حماس ودحلان.. ماذا يجري في القاهرة؟

من لقاء وفد حركة حماس برئاسة اسماعيل هنية بسمير المشهراوي الرجل الثاني في تيار محمد دحلان في القاهرة فبراير/2018
الصورة الوحيدة التي تسربت من لقاء وفد حماس في القاهرة كانت مع سمير المشهراوي الرجل الثاني بتيار دحلان (ناشطون)
محمد النجار

يتوقف مراقبون ومحللون مطولا في قراءة الرسائل من الصورة الوحيدة التي خرجت حتى الآن عن لقاءات وفد حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في القاهرة، وكانت مع سمير المشهراوي الرجل الثاني في تيار القيادي البارز في حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) محمد دحلان.

الصورة جمعت المشهراوي وقيادات ما يعرف بـ"التيار الإصلاحي الديمقراطي"، مع رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية ووفد الحركة الذي يزور القاهرة منذ الجمعة الماضي.

ورغم حديث مصادر فلسطينية عن لقاء جمع هنية بدحلان الذي وصل القاهرة قادما من أبو ظبي تزامنا مع وصول وفد حماس، فإن المعلن رسميا كان لقاء هنية بالمشهراوي الذي سبق أن التقى بقائد الحركة في قطاع غزة يحيى السنوار.
 
وفي ظل شحّ المعلومات القادمة من القاهرة، كشفت مصادر فلسطينية للجزيرة نت ظروف زيارة وفد حماس والتي كانت مفاجئة ورُتبت على عجل.

ظروف اللقاءات
وربطت المصادر بين الزيارة وعدد من المؤشرات التي تزامنت معها أو سبقتها، ومن بينها تزامن خروج وفد حماس من القطاع مع إعلان الجيش المصري انطلاق عملية واسعة ضد من يصفها بالعناصر الإرهابية في سيناء.

 
كما أن الزيارة جاءت في ظل التدهور الكبير في الوضع المعيشي في غزة، والتحذيرات من انهيار القطاعات الأساسية في ظل الأزمات المركبة التي يعيشها القطاع.
 
المعطى الآخر يتمثل في التعثر المستمر لملف المصالحة بين حماس وحركة فتح برئاسة رئيس السلطة محمود عباس، الذي يصر على أن تسلّم حماس سلاحها في القطاع باعتباره خطوة من خطوات تمكين حكومة رامي الحمد الله.
 
المصادر ذاتها اعتبرت أن وصول وفد حماس للقاهرة مباشرة بعد انتهاء زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي للإمارات التي تحتضن دحلان وتياره، مؤشر آخر على ارتباط الزيارة بملفات متقاطعة فلسطينيا وإقليميا.
 

ورقة دحلان
وتبدو تقاطعات زيارة قيادة حماس للقاهرة ولقاءاته ورسائله متعددة، فمن جهة تعيد القاهرة إحياء ورقة دحلان التي استخدمتها قبل أشهر لدفع الرئيس عباس وقيادة حركة فتح للجلوس على طاولة الحوار ثم توقيع اتفاق المصالحة مع حماس.

 
وفي الإطار ذاته، تمارس الضغط أيضا على قيادة حماس، لا سيما وأن الأخيرة تفضل المصالحة مع الرئيس عباس على الذهاب بعيدا في العلاقة والتفاهمات مع خصمه اللدود محمد دحلان.
 
والوجه الآخر للضغط هو الوضع المتدهور في غزة والذي يبدو أن حماس تبحث عن تخفيفه في القاهرة عبر اللقاءات مع المخابرات المصرية وتيار دحلان، دون تقديم تنازلات كبرى قد تجعلها تنقل مصالحتها مع عباس لدحلان الذي تفضله القاهرة وأبو ظبي على عباس.
 
ولعل السؤال الأبرز الذي طرحه مصدر فلسطيني مطلع تحدث للجزيرة، يتصل بأن رئيس المكتب السياسي لحركة حماس مسموح له بالخروج من غزة للقاهرة فقط حتى الآن، وهو ما اعتبره رسالة من مصر على أنها لا تريد لأي طرف التدخل في ملف غزة والمصالحة إلا من خلالها.

إسرائيل الحاضر الغائب
ورغم غيابها، تبدو إسرائيل حاضرة بقوة في كواليس وظروف لقاءات القاهرة، فهي وإن كانت تحاصر غزة وتسعى لتقويض سلطة حماس فيها، إلا أنها لا تريد انهيار الأوضاع المعيشية فيها بما قد يؤثر على أمنها، وذلك بناء على تحذيرات وضعتها أجهزة الاستخبارات على طاولة المجلس الأمني المصغر برئاسة بنيامين نتنياهو مؤخرا.

 
عضو المكتب السياسي لحركة حماس صلاح البردويل نفى في تصريح صحفي وجود "خطة ب" لدى حركته لعقد اتفاق مصالحة مع دحلان إذا فشلت المصالحة مع حركة فتح.
من جهته تحدث المشهراوي لتلفزيون الغد -المحسوب على دحلان- عن أن تياره وقع تفاهمات مع حماس قال إن الأيام ستكشف عنها، معتبرا أن تيارهم سيبارك أي مصالحة مع السلطة الفلسطينية برئاسة عباس، رغم تشكيكه بفرص نجاحها.
وبرأي المحلل السياسي الدكتور حسام الدجني، فإن حماس أرادت من خلال تسريب صورة اللقاء مع المشهراوي القول إنها حريصة على توثيق العلاقة بتياره، وليس بشخصه والدور الذي يطمح له كبديل لعباس.

خيارات حماس

وقال الدجني للجزيرة نت "حماس ترسل رسالة بأن لديها خياراتها في ظل ما تعتبره تعنتا من جانب (محمود عباس) أبو مازن الذي يريد أن يكون القطاع مشابها للضفة الغربية تحت سلطة التنسيق الأمني، أو أن تعود غزة كما كانت تحت حكم السلطة ما بين 1996 و1999″.
 
المحلل السياسي اعتبر أن لقاءات حماس بتيار دحلان "تربك حسابات أبو مازن"، مشيرا إلى أن الأخير ينظر للأول باعتباره خطرا ليس على قيادته بل على عائلته ومصالحها.
وعن موقع إسرائيل في كل ما يجري، اعتبر الدجني أن إسرائيل "لا تريد أن تموت غزة ولا أن تحيا برفاهية في ظل سلطة حماس"، مشيرا إلى أنها ستتدخل مع مصر بشكل مستمر للتنفيس عن القطاع ومنع انهيار الوضع المعيشي فيه.
كما يقرأ الدجني في خروج وفد حماس من القطاع في ظل عمليات الجيش المصري في سيناء، بأنه رسالة بأن الطرفين يواجهان التحدي الإرهابي ذاته، لا سيما بعد الشريط الفيديو الأخير لتنظيم الدولة الإسلامية الذي يضع حماس إلى جانب مصر في حربه.
ويخلص المحلل السياسي إلى إن أمام حماس خيارين فيما يتعلق بسلاحها باعتباره الملف الرئيسي في كل ما يجري، الأول وهو المرجح أن تستمر بالاحتفاظ به مع الاستمرار في المناورة، والثاني أن تطالب بصيغة تدمج من خلالها جناحها العسكري في جيش التحرير الفلسطيني، وهو ما يعني فتح ملف إعادة هيكلة المنظمة والذي لا يريده بأي حال أبو مازن.
المصدر : الجزيرة + وكالات + الصحافة الفلسطينية + الصحافة المصرية