الانتخابات البرلمانية بالجزائر تقسّم صفوف المعارضة

اجتماع المعارضة في مؤتمر مزفران 30 مارس 2016 زرالدة العاصمة
جانب من اجتماع لأحزاب معارضة بمؤتمر مزفران يوم 30 مارس/آذار 2016 بالجزائر العاصمة (الجزيرة)
ياسين بودهان-الجزائر
 
قررت بعض الأحزاب الجزائرية مقاطعة الانتخابات التشريعية رغم الوعود التي قدمتها السلطات بضمان شفافيتها ونزاهتها مشككة في تلك الوعود وجدية الانتخابات بشكلها الحالي، في وقت آثرت أحزاب كثيرة المشاركة أملا في إحداث تغيير من الداخل.
 
وتقول أحزاب معارضة إنها طالبت السلطة بضرورة الاستجابة لمطالبها لتحقيق الانتقال الديمقراطي السلس من خلال إنشاء هيئة مستقلة لتنظيم ومراقبة الانتخابات، لكن السلطة تجاهلت ذلك وسنّت قانونا جديدا بالانتخابات استحدث هيئة عليا لمراقبتها لكنه أبقى عملية التنظيم في كل مراحلها حكرا على السلطة.
 
ودفع تجاهل السلطة لمطالب المعارضة ببعض الشخصيات السياسية والقيادات الحزبية إلى إعلان مقاطعتها للاستحقاق البرلماني المقبل يوم 4 مايو/أيار، متهمة السلطة بأنها ستقوم بتزوير الانتخابات.
 
وفي صدارة المقاطعين حزب "جيل جديد" برئاسة جيلالي سفيان، وحزب "طلائع الحريات" الذي يرأسه رئيس الحكومة الأسبق علي بن فليس، إضافة إلى الناطق باسم الاتحاد الديمقراطي والاجتماعي (قيد التأسيس) كريم طابو، وعلي بن واري عن حزب نداء الوطن (قيد التأسيس).
 
 أحمد عظيمي: الجزائر تعيش أزمة سياسية خطيرة
 أحمد عظيمي: الجزائر تعيش أزمة سياسية خطيرة

أزمة ثقة
ووفق الناطق الرسمي لحزب "طلائع الحريات" أحمد عظيمي فإن "الجزائر تعيش على وقع أزمة سياسية خطيرة، بلغت الى حد الانسداد الشامل" ويعتقد أن "الانتخابات المقبلة ليست الحل، ولكن الحل بفتح حوار جدي بين السلطة والمعارضة لمباشرة الانتقال الديمقراطي".

ويشدد عظيمي -في حديث للجزيرة نت- على أن الانتخابات بطريقتها الحالية "لا تشير إلى أي تغيير أو لبنة في مجال الانتقال الديمقراطي وحل للأزمة السياسية الشاملة" مؤكدا أن لا وجود للضمانات التي تتحدث عنها السلطة.

ويشير إلى أن "المعارضة طالبت بهيئة وطنية مستقلة تتابع العملية الانتخابية من بدايتها إلى نهايتها، فكانت النتيجة سن قانون جديد أسوأ من سابقه -على حد تعبيره- و"يمنح صلاحيات لا حدود لها للولاة (المحافظين) للتصرف في العملية الانتخابية كيفما شاؤوا".

وأوضح عظيمي أن "قرار المشاركة أو المقاطعة داخلي للأحزاب، تفصل فيه مؤسسات الحزب ومناضلوه" ما يفسر برأيه "تحاشي أعضاء هيئة التنسيق والمعارضة الذي تضم تكتل أحزاب المعارضة مناقشة هذا الموضوع داخل الهيئة".

وكشف بأن "هذه الأحزاب ستجتمع بعد الانتخابات تحت غطاء الهيئة أو أي غطاء آخر، لموصلة العمل وبحث سبل تحقيق الانتقال الديمقراطي المنشود".

