مجلس مواجهة "الإرهاب" بمصر.. دعاية أم رؤية جادة؟

المجلس الجديد يسعى لإسلاح منظومة العدالة. تصوير زميل مصور صحفي مسموح باستخدامها.
يسعى المجلس الجديد "لتمكين الخطاب الديني الوسطي المعتدل" (الجزيرة نت)

دعاء عبد اللطيف-القاهرة

بدعوى حشد الطاقات المؤسسية والمجتمعية للحد من مسببات "الإرهاب" ومعالجة آثاره، قرر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تشكيل مجلس يختص بوضع ما سماه "إستراتيجية وطنية شاملة لمواجهة التطرف والإرهاب".

فقد نشرت الجريدة الرسمية أول أمس الأربعاء خبر تشكيل "المجلس القومي لمواجهة الإرهاب والتطرف" متضمنا أسماء أعضائه وصلاحياته.

اختصاصات
ومن اختصاصات المجلس الجديد دراسة التشريعات المتعلقة بمكافحة "الإرهاب" وإقرار الخطط اللازمة لتعريف المجتمع الدولي بحقيقة "التنظيم الإرهابي" بلا إشارة لماهية التنظيم المستهدف.

كذلك يدخل ضمن اختصاصه تنفيذ إجراءات التحفظ على أموال الكيانات "الإرهابية" رغم وجود لجنة بالفعل كانت قد شُكلت في يونيو/حزيران 2014 مسؤولة عن التحفظ على أموال من تقر محاكم الجنايات تورطهم في أعمال عنف، وقد صدرت أحكام قضائية تطعن في شرعية عملها.

ووفق نص قرار تشكيله، سيسعى المجلس الجديد -بالتعاون مع المؤسسات الدينية والأجهزة الأمنية- لتمكين الخطاب الديني "الوسطي المعتدل" ويستهدف إنشاء كيان إقليمي بين مصر والدول العربية يتولى التنسيق مع الأجهزة المعنية بمكافحة "الإرهاب" والجريمة المنظمة.

ويضم المجلس الجديد عددا من الوزراء من بينهم وزراء الداخلية والخارجية والدفاع والعدل والتعليم والأوقاف، إلى جانب رئيس مجلس النواب وشيخ الأزهر وبطريرك الكنيسة الأرثوذكسية ورئيس المخابرات العامة.

كما يضم عددا من الشخصيات العامة كالممثل محمد صبحي، والشاعر فاروق جويدة، والطبيب النفسي أحمد عكاشة.

وكان السيسي أعلن عن تأسيس المجلس في أبريل/نيسان الماضي، على إثر هجوم استهدف كنيستين في طنطا واﻹسكندرية أثناء احتفالات للنصارى بأحد أعيادهم.

محمد عوف: الإرهاب صنعه النظام الحاكم 
محمد عوف: الإرهاب صنعه النظام الحاكم 

مجلس صوري
من جهته، اعتبر عضو جبهة علماء الأزهر الشيخ محمد عوف أن المجلس الجديد كيان صوري لا قيمة له على أرض الواقع.

وذهب عوف -في حديثه للجزيرة نت- إلى توقع ألا يتم الأخذ بمشورة أي من أعضاء المجلس الجديد فيما يخص حوادث العنف.

وتابع أن "الإرهاب والتطرف ظهرا في عهد السيسي وعلى يديه، ومن غير المعقول أن يدفع بحل حقيقي لمواجهتهما".

واستمرار العنف في صالح النظام الحالية -وفق رؤية عوف- موضحا أنه الذريعة التي يبرر بها السيسي التنكيل بمعارضيه ويسوق لها في العالم لجمع المال الذي لا يلمس الشعب من آثاره شيئا.

وبالنسبة للشخصيات المختارة، فقال إن جميعهم من مؤيدي الانقلاب العسكري على محمد مرسي أول رئيس منتخب للبلاد، مضيفا أن بعضهم شارك في التحريض والفتوى بالقتل والحرق لمعارضي السلطة.

أما أحمد عبد الباسط المتحدث باسم حركة "جامعة مستقلة" والمحكوم عليه غيابيا بالإعدام بإحدى قضايا "الإرهاب" فربط بين المجلس الجديد ومركز "اعتدال" لموجهة الفكر المتطرف والذي افتتحته السعودية بحضور الرئيس الأميركي دونالد ترمب في مايو/أيار الماضي بالرياض.

ورجح أن يكون هناك تنسيق بين دول الحصار على قطر لإنشاء تلك المراكز، مضيفا أن بلدان الحصار الأربع (مصر والسعودية والإمارات والبحرين) لم تتخذ أي موقف تجاه انتهاكات جيش الاحتلال الإسرائيلي في المسجد الأقصى مؤخرا، وهو ما اعتبره عبد الباسط دليلا على أنها تتحرك بأوامر من تل أبيب وواشنطن لمواجهة الإسلاميين فقط.

وقلل المتحدث باسم جامعة مستقلة -في حديثه للجزيرة نت- من دور المجلس القومي لمواجهة "الإرهاب والتطرف" موضحا أن المصريين حدثت لهم استفاقة بسبب الانهيار الاقتصادي الذي لمسوه في الارتفاع الجنوني لأسعار كل السلع، وآمنوا أن النظام الحالي فشل على كل الأصعدة.

من جانبه، رأى المحامي الحقوقي إبراهيم متولي أن المجلس الجديد يهدف لحشد الطاقات المؤسسية والمجتمعية الموالية للنظام لتأييد ما وصفه بالانتهاكات الخطيرة بحق المعارضين، ونقل الصورة للخارج في شكل اصطفاف يستدعي التأييد للسلطة القائمة.

‪عبد الباسط: هناك تنسيق بين دول الحصار لإنشاء مراكز لمكافحة
‪عبد الباسط: هناك تنسيق بين دول الحصار لإنشاء مراكز لمكافحة "الإرهاب"‬ عبد الباسط: هناك تنسيق بين دول الحصار لإنشاء مراكز لمكافحة "الإرهاب" (الجزيرة نت)

أما محاربة "الإرهاب" فهي فزاعة تطلقها السلطة -وفق قول متولي للجزيرة نت- معتبرا العنف شماعة يعلق النظام عليها فشله السياسي والاقتصادي، ويبرر الإخفاء القسري والتصفية الجسدية وتلفيق القضايا وأحكام الإعدام الموجهة.

 

وحصر متولي الحل لمواجهة الإرهاب في إصلاح منظومة العدالة ووقف الإخفاء القسري والتصفية الجسدية للمعارضين، إلى جانب الفصل بين السلطات والعودة لدولة القانون.

ورغم وصفه المجلس الجديد بالخطوة الجيدة لمواجهة "التطرف" فإن اللواء محمد نور الدين مساعد وزير الداخلية الأسبق أبدى تحفظه على الأسماء المشاركة في تشكيله.

وأضاف -في تصريح صحفي- أن الشخصيات العامة المشكلة للمجلس ليس بينهم خبير بمكافحة "الإرهاب" سوى اللواء فؤاد علام، أما باقي الأعضاء فمكانهم غير صحيح، وتساءل "من الذي اقترح هذه الأسماء على الرئيس؟".

المصدر : الجزيرة