محمد يتيم: التحرش بالمغربيات في إسبانيا محدود

وزير الشغل والادماج المهني محمد يتيم أكد على نجاح عملية تشغيل العاملات الموسميات في حقول التوت الإسبانية

حاورته سناء القويطي-الرباط

أثارت عملية تشغيل العاملات المغربيات الموسميات في الحقول الزراعية بإسبانيا جدلا واسعا خلال الموسم الزراعي الجاري، وذلك بعد تداول وسائل إعلام وجمعيات حقوقية تقارير حول تعرضهن للتحرش الجنسي وسوء المعاملة.

في هذا الحوار مع موقع الجزيرة نت، يقول محمد يتيم وزير الشغل والإدماج المهني إن عملية تشغيل العاملات الموسميات ناجحة وما وقع محدود ويقع تحت مسؤولية السلطات القضائية الإسبانية، ويوضح أن عقود عمل المغربيات تخضع للقانون الإسباني ولمقتضيات شروط العمل اللائق والحد الأدنى للأجور، لافتا إلى أنهن لو كن يتعرضن لسوء المعاملة والتحرش لما عاودن الاستفادة من هذه العملية لسنوات. 

وأكد محمد يتيم أن ظروف عمل العاملات في الحقول الإسبانية ليست مثالية لكنها على العموم مقبولة، مشيرا إلى زيارات ميدانية قام بها ممثلون عن وزارة الشغل والوكالة الوطنية للتشغيل خلصت إلى تحسين ظروف السكن بما يحترم كرامة المرأة.

ويؤكد الوزير المغربي أن المشغلين الإسبان حريصون على نجاح هذه العملية وتوفير ظروف استمرارها لأنهم بحاجة لليد العاملة المغربية التي أظهرت كفاءة مقارنة مع جنسيات أخرى.

فيما يلي نص الحوار:  

undefinedما المعطيات التي تتوفر لدى الحكومة المغربية بخصوص حالات التحرش الجنسي بالعاملات المغربيات في حقول التوت بمدينة ويلبا الاسبانية؟

من خلال المعطيات المتوفرة لدينا حاليا وبعد أن أجرى الحرس المدني الإسباني استجوابا لحوالي 800 امرأة مغربية من العاملات في حقول التوت، تبين أن الظاهرة محدودة جدا ولا ترقى إلى ما يجري ترويجه من وجود تحرش واسع ومنهجي.

وبناء على تلك الاستجوابات والتحريات، جرى تسجيل 12 محاولة تحرش ترجع المسؤولية فيها لسبعة أشخاص، أربعة منهم مغاربة وثلاثة إسبان، ما زال اثنان منهم يخضعان للمتابعة والتحقيق. 

لحد الساعة لم تتم إدانة أحد، إذ ما زالت التحقيقات متواصلة، مع العلم أن الأمر لا يتعلق باعتداءات جنسية بل يشتبه في وجود ممارسات يمكن تصنيفها على أنها تحرش بالكلام أو اللمس أو النظر.

وأريد أن أوضح أن وزارة الشغل والإدماج المهني لم يسبق لها أن نفت وجود حالات تحرش جنسي، وكنا نقول إنه لم يصل إلى علمنا وجود مثل هذه الحالات، وانتظرنا التوصل بمعطيات رسمية من جهات مسؤولة إما من المصالح القنصلية المغربية أو من الجهات الرسمية الإسبانية أو من القضاء الإسباني.

وقد تابعنا أول حالة أثارها موقع إعلامي ألماني وتبين أنها ترجع إلى سنوات سابقة ولا يمكن أن تكون ضمن المشمولات بهذه الاتفاقية، بالنظر إلى كون شروط التعاقد لا تنطبق عليها.

بالمقابل، بلغنا إقدام بعض الجهات على تحريض العاملات المغربيات من أجل وضع شكاوى بالتحرش الجنسي، وقد وقعت حوالي 130 امرأة على عريضة تحدثن فيها عن محاولات دفعهن لتقديم شكاوى بالتحرش وأنهن ينفين تعرضهن لذلك.

undefinedوما الجهات التي حرضتهن على ذلك؟

لا أريد الدخول في هذا الأمر والتدخل في الشأن الداخلي الإسباني، ما يهمنا أن العملية هذه السنة واسعة الانتشار وناجحة في مجملها وشملت أكثر من 15 ألف عاملة.

