إضراب قضاة جنوب السودان يكشف عمق أزمة جوبا

مقر السلطة القضائية في جوبا بجنوب السودان ... الجزيرة نت
مقر السلطة القضائية في جوبا بجنوب السودان (الجزيرة)
عماد عبد الهادي

خلط إضراب قضاة دولة جنوب السودان أوراق حكومة سلفاكير ميارديت التي كانت تسعى لمعالجة أزمات تفجرت بكافة أركان الحكم وفي جميع أرجاء البلاد.

ففي وقت يُتَّهم فيه أفراد من الحكومة وآخرون مناوئون لها بارتكاب كثير من الجرائم التي تحتاج إلى قضاء مستقل يمنع الإفلات من العقاب، عطّل إضراب القضاة في كل أرجاء البلاد كثيرا من تلك القضايا المهمة، بما فيها كبرى قضايا الفساد التي يتهم فيها موظفون بمكتب رئاسة الجمهورية.

واستغلت المعارضة الإضراب لتوجيه اتهامات لاذعة للحكومة أبرزها اهتمامها بالحرب بدلا من معالجة قضايا المعيشة، بما فيها توفير مرتبات العاملين في الدولة وتوجيه الموارد لمصلحة عرقية واحدة هي الحاكمة في جوبا.

وبدا تنقو بيتر أمين عام الحركة الشعبية -فصيل رياك مشار المعارض- أكثر دعما لإضراب القضاة، بعدما قال إنه جاء نتيجة لعجز الحكومة وعدم التزامها برواتبهم لسبعة أشهر على أقل تقدير.

‪جادين طالب بإعفاء رئيس السلطة القضائية وتحسين الرواتب وإصلاح القضاء‬ (الجزيرة)
‪جادين طالب بإعفاء رئيس السلطة القضائية وتحسين الرواتب وإصلاح القضاء‬ (الجزيرة)

مطالب القضاة
ويرى بيتر أن تبرير إضراب القضاة بعدم التزام الحكومة بواجبها تجاههم وتجاه كل موظفي الدولة، أمر مشروع يجد الدعم من كافة فصائل المعارضة، مشيرا إلى أن هذا الأمر يعكس حالة تمرد داخلي على النظام "سيؤدي إلى الفوضى وارتفاع معدل الجرائم والانتهاكات المختلفة لحقوق الإنسان".

ودعا -في تعليقه للجزيرة نت- القضاة إلى مزيد من الضغط القانوني على الحكومة لنيل حقوقهم، "لأن حياتهم لن تستمر في ظل التدهور المعيشي وغياب الرواتب".

وحمّل القيادي المعارض الحكومة مسؤولية كل ما حدث في البلاد، وقال "هناك مجموعة انتهكت الحقوق ودمرت البلاد ولا حل إلا بذهابها"، داعيا المجتمع الدولي والإقليمي إلى مساعدة أبناء الجنوب للتخلص منهم.

وكان بيان صادر عن لجنة للقضاة برئاسة خالد جادين، طالب بإعفاء رئيس السلطة القضائية في البلاد وتحسين رواتب ومميزات القضاة وإصلاح السلطة القضائية، وإدخال القضاة ضمن مظلتي التأمين الصحي والاجتماعي مع تأهيل وبناء محاكم جديدة.

‪سايمون: إضراب القضاة جزء من أزمة كلية تعانيها دولة جنوب السودان‬  (الجزيرة)
‪سايمون: إضراب القضاة جزء من أزمة كلية تعانيها دولة جنوب السودان‬  (الجزيرة)

أزمات
وبعيدا عن موقف المعارضة ورفض الحكومة التعليق على الأمر، يرى محللون أن إضراب القضاة هو حلقة من حلقات مختلفة في أزمة الحكم بجوبا، بعد إضراب موظفي الجامعات وانتشار العنف في كثير من المقاطعات.

واعتبر المحلل السياسي أتيم سايمون إضراب القضاء جزءا من أزمة كلية تعانيها دولة جنوب السودان، لكنه يرى أن الإضراب حالة مطلبية أكثر من كونها حركة سياسية يمكن أن تتبناها أية جهة معارضة.

ويعتقد سايمون بوجود صراع بين الجمعية العمومية للقضاة ورئيس السلطة القضائية "الذي يبدو غير مهتم بحال القضاة، مما يجعل الأمر حالة قائمة بذاتها"، لكنه يرى أن ما حدث "أزمة جديدة لم تكن الحكومة مهيأة لها، خاصة أنها تزامنت مع إضراب لموظفي وعمال الجامعات في جنوب السودان"، منبها إلى معاناة الحكومة وعدم قدرتها على توفير أجور العاملين في الدولة منذ فترة ليست بالقصيرة.

ويرى في تعليقه للجزيرة نت أن إضراب القضاة سيساهم في إفلات كثيرين من العقاب، ويؤخر النظر في كثير من القضايا الكبرى مثل قضايا الفساد واختلاسات مكتب رئيس الجمهورية التي تم تعليق النظر فيها، فضلا عن حالة التذمر الشعبي التي خلقها الإضراب.

المصدر : الجزيرة