هل استغنت إسرائيل عن سفارتها بالقاهرة؟

مصر / القاهرة - دوري جولد مدير عام وزارة الخارجية الإسرائيلية خلال افتتاح مقر السفارة رسميًا في سبتمبر 2015 الصورة مأخوذة من الصفحة الرسمية للسفارة الإسرائيلية بالقاهرة
افتتاح السفارة الإسرائيلية في سبتمبر/أيلول 2015 بمقر السفير في القاهرة والتي أغلقت مطلع العام الجاري (مواقع التواصل)

عبد الرحمن محمد-القاهرة

بعد مضي قرابة ثمانية أشهر على غياب طاقم السفارة الإسرائيلية عن القاهرة -وهي أطول مدة منذ توقيع معاهدة السلام بين البلدين- تحدثت وسائل إعلام إسرائيلية عن قلق الأوساط الدبلوماسية من تقلص كبير للعلاقات مع مصر.

وفي الوقت الذي اعتبرت فيه صحيفة هآرتس الإسرائيلية أن أحد أسباب عدم عودة السفير الإسرائيلي دافيد غوبرين هو تقاعس الجانب المصري في توفير ترتيبات أمنية مرضية نقلت عن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو رضاه بالتعاون الأمني بين مصر وإسرائيل حاليا بغض النظر عن إغلاق السفارة.

وكان السفير الإسرائيلي قد غادر مع طاقم سفارته القاهرة مطلع العام الجاري، وذلك بعد إغلاق السفارة أواخر العام الماضي على خلفية ورود إنذار بهجوم محتمل، في ظل اتهام إسرائيلي لمصر بـ"التلكؤ" في توفير التدابير الأمنية المطلوبة، والذي دفعهم لتحويل السفارة إلى ملحق بمنزل السفير في سبتمبر/أيلول 2015.

ونقلت الصحيفة عن مصادر حضرت جلسة خاصة للجنة الشؤون الخارجية والدفاع في الكنيست أنه على الرغم من المخاوف التي أعرب عنها معظم المشاركين بشأن حالة العلاقات مع مصر فإن الموقف الذي قدمه مجلس الأمن القومي كان مفاجئا، إذ قالوا إن نتنياهو يرى أن العلاقات الأمنية أولى من العلاقات السياسية والمدنية.

وتباينت آراء محللين مصريين إزاء استمرار إغلاق السفارة الإسرائيلية وإظهار نتنياهو عدم اهتمامه بعودة عملها، حيث رأى البعض أن هذا الظاهر يخالف الواقع، في حين اعتبره آخرون أمرا طبيعيا في ظل عمق العلاقة بين الطرفين على مختلف المستويات، ورآه آخرون دليلا على وجود "أزمة مكتومة".

‪الأشعل: إسرائيل بحاجة إلى عودة السفارة لتغطية عملها الاستخباراتي في مصر‬ (الجزيرة)
‪الأشعل: إسرائيل بحاجة إلى عودة السفارة لتغطية عملها الاستخباراتي في مصر‬ (الجزيرة)

مخاوف قديمة
وقال السفير السابق عبد الله الأشعل إن "الكيان الصهيوني" لا يزال يتملكه الخوف منذ اقتحام سفارته بالقاهرة بعد ثورة يناير 2011، ويعتقد -حسب رأي الأشعل- أن سيطرة النظام الأمنية ما زالت ضعيفة، فتفضل إسرائيل التركيز على التعاون الأمني في ظل تراجع تعاون النظام المصري بمجالات أخرى خوفا من اتهامه بالتطبيع.

وأضاف أن التعاون الأمني بين الطرفين في سيناء على أعلى المستويات، وأن نتنياهو -خلافا لما يراد إظهاره- لا يحبذ الاقتصار على ذلك إنما يريد أن يشمل التعاون بقية القطاعات.

واستبعد الأشعل أن تكون إسرائيل راضية بالاكتفاء بالتعاون الأمني، مؤكدا حاجتها إلى استئناف العلاقات الدبلوماسية لما يشكله ذلك من غطاء لعملها الاستخباراتي حتى في ظل تعاونها المتقدم مع المخابرات المصرية، معتبرا أن مصلحة النظام الحالي في استمرار الوضع الراهن لأن وجود سفارة إسرائيلية مكلف أمنيا.

عبد الشافي: الحديث عن تراجع في العلاقات بين الطرفين فيه تضليل سياسي (الجزيرة)
عبد الشافي: الحديث عن تراجع في العلاقات بين الطرفين فيه تضليل سياسي (الجزيرة)

توزيع أدوار
بدوره، رأى رئيس أكاديمية العلاقات الدولية عصام عبد الشافي أنه رغم استمرار غياب السفير الإسرائيلي فإن عشرات التقارير والمعلومات تؤكد ازدياد رسوخ العلاقة بين الجانبين بعد انقلاب 3 يوليو/تموز 2013، معتبرا أن الحديث عن تراجع العلاقات أقرب لمفاهيم "التضليل السياسي".

واستبعد عبد الشافي عدم اهتمام أحد الجانبين بالعلاقات الدبلوماسية، مشددا على أن "الكيان الصهيوني" لا يتحرك إلا وفق رؤية إستراتيجية متعددة المستويات والأدوات، وبشكل يقوم على توزيع الأدوار للهيمنة على مقدرات البلاد وعلى صنع القرار.

في المقابل، رأى رئيس حزب الجيل ناجي الشهابي أن استمرار إغلاق السفارة مؤشر على وجود "أزمة مكتومة" بين الجانبين، وأن العلاقات في "مفترق طرق"، مضيفا أن مصر ما زالت تنظر إلى إسرائيل باعتبارها العدو الأول، وأن الصراع معها وجودي وعقائدي.

وذهب إلى أن إسرائيل رأت أن "وجود سفيرها في القاهرة مثل عدمه"، وذلك في ظل استمرار الجمود في العلاقات الدبلوماسية ورفض الشعب المصري التطبيع.

وشدد الشهابي على أن المسؤولين المصريين وأغلب الأحزاب السياسية يرون أن إسرائيل تدير مخططات بالشراكة مع أطراف أخرى للعبث في مصر، وبالتالي يعملون على الوقوف في وجه تلك المخططات وإفشالها.

المصدر : الجزيرة