أما بالنسبة لموضوع التحرش الجنسي، فنحن نرفض الإنكار النهائي لأن مثل هذه الأشياء واردة كما نرفض التعميم والتهويل كما اندفعت لذلك بعض الأوساط الإسبانية الإعلامية التي روجت بأن المغرب أرسل نساءه لممارسة الدعارة، وهذا أمر خطير وينبغي لإعلامنا ومجتمعنا ألا يسقط في المحظور ويصور العملية كأنها كلها مشوبة بالخلل، في حين أن العملية منظمة وناجحة وتم الإعداد لها بشكل دقيق.

ونحن عقدنا اجتماعا على مستوى رئاسة الحكومة بحضور ممثلين عن قطاعات حكومية، بينها وزارة الشغل والوكالة الوطنية لإنعاش التشغيل والكفاءات ووزارات الخارجية والهجرة والداخلية، وتم إعداد عملية التشغيل بشكل منظم من بدايتها إلى نهايتها بتنسيق مع المشغلين الإسبان.

undefinedإلى جانب التحرش الجنسي دانت جمعيات حقوقية إسبانية ومغربية الظروف غير الصحية لأماكن إيواء العاملات وتعرضهن لسوء المعاملة والحط من كرامتهن، هل توصلتم خلال السنوات السابقة بشكاوى تتعلق بسوء المعاملة؟

لم تصل إلينا أي شكاوى في هذا الموضوع. ظروف عمل العاملات المغربيات في الحقول الإسبانية ليست مثالية لكنها على العموم مقبولة. 

وإثر زيارة ميدانية قامت بها لجنة وزارية مختلطة للحقول، اتفقنا مع المشغلين الإسبان على تحسين ظروف السكن مثل توفير مرافق صحية تحترم كرامة المرأة. 

نعالج هذا الملف وفق منطق يقوم على عدم التهوين وعدم التهويل، وما زلنا مستعدين لتطوير هذه العملية، لأنه كلما تطورت وأحيطت بظروف النجاح كلما امتدت في السنوات القادمة.

undefinedكيف تراقب السلطات المغربية التزام نظيرتها الإسبانية بشروط الاتفاق، وهل توجد لجان لمراقبة وتتبع ظروف عمل العاملات؟

أولا، توجد اتفاقية وعقود عمل واضحة، هؤلاء العاملات يخضعن لمقتضيات قانون العمل الإسباني، لذلك فالمعني بمراقبة تطبيق مقتضيات عقود الشغل هي مفتشية الشغل في إسبانيا، ونحن نواكب مع السلطات الإسبانية والسلطات القنصلية ووزارة التشغيل كيفية تحسين وتطوير هذه العملية. 

ثانيا، نحن لا يمكننا التدخل في الشأن الداخلي الإسباني وإذا وصلت إلينا شكاوى من النساء أو لاحظنا خللا ما فإننا سنتواصل مع السلطات الإسبانية وننبهها، وبالمناسبة فالمشغلون الإسبان هم أحرص على نجاح العملية ومن مصلحتهم نجاحها وتوفير ظروف استمرارها، لأنهم بحاجة لليد العاملة المغربية التي أظهرت كفاءة عالية مقارنة مع جنسيات أخرى.

undefinedهل لأنها يد عاملة رخيصة كما تقول بعض الجمعيات الحقوقية؟

 العقود تخضع للقانون الإسباني ولمقتضيات شروط العمل اللائق والحد الأدنى للأجور، وتتم تحت مراقبة المجتمع المدني والنقابات. ولو وجدت العاملات المغربيات في هذا العمل معاناة أو كن مستعبدات لما قبلن به ولما عاودن المشاركة فيه، والحال أنهن يردن الاستمرار ويشكرون الحكومة المغربية التي وفرت هذه الفرصة لـ 15 ألف أسرة مغربية. 

