خبير: مشكلة تصدير النفط تؤخر انفصال كردستان

الدكتور آزاد أحمد علي – أكاديمي وباحث - العراق
آزاد أحمد علي: غوتيريش تبلغ بأن الأكراد سيعلنون استقلالهم (الجزيرة)

حاوره/محمد العلي وأحمد الزاويتي

اعتبر رئيس مجلة "الحوار العربي الكردي" الدكتور آزاد أحمد علي أن اعتماد إقليم كردستان العراق على مورد النفط الذي يتم تسويقه عبر تركيا وإيران يؤخر عمليا إعلان الإقليم انفصاله عن العراق.

واعتبر في مقابلة مع الجزيرة نت أن المكون العربي في العراق هو الأكثر تفهما لطلب انفصال الأكراد.. وفيما يلي نص المقابلة

undefinedيلجأ رئيس إقليم كردستان العراق مسعود البارزاني بين حين وآخر إلى التلويح بانفصال الإقليم عن العراق عبر إشارته إلى تنظيم "استفتاء غير ملزم"، ما هي برأيكم دوافع اللجوء إلى هذا التهديد، وإلى من يوجه رسائله عندما يقرن عبارة الاستفتاء بكلمة غير ملزم؟

أعتقد أن عملية الاستفتاء تستند إلى أسس قانونية ودستورية عراقية في المقام الأول، ثم إلى القانون الدولي ومواثيق الأمم المتحدة التي تقر تماما بحق جميع الأمم في تقرير مصيرها السياسي.

أما من حيث وصفكم بما عبر عنه رئيس إقليم كردستان العراق السيد مسعود البارزاني في مناسبات عدة عن نية القيادة الكردستانية القيام بإجراء عملية استفتاء قانوني لاستبيان رغبة مواطني كردستان في تحديد شكل نظامهم وتقرير مصيرهم السياسي، وتصنيفكم (عملية الاستفتاء) ضمن خانة التهديد للعراق أو نظام الحكم في بغداد فإنه تعبير غير موفق ومرفوض شكلا ومضمونا إلا إذا تفمهمناه فقط في إطار (الأسئلة الاستفزازية الصحفية).

للعلم، لقد صرح أمين عام الأمم المتحدة السيد أنطونيو غوتيريش بأن إقليم كردستان العراق قد أبلغ الأمم المتحدة رسميا بنيته في تنظم استفتاء حول حق تقرير المصير لإقليم كردستان العراق منذ شهر مارس/آذار الماضي، فالاستفتاء ممارسة ديمقراطية وحق سيادي سيمارسه مواطنو إقليم كردستان في الأشهر الثلاثة الأخيرة من هذا العام على الأرجح.

undefinedما هي برأيكم العوامل الداخلية والخارجية التي تعيق الأكراد عن الذهاب مباشرة إلى إعلان انفصال دولتهم التي باتت قائمة بالفعل عبر وجود كل هياكل الدولة ومظاهرها ضمن إطار الإقليم (الأرض والشعب وهياكل السلطة)؟
العوامل الداخلية التي تعيق ذات بعدين، اقتصادي وسياسي، الاقتصادي هو الاعتماد على مورد النفط الذي يتم تسويقه عبر دولتي الجوار تركيا وإيران، فعدم توفر استقلالية اقتصادية لإقليم كردستان واستخدام حكومة المركز في بغداد ورقة الميزانية كضغط سياسي مستمر لهما علاقة بهذا الجانب الجوهري في العملية الانفصالية، بمعنى أن أساس استقلال إقليم كردستان العراق عن بغداد هو اقتصادي، فالإقليم مستقل إداريا وسياسيا وإلى حد ما عسكريا عن بغداد، فقط يتبعها قانونيا واقتصاديا.

ونفس عامل الاستقلالية الاقتصادية يتحول إلى عامل ذي اشتراطات خارجية، حيث إن كل الاقتصاد معتمد على تسويق النفط والغاز وموارد التجارة مع تركيا وإيران اللتين تتخوفان من انفصال كردستان سياسيا فتلوحان بورقة الاقتصاد.

من جانب آخر، القيادات الكردستانية بصدد التوافق على ترجمة نتائج الاستفتاء بعد إجرائها وتثبيتها، وثمة وجهات نظر مختلفة لكيفية تطبيق نتائج الاستفتاء.

undefined تتمسك بعض الإدارات الكردية باستعراض مظاهر السيادة في المناطق المتنازع عليها مع بغداد مثل قضية رفع العلم الكردي فوق مبنى محافظة كركوك.. هل يساعد تكريس الرموز مثل واقعة رفع العلم بكركوك في تحقيق هدف الانفصال عن الدولة العراقية أم أن المقصود به تحقيق أغراض أخرى؟
لقد قرر مجلس محافظة كركوك رفع العلم إلى جانب العلم العراقي في الدوائر الرسمية، وهو إجراء ديمقراطي ودستوري، أما علم كردستان فهو يرفرف فوق كل مقرات الأحزاب والقطعات العسكرية للبشمركة، فضلا عن المنازل، فليس هنالك ما هو جديد من حيث الجوهر، فقط رمزيا تم التذكير بضرورة تحريك موضوع كركوك سياسيا ودستوريا.

