كاسحة ألغام روسية.. هل تقلب موازين معركة جوبر؟

كاسحة الألغام الروسية في سوريا
كاسحة الألغام الروسية يو آر 77 (ناشطون)

سلافة جبور-دمشق

تستمر المعارك بأعنف صورها في حي جوبر وبلدة عين ترما شرق العاصمة السورية دمشق، مع محاولات النظام الحثيثة خلال الأسابيع الأخيرة اقتحام هذه المساحة الجغرافية الخارجة عن سيطرته منذ سنوات.

وكعادته حين يضع ثقله في معركة ما، لم يدخر النظام سلاحا من ترسانته الحربية المليئة بمختلف أنواع الأسلحة من صواريخ أرض-أرض وصواريخ الطائرات الحربية وقذائف المدفعية والدبابات وصولا إلى غاز الكلور السام، فألقى بها جميعا في ساحة معركته ضد الفصائل المقاتلة في تلك المناطق، والتي يعتبر فيلق الرحمن في مقدمتها.

كما تشارك تشكيلات عسكرية مختلفة في هذه المعركة أهمها الحرس الجمهوري ومجموعات من الفرقة الرابعة وأخرى من المليشيات الرديفة للنظام السوري في هذه المعركة التي تحتدم في محاور عدة، وتشهد كرا وفرا بين الطرفين.

وفي تطور ملحوظ، بثت صفحات إعلامية موالية للنظام منذ أيام مقاطع فيديو بينت استخدام النظام كاسحة الألغام الروسية "يو آر 77" في المعارك الأخيرة، مطلقة عليها اسم "السلاح الذي يرعب مسلحي ريف دمشق".

وتطلق هذه الآلية العسكرية الروسية الصنع خراطيم بلاستيكية تحتوي على مواد متفجرة أبرزها "تي أن تي" و"سيفور" ويصل طولها حتى مئة متر، متسببة في دمار كافة الشوارع والأبنية التي تسقط ضمنها أو في محيطها.

ويثير إدخال هذا السلاح أرض المعركة في حي جوبر تخوفات من احتمال قدرته على قلب الموازين لصالح قوات النظام، مع استرجاع الدور المحوري الذي لعبه في معركة أحياء شرق دمشق، أي القابون وبرزة وتشرين وحرستا الغربية.

فتلك المعركة التي امتدت من شهر فبراير/شباط وحتى مايو/أيار الماضيين وانتهت بخروج مئات المقاتلين والناشطين وعائلاتهم للشمال السوري واستعادة النظام السيطرة على تلك الأحياء، شهدت استخداما مكثفا للخراطيم المتفجرة التي أحدثت دمارا هائلا في المنطقة، وكانت سببا في سقوط عدد من مقاتلي المعارضة في الأسر نتيجة خروجهم من تحت أنقاض المنازل المدمرة بوضع جسدي ونفسي منهك بسبب قدرة الخراطيم التدميرية الكبيرة.

‪‬ حي جوبر الدمشقي كما بدا في إحدى مرات القصف(الجزيرة)
‪‬ حي جوبر الدمشقي كما بدا في إحدى مرات القصف(الجزيرة)

رد المسلحين
غير أن مقاتلي المعارضة على أرض المعركة في جوبر وعين ترما يقللون من أهمية إقحام النظام لأي سلاح جديد مهما بلغت قوته، حيث يرون أن لهذه المناطق خصوصية تتمثل في متانة أبنيتها الحديثة بمعظمها -على عكس أحياء شرق دمشق- التي يسهل تنقل المقاتلين فيها أثناء المعارك وتحصين مواقعهم، وذلك وفق حديث أحد قياديي فيلق الرحمن للجزيرة نت.

ويقول القيادي ويدعى صدام جوبر إن المقاتلين مستعدون لكافة الاحتمالات على الأرض، خاصة مع استخدامهم أسلحة متطورة كصواريخ "التاو" و"النون 92″ التي شكلت نقطة تحول كبير بمسار المعركة، مضيفا أن "مصير كاسحة الألغام سيكون مصير أسلافها من الآليات الروسية التي يتبجح النظام باستخدامها كالدبابة الليزرية المصممة لحروب العصابات ودبابة "تي 92″ التي لا تقهر وغيرها".

كما يؤكد القائد العسكري أن الحرب التي تدور اليوم هي حرب عصابات تعتمد على جغرافية المنطقة وتدور في أراض زراعية وبعض المنازل الصغيرة، إلا أنها لم تصل بعد إلى الأبنية السكنية التي يتحصن فيها مقاتلو المعارضة.

ورغم استخدام النظام سياسة الأرض المحروقة ومحاولته التقدم من خواصر حي جوبر كزملكا وعين ترما بهدف محاصرته وقطع طرق الإمداد عنه، فإن تقدمه على محاور القتال يعتبر موضعيا وغير ذي أهمية وفق المتحدث، كما أنه تسبب بخسائر كبيرة لقوات النظام في الأرواح والعتاد مقابل خسائر عسكرية أقل بكثير لمقاتلي المعارضة.

‪‬ صدام جوبر: لا سلاح يمكن أن يقلب الموازين(الجزيرة)
‪‬ صدام جوبر: لا سلاح يمكن أن يقلب الموازين(الجزيرة)

ويرى القيادي أنه "لا سلاح يمكن أن يقلب الموازين، فوحدها قوة المقاتلين وثباتهم في أصعب الظروف هي القادرة على حسم المعركة، فنحن اليوم نقارع أقوى مليشيات في العالم فيما يشكل معركة وجود بالنسبة لنا".

بدوره، يتحدث الناشط الإعلامي عمار سليمان الذي يرافق المقاتلين في ساحات المعارك عن ضراوة القتال الذي يدور بشكل خاص على جبهة عين ترما، والتي يحاول النظام بشكل يومي اقتحامها دون إحراز تقدم يذكر.

ويرجع سليمان ذلك إلى التحصينات الكبيرة التي اعتمدها فيلق الرحمن على مختلف جبهات حي جوبر والتي لم يستطع النظام حتى اليوم كسرها رغم استخدام شتى أنواع الأسلحة وأكثرها تطورا وتدميرا.

ويضيف الناشط الإعلامي في حديثه للجزيرة نت "معنويات الجميع مرتفعة من مقاتلين ومدنيين، ويشهد حي جوبر حالة تكاتف وتعاون وتصميم على الدفاع عن الحي مهما أقحم النظام من أسلحة ومقاتلين في هذه المعركة المصيرية".

المصدر : الجزيرة