والإحصائيات المتوفرة لدينا تشير إلى أن ثمانية آلاف عاملة شاركن في عملية التشغيل في الموسم الزراعي 2018 سبق لهن الاستفادة من هذه العملية في السنوات السابقة، فهذا العمل الموسمي الذي يمتد لثلاثة أشهر يوفر للعاملات ما يعادل الحد الأدنى للأجور في المغرب لمدة سنة.

undefinedهل تخضع النساء المغربيات العاملات في الحقول الإسبانية لتأطير قبل مغادرتهن للحقول الإسبانية، وكذا التعريف بحقوقهن؟

قبل سفرهن استفادت النساء من تأطير حصلن فيه على معلومات حول العملية برمتها، وتمت مواكبتهن في استصدار جوازات السفر والتأشيرات وأيضا خلال رحلة سفرهن، وبعد سفرهن نظمت لجنة من وزارة الشغل زيارة ميدانية إلى الحقول وأخرى مماثلة قامت بها لجنة من وزارة الهجرة.

وفي العموم وجدنا ظروف العمل مُرضية، واتفقنا مع الطرف الإسباني على تطويرها وتعزيز المواكبة من خلال تفعيل نظام الوساطة والمصاحبة الاجتماعية الذي كان يموله الاتحاد الأوربي لتجاوز مشكل اللغة والاندماج، وهو ما سنعمل عليه خاصة بعدما اتضح أن العملية مرشحة للارتفاع وقد تصل في السنة المقبلة إلى حوالي 18 ألف عاملة.

undefinedبعد تأكدكم من وجود حالات تحرش، هل وكلتم محامين للدفاع عن حقوق المغربيات بالحقول الإسبانية؟  

الأمر لا يتعلق بشكاوى قدمتهن عاملات بل بتحريات قام بها الحرس الإسباني جرى على إثرها فتح تحقيق وإجراء متابعة، وما زلنا ننتظر الحصول على المعلومات الدقيقة بشكل رسمي. 

حاليا نفكر بالتشاور مع وزارة الخارجية والجهات المعنية في وضع آلية تُشعر النساء بأنهن مسنودات وأن هناك جهة يمكنهن الرجوع إليها في حال حاجتهن للمساندة النفسية والاجتماعية والقانونية، لكننا لن نقوم بوظيفة وزارة التشغيل الإسبانية أو عمل النيابة العامة أو القضاء الإسباني.

undefinedبعد اللغط الذي صاحب العملية هذه السنة، هل تفكرون في اعتماد آليات حماية لمتابعة ظروف اشتغال النساء المغربيات في الحقول الزراعية الإسبانية؟

ليست لدينا حاليا صيغ واضحة بهذا الشأن، نفكر في التعاون مع المجتمع المدني الإسباني، وفي استحداث آلية لاستقبال الشكاوى، وندرس إمكانية الإسناد القانوني للنساء. نحن عازمون على تطوير نظام المواكبة والتتبع والحماية والمساندة، لكن قبل ذلك نحن منكبون حاليا على تقييم عملية 2018 وتجميع المعطيات ودراسة مواطن القوة والقصور. 

وقد قام ممثلون عن الوكالة الوطنية لإنعاش التشغيل والكفاءات ووزارة الشغل باستقبال الفوج الأول من العاملات بعد عودتهن إلى المغرب وعددهن حوالي أربعة آلاف وتم الاستماع لهن وأخذ آرائهن بشأن العملية.

الأضواء مسلطة على هذه العملية، وأنا لم أفهم لماذا؟ وأخشى أن تكون وراء ذلك بعض الجهات في أوروبا المستاءة من سمعة العاملات المغربيات وجديتهن في العمل، مقارنة مع الجنسيات الأخرى. أخشى أن تكون وراء هذه الحملة أمور أخرى أكبر مما يقال عن التحرش وغيره.

undefinedهل تفكرون في إلغاء هذه الاتفاقية أو مراجعة عقود العمل في حال ثبوت تعرض عاملات مغربيات للتحرش أو الاعتداء الجنسي أو سوء المعاملة؟

إذا تبين لنا أن الدولة الإسبانية تتساهل مع مثل هذه الممارسات وتتغاضى عنها وأنها لا توفي بمقتضيات الاتفاقية التي تُلزمها بتوفير الحماية للعاملات المغربيات وفق القوانين والتشريعات الجارية فإننا سنعيد النظر في هذه الاتفاقية. 

لكننا الآن لم نصل إلى هذا الوضع وما وقع من ممارسات محدودة يجري التحقيق فيها، والدولة الإسبانية ليست مفرطة في التزاماتها بموجب الاتفاقية القائمة.

المصدر : الجزيرة