من جانبه يؤكد المعارض سمير بن العربي أن "قرار المقاطعة نابع من قناعة أن الانتخابات لن تخرج عن سابقاتها في عمليات التزوير". واعتبر أن "فقدان البرلمان لدوره التشريعي والرقابي، وتحوله لغرفة تمرير قوانين الحكومات المتعاقبة، وانحصار دوره في الأسئلة الكتابية والشفوية، جعل المشاركة في البرلمان دون معنى".

من جهته يقول رئيس حزب "جيل جديد" إن المعارضة قدمت قبل ثلاث سنوات عن طريق هيئة التشاور والمتابعة وصفا دقيقا للوضع العام، مثلما أعطت الأدلة على غياب النية الصادقة لدى السلطة في قبول التغيير برفضها تشكيل هيئة مستقلة لتنظيم الانتخابات والإشراف عليها، واستبدالها بهيئة لمراقبة الانتخابات أعضاؤها كلهم معينون.

ولم يخف سفيان -في حديث سابق للجزيرة نت- خيبته كون المعارضة تفرق شملها مع اقتراب موعد الانتخابات، مضيفا أن المشاركة "خضوع لمنطق السلطة" وتجعل المعارضة تفقد قوتها في إرغام السلطة على الانتقال الديمقراطي.

‪لخضر بن خلاف: مقاطعة عدد قليل من الأحزاب لا تأثير له‬  لخضر بن خلاف: مقاطعة عدد قليل من الأحزاب لا تأثير له (الجزيرة)
‪لخضر بن خلاف: مقاطعة عدد قليل من الأحزاب لا تأثير له‬  لخضر بن خلاف: مقاطعة عدد قليل من الأحزاب لا تأثير له (الجزيرة)

التغيير من الداخل
بالمقابل، قررت أحزاب أخرى محسوبة على المعارضة خوض غمار المنافسة رغم اعتقادها بعدم وجود ضمانات قوية على نزاهتها، وأكد بعض مسؤوليها أن قرار مشاركتها في الانتخابات المقبلة "شرّ لا بد منه".

ويوضح لخضر بن خلاف القيادي بحزب جبهة العدالة والتنمية -التي تحالفت مع حركتي النهضة والبناء- بأن قرار حزبه بالمشاركة جاء "لتحقيق أهداف كثيرة" وبيّن أن "قرار المقاطعة الفردي أو من مجموعة قليلة من الأحزاب غير مؤثر".

ويقول بن خلاف للجزيرة نت إن حزبه قاطع الانتخابات المحلية التي جرت عام 2007 "لكن الانتخابات جرت، والعهدة انتهت" ودفع حزبه فاتورة عدم المشاركة بعدم امتلاك لأي وجود بالمجالس المحلية، وهو ما يدفعهم إلى جمع التوقيعات في 1541 بلدية خلال الانتخابات المحلية المقبلة.

وشدد على أن "قرار المشاركة يأتي في سياق مواصلة المقاومة السياسية" التي بدأها حزبه مع أحزاب معارضة أخرى من داخل مؤسسات الدولة "لفضح السياسات الخاطئة، والتنبيه إليها، وتقديم البدائل".

ويرى بن خلاف أن سياسة المقعد الشاغر لن تفيد في شيء، مشيرا إلى أن العزوف الذي يدعو إليه البعض يدعو إليه أيضا النظام لكن خفية، على حد تعبيره.

وباعتقاده، فإن النظام هو المستفيد من المقاطعة حينما تترك له باقي التيارات السياسية وخاصة الإسلامية منها الساحة فارغة، وفق تعبيره.

يُذكر أن الانتخابات التشريعية تشهد مشاركة نحو 12 ألف مرشح من 57 حزبا سياسيا يتنافسون على 462 مقعدا بالمجلس الشعبي الوطني (الغرفة الأولى بالبرلمان).

المصدر : الجزيرة