التوتر التركي الهولندي بين التشكيك والتهدئة

من أمام القنصلية التركية في روتردام الهولندية / للشرطة والحضور الجماهيري / تجمع لاستقبال الوزيرة التي تم طردها
أتراك يتظاهرون أمام قنصليتهم في روتردام بعد منع سلطات هولندا وزيرة تركية من لقائهم (الجزيرة)

نصر الدين الدجبي-أمستردام

يتواصل توتر العلاقات بين تركيا وهولندا بسبب منع زيارة وزراء أتراك للقاء الجالية التركية في روتردام لحشد الدعم لصالح التعديلات الدستورية. وتسعى أمستردام لتهدئة الوضع، لكن أنقرة تشكك في نياتها.

وتبرر الحكومة الهولندية ما أقدمت عليه من منع مسؤولين أتراك من مخاطبة مؤيدين لهم من الجالية التركية بدواعي الأمن وقانون حالة الطوارئ الذي وضع تزامنا مع قرار مسؤولين أتراك المشاركة في مظاهرات بهولندا مؤيدة للتعديلات الدستورية في تركيا.

ورفضت أمستردام أمس السبت الترخيص بهبوط طائرة وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، وطردت وزيرة الأسرة التركية فاطمة بتول صيان من أمام قنصلية تركيا في مدينة روتردام.

وقال رئيس بلدية روتردام أحمد أبو طالب إن حالة الطوارئ في المدينة مردها التخوف من عودة الاحتقان بين الهولنديين من أصول تركية كما وقع في وقت سابق، تزامنا مع الحملة التي قامت بها الحكومة التركية ضد حركة رجل الدين فتح الله غولن وحزب العمال الكردستاني.

ونشبت حينها صدامات بين متظاهرين من الجانبين في المدينة. ويعيش في البلاد أربعمئة ألف هولندي من أصول تركية، يمثلون ثقلا انتخابيا.

موقف هولندا
وقال وزير الخارجية الهولندي بيرت كوندرز في تصريحات صحفية اليوم الأحد إن بلاده تسعى لتهدئة الموقف مع أنقرة، مضيفا أن هولندا لن تلجأ إلى تطبيق أي عقوبات مماثلة ضد تركيا في الوقت الحالي. وصرح رئيس الحكومة الهولندي مارك روتي بأن أمستردام لم ترتكب خطأ لتعتذر عنه لأنقرة، وأضاف أنه يسعى جاهدا لكي تمر الأزمة بسرعة وأن تعود العلاقات إلى وضعها الطبيعي.

‪أصلان: هولندا تمنع تجمعات المؤيدين للتعديلات الدستورية في تركيا وترحب بالرافضين لها‬ (الجزيرة)
‪أصلان: هولندا تمنع تجمعات المؤيدين للتعديلات الدستورية في تركيا وترحب بالرافضين لها‬ (الجزيرة)

وشكك ممثل حزب العدالة والتنمية في هولندا مصطفى أصلان في الأسباب التي ساقتها أمستردام لمنع زيارة وزيرين تركيين، وقال إن من يرفضون التعديلات الدستورية يأتون إلى هولندا ويقومون بحملتهم وهم مرحب بهم في هذا البلد، وأما المؤيدون فتلغى اجتماعاتهم.

وخلص أصلان في تصريح للجزيرة إلى "أنه لو كان مبرر السلطات الهولندية صحيحا لمنعوا كافة القادمين".

وبشأن ما يمكن أن تؤول إليه الأحداث، قال ممثل الحزب الحاكم بتركيا في هولندا إن أتراك هولندا سيلتزمون بالقوانين ويمارسون حقوقهم في ظل ما تسمح به القوانين المحلية.

حملات متواصلة
وقال حسين سيلقان -أحد المنظمين للحملات المؤيدة للتعديلات الدستورية- إن الحملات ستتواصل في صفوف الأتراك المقيمين بهولندا بغض النظر عن قدوم الوزراء من عدمه.

وأوضح سيلقان في حديث للجزيرة أن ما قامت به هولندا خدمة للحملة المؤيدة للرئيس رجب طيب أردوغان من حيث لا تدري، موضحا "كنا متخوفين من المشاركة، ولكن الذي حصل جمعَ الأتراك الهولنديين، وحسم الناس أمرهم بالمشاركة وتأييد التعديلات".

وكان رئيس الحكومة الهولندية قال للصحفيين اليوم إن قرار منع زيارة الوزراء الأتراك لا علاقة له بالانتخابات الهولندية ولا بتصريحات زعيم حزب الحريات اليميني خيرت فيلدرز، غير أن محللين ومختصين هولنديين رأوا أن قرار أمستردام له أبعاد انتخابية بحتة ويتزامن مع الانتخابات التشريعية المزمع عقدها الأربعاء المقبل 15 مارس/آذار الجاري.

وألمح الأستاذ بجامعة تيلبورخ الهولندية يان ياب دي روتر إلى أن الموقف الهولندي من الوزراء الأتراك كان مبالغا فيه، غير أنه عبر عن تفهمه لهذا القرار قائلا "أتفهم الأمر، خاصة أنه تزامن مع الانتخابات التشريعية التي يتصاعد فيها المخاوف من الأجانب".

‪مارك روتي: هولندا لم ترتكب خطأ لكي تعتذر عنه لتركيا‬ (رويترز)
‪مارك روتي: هولندا لم ترتكب خطأ لكي تعتذر عنه لتركيا‬ (رويترز)

زوبعة عابرة
وتابع دي روتر في تصريح للجزيرة أن الأمر برمته لا يزيد عن زوبعة في فنجان ستنتهي مع انتهاء الحملات الانتخابية. وأضاف أن ما حدث بين أنقرة وموسكو في وقت سابق من تلاسن سرعان ما انمحى، والآن تركيا وروسيا دولتان صديقتان.

وبشأن تأثير مواقف فيلدرز تجاه الأجانب على الموقف الحكومي الهولندي، قال الأستاذ الجامعي إن ما وقع بين تركيا وهولندا فرصة للأحزاب لتسجيل موقف ضد فيلدرز وافتكاك مزيد من الأصوات منه.

وكان زعيم حزب الحريات اليميني المتطرف قد عبر في أكثر من مناسبة عن سروره بقرار الحكومة منع زيارة الوزيرين التركيين، مضيفا أن هذه الخطوة نتيجة ما قام به من حملة لدفع الحكومة إلى اتخاذ هذا القرار.

المصدر : الجزيرة