لوفر أبو ظبي.. أوركسترا المال والدم

افتتح اللوفر أبو ظبي على أنغام أوركسترا تمزج بين الموسيقى الشرقية والغربية، وباقتباس يفيد بأن الجمال سينقذ العالم، ولكن دون الإشارة إلى المعاناة الإنسانية والانتهاكات التي تعرض لها العمال الذين بنوا هذا الصرح.

ففي التاسع من نوفمبر/تشرين الثاني 2017 وبحضور ولي العهد محمد بن زايد وبمشاركة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، افتتح متحف اللوفر الجديد في أبو ظبي الذي تجاوزت تكلفة إنشائه مليار دولار واستغرق بناؤه عشر سنوات، وقد ضم نحو 600 عمل فني دائم العرض، بالإضافة إلى 300 عمل أعارتها فرنسا للمتحف بشكل مؤقت.

افتتح اللوفر أبو ظبي بأوركسترا موسيقية تمزج بين الحضارتين الشرقية والغربية من تأليف فرقة غوستاف النمساوية وعازف العود الإماراتي فيصل الساري، وبدأ ماكرون كلمته بمقولة مقتبسة من دوستويفسكي تقول إن "الجمال سوف ينقذ العالم"، ولكن دون طرح السؤال "بأي جمال ستنقذ أبو ظبي هذا العالم؟".

فقبيل افتتاح المتحف، تحدثت صحيفة ليبراسيون عن الموضوع قائلة "إن متحف اللوفر أبو ظبي متحف رائع، لكن وراء الأكمة ما وراءها". وأوردت في هذا الصدد رأيا لمنظمة هيومن رايتس ووتش الحقوقية استنكرت فيه المعاناة اللاإنسانية للعمال في موقع بناء المتحف عشية افتتاحه، مذكرة بحجم الانتهاكات التي تقترفها دولة الإمارات العربية المتحدة بحقهم.

فقد تم توظيف الحدث الثقافي لخدمة اللحظة السياسية، وتم تقديم المتحف على أنه مثال للتسامح والانفتاح والتنوّع، مما أثار استغراب الأوساط الإعلامية والثقافية لهذا التعسف الذي بدا نافرا ومستفزا بالنظر إلى أن الهدف البعيد لزيارة ماكرون إلى الإمارات كان من أجل الحصول على عقود اقتصادية وصفقات سلاح جديدة.

ورأى الباحث في المدرسة العليا للأساتذة ألكسندر كزروني أن "هذه المؤسسة (لوفر أبو ظبي) تظهر الاستبعاد والحرمان السياسي للطبقة الوسطى في دولة الإمارات العربية المتحدة، وجنوح هذا البلد إلى الحكم المطلق".

واعتبرت الحملة الدولية لمقاطعة الإمارات هذا الحدث الذي تفتخر به أبو ظبي نكسة لتاريخ الإنسانية، ورأت في النسخة الجديدة من اللوفر أبو ظبي التي أعطت فرنسا الضوء الأخضر لها بمثابة عامل مشوه لصرح اللوفر العظيم في باريس.

وبينت أن القطع الأثرية المسروقة من مصر والتي تم تهريبها مؤخرا، تمت بعلم بعض المتنفذين في مصر وأبو ظبي.

واللافت في الأمر أن الرئيس الفرنسي الذي بدأ الافتتاح بمقولة "الجمال سينقذ العالم" لم يكترث بملف حقوق الإنسان في الإمارات والمعارضين المسجونين وبينهم كتاب وصحافيون.

اللوفر في أبو ظبي يبدو كمعادلة ثقافية كبيرة مجموعها صفر، في ظل ثقافة القتل التي تقودها الإمارات، ولن يصبح متحفا للفن إلا مع الانفتاح والحرية ووقف الفتن والحروب.

المصدر : الجزيرة