وثمة حقيقة أن كركوك جزء من إقليم كردستان سواء من منظار تاريخي أو اجتماعي واقعي، والمادة 140 الدستورية وضعت سياقات لمسألة انضمامها أم لا إلى إقليم كردستان العراق، ويفضل حل مسألة كركوك بالتوافق والانسجام بين مكوناتها وفي إطار إرادة عراقية.

undefinedما هي قراءتكم لردات الفعل داخل العراق في حال الذهاب إلى الاستفتاء على الانفصال.. هل يتوقع نشوب اقتتال أهلي مثلا بين الكرد والعرب؟
العراقيون هم أكثر من تضرروا من الحرب المستمرة منذ استقلالها وتكون دولة العراق المعاصرة بعد الحرب العالمية الأولى، لذلك المكون العربي في العراق هو أكثر المكونات تفهما لحقوق الكرد، وهو من دفع خيرة أبنائه ضحية لحروب طويلة ضد الكرد وكردستان، بالتالي عرب العراق هم أكثر الشعوب الشرق أوسطية تفهما لحقوق الكرد وتلمسا لمعاناته.

أتوقع أن يتم التوافق مطلع العام القادم على صيغة جديدة تنظم العلاقة بين بغداد وأربيل، سواء صيغة تؤسس لدولتين متجاورتين أم صيغة مبنية على رابطة الكونفدرالية، فلذلك احتمال الاقتتال ضعيف وبدون جدوى، فالموضوع برمته يتلخص في تنظيم شكل الشراكة الجديدة، السعي لغير ذلك هو ضياع للوقت وخسارة لكل الأطراف.

undefinedأبدت إيران اعتراضها الصريح على إجراء استفتاء على انفصال إقليم كردستان العراق في تصريح للمتحدث باسم الخارجية بهرام قاسمي.. هل تعتقدون أن تحقيق الاستقلال ممكن عمليا إذا لم توافق عليه تركيا وإيران؟

نعم بالتأكيد، الاستقلال قائم بدرجات نسبيا منذ عام 1992، إيران أول من اعترف عمليا بذلك، وأول من افتتح قنصليتين في أربيل والسليمانية، أفترض أن هنالك تيارا إيرانيا واسعا في السلطة وخارجها يتفهم استقلال إقليم كردستان.

وقد تأخذ حكومة طهران مواقف أكثر مرونة في الأشهر القادمة، وهذا ما أتوقعه كنتيجة لتقلبات موازين القوى، فعلاقات إقليم كردستان تتجه لمزيد من التحسن مع إيران، خاصة في المرحلة الجديدة من حكم الإصلاحيين بقيادة الدكتور روحاني.

undefinedمعلوم أن الشارع الكردي متحمس لتحقيق الاستقلال أكثر من النخبة الحاكمة التي تتعامل بتبصر وبعد نظر مع المسألة.. هل تعتقد أن أكراد العراق جاهزون لتقديم تضحيات جديدة ثمنا لنزعتهم الاستقلالية؟

لقد قدم كرد العراق من التضحيات ما يكفي للإعلان عن استقلال عشر دول، لقد كانت الضريبة باهظة الثمن، وهم بالتأكيد جاهزون معنويا وماديا لتقديم المزيد لاستكمال الاستقلال.

المؤكد أن شعب كردستان عاش ومارس الاستقلال النسبي منذ أكثر من ربع قرن ولن يتراجع ويتحمل حكم أي نوع من أشكال الحكم المفروضة من خارج إقليم كردستان، أفترض أن النخب يجب أن تساهم في تأمين الحل الأفضل، ومراعاة حقوق ومصالح الشركاء الآخرين من كل مكونات الشعب العراقي والجوار العربي، شخصيا أفضل علاقة شراكة مبنية على احترام حق تقرير المصير السياسي، الاعتراف المتبادل بالسيادة، بناء المزيد من التوافقات السياسية والشركات الاقتصادية التي تكون كفيلة باستبعاد احتمالات الصراع والتقاتل الذي بات ممجوجا ولا جدوى من ورائه، ينبغي تحريم تقاتل الأشقاء العراقيين مهما كان الأسباب والمبررات.

المصدر : الجزيرة