكبير عن وجود وفرة من المعلومات التي من الممكن أن تحدث تغييرا كبيرا في فهمنا للطفرات التي تحمي من السرطان والأمراض الأخرى المرتبطة بطول العمر، وكذلك فهم آلية تعزيز التئام الجروح.

جينوم القرش الأبيض والجينوم البشري
كشفت الدراسة -التي نشرت نتائجها في مجلة الأكاديمية الوطنية الأميركية للعلوم في 18 يناير/كانون الثاني 2019- أن جينوم القرش الأبيض الكبير يحتوي على 41 زوجا من الكروموسومات مقارنة بـ23 زوجا في البشر.

ويحتوي الجينوم على نحو 4.63 مليارات "أزواج قاعدة"، مما يجعله أكبر بمرة ونصف من نظيره البشري، ويوجد داخل الحمض النووي زهاء 24 ألفا و500 من جينات البروتين مقارنة بـ19 ألفا إلى 20 ألفا من الجينات المماثلة لدى الإنسان.

ووجد الباحثون أن أسماك القرش طورت تغييرات جزيئية عديدة في الجينات المرتبطة بتعديل الحمض النووي، مما ساهم في الحفاظ على استقرار جينوم القرش، كما ساعدت هذا النوع على البقاء لمدة تزيد على خمسمئة مليون سنة تقريبا مقارنة بغيره من معظم الفقاريات الأخرى التي عاشت على الأرض.

في المقابل، يعاني البشر من معدلات عالية من عدم استقرار الجينوم الناجم عن تلف الحمض النووي والطفرات المتراكمة، والذي يفسر ضعف التصدي للأمراض المرتبطة بالعمر لدى البشر.

أسرار لعلاج الأمراض
ويعتقد العلماء أن أسماك القرش البيضاء الكبيرة قد تحمل أسرار علاج العديد من الأمراض -خاصة مرض السرطان- لأنه من الناحية النظرية تمتلك أسماك القرش وغيرها من الحيوانات ذات العمر الطويل والجسم الكبير المزيد من الخلايا، والمزيد من الوقت أكثر من البشر، لتطور الطفرات السرطانية، لكن أسماك القرش لا تعاني من حالات سرطان أعلى من البشر.

وبناء على البيانات الجديدة، يمكن أن يكون ذلك بسبب عدد التعديلات الجينية المرتبطة باستقرار جينوم أسماك القرش.

صورت أسماك القرش البيضاء في السينما على أنها آكلة للبشر لكن في الواقع فإن الإنسان يعد أكبر مفترس للقروش البيضاء الكبيرة على الإطلاق (رويترز)
صورت أسماك القرش البيضاء في السينما على أنها آكلة للبشر لكن في الواقع فإن الإنسان يعد أكبر مفترس للقروش البيضاء الكبيرة على الإطلاق (رويترز)

يقول الباحث المشارك في الدراسة محمود شيفجي رئيس مركز أبحاث مؤسسة "سيف أور سي" في جامعة ساوث إيسترن نوفا بولاية فلوريدا الأميركية -التي قامت بالبحث- في بيان صحفي "إن عدم استقرار الجينوم مسألة مهمة جدا في الإصابة بالعديد من الأمراض البشرية الخطيرة"، أما في أسماك القرش فقد "تطورت إستراتيجيات ذكية تساعد أسماك القرش في الحفاظ على استقرار الجينوم في أجسادها الكبيرة التي عاشت لمدة طويلة".

وأوضح أنه لا يزال هناك الكثير من "المعلومات التي قد تكون مفيدة لمكافحة السرطان والأمراض المرتبطة بالتقدم في السن، وتحسين علاجات التئام الجروح لدى البشر، مع اكتشاف كيفية قيام الحيوانات بذلك".

القرش الأبيض الكبير
من المعروف أن القرش الأبيض الكبير هو أضخم الأسماك اللاحمة البحرية، وأحد أبرز المفترسات المعروفة قديما وحديثا، ويصل طوله إلى ستة أمتار ووزنه نحو ثلاثة أطنان، وهو كائن عملاق قديم، ويعد الممثل الوحيد الباقي لجنس القروش المسننة.

ويوجد القرش الأبيض الكبير في جميع المياه السطحية لمحيطات العالم الرئيسية، وتصل هذه القروش إلى مرحلة النضج الجنسي عندما تبلغ من العمر نحو 15 سنة، ويصل أمد حياتها إلى نحو سبعين عاما.

وقد ذاع صيت القرش الأبيض الكبير بعد أن ظهرت رواية "الفك المفترس" عام 1974 للكاتب پيتر بینتشلي وبيع منها 9.5 ملايين نسخة، وكان هذا النجاح سببا وراء إنتاج الفيلم السينمائي الذي حمل العنوان نفسه، حيث صورت على أنها آكلة للبشر على الرغم من أن الإنسان لا يعتبر فريسة طبيعية أو مفضلة لهذه الحيوانات في واقع الأمر، بل على العكس من ذلك يعد البشر أكبر مفترس للقروش البيضاء الكبيرة على الإطلاق.

المصدر : مواقع إلكترونية