الانتحار في مصر.. بديل لحياة ميتة
الجزيرة نت-القاهرة
إحصائيات
ولا توجد إحصاءات رسمية سنوية بأعداد المنتحرين في مصر، بالنظر إلى أن أهل المنتحرين يرفضون الإعلان عن ذلك، ولذا لا توثق أغلب الحالات، وفق تصريحات مسؤولين بوزارة الصحة.
لكن وزارة الصحة أعدت دراسة على عينة من طلاب مرحلة الثانوية العامة قدرت بـ 10638 طالبا في العام الحالي، وقالت الدراسة إن 21.7% من الطلبة يفكرون في الانتحار.
وكان مركز السموم التابع لجامعة القاهرة أصدر تقريرا عام 2016 يفيد أن مصر تشهد نحو 2400 حالة انتحار باستخدام العقاقير السامة سنويا.
بينما كشف مركز المصريين للدراسات الاقتصادية والاجتماعية في تقرير أن مصر شهدت 4000 حالة انتحار بسبب الحالة الاقتصادية، في الفترة من مارس/آذار 2016 إلى يونيو/حزيران 2017.
فقدان الأمل
المقدم على إيذاء نفسه يكون في حالة من الفقدان التام للأمل ولا يرى حلولا للألم الذي يشعر به سوى الهروب بإنهاء حياته، هكذا تلخص أستاذة الطب النفسي بكلية طب قصر العيني الدكتورة سحر طلعت مشاعر ما قبل الانتحار.
وقالت للجزيرة نت إن هناك أمراضا نفسية كثيرة تصاحبها أفكار وسلوكيات انتحارية، أشهرها ما يعرف باضطراب الشخصية الحدية والاكتئاب الجسيم.
ومع تزايد حالات الانتحار في مصر، رأت طلعت ضرورة تركيز الأسرة والأصدقاء مع المقدم على الانتحار، وأضافت أنه "عادة يبعث المنتحر إشارات للمحيطين به ينبههم بخطوته، وتكون أغلبها عبارة عن أحاديث حول جدوى الحياة، وأحيانا يكون تصريحا مباشرا بالرغبة في الانتحار".
ولا يجوز التعامل باستهانة مع هذه الأحاديث، وتابعت أستاذ الطب النفسي "علينا طمأنة من يفكر في الانتحار وإشعاره بإحساسنا بمشكلته ومحاولة إقناعه باللجوء إلى المساعدة النفسية المتخصصة".
وطالبت طلعت بسرعة تخصيص خط ساخن لخدمة دعم تطوعية للانتحار، وأردفت "ليس شرطا أن يكون من يقدمون هذا الدعم من المختصين، فيمكن أن يكونوا شبابا حاصلين على التدريب اللازم للتعامل مع المقدم على إيذاء نفسه".
مسؤولية النظام
من جانبه رأى مؤسس جبهة الضمير المحامي الحقوقي عمرو عبد الهادي أن النظام الحاكم يتحمل المسؤولية الكبرى عن ارتفاع معدلات الانتحار في مصر.
وقال للجزيرة نت إن السياسات الاقتصادية للدولة زادت من الأعباء اليومية للمواطنين وارتفاع معدلات الفقر والبطالة، مما أدى لانتشار الجريمة وتنامي ظاهرة الانتحار.
وتابع "أي نظام يسلب من الشعوب الأمل في غد أفضل تكون النتيجة تحول الناس لمجرمين أو إرهابيين أو مكتئبين ومن ثم يقدمون على الانتحار".
ومواجهة ظاهرة ارتفاع معدلات الانتحار تحتاج، وفق عبد الهادي، لتوفير فرص عمل لملايين العاطلين وزيادة رواتب الموظفين وتحسين الخدمات المقدمة للمواطنين وتوفير بيئة نظيفة.
إلى ذلك فعلى الدولة إعطاء المواطنين حقوقهم في التعبير عن الرأي والتغيير السلمي، حسب تأكيد مؤسس جبهة الضمير، لكي "يشعر كل مواطن أنه مشروع رئيس الدولة".
كذلك رأى القيادي بحزب الحرية والعدالة، أحمد رامي الحوفي، أن ظاهرة الانتحار ترتبط بالظرف السياسي الذي تعيشه مصر.
وأوضح في حديثه للجزيرة نت أن الانتحار هو انعكاس لفقدان المصريين الأمل في المستقبل تماما كمحاولات الهجرة غير النظامية.
وأضاف أن "الانتحار هو هروب من الواقع بعد سرقة الأمل من جيل كان يحلم بالحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية، وهو ما لم يجده بعد الانقلاب على أهداف ثورة 25 يناير".