هل تسرعت الخرطوم بتجميد لجان الحوار مع أميركا؟

السودان يترقب وعود واشنطن برفع العقوبات المفروضة عليه
غندور: تعاون الخرطوم وواشنطن سيتواصل بكافة أشكاله رغم الإجراءات العقابية المتبادلة

عماد عبد الهادي-الخرطوم

تفاجأ كثير من المتابعين السياسيين بقرار الحكومة السودانية بتجميد لجنة الحوار مع واشنطن كرد فعل على قرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب إرجاء البت في رفع العقوبات على السودان لثلاثة أشهر مقبلة، وتساءلوا إن كانت الخرطوم قد تسرعت بتجميد عمل تلك اللجنة أم لا.
 
وبدت الخطوة المماثلة لقرار ترمب التي اتخذها السودان جديدة في مسار العلاقات بين البلدين، بعدما شهدت تدهورا منذ تسعينيات القرن الماضي قبل أن تعود تدريجيا بعد كثير اجتماعات سرية وعلنية.
 
وقرار البشير يعكس رغبة الحكومة السودانية في إظهار نوع من القوة بمواجهة واشنطن بعدما وصفت قرار ترمب بالنكوص المتكرر للجانب الأميركي عن تعهداته التي قوبلت بالرفض من قبل الكثيرين.
 
 بينما اعتبره محللون سياسيون قرارا ربما لم يقرأه المقصودون بتجميد النظر في رفع العقوبات، متوقعين انعكاسه سلبا على مساعي رفع الحظر، بل ربما أعطي أميركا مبررا لتمديد جديد للعقوبات على السودان، حسب قولهم.
‪أستاذ العلوم السياسية في جامعة الخرطوم الطيب زين العابدين‬ (الجزيرة نت)
‪أستاذ العلوم السياسية في جامعة الخرطوم الطيب زين العابدين‬ (الجزيرة نت)

تعاون استخباراتي
ففي وقت ما زالت تتوالى فيه ردود الفعل بشأن قرار الرئاسة السودانية، أكد وزير الخارجية السوداني إبراهيم غندور أن التعاون مع الولايات المتحدة مستمر بكافة أشكاله، بما في ذلك التعاون الاستخباراتي الذي سيتواصل عبر المؤسسات المعنية في البلدين، لافتا في تصريحات صحفية أن لجنة الحوار مع واشنطن قد انتهى عملها بانتهاء مهلة الأشهر الستة التي حددتها إدارة الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما.
 
ويرى أستاذ العلوم السياسي في جامعة أم درمان الإسلامية أسامة بابكر أن القرار شابه نوع من التسرع كونه جاء رد فعل لحظيا, ولم يستبعد أن يعود بنتائج سلبية، قبل أن يجزم بأن العقوبات الأميركية لن ترفع عن السودان في ظل وجود الحكومة الحالية في السودان , وذلك بسبب بعض التقاطعات السياسية المهمة.
 
وذكر أنه في مثل هذه الحالة لا ينبغي التعامل بالمثل في القرارات مع أميركا لغياب عامل "الندية" بين البلدين، وأن الجانب الأميركي لن يخسر شيئا حال جمد السودان التفاوض أو استمر، وقال إن الخطوة مؤسفة وسيندم السودان عليها.
 
وتوقع في تصريح للجزيرة نت أن يكون السودان بتجميد التفاوض أعطى الإدارة الأميركية مسوغا ومبررا مجانيا لعدم رفع العقوبات في أكتوبر/تشرين الأول المقبل، لكن لو لم يصدر القرار السوداني ربما يحرج أميركا ويدفعها إلى اتخاذ قرار إيجابي، حسب قوله.
 
بدوره، حذر أستاذ العلوم السياسية في جامعة الخرطوم الطيب زين العابدين من عواقب تفسير الإدارة الأميركية لتجميد التفاوض معها، معتبرا أن القرار قد لا يخدم مساعي رفع العقوبات. 

‪الكاتب الصحفي أسامة عبد الماجد‬ (الجزيرة نت)
‪الكاتب الصحفي أسامة عبد الماجد‬ (الجزيرة نت)
ضغوط داخلية
وقال للجزيرة نت إن تجميد التفاوض لا يتماشى مع القرار الأميركي الذي حمل كثيرا من التقدم رغم الضغوط الداخلية التي واجهت إدارة ترمب من أعضاء في الكونغرس والمنظمات الحقوقية لأجل تمديد العقوبات على السودان، مشيرا إلى أن فترة الأشهر الثلاثة التي حددتها واشنطن ليست بالطويلة ولا تستحق ردة فعل الخرطوم الحالية.
 
وتساءل زين العابدين إن كانت الحكومة السودانية  ستتفاوض مع الجانب الأميركي أم ترفض حال سمت إدارة ترمب مساعد وزير الخارجية للشؤون الأفريقية ومبعوثها في مجلس الأمن لشؤون أفريقيا الذي سيطلب ربما الاطلاع على المسارات الخمسة المحدد موافاتها لأجل المصادقة على رفع العقوبات.
 
أما الكاتب والمحلل السياسي أسامة عبد الماجد فيرى أن الخرطوم اتجهت نحو المواجهة الناعمة استنادا إلى ما تملكه من أوراق ضغط أبرزها مكافحة الإرهاب والاتجار في البشر والملفات الاستخباراتية الحساسة, إلى جانب امتلاكها مفاتيح حل الأزمة في دولة جنوب السودان.
 
ووفق رأي عبد الماجد فإن أميركا وأوروبا تعولان كثيرا على السودان في حسم هذه الملفات الأمر الذي يجعلها وسيلة رابحة بالنسبة له.
 
لكنه يستبعد أي تأثيرات سلبية لقرار تجميد لجنة التفاوض أو أن يكون سببا في تعطيل رفع العقوبات عن السودان، لافتا إلى أن الحوار سيتواصل بين البلدين عبر سفارتيهما في الخرطوم وواشنطن والمؤسسات المعنية وصولا إلى التطبيع المنشود.
المصدر : الجزيرة