بعد تحولات السعودية.. سلفيو مصر قيد الفرز

In this Tuesday, Oct. 6, 2015 photo, Salafists attend a campaign rally of the Al-Nour party in Alexandria, Egypt, ahead of Egyptian parliamentary elections that start later this month. The Salafist al-Nour party, a group who adhere to an ultraconservative sect of Islam, came in second only to the now-banned Muslim Brotherhood party in the previous parliamentary election. Al-Nour backed the military led ouster of Muslim brotherhood president Muhammed Morsi in 2013. (AP Photo/Eman Helal)
مراقبون يتوقعون انعكاس التغيرات الأخيرة في السعودية على قطاع من السلفيين بمصر (أسوشيتد برس)

بترقب وحذر يتعامل سلفيو مصر -ولا سيما التيار العلمي- في الآونة الأخيرة مع التغييرات المجتمعية والسياسية الواسعة في السعودية التي تعد منذ عقود -وفق مراقبين- قبلة لهذا التيار بمصر.

وتمثل السلفية العلمية الدعوة السلفية، وهي كبرى الحركات السلفية بمصر وذراعها السياسية حزب النور الذي تم ترخيصه رسميا في يونيو/حزيران 2011.

وقصر مراقبون تلك الانعكاسات على هذا التيار الذي يوصف بكونه قريبا من نهج المؤسسة الدينية التقليدية في المملكة، في حين لن يتأثر بها -حسب المختصين- أصحاب السلفية الحركية والجهادية الذين يعلنون بوضوح رفضهم سياسات نظامي الحكم في مصر والمملكة. 

ومنذ بدء التغييرات في المملكة لم يعلق عليها ذلك التيار، وهو ما رآه المختصون تعبيرا عن نهج السلفية في الابتعاد عن أي رأي قد تكون له كلفة.

وبدأ في سبعينيات القرن الماضي تأسيس نواة الدعوة السلفية، وتأثر هذا التيار -الذي يعرف بالعلمي- كثيرا بشيوخ سعوديين. 

وبجانب التيار السابق توجد السلفية المدخلية، وهي تؤيد السلطة وتؤصل لقراراتها شرعيا، ويمثل ذلك التيار قطاعا داخل الحركة السلفية بمصر يعد امتدادا لنظيره السعودي، ولقب بالمدخلي نسبة إلى ربيع بن هادي المدخلي أحد أبرز رموز هذا التيار في السعودية. 

ويقف على النقيض من التيار السابق تيارا السلفية الحركية والسلفية الجهادية، إذ يعارضان سياسات الأنظمة العربية عامة، ويريان وجوب الإطاحة بالحاكم الذي لا يطبق شرع الله.

‪لم تصدر عن سلفيي مصر المتأثرين بالسعودية أي تعليقات على التوجهات الجديدة في المملكة‬ (أسوشيتد برس)
‪لم تصدر عن سلفيي مصر المتأثرين بالسعودية أي تعليقات على التوجهات الجديدة في المملكة‬ (أسوشيتد برس)

انعكاسات التحول
ويرى مراقبون أن التحول الذي يجري داخل المملكة في ظل توجهات ولي العهد محمد بن سلمان ستكون له انعكاسات واضحة على شكل التصور السلفي بمصر. 

ورأى الباحث في شؤون الحركات الإسلامية أحمد بان أن الحركة السلفية في مصر مؤهلة للانحسار على مستوى الدعم -ولا سيما المعنوي- من سعوديين، وسينعكس ذلك على التفاعلات داخل الحركة. 

وفسر بان ذلك باعتبار أن المركز وبؤرة الحركة السلفية مشايخ السعودية، وبالتالي كل التحولات التي تجري في القلب لا بد أن يكون لها انعكاس على الأطراف. 

وربط بين تجاوب المؤسسة الدينية السعودية مع حركة تجديدية تبتعد عن مرتكزاتها الأصلية، وانعكاس ذلك بوضوح على شكل السلفية المصرية. 

واستشهد بان بالجنوح إلى مساحات أوسع في الحريات الشخصية، ومحاولة تقليص دور هيئات الحسبة الدينية (وظيفة دينية معنية بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر) ومباركة المؤسسة الدينية التقليدية لهذا التوجه في المملكة. 

ومفسرا أسباب عدم تعليق السلفيين على انتقادات الأمير محمد بن سلمان للحركات السلفية في أكثر من مناسبة قال بان إنه سلوك طبيعي للجماعات السلفية، فمن الصعب عليها الانخراط في أي رأي قد تكون له كلفة سياسية أو خصومة سياسية.

‪ياسر برهامي أحد رموز التيار السلفي العلمي في مصر‬ (رويترز)
‪ياسر برهامي أحد رموز التيار السلفي العلمي في مصر‬ (رويترز)

تيار متنوع
الباحث السلفي في شؤون الجماعات الإسلامية أحمد مولانا رأى أن التيار السلفي بمصر ليس تنظيما أو جماعة واحدة لها موقف موحد يعبر عنها بل هو تيار متنوع. 

وأضاف أنه لا يوجد ما يمكن توصيفه بالموقف السلفي في مصر من سياسات السعودية سواء سابقا أو حاليا. 

وتوقع مولانا أن من سيتأثر سلبا بتطورات المملكة الحالية هم السلفيون المرتبطون بالنمط السعودي، وعلى رأسهم حزب النور. 

وشدد على أن الإطار السلفي أوسع من حزب النور، وقطاعات واسعة منه في خصومة مع النظام السعودي وسياساته، مثل الجبهة السلفية (رابطة معارضة بمصر). 

واعتبر الباحث السياسي أن حزب النور فقد أهميته لدى السعودية مع تبنيها سياسات علمانية، فضلا عن تلاشي دور الحزب وتأثيره في الواقع المصري عموما.

متفقا قليلا مع الطرح السابق قال المحلل والباحث السياسي السوداني عباس محمد صالح إن التحولات في مرحلة ما بعد الربيع العربي أحدثت حراكا كبيرا في خريطة التيارات السلفية بمصر وخارجها.

وأضاف صالح أن هذه التحولات أسفرت عن فرز واضح بين التوجهات السلفية، وغدت التقسيمات المألوفة مجرد تاريخ إلى حد كبير.

وبشأن التوجهات الجديدة في المملكة توقع الباحث السياسي أن تحدث زلزالا في المشهد السلفي يقود إلى فرز كبير في الصفوف بين تيارين: سلفية السلطة والسلفية المعارضة للسلطة، وسيفرز ذلك تشظيات قد تعيد رسم المشهد السلفي. 

وبشأن تأثر السلفية المصرية بالتوجهات الجديدة في المملكة قال إنه سيكون بشكل كبير، خاصة في مسألة التمويل وأشكال الدعم السياسي، فالتيار المدخلي ورموزه سيكونون هم التيار المفضل وسيمارسون دورا وظيفيا. 

وتوقع صالح أن التيار المدخلي وحزب النور سيكونان مجبرين على السكوت أو عدم اتخاذ مواقف من السياسات والتحولات الدينية في المملكة، وفي كلتا الحالتين سيكون هناك تمرد ضد السلفية المدخلية.

المصدر : وكالة الأناضول